حكم إعدام مطيع الرحمن نظامي.. يشعل أزمة الجماعة الإسلامية في بنجلاديش

الأربعاء 29/أكتوبر/2014 - 04:58 م
طباعة حكم إعدام مطيع الرحمن حسام الحداد
 
أصدرت محكمة جرائم الحرب البنغالية، اليوم الأربعاء 29 من أكتوبر 2014، حكمًا على "مطيع رحمن نظامي"، زعيم الجماعة الإسلامية في بنجلاديش بالإعدام، بعد توجيه تهم إليه بارتكاب جرائم حرب عام 1971، خلال حرب استقلال بنجلاديش عن باكستان.
تاج الإسلام، محامي نظامي، أكد أنه سيقدم طلبًا لاستئناف القرار- إلى المحكمة المعنية، في الوقت الذي دعا فيه حزب الجماعة الإسلامية إلى إضراب مفتوح، احتجاجًا على قرار المحكمة بحق نظامي، وعدد من قيادات الجماعة.
يأتى ذلك في أعقاب وفاة غلام عزام، الزعيم السابق للجماعة الإسلامية في بنجلادش، الذي تُوفي يوم الخميس الماضي، 23 أكتوبر داخل السجن عن عمر يناهز 92 عاما، حيث أوضح المحامي تاج الإسلام أن الحالة الصحية لموكله ساءت بشكل كبير ذلك اليوم، وتم نقله إلى مستشفى جامعة الشيخ مجيب رحمن، لتلقي العلاج، إلا أنه توفي هناك.
وأضاف تاج الإسلام، أن الحكومة البنغالية والمحكمة كانتا تعلمان بالحالة الصحية السيئة لعزام، وأنه طالب بتوفير رعاية صحية، وظروف معيشية أفضل لموكله، إلا أن المحكمة رفضت الطلب.
الجدير بالذكر أن محكمة جرائم الحرب البنغالية قررت سجن زعيم حزب الجماعة الإسلامية حينئذ غلام عزام، بعد إدانته بارتكاب جرائم حرب عام 1971، خلال حرب استقلال بنجلاديش عن باكستان ومعه عدد من قيادات الجماعة على رأسهم مطيع الرحمن نظامي.
كانت إحدى المحاكم في بنجلاديش، قضت بالإعدام على 14 شخصاً من بينهم وزير الصناعة السابق وأمير الجماعة الإسلامية مطيع الرحمن نظامي، يوم 31 يناير الماضي، وذلك بتهمة تهريب السلاح لانفصاليين هنود عام 2004.

مطيع يتبرأ

مطيع يتبرأ
عقب توجيه التهم إلى نظامي، على الفور تبرأ من التهم الموجهة، واصفًا التهم أنها مستوحاة من عالم الخيال، وأنها أكذوبة التاريخ، حيث لا توجد أدنى علاقة له بأي من التهم هذه.
وقال مطيع آنذاك: كل ما أتعرض له من محاكمات وتعذيب ليس من منطلق تحقيق العدالة وإنما من منظور سياسي، يريد من خلاله حزب سياسي الانتقام، والقضاء على الجماعة الإسلامية.
وأضاف أمير الجماعة الإسلامية في بيان له قام بتلاوته أمام هيئة المحكمة، جاء فيه: 
إنه وأثناء حرب الاستقلال لم يكن لي أي دور خارج النطاق السياسي، ولم أكن مرتبطا بأي عمل غير السياسة، وكنا نطالب مثلما كانت تطالب الجماعة الإسلامية والجبهة الإسلامية للطلاب لباكستان الموحدة بتسليم السلطة إلى السياسيين المدنيين المنتخبين في الانتخابات البرلمانية التي أجريت وقتها، ولم يكن يحدث ما حدث من أحداث مأساوية دموية إذا تمت تسليم السلطة وقتها إلى المدنيين، ويشهد التاريخ من هم الذين كانوا يقفون عائقا أمام تسليم السلطة للمدنيين، ولن يستطيع أحد أن يثبت بأن الجماعة الإسلامية حاولت الوقوف في وجه تسليم السلطة وإعاقتها، وقد كنت من أول المحتجين على التصريحات التي أدلى بها الزعيم بوتو والذي كان يقف عائقا امام تسليم السلطة، ولا يوجد أدنى علاقة بي مع الأسباب التي دعت إلى حدوث الإبادة الجماعية، وفي ذلك الوقت كنت رئيسا للجبهة الطلابية لباكستان الموحدة حتى أواخر شهر سبتمبر من العام 1971، وقد تركت المنصب في اجتماع عقد في مدينة ملتان الباكستانية بين 25 والـ30 من الشهر نفسه، وبعدها لم يكن لي أي أنشطة سياسية تذكر، والتحقت بمؤسسة للبحوث بعدها، حيث إنني أنكر وبشدة ما احتوت عليه التهمة السادسة عشر من استخدام نفوذي كقائد لفرقة، التخطيط لإعدام مفكرين، حيث لم أكن في ذلك الوقت عضوا لا في الجبهة الطلابية ولا في الجماعة الإسلامية، ولم يكن لي أي دور سياسي، وما ذكر من أنني كنت قائدا لفرقة البدر قال أمير الجماعة الإسلامية: إن الصحف المذكورة أسماؤها في المحضر والتي تم اعتمادها كدلائل لم يذكروا اسمي كقائد لفرقة البدر في أي طبعة من طبعاتها.
وقال أمير الجماعة الإسلامية أيضا إنه تم عرض مقتطفات من بعض الخطب والبيانات التي ألقيتها أثناء رئاستي للجبهة الطلابية كتهمة ضدي، لكنني لا أتفق مع ما نشر في الجرائد بأكملها.
وأضاف: تم توجيه تهم بارتكابي جرائم جنائية، وأنا أريد أن أقول وبكل وضوح: إنني واضح وضوح الشمس لدى ضميري، وَلَدَى الله سبحانه وتعالي بأنني لم أكن متورطا في أي عمل ينافي الدين والعقيدة والأخلاق والإنسانية، ولم يكن لي أي دور أو نشاط غير النشاط السياسي، وأي من الحوادث المذكورة لم يحدث أمامي، ولم أكن أعلم بحدوثه مسبقا، ولم يحدث بموافقتي، ولا بعلمي.
وقد جاء في بعض الجرائد بأنني زرت أماكن عديدة، فأنا الابن الوحيد لوالدي، ولم أذهب ولو لمرة واحدة إلى منطقتي أثناء حرب الاستقلال، ولم أمكث فيها، وأود أن أقول وبكامل المسئولية: إن جميع ما ذكر باسمي من قصص وهمية لا أصل له ولا سند، وليس لي أدنى علاقة بما ذكر في المحضر من تهم وهذه يعد من أكذوبة التاريخ .

