الإرهابيون في «درنة».. سيناريوهات ما بعد تحرير المدينة
لا تزال مدينة درنة أخطر
معاقل الإرهاب في ليبيا، رغم سيطرة الجيش على غالبية الأراضي منذ إطلاقه عملية
الكرامة عام 2014، متبوعة بعملية عسكرية أخرى موسعة لتحرير المدينة من قبضة الجماعات
الإرهابية المتطرفة، في السابع من مايو الجاري.
وبعد تحقيق الجيش الليبي
العديد من الانتصارات الميدانية، خاصة في المناطق الاستراتيجية، والتي تسببت في
مقتل العشرات من قيادات الإرهاب في المدينة، لجأ ما يعرف بمجلس شورى درنة، المصنف
إرهابيًّا، إلى حل نفسه والاندماج في كيان جديد أطلق عليه، «قوات حماية درنة»،
كنوع من المراوغة.
ويرى أحمد عامر، الخبير
في الشأن الليبي، أن المعادلة الصعبة في تحرير المدينة، هي وجود ميليشيا أجنبية من
خارجها، مؤكدًا أن درنة تحوي ما بين 60 و 70 قائدًا أجنبيًّا، تحت إمرة كل قائد منهم
ما بين 70 و 100 شخص، وأنهم لن يستسلموا إلا بالموت.
وتابع «عامر» في تصريح
خاص لــ«المرجع»، أن المدينة بها عدة تنظيمات إرهابية أخرى، مثل جماعة بوسليم،
وأنصار الشريعة، ويقدر عددهم بين 1000 و1500 شخص، ويرى أن هؤلاء سيستسلمون لقبضة
الجيش الليبي قبل غيرهم.
ورجح «عامر»، انتهاء
المعركة، وفق المعطيات المتاحة، بعد وقت ليس بالقليل، باستسلام بعض إرهابيي
المدينة وقتل البعض، والقبض على الآخرين، قائلًا إن الجيش الليبي على استعداد
لقبول استسلام هؤلاء المسلحين، وتقديمهم للمحاكمة العادلة.
ويؤكد «عامر»، أن الجيش،
يرفض تسرب إرهابيي المدينة إلى داخل ليبيا، عبر اتفاقيات مشابهة للتجربة السورية،
قائلا: «الجيش الليبي يرفض وجود ممرات آمنة للإرهابيين، ويحاصر الأحياء السكنية
بالكامل، والقوات البحرية الليبية تحاصر شواطئها». واستبعد أن تشهد مدن الداخل الليبي،
نشأة تنظيمات جديدة، مؤكدًا أن الجيش يحكم سيطرته على نحو 420 كيلو مترًا مربعًا
داخل الجبل الأخضر أعلى المدينة.
وأشار «عامر» إلى أن هروب
هشام عشماوي، زعيم تنظيم «المرابطون»، من المدينة كان منذ أشهر قبل بدء العملية،
بعد علمه بتطويق الجيش الليبي للمدينة، الذي هرب مستخدمًا خبرته العسكرية بعد
استشعاره أن وجوده داخل المدينة غير آمن.
وعلى الجانب الآخر، يرى
علي بكر، الباحث في الشأن الليبي، أن الخيار الأمثل أمام الجماعات الإرهابية في
درنة، سيكون التوجه إلى الجنوب الليبي، حيث تقل السيطرة الفعلية للجيش، وتسهل
عملية الفرار عبر الحدود إلى أي من تشاد أو السودان، بعكس الحدود المصرية، التي
يسيطر عليها الجيش المصري بشكل كامل، خاصة مع انطلاق العملية الشاملة سيناء 2018.
وأكد «بكر» في تصريح خاص
لــ«المرجع»، أن التنظيمات التكفيرية الموجودة في درنة، -خاصة عناصر تنظيم
«المرابطون» - لن تجرؤ على الاتجاه شرقًا في ظل الاستنفار الأمني الحدودي منذ
العملية الشاملة، مستدلًا بعجز هذه التنظيمات عن القيام بأي عمليات، في الصحراء
الغربية أو الداخل المصري في الفترة الأخيرة.
وتابع «بكر»، أن الجماعات
التكفيرية في درنة، ستلجأ إلى التعاون والتنسيق مع تنظيم القاعدة خاصة مع تقاربهم
الفكري، وأوضح أن الجماعات التي تختلف مع القاعدة فكريًا، لن يكون أمامها إلا
الانضواء تحت مظلة القاعدة، وتنظيم جماعة أنصار الشريعة في ليبيا والمغرب العربي.
وأشار في هذا الصدد إلى
الأنباء التي تؤكد أن «عشماوي»، هرب من درنة، التي كان يتخذها مقرًا له، منذ بدأ
الجيش الليبي معركة تحرير المدينة إلى الداخل الليبي، ما يؤكد أن العديد من
التنظيمات والقيادات الهاربة الأخرى ستحذو حذوه. ورجح «بكر» أن تكون مدينة الجفرة،
المقر الجديد لهذه التنظيمات، في حالة سيطرة الجيش الليبي على المدينة إن لم يتمكن
من القضاء التام على الإرهابيين المتمركزين في درنة.
وكان المتحدث باسم الجيش الليبي، العميد أحمد المسماري، قد أعلن صباح
اليوم أن الجيش سيطر على عدة مناطق استراتيجية في مدينة درنة، وأنه في طريقه إلى
إعادة تحرير المدينة بشكل كامل، بعد سيطرته على الكورفات السبع ومنطقة الفتايح
الصناعية، ومدخل درنة الغربي ومسجد نسيبة بنت كعب.