شراكة بريطانية قطرية وسط اتهامات لـ"بن حمد" بتمويل الإرهاب
الخميس 30/أكتوبر/2014 - 06:45 م
طباعة
فيليب هاموند
في إطار زيارة الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني إلى المملكة المتحدة، قام وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند ونظيره القطري خالد بن محمد العطية بالتوقيع الرسمي على إطار جديد للعمل السياسي بين البلدين تحت اسم منتدى "الشراكة" البريطاني القطري، وتهدف هذه "الشراكة" كما تناقلتها وسائل الإعلام القطرية إلى تأسيس منتدى جديد لمناقشة قضايا مهمة، إضافة إلى تعزيز العلاقات بين البلدين والتعاون بينهما في نطاق واسع من المجالات تشمل: الدفاع والأمن، الثقافة والرياضة، التعليم والبحوث، السياسة الخارجية، التجارة والاستثمار، الصحة والطاقة.
وتعد هذه الزيارة الأولى لأمير قطر إلى بريطانيا منذ توليه السلطة، وتأتي هذه الزيارة بعد اشتراك قطر في التحالف الدولي لمحاربة التنظيم الإرهابي "دولة الخلافة" والمعروف إعلاميا ً بـ "داعش"، وفي نفس الوقت وسط اتهامات كثيرة تشير لتمويل قطر للتنظيمات المتطرفة في المنطقة على رأسها قطر.
في هذه الزيارة واجه أمير قطر تحديين رئيسيين:
المواجهة مع المعارضة
تميم مع الطلاب القطريين المبعوثين في لندن
بدأ توتر تميم، في أثناء لقائه أول أمس الثلاثاء، بالطلاب القطريين المبعوثين في لندن، عندما لاحظ المتواجدون بمن فيهم الإعلاميين، بهتافات ضد الأسرة الحاكمة في قطر، ويبدو أن قوة المعارضة أثناء زيارة بن حمد، كانت أقوى تأثيرًا في ظل توتر الأوضاع في قطر واتهام النظام الحاكم بدعم الإرهاب والجماعات المتشددة.
وفى ظل الهجوم الحاد التي شنته المعارضة، يرى مراقبون أن زيارة الأمير بن حمد راكمت عليه ضغوطًا جديدة، منها أسئلة كثيرة حول علاقة الدوحة ببعض المجموعات المتشددة مثل داعش، فضلا عن أوضاع العمالة الأجنبية التي تعمل في المنشآت الرياضية الخاصة بكأس العالم لكرة القدم الذي حصلت قطر على حق تنظيمه بطريقة أثارت الشكوك لدى المراقبين.
وفيما بدأت المعارضة في هجومها على الأمير، ارتبك بن حمد، مما أثر على كلمته التى ألقاها.
و من المعروف أن المعارضة القطرية يقودها خالد الهيل، وتنشط من جهودها لتنظيم المؤتمرات والندوات، وتسجيل حضور إعلامي مؤثر، حيث تستعد لإصدار مجلة تحت عنوان القطري الحر.
وكانت المعارضة القطرية قد كثفت من تحركاتها لتأكيد رفضها للسياسات الخارجية للدولة، خاصة ما أثير حول تمويل الدوحة لتنظيم "داعش" والمساعدة في تقويته، بالإضافة إلى العلاقة بجماعة الإخوان المسلمين التي أثرت على علاقات قطر بدول عربية مهمة سواء دول الخليج أو مصر.
ضغوط إعلامية
تأتي زيارة أمير قطر في ظل ضغوط كثيرة من بعض الجهات التي تطالب بريطانيا بعدم تغليب مصالحها الاقتصادية مع قطر على محاربة تنظيم داعش .
اعتبرت الصحف البريطانية أنه لا يمكن أن يقبل البريطانيون أن يكون ضمن أصدقائهم المقربين أطراف تموّل الجهاديين المتعطشين للدمّ، ويتعين على كاميرون أن يطلب من الأمير القطري اتخاذ إجراء حاسم لضمان سد أي قنوات لجمع وتوفير الدعم المادي لمسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
وفي هذا الصدد أكد المتحدث باسم ديفيد كاميرون أن المحادثات مع أمير قطر ستشمل التعامل مع قضايا التطرف.
قطر تمول الإرهاب
في أغسطس الماضي اتهم مسئول في الحكومة الألمانية قطر بتمويل ما يسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية"، في نفس الوقت أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من حصول "التنظيم" على أموال من أفراد ومنظمات خيرية في الدول العربية في إشارة واضحة لقطر.
و قد نشرت صحيفة "الديلى ميل" البريطانية تقريرا ً لها عن تورط قطر في تمويل داعش، نقلته بدورها عن وزارة الخزانة الأمريكية أن مساعدة قطر لداعش تتم من خلال وسيط يدعى طارق الحرزي والذي يعتبر أبرز الوسطاء بين قيادة تنظيم داعش والممولين في الخليج وبالأخص قطر.