أنشطته في بنجلاديش

أنشطته في بنجلاديش
شارك في الانتخابات للمرة الأولى عام 1986.
في ديسمبرعام 1988 وفي شهر ديسمبر لقب بأمين عام للجماعة الإسلامية. 
وفي عام 1991 انتخب عضوا للبرلمان وبعدها انتخب رئيسا للوفد البرلماني، وفي عام 1992 تم تشكيل لجنة القضاء على المتعاونين والعملاء، وخاض وقتها معركة ثلاثية في البرلمان والمحكمة والشارع العام، إلى جانب كونه أمينا عاما للجماعة الإسلامية، وفي عام 2000 أعلن أنه أمير للجماعة الإسلامية في نتائج الانتخابات في اختيار أمير للجماعة الإسلامية.
عام 2001 حصل على أكثر الأصوات في الانتخابات البرلمانية .
عين وزيرا للزراعة في حكومة ما يسمى بـ"التحالف الأربع" عام 2001.

إضراب عام في بنجلايش

إضراب عام في بنجلايش
أصدر أمير الجماعة الإسلامية والأمين العام للجماعة بالنيابة مقبول أحمد والدكتور شفيق الرحمن اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2014 بيانا مشتركا- أدانا فيه بشدة حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة جرائم الحرب "المحلية" بحق أمير الجماعة الإٍسلامية مطيع الرحمن نظامي في القضية المرفوعة ضده بارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أثناء حرب التحرير والذي أدى إلى انفصال بنجلاديش عن باكستان، معتبرا الحكم الصادر بالظالم والتعسفي والجائر وغير عادل، معلنين عن الدعوة إلى إضراب عام في جميع أنحاء الدولة لمدة 72 ساعة، تبدأ من غد الخميس احتجاجا على هذا الحكم التعسفي الجائر الظالم، على حد وصفهما.  
وأضاف الزعيمان في البيان المشترك: إن هذه الحكومة الظالمة الفاشية القمعية المستبدة رفعت دعاوى قضائية ملفقة ومفبركة ضد معظم الزعماء والقياديين البارزين للجماعة الإسلامية، وعلى رأسهم أميرها مطيع الرحمن نظامي موجهة ضدهم تهما باطلة وكاذبة بارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والدليل على ذلك ما قاله ثلاثة من كبار مناضلي حرب التحرير الذين شاركوا في الحرب في مسقط رأسه مدينة فابنا، والذين أكدوا مرارا وتكرارا على أن مطيع الرحمن نظامي لم يرتكب أي جريمة أثناء الحرب، مع العلم أن هؤلاء الثلاثة أدلو بشهاداتهم طواعية في محكمة جرائم الحرب لصالح مطيع الرحمن نظامي، حيث قالوا في إفاداتهم المقدمة للمحكمة بكل صراحة: إن التهم الموجهة له في هذه القضية هي كلها ملفقة ومفبركة وعارية عن الصحة تماما، ومع ذلك فإن المحكمة حكمت عليه بالإعدام، وهو ما فاجأ الشعب بأكمله الذين أعربوا عن صدمتهم العميقة والبالغة من هذا الحكم الجائر والتعسفي.. مؤكدين في بيانهما بأن المحكمة المذكورة حرمت نظامي من الحصول على العدالة العادلة، لافتا إلى أن نظامي سيوف يقدم استئنافا على هذا الحكم المرفوض تماما في المحكمة العليا والتي نعتقد أنها إن لم تحرمه من العدالة العادلة فإنها سوف تبرئه من جميع التهم الموجهة إليه.

