رفعت السعيد.. «معارض يساري» وقف بالمرصاد لفكر الجماعة الإرهابية
السبت 17/أغسطس/2019 - 10:10 ص
طباعة
حسام الحداد
يعتبر الدكتور رفعت السعيد واحدًا من أشد المعارضين لفكر الإخوان المسلمين، وكان يؤكد دائمًا أنهم يسعون للفتنة الطائفية، وهو من أبرز رموز المعارضة اليسارية فى مصر.
من مواليد 11 أكتوبر 1932، ترأس حزب «التجمع الوطنى الوحدوى» خلفًا لخالد محيى الدين، ويعتبر من الأسماء البارزة السابقة فى الحركة اليسارية المصرية منذ الأربعينيات وحتى نهاية السبعينيات.
تم اعتقاله مرات عديدة حتى إنه حصل وهو فى الرابعة عشرة من عمره على لقب «أصغر معتقل فى مصر»، كما اعتقل سنة 1978 بعد كتابته مقالا موجهًا إلى زوجة الرئيس آنذاك محمد أنور السادات بعنوان «يا زوجات رؤساء الجمهورية اتحدن»، عرف بمعارضته لجميع الرؤساء الذين حكموا مصر، إلا أن معارضته للرئيس السادات كانت الأكثر جذرية حسب وصفه، حاصل على الدكتوراه فى تاريخ الحركة الشيوعية من ألمانيا، له العديد من المؤلفات النقدية لحركات الإسلام السياسي.
«مجرد ذكريات»
اليسار رفع شعار «الدفاع عن الوطن» فى مواجهة العدوان الثلاثى.. والإخوان يناورون بـ«لا عدوان إلا على الظالمين»
فى كتابه المهم «مجرد ذكريات»، يقول السعيد لقد كان رد الفعل الإخوانى على العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦ غريبًا، ففى حين كان الشيوعيون يرفعون شعار «الدفاع عن الوطن» رفع الإخوان شعار «لا عدوان إلاّ على الظالمين».
«يتحول السياسي، إذ يطلق شعاراته إلى ممثل يتلبسه الدور المسرحي، فيفعل المستحيل كى يتقن أداء الدور، ومن هنا... فأنت قد ترفع شعارًا سياسيًا لا يلبث أن يتلبسك فيستبد بك» ١٧٢ ص.
لهذا كانت عاطفة اليساريين مشدودة إلى الوطن، ومواجهة العدو، وكان الإخوان المسلمون بين منشق، وأكثرهم ضباط سابقون فى الجيش» مثل فؤاد جاسر - حسين حمودة - جمال ربيع» أوجعتهم عقيدتهم العسكرية إذ وجدوا قيادتهم الإخوانية تمتلىء سرورًا بالعدوان على جيشهم ووطنهم» ١٧٢ص.
وانقسم الإخوان إلى جماعة ترى نفسها «جماعة المسلمين وأخرى ترى نفسها جماعة من المسلمين»، وفسّر شيخ الجماعة «شريت» منامًا يبشر فيه بسقوط عبدالناصر فى عدوان ١٩٥٦م. التعبير الطبقى لجماعة الإخوان:
كان السجن صورة مصغرة للمواقف الطبقية لكلا التيارين السياسيين، اليساريين والإخوان المسلمين، ففى حين كان الشيوعيون فى مأكلهم وعلاقتهم قائمة على إلغاء التمايزات بينهم، ليس انعكاسًا لتنظير وإنما حالة فطرية طبيعية تفرضها ظروف السجن، كان الإخوان يبنون مجتمعًا طبقيًا داخل السجن.
فرأس المال الذى كان يأتى إلى السجناء اليساريين من أهاليهم كان يجرى تأميمه «ليس قسرًا، ولا إعمالًا لما فى الكتب من نصوص، وإنما لنوازع فطرية، ففى مكان كهذا هل يطاوعك قلبك أن تنزوى فى ركن خيمة يعيش فيها عشرة أشخاص لتأكل منفردًا، أو تشرب شاى وحدك، أو تدخن سيجارة دون غيرك» ١٨٠ص.
