بعد ثلاثين عامًا في المنفي.. الهاشمي الحامدي يعود لـ"تونس" مجددًا بجذوره الإخوانية

الأحد 02/نوفمبر/2014 - 02:45 م
طباعة بعد ثلاثين عامًا
 
عاد زعيم حزب تيار المحبة التونسي الهاشمي الحامدي مساء أمس السبت 1 نوفمبر 2014، إلى تونس بعد أن أعلن منذ ثلاثة أيام عدوله عن قراره الانسحاب من الانتخابات الرئاسية التونسية المزمع إجراؤها 23 من نفس الشهر.

العودة بعد 30 عامًا

العودة بعد 30 عامًا
وصل الحامدي، الذي دام في منفاه الإجباري في لندن نحو 28 سنة، إلى مطار تونس قرطاج الدولي، وسط حماية أمنية مشددة، حيث كان في استقباله مئات من أنصاره، قائلا عقب وصوله: أريد أن أكون واحدا من أهلي الذين حُرمت منهم 30 سنة.
وأكد أن هذه الزيارة ستكون تمهيدا لاستقرار دائم في بلاده لاستئناف أنشطته السياسية والإعلامية.
وقرر الحامدي الانسحاب عبر تغريدة له بصفحته على تويتر، مشيرا إلى أنه تفطن إلى صعوبة اعتماد طلب الانسحاب وتنفيذه من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إضافة إلى ردود فعل أنصاره تجاه قرار انسحابه، حسب توضيحه.

زعيم تيار المحبة

زعيم تيار المحبة
كان الناطق الرسمي باسم تيار المحبة سعيد الخرشوفي أعلن في 27 أكتوبر الماضي، عن قرار انسحاب الحامدي من الانتخابات التشريعية بعد أن هُزم حزبه في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 23 أكتوبر من نفس الشهر، والتي انتهت بفوز حزب "نداء تونس" العلماني على حركة النهضة الإخوانية.
وبرر الخرشوفي، فشل "تيار المحبة في الانتخابات التشريعية"، أنه بسبب عدم عودة زعيمه إلى تونس.
وكان زعيم حزب تيار المحبة التونسي الهاشمي الحامدي أول من قدم سبتمبر الماضي أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية، بين 27 مرشحا، منهم الرئيس التونسي الحالي محمد منصف المرزوقي، ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، ورئيس حزب حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي.
وأكد الخرشوفي، أن وجود الهاشمي الحامدي في تونس سيقلب الموازين، وسيفوز بالرئاسة، قائلا: نرجو أن يصوِّت الشعب تصويتا مفيدا لتعديل موازين القوى، في إشارة إلى تقدم حزبي نداء تونس، والنهضة من خلال النتائج الرسمية الأولية.

بداية أزمته مع النظام

بداية أزمته مع النظام
هو محمد بن يوسف الهاشمي الحامدي، في الخمسينيات من عمره، من مواليد محافظة سيدي بوزيد وسط، كان نشطًا في الجامعة التونسية في بداية الثمانينيات ضمن حركة الاتجاه الإسلامي حركة النهضة حاليا، وسجن نتيجة ذلك، وغادر تونس عام 1986 بعد أن أصبح ملاحقا من قبل الأمن التونسي نتيجة نشاطاته السياسية.
اختلف الحامدي مع حركة النهضة في بداية التسعينيات، واستقال منها، وبعد الثورة التونسية، كون وهو في لندن تيار "العريضة الشعبية" الذي فاز بـ 26 مقعدا من أصل 217 في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر 2011، وفي مارس 2013 أسس تيار المحبة.
لم يتمكن تياره في الانتخابات البرلمانية الأخيرة يوم 26 أكتوبر الماضي من الفوز سوى بمقعدين.
ويتنافس الهاشمي الحامدي مع 26 مرشحا في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في 23 نوفمبر الجاري.

