حركة الشباب وتفجير المركز التجاري بنيروبي وفندق "دوسيت دى 2"
الخميس 17/يناير/2019 - 03:29 م
طباعة
حسام الحداد
أعلنت حركة الشباب الصومالية مسئوليتها عن الهجوم في العاصمة الكينية نيروبي، أول أمس الثلاثاء 15 يناير 2019، حيث أصيب عدة أشخاص في إطلاق نار وانفجار قرب مجمع يضم فندقا سياحيا ومكاتب إدارية في العاصمة الكينية نيروبي، وبدأت السلطات الكينية عملية إجلاء السكان من محيط موقع حادث إطلاق النار بمجمع بالعاصمة الكينية نيروبي.
وألقت قوات الأمن القبض على أحد الأشخاص من داخل المجمع يشتبه في تورطه بالحادث، وذكرت وسائل إعلام أن مسلحين تبادلوا إطلاق نار مع رجال الأمن.
وأعلن الرئيس الكينى أوهورو كينياتا في مؤتمر صحفي: «يمكنني التأكيد أن العملية الأمنية في مجمع دوسيت انتهت، وأنه تمت تصفية كل الإرهابيين»، موضحا أنه تم إجلاء أكثر من 700 شخص من المجمع «في ساعات الصباح الأولى» قبل انتهاء الهجوم.
العملية
قالت الشرطة إن الهجوم الذى شارك فيه 4 مسلحين على الأقل على مجمع ريفرسايد الفندقي بدأ عصر أمس الأول، بانفجار في مرأب السيارات أعقبه تفجير انتحاري في بهو فندق دوسيت دى 2، وأعلنت حركة الشباب الصومالية الإسلامية المتشددة المسؤولية عن الهجوم.
وقال قائد الشرطة الكينية، جوزيف بوينت، إن الهجوم بدأ بانفجار استهدف 3 سيارات في مرأب المجمع وتفجير انتحاري في بهو فندق دوسيت، وفيما سُمع صوت الانفجار وإطلاق النار في حي ويستلاندز كثيف الأشجار، تحصن مئات الموظفين المذعورين داخل المجمع فيما فر آخرون.
وعملت قوات الأمن طوال الليل لتأمين المجمع الذى يضم فندقا فيه 100 غرفة، ومنتجعا صحيا ومطعما ومباني تشغلها مكاتب، وفجّر انتحاري واحد على الأقل نفسه في الفندق، فيما قام مسلحون بإطلاق النار والاشتباك مع قوات الأمن ثم تحصنوا في طوابق عليا فيما كان المدنيون يفرون أو يختبئون فى مكاتبهم بانتظار إنقاذهم.
الخسائر
وقالت مصادر في الشرطة: «لدينا 15 قتيلا، وفى وقت ما كانت الشرطة متأكدة من أنه تم تحييد المهاجمين بعد مرور فترة طويلة لم يتم فيها إطلاق النار، لكن إطلاق النار استؤنف بعد الثانية صباحا أمس، وسُمع دوى مزيد من الانفجارات وإطلاق النار بعيد الفجر»، موضحا أن المسلحين كانوا يطلقون النار من أحد طوابق الفندق.
وأكدت مصادر أن عددا من عناصر الأمن الأجانب المدججين بالسلاح، قدموا من سفارات في نيروبى، سارعوا إلى دعم قوات الأمن الكينية، وقال أحد الناجين الذين تم إنقاذهم من المبنى إن المهاجمين كانوا «مدربين بشكل جيد، أشخاص يعرفون ما يفعلون»، وأظهرت مشاهد كاميرات المراقبة التي بُثت على التليفزيون، 4 مهاجمين جميعهم بملابس سوداء ومدججون بالسلاح، يدخلون باحة في المجمع لدى بدء الهجوم.