لكن الإخوان فى الطرف الآخر، استندوا إلى فهمهم الخاص للحلال والحرام، وخصصوا زكاة للجماعة وليس للفقراء، أقاموا مجتمعًا غريبًا أساسه التمايز بين الأغنياء والفقراء، وسادة وخدمًا، فقد وصل الأمر بالأستاذ حامد أبوالنصر، المرشد العام للإخوان فيما بعد «بأن اكترى خادمًا من بين إخوته السجناء، ألبسه طربوشًا أحمر، وحزامًا أحمر وأوقفه بباب خيمته، ليلبى كل ما يأمر به (أليس هذا حلال فى الإسلام؟) ونبت فى داخل المجتمع الجديد (مجتمع «الإخوان» شوك مستسلم يعمل فى كل المهن المفترضة وغير المفترضة، حتى من يغسل الملابس بأجر وآخر يكويها، وثالث يعد الطعام للسادة.
باختصار أقام الإخوان متسلحين بمنطق الحلال والحرام مجتمعًا طبقيًا وحشيًا، وقد ساد منطق الحلال والحرام افتقدت بعض التصرفات إمكانية التلاؤم حتى مع القيم. فواحد من قادتهم زارته زوجته، وبجوار غرفة المأمور، أى بجوارنا جميعًا أقاموا خيمة مستعجلة، وأوقفوا أمامها حارسًا كى يختلى الرجل بزوجته، أليس هذا حلالًا؟
وككل المجتمعات الطبقية احتاج الأمر إلى جهاز أمن ورجال الجهاز السرى لجماعة الإخوان جاهزون، يراقبون الحاجز الممتد بيننا وبينهم» ١٨١ص. وبسبب الخلاف حول موضوع: هل هم جماعة المسلمين أم جماعة من المسلمين، فقد قام جهاز الأمن الذى شكلوه داخل السجن بتنفيذ الحد على الشيخ فارس، وهو من مؤسسى الجماعة، ولأنه يقول برأى «إنهم جماعة من المسلمين» فلقد «تولى الأخ مهدى عاكف (أحد قادة الجهاز السري، ولم يزل قائدًا فى صفوف الجماعة حتى الآن) إقامة الحد. لا يوجد سيف كى يضرب بحده، فانتزع من الأرض وتدًا من ذلك الذى يثبتون فيها الخيام، وشج به رأس المارق الشيخ فارس» ١٨٣ ص.
لقد كان العدوان الثلاثى مؤلمًا على اليساريين خوفًا على الوطن، فقرروا المشاركة الوجدانية، ولو بأسلحة من خشب، مع تمارين يومية داخل السجن، أما الإخوان باستثناء من شق عصا الطاعة وخرج عن الجماعة فقد «كانوا يعولون بهتافات مدوية كلما استمعوا عبر الراديو (الذى يملكونه سرًا مثلنا) ما يفيد بانتصار العدو، وكانوا سعداء بهزيمة الوطن، ويهتفون من أعماقهم فى سرور فاضح «الله أكبر، ولا عدوان إلاّ على الظالمين» وهذا الفعل الفاضح ضد الوطن كان إيذانًا بانقسامهم إلى مؤيدين ومعارضين «تذكرت هذا الفعل الفاضح عندما قرر متأسلم آخر فى حديث تليفزيوني، ودون خجل أنه سجد لله شكرًا عند سماعه هزيمة عبدالناصر فى ١٩٦٧م)» ١٨٣ص.
«حسن البنا.. متى.. وكيف.. ولماذا؟»
سرد تاريخى لتكوين «الإرهابية» يفضح أغراض تكوين الجماعة.. والهدف السياسى ظهر بعد نمو التنظيم
من بين أهم الكتب التى ناقش فيها رفعت السعيد جماعة الإخوان «حسن البنا.. متى.. وكيف.. ولماذا؟» حيث قدم سردًا تاريخيًا لتكون الجماعة على يد حسن البنا عام ١٩٢٨ كجمعية دينية صرفة ذات أهداف خيرية... «جمعية الدعوة إلى كتاب الطريق الأول الذى لا يصلح أمر الناس إلا عليه... كتاب الله وسنة رسوله» حسب حسن البنا.
