«الخلافة البلقانية القادمة».. تهديد راديكالي للقارة العجوز
الثلاثاء 07/أغسطس/2018 - 01:57 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
وسط مخاوف ممزوجة بتحليلات الماضي واستشراف المستقبل قدم الباحث الأمريكي بجامعة أوكسفورد كريستوفر ديليسو أو «Christopher Deliso» كتابه حول الخلافة البلقانية التي يتوقع إمكانية إقامتها مرة أخرى في جنوب أوروبا.
فكتاب «The Coming Balkan Caliphate: The Threat of Radical Islam to Europe and the West» أو (الخلافة البلقانية القادمة) والتهديد الراديكالي لأوروبا والغرب، يحاول إلقاء الضوء على العوامل الداخلية التي قد تجعل من المنطقة كرة نار تحرق القارة العجوز.
يشير «ديليسو» في مقدمة كتابه إلى أن الهدف من المطبوعة يكمن في كشف الواقع الذي يتعلق بوجود مجموعات من الراديكاليين داخل الإقليم يتلقون الدعم من منظمات الإرهاب الدولي ذات الثروة المالية إلى جانب القوى والدول الراعية للتطرف بالمنطقة.
تركيا ودورها المريب في البلقان
يلفت «ديليسو» نظر القارئ إلى دور تركيا الكارثي بشبه جزيرة البلقان ولعبها المريب على أوتار الحنين إلى الماضي والتاريخ القديم باعتبار أن الخلافة العثمانية كانت تسيطر على مقاليد الحكم بالمنطقة.
وذلك إلى جانب التحركات الإيرانية بالمنطقة والتي أدت منذ بدايتها إلى الاقتتال والشقاق الداخلي في إشارة إلى دور المليشيات الإيرانية وحزب الله في حروب البوسنة والهرسك (1992-1995)، وسعي الدولة الصفوية إلى نشر التشيع المتشدد داخل الإقليم.
للمزيد: تمدد إيران بـ«البلقان».. تهديد جديد للاستقرار الأوروبي
علاوة على ذلك ينبه كريستوفر ديليسو إلى الاستراتيجيات الخطرة التي يعتمد عليها بعض الساسة لحصد مكاسب مؤقتة وذلك عن طريق الأغلبية المسلمة بالمنطقة والتي تدفع بدورها الأحزاب السياسية المختلفة لإعادة تقييم أولوياتها لاستغلال أفضل «لكتلة التصويت الأكبر» التي تمتلكها الديمواجرافيا الإسلامية، ما يعني زيادة في الاتجاه نحو الطائفية.
ورغم اعتراف الكاتب بأن الغالبية العظمى من مسلمي البلقان قد لا تكون لديهم الرغبة في الانخراط نحو الإرهاب فإن ذلك لا يقلل من خطر المجموعات المتطرفة الأخرى التي قد تندس- وفقًا لرأيه- لتجد ملاذات آمنة داخل المجتمعات المسلمة الكبيرة.
البوسنة.. هدية أمريكا للراديكاليين
في أحد فصول الكتاب الثمانية أشار الباحث إلى أن البوسنة تمثل الهدية التي أعطاها الرئيس الأمريكي السابق، كلينتون إلى تيارات الإسلام الأصولي.
فيزعم ديليسيو بأن الولايات المتحدة آنذاك كانت تريد هزيمة الصرب والجمهورية اليوغسلافية وتفتيت المنطقة أيًا كان الثمن حتى وإن كان ذلك على حساب دعم المجموعات الراديكالية التي حاربت في المنطقة دفاعًا عن جهاد مسموم تم التخطيط له ليأخذ منحى دينيًّا.
كما لم ينس الكاتب دور الرئيس البوسني الأول «علي عزت بيجوفيتش» والذي آثر المصلحة السياسية لنفسه على حساب استقرار المنطقة فيما بعد، حيث تعاون مع الدولة الإيرانية وجلب منها الأسلحة والعناصر للبلقان الأوروبية ما أسهم في منح إيران موطئ قدم لا تزال المنطقة تعاني من آثاره السلبية.
علاوة على ذلك ساهمت بعض الدول الأوروبية في تأجيج العنف والتطرف بالبلقان، فقدم الباحث دليلًا اقتبسه من الصحفي الألماني « Ju¨rgen Elsa¨sser » يكشف ضلوع الأنظمة الألمانية والنمساوية في توريد الأسلحة للبوسنة عن طريق شركة خاصة مملوكة لنمساوي يدعى ديتر هوفمان.