وأضاف التقرير أن الحرزي قام بجمع مليوني دولار من أحد المتبرعين القطريين، وذلك تحت سمع وبصر الحكومة القطرية التي سمحت لمواطنيها بجمع الأموال للتنظيمات الإرهابية لتنفيذ عملياتهم
ولا يعد الحرزي الوسيط الوحيد بين الحكومة القطرية و بين التنظيمات الإرهابية، فقد أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أيضا عن قيام مواطن قطري آخر بدور الوساطة بين القيادة المركزية لتنظيم القاعدة في باكستان وممولين في منطقة الخليج.
وقد رصدت السلطات الأمريكية بعض هذه الشخصيات التي تمول الإرهابيين، حيث قامت السلطات باعتقال أحد الأشخاص خلال محاولته السفر إلى قطر، ووجدت معه آلاف الدولارات كانت في طريقها إلى تنظيم القاعدة ببنغازي، وقد وصفته الحكومة الأمريكية بأنه "إرهابي دولي"، وقد أدى هذا الأمر إلى تزايد الاتهامات الموجهة للحكومة القطرية بشأن مساعدتها للجماعات الإرهابية.
وقد حاول الأمير تميم إبعاد التهمة عن بلاده ونفى في لقاء مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في سبتمبر الماضي دعم بلاده لتنظيم داعش، مشيرًا إلى أن أمن بلاده مهدد من قبل الإرهابيين.
يد واحدة ضد الإرهاب
الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني
رد رئيس الوزراء القطري، الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، على هذه الاتهامات في مقال له في صحيفة الجارديان البريطانية، تحت عنوان قطر والمملكة المتحدة تقفان جنبا إلى جنب في مواجهة الإرهاب.
واعتبر رئيس وزراء قطر أن مشاركة بلاده في التحالف العسكري الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة وتشارك فيه بريطانيا، ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق، دليل على الجهود القطرية في محاربة الإرهاب.
وعبر الحديث تارة عن العلاقات التاريخية بين الدوحة ولندن وتارة أخرى من خلال التذكير بالاستثمارات القطرية الضخمة في بريطانيا.
وقال: إن الأمير تميم والوفد القطري الذي يزور لندن سيبرهنون على التزام قطر ليس فقط بتعميق العلاقات الاقتصادية القطرية البريطانية، ولكن أيضا على التزامها بالقيم الجوهرية والتاريخ العميق والأهداف المشتركة بين الدوحة ولندن.
وأضاف بن ناصر: يجمع بين قطر وبريطانيا عدو مشترك وهو الإرهاب الدولي، وليس فقط الإرهاب في سوريا والعراق ومنطقة الشرق الأوسط، فالإرهاب تهديد لمنطقتنا والعالم بأسره، لذلك لدى قطر وبريطانيا رؤية مشتركة تجاه رفض المنظمات الإرهابية.
واتهم رئيس وزراء قطر جهات، لم يسمها، بأنها تسعى إلى الوقيعة بين البلدين، وقال إن اتهام الدوحة بغضّها الطرف عن الإرهاب ادعاء باطل يرفضه القطريون تماما.
علاقات ممتدة
العلاقات البريطانية القطرية ممتدة منذ أوائل القرن الماضي، حيث ُ بدأت بحصول بريطانيا بموجب معاهدة 3 نوفمبر 1916 على تعهد رسمي من قبل شيخ قطر وقتها، بعدم منح امتيازات نفطية خاصة باستغلال النفط او غيره من الموارد الطبيعية لأي شخص دون موافقة المقيم البريطاني في الخليج العربي .
و تعد العلاقات بين بريطانيا وقطر ممتدة ومتشابكة ومترابطة بمجموعة كبيرة من المصالح المشتركة.
ويصف عضو مجلس اللوردات البريطاني، اللورد هوول هذه العلاقة بأنها "مهمة جداً"، وقال في تصريحات صحفية له "إنّ "قطر باتت مؤثرة جداً في منطقة الشرق الأوسط، والمملكة المتحدة تولي اهتماماً خاصاً لتنامي دور قطر في منطقة مضطربة جداً".
و يرى بعض السياسيين البريطانيين أن العلاقة البريطانية القطرية تقوم على أساس من التفاهم المتبادل، والمصالح المتبادلة والتي كانت آخرها الاستثمارات القطريّة في بريطانيا، والتي توفر الكثير من فرص العمل، خصوصاً في المناطق الأكثر حاجة إلى التنمية".
وتعد قطر من أغنى دول العالم، ولها استثمارات واسعة في بريطانيا، منها أعلى بناية في لندن، التي مولتها العائلة الحاكمة، وسلسلة محلات هارودز التي اشتراها صندوق الاستثمار القطري .