وتوافد كينيون على مشرحة نيروبى والحزن على وجوههم للبحث عن أقارب لهم بين 15 شخصا على الأقل لقوا حتفهم في الهجوم، وقال شخص توجه إلى الموقع إن دوى إطلاق نار سُمع مجددا واستمر بشكل متقطع، بينما أظهرت صور أن كثيرا من الضحايا كانوا يتناولون الطعام فى مطعم سيكريت جاردن وانهاروا على الطاولات بعد إطلاق الرصاص عليهم.
شهود عيان
وقال عاملون فى المشرحة إن 11 كينياً وأمريكى وبريطانى من بين الضحايا، وسُمع دوى انفجارات وإطلاق أعيرة نارية بشكل متقطع ليلا، مما ناقض تطمينات من وزير الداخلية بأن المنطقة باتت مؤمنة، وأبلغ المسؤولون الأسر التي توافدت على مشرحة شيرومو بحثا عن أقارب لهم بأنه لا يمكنهم رؤية جثث الضحايا قبل تحقيق الطب الشرعى، ما أثار حالة من الحزن والغضب. وقال شخص اسمه ديفيد إنه لم يسمع شيئا بعد عن أحد أقاربه الذى كان بالمجمع الفندقى، وانهارت أسرة رجل عمره 35 عاما فى ساحة المشرحة بعدما سمعوا بوصول جثة تحمل أوراق هويته، وراح الأب يردد: «لقد رحل، لقد رحل»، بينما لفت الأم نفسها بوشاح وراحت تبكى، ووصلت أسرة أخرى للبحث عن أحد أقربائها لكن المسؤولين قالوا لهم إن الشرطة فقط مسموح لها بالدخول، وبينما يدور الجدال، وصل زوجان كبيران في السن ومعهما بذلة تم كيها حديثا من أجل ابنهما.
ودفع الهجوم بالعديد من المؤسسات ومراكز التسوق إلى تعزيز الإجراءات الأمنية ووضع الحواجز لتفتيش السيارات والمارة، وأعلنت العديد من المؤسسات التي يرتادها أجانب في نيروبى إغلاق أبوابها لأسباب أمنية.
وقال سايمون كرامب الذي يعمل في أحد المكاتب، إن العمال تحصنوا داخل مكاتبهم بعد وقوع "العديد" من الانفجارات. وأضاف "ليس لدينا أي فكرة عما يحصل. طلقات النار تسمع من جهات متعددة" مضيفا أن الناس مذعورون. ودوت صفارات الشرطة في المدينة فيما سمع صوت تحليق مروحية. وقال رجل يعمل في المجمع طالبا عدم الكشف عن اسمه "كانت هناك قنبلة، وهناك إطلاق نار كثيف".
وهرع عناصر فرقة مكافحة الإرهاب إلى المكان على متن عربة مصفحة. وقال المراسل إن فريقا يضم خبراء المتفجرات قام بتفجير العربة التي وصل على متنها المسلحون. وبعد وقت قصير على بدء الهجوم أكد حارس يعمل لشركة أمنية خاصة في المجمع أنه شاهد "4 من رجال العصابات" يصلون على متن عربة ترجلوا منها وتابعوا سيرهم مشيا.
كما قام عناصر الإطفاء بإخماد النيران التي اندلعت في العديد من السيارات التي كانت متوقفة في المجمع، دون معرفة سبب اندلاعها.
وقدم فريق من الصليب الأحمر الإسعافات لعدد من الأشخاص تعرضوا للصدمة أو لإصابات طفيفة خلال هربهم على ما يبدو. وقال رجل يعمل في المجمع طالبا عدم الكشف عن اسمه "كانت هناك قنبلة، وهناك إطلاق نار كثيف". وتحصن هذا الرجل بدوره داخل مكتبه.
أسباب العملية
وذكرت حركة الشباب الصومالية المتطرفة أن الهجوم يأتي بعد 3 سنوات تماما على هجومها على قاعدة للجيش الكينى في الصومال، وأوضحت أن «الهجوم على فندق نيروبى يأتي فيما يحيى الكينيون ووسائل إعلامهم الهجوم على (قاعدة) العدة»، وزعمت أنها قتلت أكثر من 200 جندي في الهجوم.