وكانت الأموال والأسلحة تدخل الإقليم عن طريق الجمعيات التي تتخذ العمل الإنساني والخيري ستارًا لها وذلك على مرأى ومسمع من بعض الدول الغربية
واستنادًا على ذلك يعتقد كريستوفر أن الدول الراعية للإرهاب قد جعلت من دولة البوسنة أرضًا خصبة للتطرف ويمكنها اجتذابه مرة أخرى عن طريق هؤلاء الذين يتتوقون لإعادة الجهاد المزعوم مرة أخرى لإقليم البلقان.
المتطرفون في ألبانيا
يلقي كتاب الخلافة البلقانية مزيدًا من الضوء حول نشأة التطرف والراديكالية داخل الدولة الألبانية في محاولة للإجابة عن التساؤل المتعلق بماهية العوامل التي قد تدفع بالإقليم نحو الانصياع للقوى الدولية التي تريد جعله بؤرة تطرف عقائدية لا سيما إيران وتركيا.
ومن أبرز تلك العوامل، وفقًا للكاتب، هي الإدارة الأمريكية السيئة للأزمة التي حدثت إبان الحروب الانفصالية لدول الإقليم، بالإضافة إلى إصرار الغرب للتعامل مع الحكومات المتشددة لإلبانيا والتي أعقبت انفصالها، إلى جانب سياسات الانتهازية وانتشار الفقر والفساد الحكومي، والفوضى.
للمزيد: «داعش» في ألبانيا.. جهاد المخدرات والتعاون مع المافيا
أما أهم العوامل التي قد تجعل الدولة مطمعًا لقوى أخرى تستخدم المجموعات الراديكالية لتحقيق أهدافها فهي: موقعها الجغرافي الاستراتيجي، المتاخم ليوجوسلافيا في الشمال الشرقي واليونان في الجنوب، مع ساحل طويل وميناء، وبالإضافة إلى ذلك ثراؤها بالمعادن في وقت تتخلف فيه الدولة عن استثماره بشكل جيد.
مقدونيا.. كلمة السر
يكشف كتاب «The Coming Balkan Caliphate» النقاب عن استضافة مقدونيا لمجموعة إرهابيين من باكستان، في يونيو 2005، ما يثير شكوكًا وريبة حول دخولهم من المطار الدولي للبلاد، وبعدها بأسابيع قليلة تم تنفيذ هجمات إرهابية قاتلة ضد العاصمة البريطانية لندن.
فيرى الكاتب أن تلك الدول ليست فقط حاضنة للإرهاب لمجرد تاريخها الجهادي المزعوم أو الحنين له، بل لضعف أجهزتها الأمنية وإغفالها عن عمد أو بحسن نية قد يورط الإقليم في الإرهاب أو يمكن استخدامه كجسر يعبر عليه التطرف الآسيوي نحو القارة العجوز.
كما تشتهر مقدونيا باحتضانها للجماعة المتطرفة التي ترتبط بعلاقات خفية مع منظمات إرهابية أخرى خارج البلاد إضافة إلى نشاطها الإجرامي المتزايد بالإقليم.
تركيا العميقة
ورغم تظاهر الدولة التركية بالليبرالية للالتحاق بركب الاتحاد الأوروبي فإن مواقفها الملتوية قد كشفت عن نواياها في استعادة الإرث العثماني القديم، فأشار الكاتب إلى دور تركيا في تفعيل الطائفية في المنطقة واعتمادها على ميليشيات عسكرية خفية تنشط بالبلقان.
ويعتبر الكاتب تركيا مسرحًا للمؤامرات الجهادية متعددة الجنسيات والشرائع سنيًا كانت أو شيعية، فهي كانت تمرر مقاتلين للشيشان ليحاربوا روسيا، تمامًا كما تفعل الآن من تمرير للإرهابيين عبر أراضيها للعمق السوري لمحاربة النظام من جهة، وللاقتتال والتصارع فيما بينها من جانب آخر، كما أنها تحتضن أحد معسكرات التدريب الرئيسية لعناصر الشيشان في دوزجي، وهي مدينة بين اسطنبول والعاصمة التركية أنقرة.
واستنادًا إلى كل ما سبق فإن النظام الحاكم بتركيا قد يستغل التاريخ السابق للبلقان والأغلبية المسلمة والكراهية الموجودة لدى البعض ضد الغرب الذي يرفض إلحاق الإقليم بالاتحاد الأوروبي منعًا للإضرار بمصالح دول القارة العجوز.