بداية العداء بين الحكومة وزعماء الجماعة

بداية العداء بين
الصراع ظهر منذ نشأة بنجلاديش في أوائل سبعينيات القرن الماضي في أعقاب انفصالها عن باكستان بعد هزيمة الأخيرة في حربها مع الهند، حيث استقلت باكستان الشرقية تحت اسم بنجلاديش، لتصبح واحدة من أكبر الدول الإسلامية تعدادا للسكان ولكنها من أكثرها فقرا وتخلفا.
بذرة العلمانية في تلك الدولة الفقيرة كبرت وترعرعت ليس بالدعم الهندي فقط، ولكن بالتدخل الغربي الذي يسعى إلى وأد الإسلاميين في مختلف دول العالم الإسلامي وفرض قيم ومبادئ العلمانية وإقصاء واستئصال الإسلاميين بالقمع والاستبداد.
وقد كان آخر الصدام بين الحكومة والجماعة الإسلامية، هو إصدار حكم قضائي بحظر حزب الجماعة الإسلامية، الذي يمثل أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، بدعوى تعارض ميثاق الحزب مع دستور بنجلاديش العلماني.
ورفضت الجماعة الإسلامية الحكم وقالت إنها ستطعن عليه، داعية إلى إضراب عام في جميع أنحاء البلاد لمدة 48 ساعة في 12 من أغسطس 2013.
الجماعة الإسلامية في بنجلاديش، أسسها أبو الأعلى المودودي، وأول أمير للجماعة بعد الاستقلال هو غلام أعظم، وتعاقبه مطيع الرحمن نظامي وهو أمير الجماعة الحالي، وهؤلاء تم اتهامهم في ارتكاب جرائم حرب عام 1971، وتعتبر الفئة المسلمة في بنجلاديش هي الأكبر.
واتهمت حكومة بنجلاديش بقيادة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة آنذاك، أبرز قادة الجماعة الإسلامية بارتكاب جرائم حرب عام 1971م عند انفصال باكستان الشرقية واستقلال بنجلاديش، شملت القتل والنهب والسلب، وكونت حكومة بنجلاديش محكمة خاصة بمحاكمة تسعة أفراد من قادة الجماعة الإسلامية وفق قانون خاص أطلقت عليه قانون المحكمة الدولية الخاصة للفصل في قضايا جرائم الحرب في عام 1971.

احتجاجات الجماعة على إعدام قياداتها

احتجاجات الجماعة
شهدت دولة بنجلاديش ذات الأغلبية المسلمة خلال الفترة الماضية أعمال احتجاج وغضب نتيجة الحكم بالإعدام على عدد من أكبر رموز الجماعة الإسلامية على رأسهم دِلْوَار حسين سعيدي، والشيخ أبو الكلام أزاد؛ لأنهما كانا قديماً من الذين ساندوا وحدة باكستان، ورفضوا انفصال بنجلاديش سنة 1971 وذلك بالتوافق مع جميع الأحزاب الإسلامية والعلماء حينذاك.
زادت نسبة العنف في بنجلاديش بعد الحكم بإعدام "سعيدي" بتهم بينها القتل والتعذيب خلال حرب الاستقلال عام 1971، من قبل أنصار الجماعة الإسلامية ما أسفر عن مقتل 45 شخصا؛ لأنهم اعتبروا حكم "محكمة جرائم الحرب" حكماً مسيساً له دوافع سياسية، وهو ما نفته الحكومة.
كما اتهمت الجماعة الإسلامية الحكومة بأنها أنشأت المحكمة الخاصة بجرائم الحرب بغرض محاكمة كل من أدين بالتعاون مع القوات الباكستانية خلال حرب الاستقلال، ولم يكن هذا موقف الجماعات الإسلامية بل كان موقف منظمات حقوق الإنسان التي شككت بعدالة المحاكمات قائلة إنها لا تخضع للمعايير الدولية، خاصة وأن الحكم كان غيابيا بالإعدام على زعيم الجماعة الإسلامية، عبد الكلام أزاد، والسجن مدى الحياة على زعيم آخر للجماعة الإسلامية هو عبد القادر ملا، وغلام أعظم، ومطيع الرحمن نظامي.
وفي بيان لها طالبت الجماعة الإسلامية المجتمع الدولي أن يقوم بدوره في مخاطبة رئيسة وزراء بنجلاديش أن توقف فورًا المحكمة ضد قيادات الجماعة الإسلامية.
ويرى مراقبون أن حكومة حسينة العلمانية، قامت بدور قوى ضد الجماعة الإسلامية لتصفية أبرز القيادات وعلى رأسهم مطيع الرحمن نظامي.
لقد ظهرت بوادر الانقسام عقب وصول الشيخة حسينة إلى الحكم ومنذ عام 2010 تقرر إنشاء محكمة بنجلادشية للجرائم الدولية.

شارك