وضعية غير المسلم في منظومة الحقوق المواطنية بالبلدان الإسلامية
الثلاثاء 12/فبراير/2019 - 01:37 م
طباعة
حسام الحداد
الكتاب: الإسلاموفوبيا في أوروبا: الخطاب والممارسة
المؤلف: مجموعة باحثين
الناشر: المركز الديمقراطي العربي - برلين
الإسلاموفوبيا كما جاء تعريفها في مقدمة الكتاب "هي الخوف أو الكراهية أو التحامل ضد الدين الإسلامي أو المسلمين بشكل عام، لا سيما عندما ينظر إليه باعتباره قوة جيوسياسية أو مصدر للإرهاب". ولفترة طويلة، بالنسبة للغرب المسيحي، كان المسلمون يشكلون خطرا قبل أن يصبحوا مشكلة. وهكذا، فإن الإسلاموفوبيا المعاصرة هي أكثر نتيجة لعلاقة التناقض مع الحقيقة المسلمة بالعنصرية البيولوجية أو حتى الثقافية.
ومع ذلك، فالملاحظ استمرارية الافتتان والاحتقان ضد الإسلام والمسلمين، وهذا يؤكد أن الإسلام لم يتوقف أبدا عن الاستحواذ على الضمائر الأوروبية، فكره الإسلاموفوبيا اليوم هي مجرد تحديث للخوف القديم، واقتراض “أقنعة جديدة” من الكراهية. ومن هذا المنطلق يهدف هذا الكتاب إلى تأسيس نوع من التفسير لاستمرارية الإسلاموفوبيا في الخيال الغربي.
لقد زادت جرائم الكراهية ضد المسلمين في مرحلة ما بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وتم رسم قوالب نمطية ضارة بصورة المسلمين على نطاق واسع، وبشكل سلبي منتشر جدا في العالم. حيث تشير الإحصائيات العالمية أن جرائم الكراهية المعادية للمسلمين هي ثاني أقل الجرائم المبلغ عنها من قبل، ولكن في عام 2001، أصبحت ثاني أعلى الجرائم التي تم الإبلاغ عنها في حوادث التحيز الديني، بعد جرائم الكراهية المعادية لليهود في أوربا والولايات المتحدة.
ويعمل النشطاء المسلمون على تغيير هذه العقلية المعادية للإسلام والمسلمين، فقد انتقدوا الحرب العالمية على الإرهاب على نطاق واسع منذ اليوم الذي تم إطلاقه حتى نهايتها غير الرسمية، وخاصة في العالم الإسلامي والمجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الغرب نفسه. والخوف من الإسلام قضية حقيقية قد يتجاهلها الكثيرون، ولكنها موجودة فعليا في حياة المسلم اليومية.
لذا يحاول الكتاب الإجابة على عدد من الأسئلة أهمها: ماهي المحددات التاريخية والاجتماعية المفسرة لأسباب العداء بين العالم الغربي والعالم الإسلامي؟، لماذا يتم اعتبار الإسلام بمثابة العدو المستقبلي للعالم الغربي؟، هل يحمل الإسلام قيم المعاداة للغرب؟
حيث يوضح تاريخ العلاقات و التفاعلات بين الغرب و العالم الإسلامي مجموعة من الرواسب التاريخية، المتحكمة في منطلقات كل طرف ، وذلك من خلال التصورات الغربية التي تدعي أن الإسلام في بدايته انتشر بحد السيف، و يحمل في محتواه آيات تدعو إلى العنف، ثم انتقل الصراع – في إطار الحروب الصليبية- ليأخذ منحى آخر ، ففضلا عن المواجهة المادية الاستعمارية التي استهدفت العالم الإسلامي ، ظهرت حملة تشويه لقيم و تعاليم الدين الإسلامي من قبل السلطة الدينية –البابوية ذات السلطة السياسية في أوروبا.
