الإرهاب الأسود.. عودة لاستهداف "السياح"
السبت 29/ديسمبر/2018 - 03:36 م
طباعة
حسام الحداد
أعلنت وزارة الداخلية، مساء الجمعة 28 ديسمبر 2018، مصرع شخصين وإصابة 12 آخرين -بينهم 10 سائحين- في انفجار عبوة بدائية الصنع استهدفت أتوبيس سياحي بشارع المريوطية في الجيزة.
وأوضحت الوزارة في بيان لها أن العبوة كانت مخفاه بجوار سور، وانفجرت أثناء مرور أتوبيس سياحي يقل 14 سائحا "فيتنامى الجنسية"، في الوقت الذي أعلن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ارتفاع عدد الوفيات إلى 3 حالات (سائحين - مرشد سياحي) تلاها ارتفاع العدد لـ4 وفق مصدر طبي رفض الكشف عن هويته لموقع "مصراوي".
وأمر النائب العام المستشار نبيل صادق، نيابتي أمن الدولة العليا، ونيابة جنوب الجيزة، بالانتقال إلى موقع حادث انفجار أتوبيس الهرم السياحي، وتبين بالمعاينة الأولية أن الموجة الانفجارية تسببت في تهشم زجاج الأتوبيس وسقوط جزء من سور فيلا ملاصقة لموقع الحادث بارتفاع 1.5 متر، وحفرة بعمق متر واحد.
وفور وقوع الحادث تحول قسم شرطة الهرم إلى غرفة عمليات على أعلى مستوى برئاسة اللواء علاء سليم مدير مصلحة الأمن العام واللواء محمود أبو عمرة، مدير مباحث وزارة الداخلية، واللواء رضا العمدة، مدير مباحث الجيزة، ونائبيه اللواء محمد الألفي، واللواء محمد عبدالتواب.
وأصدر النائب العام المستشار نبيل صادق بيانًا أكد أن الحادث نتج عنه 4 وفيات و12 مصابًا نقلوا إلى مستشفيي الهرم والشيخ زايد التخصصي.
تشديدات أمنية
وبعد الحادث مباشرة شهدت جميع محافظات الجمهورية تشديدات أمنية مكثفة، خاصة على المنشآت الحيوية ودور العبادة المختلفة، وتفقد مديرو الأمن الأكمنة والخدمات الأمنية، وجرى نشر أفراد أمن من قوات المباحث والأجهزة المختلفة للتصدي لأي عمليات تخريبية تعكر المزاج العام للمصريين؛ للاحتفال برأس السنة الميلادية.
وكلف اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية بتشكيل فريق أمني مكبر يضم قطاعي الأمن الوطني والأمن العام ومباحث الجيزة لكشف ملابسات واقعة الهجوم على أتوبيس سياحي بالمريوطية.
وطالب وزير الداخلية، مساعديه ومديري الأمن بالتواجد في الشوارع، واتخاذ جميع التدابير الاحترازية، وتنفيذ خطة تأمين احتفالات الكريسماس، وتكثيف التواجد الأمني بالمناطق السياحية وتأمين الأفواج السياحية أثناء التحرك.
كذلك وجّه وزير الداخلية برفع حالة الطوارئ ودرجة الاستعداد إلى الحالة (ج)، بين جميع قطاعات الوزارة، وتعزيز الإجراءات الأمنية بمحيط المنشآت المهمة والحيوية، والشوارع والميادين الرئيسية على مستوى الجمهورية.
كانت الأجهزة الأمنية دفعت بمجموعات قتالية إلى موقع انفجار الأتوبيس السياحي وإغلاق مداخل ومخارج المحافظة فيما انتقل اللواء مصطفى شحاتة، مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة إلى موقع الحادث للوقوف على ملابسات الواقعة.
شهود عيان:
وتناولت العديد من المواقع الإلكترونية شهادات حية من موقع الحادث كان من بينها تلك الشهادات: "أنا كنت بصلي العشا، ومراتي وولادي كانوا جنبي، فجأة سمعت انفجار شديد، قطعت الصلاة وطلعت أشوف في أيه".. يقول حارس عقار عمارة مجاورة لموقع الحادث قبل أن يضيف: "لاقيت دخان كتير وعفرة وتراب منعوني اتأكد أيه اللي بيحصل".
وتابع حارس العقار لـموقع "مصراوي": "في دقائق معدودة جاءت قوات الأمن وخلفها بلحظات عربات الإسعاف، وسيارات المطافئ"، مشيرًا: "في كمين قريب جم كلهم لمكان الانفجار، والقسم قريب، والضباط جم بسرعة".