ويقول رفعت السعيد الذى أفادنا كثيرًا من تجميعه لمادة ثرية وموثقة عن البنا وجماعته: إن حسن البنا كان حذرًا من السياسة فى السنوات العشر الأولى ثم أنه صرّح: «أستطيع أن أجهر فى صراحة بأن المسلم لا يتم إسلامه إلا إذا كان سياسيًا بعيد النظر فى شئون أمته مهتمًا بها غيورًا عليها...» فى «الإخوان المسلمون ١٦/٤/١٩٤٦»
ويؤكد السعيد أنه حين كبر تنظيم الجماعة ظهر هدفها السياسى كشيء أساسي. يقول البنا: «لقد آن الأوان أن ترتفع الأصوات بالقضاء على نظام الحزبية فى مصر، وأن يستبدل به نظام تجتمع فيه كلمة وتتوفر جهود الأمة حول منهاج قومى إسلامى صالح» فالأحزاب فى نظره يجب أن تزول ويمكن أن تقوم حكومة تمثل الشعب من غير أحزاب لأن الأحزاب فى نظره تقسم الأمة ولا تتفق مع المنهاج الإسلامي... (البنا: مشكلاتنا فى ضوء نظام الإسلامي، وفى: الرسائل الثلاث) وحل الأحزاب الذى يطالب به «سيتلوه قيام حزب على أساس برنامج إسلامى إصلاحي» (الرسائل الثلاث) ويضيف «نحن لا نسعى للحكم ولكن هو الذى سيسعى إلينا فيما نعتقد...» (المصور ١/٣/١٩٤٦)
ويتراجع البنا حين يخشى ردود الفعل فيقول: «إن الدستور بروحه وأهدافه العامة، لا يتناقض مع القرآن من حيث الشورى وتقرير سلطة الأمة وكفالة الحريات.. وأما ما يحتاج إلى تعديل منه يمكن أن يعدل بالطريقة التى رسمها الدستور ذاته» (فى «نحو النور» وفى أنور الجندي، الإخوان...) ويضيف حسن البنا: «الجماعة... مؤمنة مخلصة... لا تنكر الاحترام الواجب للدستور باعتباره نظام الحكم فى مصر، وهى تعلم أن إهاجة العامة ثورة، وأن الثورة فتنة، وأن الفتنة فى النار» (النذير ع ٣٣) ومع ذلك يقول البنا: وعند المودودى «الشعب ليس حرّا فى اختيار نظام الحكم الذى يريد فإنهم معرضون للخطيئة ما لم يلزموا أنفسهم بحكومة تقوم على أسس دينية» (المودودي، فى (الحجاب) ويقول المودودى «المبدأ الرئيسى للديمقراطية الجديدة أن الناس بأيديهم أنفسهم، حكمهم وتشريعهم، والى أنفسهم كل التصرف فى القوانين، يضعونها كما يشاءون» «ومن البديهى انه إذا كانت قوانين الحياة الجماعية كلها تابعة للرأى العام وكانت الحكومة كالعبد لإله هذه الديمقراطية الجديدة، فلا يمكن لسلطات القانون والسياسة أن تصون المجتمع من الانحلال الخلقي» (فى: محمد عشماوي، تاريخ الفكر السياسى المصرى ٤٥-١٩٥٢). وفى ١٩٤٨ أدخل فى النظام الأساسى لتنظيم الجماعة ما يلي: «يعتمد الإخوان فى تحقيق أغراضهم على وسائل الدعوة والتربية والتوجيه والعمل وكل وسيلة أخرى مشروعة...» (البنـّا: إلى أى شيء ندعو الناس).