كذلك أشارت الحركة في بيان لها أمس الأربعاء 16 يناير 2019، ان الهجوم الدامي الذى شنته على مجمع يضم فندقا ومكاتب إدارية في العاصمة الكينية نيروبى كان بسبب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في محاولة من الحركة لكسب تعاطف العرب والمسلمين.
تاريخ دام من الهجمات
وشهدت كينيا عددا من الهجمات الجهادية العنيفة.
في 7 أغسطس 1998 استهدف هجوم تبناه تنظيم "القاعدة"، السفارة الأمريكية في نيروبي موقعا 213 قتيلا و5 آلاف جريح.
ومنذ تدخل الجيش الكيني في أكتوبر 2011 في الصومال لمحاربة إسلاميي حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة، تعرضت البلاد لهجمات.
في 21 سبتمبر 2013 شن مسلحون هجوما على مركز ويستغيت التجاري في نيروبي قبل أن يتم القضاء عليهم بعد حصار استمر 80 ساعة، ما أوقع 67 قتيلا.
وفي 2 أبريل 2015 قتل مسلحون بدم بارد 148 شخصا في جامعة غاريسا (شرق) معظمهم من الطلاب.
ويأتي هذا الهجوم بعد 3 سنوات بالتحديد على هجوم على قاعدة لاميصوم تشرف عليها كينيا في جنوب الصومال. وأعلنت حركة الشباب في تسجيل فيديو إنها قتلت نحو 200 عسكري كيني في ذلك الهجوم.
والاثنين الماضي 14 يناير 2019، قضت محكمة كينية بمحاكمة ثلاثة أشخاص يشتبه بأنهم تواطؤوا مع منفذي هجوم ويستغيت الذين قتلوا برصاص الشرطة، بعد نحو 5 سنوات على الهجوم.
تحليلات
نشرت صحيفة آي مقالا تحليليا كتبه، كيم سينغوبتا، يقول فيه إن حركة الشباب المتشددة لا تزال قادرة على تصدير الإرهاب.
وان الهجوم على فندق في نيروبي يذكرنا للأسف أن التهديد الإرهابي سيف معلق على رقاب جميع الكينيين. فحركة الشباب الصومالية أعلنت، من وراء الحدود، عن مسؤوليتها عن المأساة، التي قتل فيها 14 شخصا.
ويذكر الكاتب أن الحركة المرتبطة بتنظيم القاعدة هي التي هاجمت مركز ويست غيت التجاري عام 2013، وبعدها بعامين أبادت 148 شخصا، أغلبهم طلبة، في جامعة غاريسا، شرقي كينيا.
ويرى كيم أن أجهزة الأمن تحركت بسرعة نسبية فور سماع إطلاق نار، لأنها تعرضت لانتقادات لاذعة بسبب تأخرها في التدخل أثناء هجوم ويست غيت. وقد تلقت تدريبات مكثفة على يد خبراء عسكريين غربيين، بينهم أمريكيون وبريطانيون.
ولكن الكاتب يطرح تساؤلا بشأن المعلومات الاستخباراتية التي تحصل عليها أجهزة الأمن، لأن المسؤولين الكينيين صرحوا الأسبوع الماضي فقط أن التهديد الإرهابي أصبح تحت السيطرة.
ويشير كيم إلى أن الهجوم تزامن مع الاضطرابات السياسية في الصومال، بعد اعتقال نائب زعيم حركة الشباب السابق، مختار روبو، وأحد مؤسسيها ، الذي انشق منذ 18 شهرا، في العاصمة مقديشو.
ويرى الكاتب أن حركة الشباب فقدت الكثير من القوة، التي كانت تتمتع بها، حسب المعايير الصومالية، ولكن التفجيرات والهجمات التي تقوم بها مجموعات صغيرة سجلت ارتفاعا مضطردا في الفترة الأخيرة، وأن هجوم نيروبي دليل على أن فرع تنظيم القاعدة شرقي أفريقيا لا يزال قادرا على الضرب في أماكن بعيد تذهب إلى ما وراء الحدود الصومالية.