والتقط الحديث أحد شهود العيان، قائلًا: "أنا كنت راجع من الشغل وبعدي الدائري، سمعت صوت انفجار شديد، ولاقيت الأتوبيس متكسر، وناس كلها دم".. مكملًا: "بعد دقائق جاءت الشرطة ونقلت الجثث والمصابين إلى مستشفى الهرم".
وقال محمود محمد سائق الأتوبيس السياحي الذي تم استهدافه بعبوة بدائية الصنع بمنطقة الهرم، إنه كان في طريقه لمنطقة الصوت والضوء.
وأوضح "محمود" من داخل مستشفى الهرم، أنه فوجئ لدى وصوله ملف شارع اللبيني "لقيت حاجة انفجرت جوا العربية.. الأتوبيس ادمر"، مضيفا: "الناس اللي في الشارع فتحولي الباب ونزلوا المصابين لحد الإسعاف ما وصلت".
وقال مصدر أمني في موقع الحادث، إنه على بعد أمتار من الحادث يوجد تمركز أمني أسفل الطريق الدائري، مشيرًا إلى أن الحادث من الممكن أن يكون المقصود منه الشرطة، وليس الأتوبيس السياحي بسبب مرور التمركز يوميًا من موقع الانفجار.
ورفع رجال الشرطة مدعومين بأوناش المرور حطام الأتوبيس المنفجر، ومازال رجال الأدلة الجنائية يجمعون بقايا العبوة للوقوف على معرفة المواد المستخدمة فيها.
ردود الافعال:
في أول تصريحات له حول الحادث قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن الحافلة السياحية انحرفت عن مسار تأمين قوات الشرطة، وهو ما يجري بحث سببه حاليا، ضمن خطة التحقيق الشاملة التى تقوم بها الأجهزة المعنية في مصر.
وأضاف أن "ظاهرة الإرهاب موجودة في كل أنحاء العالم، ومن المهم احتواء الموقف، وهناك جهود غير مسبوقة للأمن".
وقال الباحث السياسي محمد أبو الفضل لـ"سكاي نيوز عربية"، إن اختيار توقيت العملية الإرهابية قبيل احتفالات رأس السنة يهدف إلى إحداث "هزة إعلامية وسياسية واقتصادية بعد النجاحات التي حققتها العملية الشاملة في سيناء وجميع المناطق المصرية، في مجال تحجيم الارهاب وكشف المخططات الإرهابية".
وليس المقصود من هذا الهجوم "إرباك الإدارة السياسية المصرية" فحسب، وإنما يحاول إحداث نوع من التأثير المعنوي على الانتعاشة التي شهدتها مصر في القطاع السياحي عام 2018.
وتشير هذه الرسائل السياسية والاقتصادية إلى طبيعة الجهة المنفذة، باعتبارها تنتمي لكيان له أجندة سياسية اختار التوقيت من أجل إظهار "ضعف السلطات المصرية في مواجهة الهجمات الإرهابية"، حسب الباحث السياسي.
وأضاف أبو الفضل: "يظهر التوقيت والرسالة من ورائه، أن الهجوم من فعل جهة إرهابية تقليدية مثل جماعة الإخوان وذراعها العسكري حركة حسم، أو جماعات مرتبطة بها".
وفي أول رد فعل عملي من الجهات الأمنية، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت 29 ديسمبر 2018، عن "مقتل 40 إرهابياً في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن، وذلك خلال مداهمتها لثلاثة أوكار إرهابية في نطاق محافظتي الجيزة وشمال سيناء"، حسبما أفاد قناة "النيل للأخبار" الرسمية المصرية.
ويأتي إعلان وزارة الداخلية المصرية في أعقاب انفجار المريوطية الذي استهدف حافلة سياح بمحافظة الجيزة جنوبي البلاد، مساء الجمعة، ونقلت القناة المصرية بيان وزارة الداخلية، إذ أشارت إلى أنه "توافرت معلومات لقطاع الأمن الوطني حول قيام مجموعة من العناصر الإرهابية بالإعداد والتخطيط لتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية تستهدف مؤسسات الدولة خاصة الاقتصادية ومقومات صناعة السياحة ورجال القوات المسلحة والشرطة ودور العبادة المسيحية، وذلك استمرارا لجهود الوزارة في ملاحقة العناصر الإرهابية المتورطة في تنفيذ العمليات العدائية والتي تسعى إلى تصعيد مخططاتها الرامية إلى زعزعة الاستقرار الأمني ومحاولة النيل من مقدرات البلاد".