حياته السياسية والعملية

حياته السياسية والعملية
الهاشمي يقيم في لندن منذ ربع قرن تقريبا، بريطاني الجنسية من أصل تونسي، كان رافضا العودة إلى بلاده خوفا من الشعب التونسي لوقوفه ضد الثورة التونسية وإهانته للثوار، وخوفا من المحاكمة بتهمة الفساد في عهد الرئيس المخلوع بن علي، بعد أن كانت آخر زيارة له في نوفمبر 1998.
عرف الهاشمي الحامدي، بأنه أبرز السياسيين المعارضين في تونس، فهو رئيس تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية، كما أنه أسس تيار المحبة في 22 مايو 2013، ومؤسس وأمين عام لحزب المحافظين التقدميين الذي تتبع له العريضة الشعبية، وهو كان مقيما بالعاصمة البريطانية لندن لأكثر من 20 عامًا.
انضم الحامدي إلى حركة النهضة الإسلامية لفترة كبيرة، ولكن حدث صدام بينه وبين زعيمها راشد الغنوشي، ليقرر على الفور الانسحاب، والاستقلال بعيدًا عنها.
ومن الناحية العملية، كان الهاشمي كاتبًا وإعلاميًا تونسيا معروفًا.
كان يبث آراءه المعارضة، عن طريق القنوات الفضائية التي كان يمتلكها، قناة "المستقلة" انطلقت عام 1999، وقناة "الديمقراطية" انطلقت عام 2005.
معروف عن الهاشمي بأنه من أثرياء تونس، فهو رجل أعمال له مكانته في الجمهورية التونسية.
ترشح لمنصب الرئاسة في تونس بعد الثورة التونسية عام 2011 بصفته رئيسًا لتيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية، وكمؤسس لحزب المحافظين التقدميين، ولم يحالفه الحظ، بعد أن حقق تيار العريضة الشعبية الذي يترأسه المركز الثالث في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، والآن تقدم بأوراق ترشحه للانتخابات القادمة، 2014.
كانت آخر زيارة له إلى تونس، في نوفمبر 1998، إلى أن أعلن أنه سيعود إلى تونس 12 نوفمبر 2011 ، وفي نفس اليوم الذي قرر فيه العودة إلى تونس "يوم السبت"، قال الأمين العام لحزب المحافظين التقدميين إسكندر بوعلاقي: إن الهاشمي قد قرر إرجاء عودته إلى تونس بسبب وجود حملة تستهدفه.
في ذلك الوقت، أصدر الهاشمي بيانًا على موقعه الرسمي، أكد فيه ما قاله بوعلاقي، تزامن الإعلان مع ورود اسمه في تقرير عن الفساد مكون من 354 صفحة يوم الجمعة 11 نوفمبر، 2011، التقرير احتوى على رسالة كتبها الهاشمي، للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

العودة للجذور الإخوانية

العودة للجذور الإخوانية
عاد الهاشمي إلى جذوره الفكرية الإخوانية وحوّل قناته الفضائية المستقلة إلى منبر لتنظيم الإخوان المسلمين وللتحامل على مصر وجيشها، بشكل رأى فيه المراقبون تماهيا مع موقف قطر وقناة الجزيرة، وكذلك لانتقاد الدستور التونسي الجديد؛ حيث اعتبره دستورا مناقضا لروح الإسلام وفق تعبيره.
كانت القناة الخاصة به تبث من لندن على قمر النايل سات حتى إنه منع ظهور رجل الأعمال المصري أشرف السعد على قناة المستقلة، وكان أشرف السعد يدفع للهاشمي مبلغ 150 ألف جنيه استرليني سنويا للظهور على شاشة المستقلة، ومنع ظهوره لتقاضيه من الإخوان مبلغ 150 ألف جنيه استرليني في الشهر وليس في السنة كما كان يدفع له السعد.
واستعان بعد ذلك بأبواق الإخوان من أمثال أسامة رشدي المتحدث الإعلامي باسم حزب البناء والتنمية، وأحد قادة "سوف نسحقهم من فوق منصة رابعة"، والذي هرب إلى لندن قبل فض اعتصامي رابعة والنهضة، بعدة ساعات، وذلك لمهاجمة السلطة الانتقالية في مصر والدعاية للإخوان، لكن الهاشمي اكتشف أن أسامة رشدي يقبض من الإخوان مبلغ 5000 جنيه استرليني في الشهر عن طريق إبراهيم منير، أمين عام التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في العاصمة البريطانية، وهو نفس الشخص الذي يدفع للهاشمي، ونفس المبلغ لكل واحد من جماعته الذين يخدمون مصالح الإخوان، فمنع ظهور أسامة رشدي وجماعته على شاشة المستقلة إلا فيما ندر، واستعاض عنهم بنفسه، وهو دائم التهجم على الثورة المصرية، ووصف الجيش المصري بأقبح الألفاظ، ودائم التهجم على الصحافة المستقلة في مصر.
يقول الكاتب براء الخطيب، في إحدى مقالاته: إن الهاشمي يدعو المصريين للثورة التي يقودها الإخوان لتسليم سيناء وغزة لإسرائيل، ويقسم بالله دائما أنه على اتصال بمشايخ قبائل في سيناء طلبوا منه أن يدعو لتسليم سيناء وغزة لإسرائيل؛ لأنهم كانوا في حال أحسن من حكم المصريين عندما كانت سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلي.

موقفه الآن من حركة النهضة

موقفه الآن من حركة
وعمل الحامدي خلال العام الماضي على المزايدة على حركة النهضة وحاول الظهور بمظهر من هو أكثر دفاعا منها عن الإسلام السياسي، كما بدا راديكاليا في انحيازه للمواقف القطرية التركية من مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وهو ما أفقده الكثير من شعبيته وشعبية تياره في تونس وجعل يلتجئ إلى الاستنجاد بالاتحاد العام التونسي.
كانت جمعيات حقوقية عربية تونسية وأوروبية، اتهمت الهاشمي الحامدي، الذي يقف خلف قوائم العريضة الشعبية في تونس- بالعمل ضد الخيار الديمقراطي للشعب التونسي الديمقراطي، وذلك في أعقاب تحريضه العلني على أحداث سيدي بوزيد، إثر الإعلان عن نتائج الانتخابات للمجلس الوطني التأسيسي.

شارك