لطالما تصدرت أخبار أفغانستان النشرات الساخنة حول العالم؛ نظرًا لانتشار الحركات الإرهابية والتداخلات السياسية المحيطة بها، وفي محاولة لفهم ما يدور هناك قدم الصحفي الباكستاني أحمد رشيد كتابه المعنون بـ«طالبان: الإسلام والغاز واللعبة الكبرى في وسط آسيا».

الحرب الأهلية.. واللعبة الكبرى

واستند رشيد في مطبوعته على الخبرة الصحفية التي اكتسبها من تغطية الحرب في أفغانستان والسفر والاختلاط ببعض عناصر «طالبان» وإجراء المقابلات مع بعض القادة، ولذا ينظر إلى كتابات الصحفي الباكستاني كواحدة من أفضل ما قدم في هذا الصدد.

يشير الباحث في مقدمة كتابه إلى التجاهل الذي وقعت فيه الدول الغربية تجاه استمرارية الحرب الأهلية في أفغانستان ما أسهم في تطور الأوضاع الخطيرة في البلاد، ولكن مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بدأ العالم يتنبه للمخاطر القادمة من تلك البقعة، ومدى التعاون بين «طالبان» و«القاعدة» وتأثير ذلك على المصالح الدولية المختلفة؛ إذ أدى نمو قوة طالبان إلى إحداث حالة من عدم الاستقرار الشديد والاضطراب في كل من روسيا وإيران وباكستان وخمس جمهوريات في آسيا الوسطى.

ويصف رشيد دور طالبان باللاعب الرئيسي في «اللعبة الكبرى الجديدة» التي يحدث فيها منافسة بين الدول الغربية المختلفة والشركات الاستثمارية لبناء خطوط أنابيب للنفط والغاز من آسيا الوسطى إلى الأسواق الغربية والآسيوية أيضاً؛ إذ يعتبر هذا الاستثمار من وجهة نظر الباحث هو النقطة المهمة في هذه الحرب المشتعلة.

لعبة النفط

ذكر الباحث أن بدايات طالبان كانت بدعم من الإدارة الأمريكية تم تقديمه لمحاربة الاتحاد السوفيتي ومشاكسة طهران، ولكن الأهم من ذلك هو إمدادات خطوط النفط والغاز في المنطقة، ففي الفترة ما بين 1996-1998 دعمت حكومة الولايات المتحدة خطط شركة النفط يونيكال لخط أنابيب ينقل المواد الثمينة من تركمانستان إلى باكستان عبر أفغانستان.

كما أدى اكتشاف احتياطيات كبيرة من النفط والغاز في آسيا الوسطى إلى سباق بين شركات النفط والدول الكبرى؛ فالولايات المتحدة لم يكن لديها أي اعتراضات حقيقية على الأنظمة الديكتاتورية أو الفاسدة أو حتى تعاملات الحركة ضد النساء واضطهادها لهم، ولكن المهم كان «النفط»، ويزعم رشيد أن واشنطن إرتأت في سيطرة طالبان على المنطقة خطوة للتفاوض معها لدعم يونيكال أكثر من غيرها من الشركات والجنسيات عن طريق إغداق المال على الحركة، كما أن موسكو كان لديها اهتمام أيضًا بهذا النفط وخطوطه ومدى الاعتماد على الغاز الروسي وطرقه من غيره.

وإلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإيران، أسهمت اللهجات التركية المنتشرة في معظم دول آسيا الوسطى، إلى دفع أنقرة والشركات التركية الكبيرة للطمع في المنطقة، وتضغط الولايات المتحدة وتركيا على خط أنابيب من باكو في أذربيجان إلى جيهان على ساحل البحر المتوسط ​​التركي.

وكان النفط سببًا أيضًا لدعم قادة باكستان لحركة طالبان إلى جانب الاقتتال في كشمير وزعزعة استقرار الهند، فيما يدعي قيام حكومة باكستان بدفع حوالي 6 ملايين دولار من الأجور لقادة طالبان في كابول لضمان ولائهم للسلطة.

تفكك طالبان.. تطرف عميل

يدفع الباحث بوجود تيارات وقوى فاعلة داخل «طالبان» تختلف أهواؤها وآراؤها الشرعية وهناك من الدول من يلعب على هذا الوتر لإشعال الوضع بشكل دائم في البلاد، فباكستان وإيران وروسيا تغذي فرع محدد داخل الجماعة ما ينذر بحرب أهلية في حالة الاختلاف حول أيٍّ من الأمور.

وتؤدي هذه الحالة من الارتباك إلى ازدياد عملية الطرد السكاني؛ إذ تشكل أزمة اللاجئين إشكالية كبيرة تهدد استقرار المنطقثة والموارد الاقتصادية للدول المجاورة، وأن الحل لذلك هو وجود توافق داخلي وتعاون دولي لحل الأزمة وهو غير مرشح للحدوث نتيجة الأوضاع بالبلاد.

يقول الباحث إن الشريعة الإسلامية وفقًا للمنظور الذي تعتقده طالبان ليس له علاقة مباشرة بثقافة المواطنين في أفغانستان، ولكن «التطرف» ظاهرة حديثة نشأت مع الحرب ضد الاتحاد السوفياتي ، بتسليح وتمويل من قبل وكالات الاستخبارات الخارجية، ففي وقت مبكر من عام 1986 كانت وكالات الاستخبارات المركزية تجند المتطرفين في جميع أنحاء العالم وترسلهم إلى باكستان بدعوى المشاركة في نصرة المسلمين في أفغانستان، وكان من بينهم أسامة بن لادن، ومع انهيار التعليم نتيجة المعارك تدخلت الدول الفاعلة لبناء المدارس على العقيدة الديوبندية ما أسهم في دفعات جديدة من المتشددين.

وتستخدم كل الدول الفاعلة هناك هذه الجماعات التي أفرزت للقيام بحروب بالوكالة وأهمهم إيران التي تعزز زراعة الأفيون والمواد المخدرة في البلاد للمساهمة في الانفاق على مشروعاتها بالمنطقة.