وأضافت أنه "تم على الفور التعامل مع تلك المعلومات وتوجيه عدة ضربات أمنية ومداهمة أوكار تلك العناصر في توقيت متزامن بنطاق محافظتي الجيزة وشمال سيناء عقب استئذان نيابة أمن الدولة العليا مما أسفر عن مقتل 40 إرهابيا".
وأشارت الوزارة إلى أن "قوات الأمن داهمت وكرا إرهابيا بمنطقة مساكن أبو الوفا بالحي ١١ بمدينة ٦ أكتوبر بمحافظة الجيزة مما أسفر عن مقتل ١٤ إرهابيا، بالإضافة إلى مقتل ١٦ إرهابيا آخرين خلال مداهمة وكر بمنطقة مساكن أبناء الجيزة بطريق الواحات بمحافظة الجيزة، فضلا عن مقتل ١٠ إرهابيين بمنطقة مساكن “ابني بيتك” بالعريش بمحافظة شمال سيناء والعثور بحوزتهم على كميات كبيرة من الأسلحة النارية والذخائر مختلفة الأعيرة وعبوات ناسفة وأدوات ومواد تصنيع المتفجرات".
وأشارت وزارة الداخلية المصرية إلى أنه "اتخذت الأجهزة الأمنية كافة الإجراءات القانونية والعرض على نيابة أمن الدولة العليا لمباشرة التحقيقات"، حسب بيانها.
إدانات للحادث:
أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ عبر حسابه على موقع "تويتر" أن "تفجير الحافلة السياحية بالمريوطية.. عمل إرهابي خسيس جبان يَستهدِف ما لا يمكن استهدافه: عزيمة مصر والمصريين".
وأضاف: "نعرب لذوي الضحايا في فيتنام الصديقة ومصر عن خالص التعازي والتمنيات بشفاء المصابين. وسنواصل المضي قدماً نحو عام جديد من الإصرار على اجتثاث جذور الإرهاب".
نادي القضاة: أدان نادي قضاة مجلس الدولة، الحادث الإرهابي، الذي وقع أمس الجمعة، واستهدف أتوبيس يقل سياحًا أجانب بمنطقة المريوطية بالهرم، ما أسفر عن وقوع ضحايا ومصابين.
وتقدم النادي خلال بيان له، اليوم السبت، بخالص العزاء إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولأسر الشهداء، متمنياً للمصابين الشفاء العاجل.
كما أدان النادي بأشد العبارات هذا العمل الإرهابي الخسيس الذي حاول من خلاله أعداء الوطن تهديد السياحة ولكن سيخيب أملهم ويدحرون إلى غير رجعة بفضل وحدة الشعب المصري وجهود رجال الجيش والشرطة البواسل.
وكرر النادي دعمه لجهود الدولة المصرية في مكافحة الإرهاب على جميع المستويات وبكل الطرق الممكنة.
وقد أدان الأزهر الشريف بشدة الحادث الإرهابي وجاء في بيان نشر على الموقع الرسمي لمشيخة الأزهر: "ويؤكد الأزهر أن مثل هذه الأعمال الإرهابية البغيضة لن تنال من إرادة المصريين ولن تزيدهم إلا إصرارًا وعزيمة على المضي قدمًا في الحرب على الإرهاب، موضحًا أن مرتكبي هذا العمل الجبان مجرمون تجردوا من أدنى معاني الإنسانية، وبعيدون كل البعد عن تعاليم الأديان التي تدعو إلى نبذ العنف والكراهية والإرهاب، وتجرم قتل الأبرياء والآمنين. كما يؤكد الأزهر الشريف ثقته في قدرة مؤسسات الدولة على توفير أجواء من الأمن والاطمئنان خلال احتفالات الإخوة الأقباط بأعياد الميلاد، مشددا على دعمه وجموع الشعب المصري لمؤسسات الدولة المصرية، في جهودها للقضاء على تلك العصابات الإرهابية الخبيثة وتطهير تراب الوطن منها. ويتقدم الأزهر بخالص العزاء والمواساة لأسر الضحايا وذويهم، ويدعو الله تعالى أن يمن على المصابين بالشفاء العاجل".
كما أدان فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، في بيان له نشر على الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية، الهجومَ الإرهابي وأكد أن هذه الأعمال الإجرامية تنافي كافة الشرائع السماوية، وتنتهك حرمات الله، وسفك للدماء التي حرَّم الله، وأن مرتكبيها مفسدون في الأرض؛ لذا أخزاهم الله في الدنيا والآخرة، ولن يصلح أعمالهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يصلح عمل المفسدين الخائنين.