وعلاوة على ذلك يمكن للرئيس التركي رجب طيب أردوغان اللعب على أوتار العاطفة المختلة عند بعض الراديكاليين والمتشددين لإقامة خلافة بلقانية جديدة في جنوب أوروبا، خاصة أن العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية لأغلب دول الإقليم قد تساعد على ذلك.
فكتاب «The Coming Balkan Caliphate: The Threat of Radical Islam to Europe and the West» أو (الخلافة البلقانية القادمة) والتهديد الراديكالي لأوروبا والغرب، يحاول إلقاء الضوء على العوامل الداخلية التي قد تجعل من المنطقة كرة نار تحرق القارة العجوز.
يشير «ديليسو» في مقدمة كتابه إلى أن الهدف من المطبوعة يكمن في كشف الواقع الذي يتعلق بوجود مجموعات من الراديكاليين داخل الإقليم يتلقون الدعم من منظمات الإرهاب الدولي ذات الثروة المالية إلى جانب القوى والدول الراعية للتطرف بالمنطقة.
تركيا ودورها المريب في البلقان
يلفت «ديليسو» نظر القارئ إلى دور تركيا الكارثي بشبه جزيرة البلقان ولعبها المريب على أوتار الحنين إلى الماضي والتاريخ القديم باعتبار أن الخلافة العثمانية كانت تسيطر على مقاليد الحكم بالمنطقة.
وذلك إلى جانب التحركات الإيرانية بالمنطقة والتي أدت منذ بدايتها إلى الاقتتال والشقاق الداخلي في إشارة إلى دور المليشيات الإيرانية وحزب الله في حروب البوسنة والهرسك (1992-1995)، وسعي الدولة الصفوية إلى نشر التشيع المتشدد داخل الإقليم.
للمزيد: تمدد إيران بـ«البلقان».. تهديد جديد للاستقرار الأوروبي
علاوة على ذلك ينبه كريستوفر ديليسو إلى الاستراتيجيات الخطرة التي يعتمد عليها بعض الساسة لحصد مكاسب مؤقتة وذلك عن طريق الأغلبية المسلمة بالمنطقة والتي تدفع بدورها الأحزاب السياسية المختلفة لإعادة تقييم أولوياتها لاستغلال أفضل «لكتلة التصويت الأكبر» التي تمتلكها الديمواجرافيا الإسلامية، ما يعني زيادة في الاتجاه نحو الطائفية.
ورغم اعتراف الكاتب بأن الغالبية العظمى من مسلمي البلقان قد لا تكون لديهم الرغبة في الانخراط نحو الإرهاب فإن ذلك لا يقلل من خطر المجموعات المتطرفة الأخرى التي قد تندس- وفقًا لرأيه- لتجد ملاذات آمنة داخل المجتمعات المسلمة الكبيرة.
البوسنة.. هدية أمريكا للراديكاليين
في أحد فصول الكتاب الثمانية أشار الباحث إلى أن البوسنة تمثل الهدية التي أعطاها الرئيس الأمريكي السابق، كلينتون إلى تيارات الإسلام الأصولي.
فيزعم ديليسيو بأن الولايات المتحدة آنذاك كانت تريد هزيمة الصرب والجمهورية اليوغسلافية وتفتيت المنطقة أيًا كان الثمن حتى وإن كان ذلك على حساب دعم المجموعات الراديكالية التي حاربت في المنطقة دفاعًا عن جهاد مسموم تم التخطيط له ليأخذ منحى دينيًّا.
كما لم ينس الكاتب دور الرئيس البوسني الأول «علي عزت بيجوفيتش» والذي آثر المصلحة السياسية لنفسه على حساب استقرار المنطقة فيما بعد، حيث تعاون مع الدولة الإيرانية وجلب منها الأسلحة والعناصر للبلقان الأوروبية ما أسهم في منح إيران موطئ قدم لا تزال المنطقة تعاني من آثاره السلبية.
علاوة على ذلك ساهمت بعض الدول الأوروبية في تأجيج العنف والتطرف بالبلقان، فقدم الباحث دليلًا اقتبسه من الصحفي الألماني « Ju¨rgen Elsa¨sser » يكشف ضلوع الأنظمة الألمانية والنمساوية في توريد الأسلحة للبوسنة عن طريق شركة خاصة مملوكة لنمساوي يدعى ديتر هوفمان.
