سارة خان ودور النساء المتميز في مكافحة التطرف
الخميس 03/يناير/2019 - 02:31 م
طباعة
إعداد: حسام الحداد
أصبحت البريطانية سارة خان واحدة من أبرز الوجوه النسائية في مكافحة التطرف في المملكة المتحدة ، فهي تترأس لجنة مكافحة التطرف في وزارة الداخلية في لندن.
سارة خان هي المؤسّسة المشاركة لمنظّمة مكافحة التطرّف، إنسباير. بهدف مواجهة التطرف والنضال من أجل المساواة بين المرأة والرجل. وتمكنت المنظمة بواسطة اشرطة فيديو من دحض دعاية "داعش" بحجج مضادة مقنعة حققت مشاهدات واسعة تقد بالآلاف على الشبكة العنكبويتة. وكانت سارة خان تعمل بشكل خاص من أجل الوصول إلى النساء الشابات والأمهات وحثهن على مكافحة التطرف. كما أصدرت سارة خان، وهي بريطانية من أصل باكستاني، كتابا حول التطرف في الإسلام وقضايا الهوية.ويصفها موقعها على الإنترنت بأنّها "واحدة من أبرز الأصوات النسائيّة المسلمة في المملكة المتّحدة في مواجهة التطرّف الإسلامويّ وتعزيز حقوق الإنسان".
وقالت رود، في إعلانها عن تعيين سارة لتترأس لجنة مكافحة التطرف: "إنّ لجنة مكافحة التطرّف ستشكل جزءاً حاسماً من عمل هذه الحكومة لوقف آفة التطرّف بجميع أشكاله وسارة خان مؤهّلة بشكل محترف لقيادة عملها المهم". وأضافت: "إنّها ستجلب معها ثروة من الخبرة والمعرفة إلى الّلجنة، وهو الأمر الذي سيثبت حيويّته عندما تعمل الّلجنة على تحديد وتحدّي التطرّف وتقديم المشورة المستقلّة للحكومة".
كان تعيين خان، التي يُنظر إليها على أنّها داعمة لبرنامج منع التطرّف منتقَدَاً من جانب البعض على الفور
وكانت تيريزا ماي قد أعلنت عن خطط تأسيس هذه الّلجنة بعد التفجير الذي حدث في ساحة مانشستر في مايو 2017، وهو أحد الهجمات الإرهابيّة الخمس التي وقعت في بريطانيا في عام 2017.
وكلّفت الهيئة بتحديد وتحدّي كافّة أشكال التطرّف، وتقديم المشورة للوزراء حول السياسات الجديدة، وتعزيز "القيم البريطانية التعدديّة".
وتقوم اللجنة، في إحدى مهامّها المبكّرة، بإجراء تقيّيم للتهديد الذي يشكّله التطرّف والاستجابة الحاليّة له. ويشمل اختصاصها أيضاً تدريب المدارس والكليّات على اكتشاف العلامات التحذيريّة وضمان احترام حقوق المرأة.
وفي حوار لخان مع "دوتش فيلا" DW عن تجربتها في مكافحة التطرف وكيف أصبحت نفسها هدفا للمتطرفين، قالت: يجب النظر إلى ظاهرة التطرف كمشكلة شاملة ما يتطلب حلا مجتمعيا شاملا أيضا. وللجميع دور في المواجهة: المدارس والحكومة والمجتمع المدني والقيادات الدينية. لكننا لم نجد بعد هذا الحل المجتمعي الشامل للمشكلة وعليه، فإننا نبحث عن هذا الحل. واللجنة مازالت حديثة العهد ونسعى حاليا لترسيخ الوعي بهذه المشكلة أولا.
وحول أهم الأهداف الملموسة لعملها قالت: أولا نخرج للملأ ونتواصل مع الناس. لقد قمت بزيارات ميدانية لثلاثين بلدة وقرية في انجلترا وفي ويلز. لقد تحدثنا مع آلاف الأكاديميين ومجاميع المجتمع المدني وممثلي الحكومة وكان الهدف دوما تعميق فهمنا للمشكلة.
واستطردت قائلة: "الهدف الثاني هو وضع دراسة، فلحد الآن لا تتوفر لدينا مسوحات ميدانية واسعة التي تعيطنا صورة شاملة عن المشكلة. نسأل كيف ينظر الراي العام إلى المشكلة ونريد أن نسلط الضوء على تكتيكات المتطرفين وعلى الخسائر التي يتسببون بها. ولأجل تحقيق ذلك وفرنا مركزا للاستشارات. والمهم في الموضوع هي الأجوبة الممكنة أو المحتملة على التساؤلات. ونريد أن نقدم النصح ونضع برنامجا لذلك".