وأكد فضيلته وقوف أبناء هذا الوطن خلف قيادته في مواجهة الإرهاب الأسود الذي يستهدف البشر والحجر ويسعى إلى هدم هذا الوطن وتركه فريسة للخراب، مشددًا على أهمية الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار هذا الوطن.
وقد لقي هذا الهجوم إدانات واسعة عربية ودولية ودعم لجهود مصر في مكافحة الإرهاب، وكان عنوان الرسائل التي تلقتها القاهرة، مساء الجمعة، في أعقاب الانفجار كما يلي:
الولايات المتحدة عبر وزارة الخارجية الأمريكية:
"تدين الولايات المتحدة بشدة الهجوم الذي وقع اليوم على حافلة سياحية في الجيزة. نقدم تعازينا العميقة إلى عائلات القتلى ونتمنى تعافياً سريعاً للمصابين. نحن لا ندرك أي إصابات بين مواطنين أمريكيين في هذا الوقت. نحن نقف مع جميع المصريين في الحرب ضد الإرهاب ونؤيد الحكومة المصرية في تقديم مرتكبي هذا الهجوم إلى العدالة".
المملكة العربية السعودية عبر وكالتها الرسمية:
"عبر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية الشديدة للانفجار الذي استهدف حافلة تقل سياحًا في محافظة الجيزة بجمهورية مصر العربية، وأدى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى.
وقدم المصدر، في ختام تصريحه، العزاء والمواساة لذوي الضحايا، ولحكومتي وشعبي جمهورية مصر العربية وجمهورية فيتنام الاشتراكية، متمنيًا الشفاء العاجل للمصابين".
الإمارات عبر وكالتها الرسمية:
"أدانت دولة الإمارات العربية المتحدة التفجير الإرهابي الآثم الذي وقع اليوم في الجيزة بجمهورية مصر العربية الشقيقة والذي استهدف حافلة سياحية، مما أدى إلى وفاة 2 وإصابة 12 آخرين من ركاب الحافلة.
وقالت في بيان في هذا الشأن إن دولة الإمارات العربية المتحدة تقف مع مصر الشقيقة حكومة وشعبا في مواجهة الإرهاب الذي يسعى للنيل من استقرار مصر ووحدتها الوطنية ومسيرتها التنموية.
وأعرب البيان عن تعازي دولة الإمارات لمصر الشقيقة حكومة و شعبا ولأسر ضحايا هذا العدوان متمنية الشفاء العاجل للجرحى".
مملكة البحرين عبر وزارة خارجيتها:
"تدين وزارة خارجية مملكة البحرين بشدة الانفجار الإرهابي الذي استهدف حافلة ركاب سياحية بمحافظة الجيزة بجمهورية مصر العربية وأدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، معربة عن بالغ التعازي والمواساة لأهالي وذوي الضحايا وتمنياتها بالشفاء العاجل لجميع المصابين جراء هذه الجريمة الإرهابية الآثمة.
وتؤكد وزارة الخارجية وقوف مملكة البحرين وتضامنها التام مع جمهورية مصر العربية الشقيقة في جهودها الحثيثة لمكافحة العنف والإرهاب بكافة صوره وأشكاله، ومساعيها المقدرة لتعزيز الأمن والسلم في المنطقة، ودعمها المطلق لكل ما فيه أمنها واستقرارها وتحقيق التنمية والرخاء للشعب المصري الشقيق ، مجددة موقف المملكة الثابت والرافض للإرهاب وتأكيدها على ضرورة تكاتف كافة الجهود الهادفة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة واجتثاثها من جذورها".
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عبر موقع "تويتر":
"ندين العمل الإرهابي الجبان ضد الحافلة السياحية في منطقة الهرم مصر الشقيقة ونؤكد وقوف الأردن المطلق مع الأشقاء في مواجهة الإرهاب وعصاباته. أمننا واحد وحربنا واحدة وجهودنا موحدة لدحر هذه الآفة. رحم الله الضحايا ومن على الجرحى بالشفاء وحفظ مصر الشقيقة آمنة مستقرة".
سفير الاتحاد الأوروبي في مصر إيفان سوركوش عبر موقع "تويتر":
"أشجب بشدة الهجوم على حافلة تقل سائحين في الجيزة أسفر عن مقتل وجرح أشخاص أبرياء. الاتحاد الأوروبي يقف جنبا إلى جنب مع مصر في الحرب ضد الإرهاب. خالص التعازي لأسر الضحايا، وأرجو الشفاء العاجل للجرحى".