فيمكن القول أنّ الاستعمار وبمختلف أشكاله التقليدية والحديثة، مسؤول بصفة مباشرة على عملية تخلف العالم الإسلامي و ترمي كل السياسات الاستعمارية إلى القضاء على المقومات الحضارية الأساسية للعالم الإسلامي، بعدما قضت على بنيته التحتية و السبب يتمثل في وجود التناقض بين القيم الغربية المادية التي تحاول احتلال الصدارة و التفوق، والقيم الإسلامية ذات الأبعاد العالمية التي تحمل الرخاء للإنسانية جمعاء، وأمام ذلك، اعتمد الغرب على اعتبار الإسلام -بعد نهاية الحرب الباردة وبعد القضاء على النازية، الفاشية والشيوعية بأنه العدو المستقبلي للعالم الغربي، فبدأ الخوف من" أسلمة أوروبا" من خلال بداية فرض الحجاب في فرنسا، الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول "ص" في الدانمارك، وحظر المآذن في سويسرا.
ومن أهم المحاور التي تناولها الكتاب "وضعية غير المسلم في منظومة الحقوق المواطنية بالبلدان الإسلامية" وهي دراسة مشتركة للأستاذة كرارشة فاطمة الزهراء والدكتور: زدام يوسف، جامعة باتنة – 1 – الجزائر تلك الدراسة التي تناولت واقع التعدد الديني بالمجتمعات الإسلامية ونهج تسييره وما يتوافق وحقوق المواطنية في ظل واقع يكون الجزء المختلف عن الكل دينيا –وغير ديني أيضا- رصيدا مسحوبا من الوحدة الوطنية وتثبيطا لكل مساعي المواطنة وفق الفلسفة الديمقراطية، يفرض طرح الإشكالية التالية: ماهي وضعية غير المسلم –المواطن- في منظومة حقوق المواطنة في المجتمعات الإسلامية-دراسة حالة العراق-؟
وتم مناقشة الإشكالية من خلال عدة محاور أهمها:
- غير المسلم بدولة الإسلام الأولى: إقرار فحقوق وواجبات.
- المواطنة: المفهوم ومستلزمات التفعيل.
- حقوق غير المسلم في الدساتير العراقية: قراءة في تمظهرات المواطنة.
وتوصلت الدراسة إلى الوضعية الحقوقية لغير المسلم بالبلدان الإسلامية-بداية من عصر الإسلام الأول وصولا لعصرنا الحالي، إلى ما يلي:
- أثبت النظام الإسلامي الأول في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين من بعده حقيقة التعايش الديني بين المسلم وغير المسلم من أصحاب الديانات والعقائد الأخرى.
- تتكون البنية المجتمعية لأغلب البلدان الإسلامية والعربية منها على وجه الخصوص من تنويعة انتماءات دينية، عرقية، مذهبية ولغوية تصنف إلى أكثرية وأقلية أو أقليات نسبة لحجمها ونسبتها العددية وقوتها التأثيرية.
- يجب ان تنتقل المجتمعات الإسلامية من مرحلة إثبات وإقرار التنوع إلى سبل التسيير والتعامل معه.
- إن الإقرار بالتنوع الديني يستلزم إيجاد صيغ توحيدية عن طريق توسعة القاعدة الاجتماعية لتكون أكثر استيعابية للأخر المختلف دينيا ومنظومة قانونية حافظة لحقوقه.
- يعيش غير المسلم في المجتمعات الإسلامية ضيما حقوقيا يقوض فرص مواطنته ويزيد من فرص استبعاده الاجتماعي.
- تعيش البلدان الإسلامية حالة تخبط في تعاملها مع الأقليات غير المسلمة، تقر حقوقها قانونيا وتعود لتنكرها واقعا، بما يعني إقرار التعدد بمنطق الوحدة المختزل للأخر المختلف.
- إن السعي لإقرار حق الأخر المختلف (دينيا) ليس بالضرورة مدعاة لضرب التماسك المجتمعي والوحدة الوطنية، بل على العكس ذلك أن الاحتواء والإدماج أهم عوامل اللحمة المجتمعية بالدول المتعددة الأطياف (الدينية وغيرها).