أما عن التحديات التي تواجه بريطانيا فيما يتعلق الأمر بالمتطرفين قالت: "هناك أنواع مختلفة من التطرف في بريطانيا. لكن بعض الأنواع تكون متميزة وتشكل خطرا أكثر من غيرها. نحن نلاحظ حاليا تنامي ظاهرة التطرف اليميني، خصوصا في العامين الماضيين. لكن التطرف "الإسلاموي" لا يزال يشكل موضوعا كبيرا.. في عام 2018 وقعت خمسة اعتداءات إرهابية، اربعة منها كانت على خلفية التطرف "الإسلاموي"، وواحد منها ذهب لحساب التطرف اليميني. ولكن هناك متطرفون في المعسكر اليسار ايضا غلى جانب متطرفين في جماعات السيخ الهندية أو بين صفوف اليهود.
الاعتقاد بأن الإرهاب ظاهرة خاصة بالإسلامويين خطأ تماما. فالتطرف خطر ينبثق من أوساط كل الديانات ويمكن أن يستهدف اية مجموعة في العالم. وهناك زيادة في عدد وحجم أنواع التطرف، سواء أكان تطرف النازيين الجدد في ألمانيا أو تطرف جماعات القوميين الهندو الهندية أو تطرف الأصوليين الإسلامويين.
وعن القاسم المشترك بين كل هذه الأنواع من المتطرفين قالت: "الكثير من المتطرفين يدعمون فكراً يتمثل بـ "نحن" ضد "فكر الآخرين". وهكذا يتم إثارة الكراهية ضد المجاميع الأخرى وينشرون العنصرية. المتطرفون لا يؤمنون بقيم حقوق الإنسان الكونية. فهم يهاجمون أناسا لأنهم فقط مغايرون لهم. المتطرفون لا يرغبون رؤية التنوع في المجتمع. ولهذا السبب علينا أن ندافع عن هذه القيم، قيم حقوق الإنسان والمساواة بين الناس والتنوع في المجتمع.
وعن دور النساء في هذا الصراع قالت: "تقوية النساء لها نتائج إيجابية لعموم البلاد. فالنساء عادة يكنَ الطرف الأقوى في الكفاح ضد التطرف، لأن النساء لها القدرة على رؤية نتائج التطرف في داخل العائلة الواحدة أكثر من غيرها. فأنا ألتقي دوما نساء قويات وشجاعات.
واستطردت قائلة: "كانت لدينا برامج خاصة للنساء المسلمات تخص نماذج ردود مضادة لحجج المتطرفين. مشاركة المرأة لها تأثير على عموم المجتمع. في عام 2015 عندما اعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" دولة الخلافة، اطلقنا حملة مضادة للدعاية الداعشية، ولعبت النساء والأمهات دورا مهما فيها. لقد وفرنا للنساء أدوات فعالة لحماية أطفالهن من الإيديولوجية "الداعشية". فعندما يلتقين النساء بإمام مسجد ينشر الكراهية في خطبه، لا يجوز تجاهل الأمر، بل يجب التدخل وفعل شيء ما".
وعن توجه الشباب في بريطانيا نحو التطرف قالت: "هناك أسباب كثيرة، منها ما هو فردي أو لظروف اجتماعية. لكن الأمر غالبا ما يتعلق بالإيديولوجية، بدعاية من المتطرفين ويتعلق بالهوية وبالانتماء. وحتى لو يكن هناك حجة مضادة، لكن ذلك يلعب دورا. كما لوسائل التواصل الاجتماعي دور حاسم. فبريطانيا لا تختلف في ذلك عن دولة أخرى. فهناك اليوم نقص كبير في احترام الآخرين كما أن المجتمع منقسم بشكل كبير. دخول الحوار والاستماع إلى آراء ووجهات نظر أخرى له تأثير إيجابي كبير".
وعن مستقبل ظاهرة تنامي التطرف قالت: "نعيش حاليا في عصر التطرف والذي يبدو، إذا ألقينا نظرة على الوضع العالمي، قاتما ومثيرا للقلق. ولا اعتقد أن الوضع سيتحسن قريبا. علينا جميعا أن نفعل كل ما هو ممكن لوقف موجة التطرف.
وتقع على عاتق الدول مهمة ضمان المساواة والتنوع وحقوق الإنسان لكل المواطنين. هذه القيم مهمة والدفاع عنها مهم ايضا، لأنها مهددة من قبل المتطرفين".
وعن كونها هدفا للمتطرفين قالت: "إنه جزء من عملي وقد ألفت ذلك مع الوقت. ويحدث ذلك فقط، عندما لا يريد المتطرفون أن نفعل ما نفعل. وهذا يعني بالنسبة لنا أنه يجب أن نواصل العمل. ويجب تجاهل هذه المخاطر التي نتعرض لها. فالعمل هذا بات مهما ولا يجوز التخلي عنه. لأن لذلك تأثير كبير علينا جميعا".