وكانت الأموال والأسلحة تدخل الإقليم عن طريق الجمعيات التي تتخذ العمل الإنساني والخيري ستارًا لها وذلك على مرأى ومسمع من بعض الدول الغربية
واستنادًا على ذلك يعتقد كريستوفر أن الدول الراعية للإرهاب قد جعلت من دولة البوسنة أرضًا خصبة للتطرف ويمكنها اجتذابه مرة أخرى عن طريق هؤلاء الذين يتتوقون لإعادة الجهاد المزعوم مرة أخرى لإقليم البلقان.
المتطرفون في ألبانيا
يلقي كتاب الخلافة البلقانية مزيدًا من الضوء حول نشأة التطرف والراديكالية داخل الدولة الألبانية في محاولة للإجابة عن التساؤل المتعلق بماهية العوامل التي قد تدفع بالإقليم نحو الانصياع للقوى الدولية التي تريد جعله بؤرة تطرف عقائدية لا سيما إيران وتركيا.
ومن أبرز تلك العوامل، وفقًا للكاتب، هي الإدارة الأمريكية السيئة للأزمة التي حدثت إبان الحروب الانفصالية لدول الإقليم، بالإضافة إلى إصرار الغرب للتعامل مع الحكومات المتشددة لإلبانيا والتي أعقبت انفصالها، إلى جانب سياسات الانتهازية وانتشار الفقر والفساد الحكومي، والفوضى.
للمزيد: «داعش» في ألبانيا.. جهاد المخدرات والتعاون مع المافيا
أما أهم العوامل التي قد تجعل الدولة مطمعًا لقوى أخرى تستخدم المجموعات الراديكالية لتحقيق أهدافها فهي: موقعها الجغرافي الاستراتيجي، المتاخم ليوجوسلافيا في الشمال الشرقي واليونان في الجنوب، مع ساحل طويل وميناء، وبالإضافة إلى ذلك ثراؤها بالمعادن في وقت تتخلف فيه الدولة عن استثماره بشكل جيد.
مقدونيا.. كلمة السر
يكشف كتاب «The Coming Balkan Caliphate» النقاب عن استضافة مقدونيا لمجموعة إرهابيين من باكستان، في يونيو 2005، ما يثير شكوكًا وريبة حول دخولهم من المطار الدولي للبلاد، وبعدها بأسابيع قليلة تم تنفيذ هجمات إرهابية قاتلة ضد العاصمة البريطانية لندن.
فيرى الكاتب أن تلك الدول ليست فقط حاضنة للإرهاب لمجرد تاريخها الجهادي المزعوم أو الحنين له، بل لضعف أجهزتها الأمنية وإغفالها عن عمد أو بحسن نية قد يورط الإقليم في الإرهاب أو يمكن استخدامه كجسر يعبر عليه التطرف الآسيوي نحو القارة العجوز.
كما تشتهر مقدونيا باحتضانها للجماعة المتطرفة التي ترتبط بعلاقات خفية مع منظمات إرهابية أخرى خارج البلاد إضافة إلى نشاطها الإجرامي المتزايد بالإقليم.
تركيا العميقة
ورغم تظاهر الدولة التركية بالليبرالية للالتحاق بركب الاتحاد الأوروبي فإن مواقفها الملتوية قد كشفت عن نواياها في استعادة الإرث العثماني القديم، فأشار الكاتب إلى دور تركيا في تفعيل الطائفية في المنطقة واعتمادها على ميليشيات عسكرية خفية تنشط بالبلقان.
ويعتبر الكاتب تركيا مسرحًا للمؤامرات الجهادية متعددة الجنسيات والشرائع سنيًا كانت أو شيعية، فهي كانت تمرر مقاتلين للشيشان ليحاربوا روسيا، تمامًا كما تفعل الآن من تمرير للإرهابيين عبر أراضيها للعمق السوري لمحاربة النظام من جهة، وللاقتتال والتصارع فيما بينها من جانب آخر، كما أنها تحتضن أحد معسكرات التدريب الرئيسية لعناصر الشيشان في دوزجي، وهي مدينة بين اسطنبول والعاصمة التركية أنقرة.
واستنادًا إلى كل ما سبق فإن النظام الحاكم بتركيا قد يستغل التاريخ السابق للبلقان والأغلبية المسلمة والكراهية الموجودة لدى البعض ضد الغرب الذي يرفض إلحاق الإقليم بالاتحاد الأوروبي منعًا للإضرار بمصالح دول القارة العجوز.
وعلاوة على ذلك يمكن للرئيس التركي رجب طيب أردوغان اللعب على أوتار العاطفة المختلة عند بعض الراديكاليين والمتشددين لإقامة خلافة بلقانية جديدة في جنوب أوروبا، خاصة أن العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية لأغلب دول الإقليم قد تساعد على ذلك.