وقدم حسن البنا فى تنظيره لفكر الجماعة «القرآن دستورنا» بدلا عن دستور مصر لسنة ١٩٢٣، و«الرسول زعيمنا» بالضد من زعامات مصر السياسية فى زمنه ومنهم مصطفى النحاس باشا زعيم الوفد، (العدو للبنـا)، و«الخلافة الإسلامية» بديلا عن الوطنية المصرية...(فى: نحو النور). ويرى حسن البنا أن جماعته «تحب الإجماع» وتكره الشذوذ..! ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها» (الرسائل الثلاث) ونادى بأن «لا مناص بعد الآن من أن تحل هذه الأحزاب جميعًا» (مشكلاتنا فى ضوء الإسلام) لذلك رد النحاس باشا زعيم الوفد ورئيس الحكومة على البنا المتحالف مع الملك ضمنيا، وصرح النحاس بأنه ضد «إقحام الدين فى ما ليس من شئونه وإيجاد سلطة دينية خاصة بجانب السلطة المدنية» «الإسلام لا يعرف سلطة روحية، وليس بعد الرسل وساطة بين الله وبين عباده».
التحول للعنف
وحسب الكتاب فقد اعتمد تنظيم «الإخوان المسلمون» قاعدة «بيعة» حسن البنا بصفة «الإمام المرشد» لـ «جماعة المسلمين» وليس لـ«جماعة من المسلمين» واعتبار تلك الجماعة نفسها بمنزلة «أولى الأمر» و«أصحاب الحل والعقد» وأن للجماعة فكرة ودعوة «للجهاد» أنيط تنفيذها «للجهاز السري» (العسكري) الذى نظم بشكل سرى فى الظاهر، يمارس الرياضة بما يشبه العمل الكشفي، وفى الواقع يتدرب تعبويًا وفنيًا وقتاليًا على عمليات «جهادية» وهكذا كان انتقال الإخوان من المسك بالمصحف إلى المسك بالمسدس وذلك ما عناه حسن البنا بقوله: «نحن حرب على كل زعيم أو رئيس أو هيئة لا تقوم على نصرة الإسلام، ولا تسير فى الطريق إلى استعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام» «النذير ع١» ١٣٥٧ هـ والجهاد عند البنـّا يقع فى ٣ مراحل: التعريف ثم التكوين ثم التنفيذ.
وأقام حسن البنـّا لغرض مجاهدة أعداء الجماعة «الجهاز السرى الخاص» واختار قيادته من فرق الجوالة التى كان يوظفها مع الملك والحكومة ضد معارضيها من الوفديين والليبراليين واليساريين وكان عدد المتدربين ٤٥ (خمسة وأربعين ألفًا) عام ١٩٤٥، والمرشح للانتماء للجهاز الخاص والسرى عليه أن يبايع فى غرفة مظلمة ويؤدى القسم على مصحف ومسدس، وذلك الجهاز أنشئ منذ العام ١٩٣٠ وهناك من يجعل عام ١٩٤٢ بداية لإنشائه والقسم يؤدّى أمام حسن البنا المؤدلج للجهاد وخاصة عبر ما كتبه فى «صناعة الموت» وفى «فن الموت» (الإخوان المسلمون ١٦/٨/١٩٤٦).
وفى العام ١٩٤٨ اكتشفت الشرطة مخابئ سلاح ومفرقعات للجهاز الخاص، وتحدث انفجارات واغتيالات متبادلة بين الإخوان ورجالات الدولة (٤٦-٤٧ و١٩٤٨) منها اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى باشا.
واضطر حسن البنا ليبلع الزعاف حين أصدر بلاغه الذى يدين فيه رفاقه وتلامذته ويدين نفسه وفكره بنفسه «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين» لعله ينقذ بعض ما بقى من التنظيم ومن الفكرة ومن الإخوان.
«الإرهاب المتأسلم»
كتاب حذر من توجهات الجماعة الشاذة.. ويفضح «مراجعات» الإخوان وتلاعبهم بالألفاظ
فى هذا الكتاب «الإرهاب المتأسلم» يحذر السعيد من فكر جماعة الإخوان المسلمين، من حيث توجهاتها الشاذة عن الإسلام الخاصة بها، مشيرا إلى أن هذا الفكر المتأسلم تبلور فى آليات الجهاز السرى الإرهابى الذى أسسه حسن البنا، واختار رجاله بنفسه بعد أن تلقى بيعتهم بنفسه أيضًا. لم يكن حسن البنا ذلك الوديع الهادئ، ولا كان ذلك «الرجل الرباني» كما أسماه أصحابه، ولا مجرد داعية للخلافة باعتبارها وراثة النبوة، ولا كان مجرد سياسى متلون بتملق الحكام، وينتقل بولائه من حاكم لحاكم.. فماذا كان إذن؟
يجيب الكاتب: فى كتاب «مذكرات الدعوة والداعية للبنا» تحدث فيه عن «منهاج» (برنامج) الجماعة فقال نصًا: على كل مسلم أن يعتقد أن هذا المنهاج كله من الإسلام، وأن كل نقص منه نقص من الفكرة الإسلامية الصحيحة (ص ١٨٣) وتفسير هذه العبارة مخيف، فبرنامج الإخوان كما يقول البنا كله من الإسلام، فهل يجرؤ أى إنسان أن يعترض على عبارة أو رأى أو فكرة أو حتى حرف من الإسلام، ونأتى إلى شخصية أصبحت ولم تزل من أهم شخصيات الإرهابى المتأسلم، نأتى إلى أمير المؤمنين فى جماعة القاعدة أيمن محمد ربيع الظواهري. ويشير الكاتب إلى اعترافات أيمن الظواهرى وما كتبه عن نفسه كاذبًا، وما كتبه عن منتصر الزيات وتصفيته لحسابات غير معلومة ومتناسيا أنه هو أيضًا اعترف فور القبض عليه.
ويحكى الظواهرى عن بدء خلافه مع الإخوان، فبعد الإفراج عن الإخوان فى عهد السادات اتصل بهم زميله يحيى هاشم (وكيل النيابة) باعتبارهم هم القادة الشرعيون للحركة الإسلامية وعرض عليهم مشروعه الجهادي، وكان ردهم أن تكون لهم القيادة، ولكنهم لا يتحملون مسئولية أية مشكلة قد تحدث.
وفى قضية الفنية العسكرية حاول يحيى هاشم تهريبهم من السجن، وهرب يحيى هاشم هو وعدد من رفاقه إلى منطقة جبلية فى محافظة المنيا وتمركزوا تحت غطاء أنهم وحدة عسكرية، لكن الشرطة هاجمت الموقع، وقتل هاشم الذى وصفه أيمن الظواهرى أنه رائد فى جهاد النظام المعادى للإسلام فى مصر. وبعد ذلك بدأ الظواهرى فى هجوم عنيف على الإخوان الذين لم يتحركوا لإثارة قضية السنانيري، ثم يهاجمهم لأنهم امتدحوا مبارك لأن فى زعمهم لم يعذب الإخوان، ولأنه فتح باب الحريات واسعا، بل وأرسلوا برقيات تهنئة لحسن أبوباشا قاتل السنانيرى على نجاته من محاولة اغتياله ويمضى الظواهرى ليروى حكايات غير موثقة ولم يقل بها غيره مدعيًا لنفسه ولإخوانه بطولات بعضها صحيح وكثير منها مبالغ فيها.
وينتقل السعيد إلى موضوع معقد بعض الشيء وهو ما أعلنه بعض المحكومين فى قضية اغتيال السادات وما سبقها وما تلاها ما أسمى بـ«المراجعات»، ثم التراجع عن المراجعات أو محاولة إثبات بعض من حسن النيات انتهت عند البعض منهم بما يسفر عن سوء النيات. وتأتى الصعوبة من أن البعض أراد يقول بالتراجع دون تراجع متلاعبًا بالألفاظ ومحاولًا الإيحاء بفكر جديد بينما هو على الطريق القديم لم يزل، ويستخدم البعض المفردات ويتلاعب بها محاولا الإيهام بما هو وهمى فى واقع الأمر.
وكنموذج للتلاعب الفج بالمفردات، فإن سيد قطب وبعده جماعته ومن تبعه يقصرون معنى الجهاد على مجرد التقاتل بين المسلمين، وعدم النظر إلى آيات القرآن التى تأمر المسلم بجهاد النفس فى طاعة الله، والابتعاد عن المعاصى والمخالفات، والالتزام بمكارم الأخلاق. والاكتفاء بالانحراف بالمقصود من هذه الكلمة إلى إشعال قتال بين المسلمين فى المجتمعات الإسلامية بعد تكفيرها.