قضية السيارة الجيب.. ونسف محكمة الاستئناف
الجمعة 15/نوفمبر/2019 - 12:00 م
طباعة
حسام الحداد
في مثل هذا اليوم الخامس عشر من نوفمبر 1948، اشتبه أحد رجال البوليس المدني في سيارة جيب تسير في شارع جنينة بالفؤادية، وليس عليها أرقام مرور في منطقة الوايلي بالعباسية بالقاهرة، فلما حاول الاقتراب منها للاستفسار من صاحبها ، والتأكد من شخصيته قفز سائق السيارة وفر هاربا، ولكن رجل البوليس صرخ في الناس صرخة فزع، مناديا إياهم: إرهابي، إرهابي.. فأسرع الناس خلفه، وأمسكوا به ثم اقتادوه إلى قسم البوليس، وبتفتيش السيارة الجيب عثر فيها على أوراق خطيرة جدا، وفي غاية الأهمية، وهذه الوثائق تكشف عن تنظيم سري مسلح، وفي غاية الدقة والتنظيم، وسرعان ما صدرت أوامر النيابة بتفتيش منازل الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في هذه الأوراق، وفعلا تم القبض على المجموعة الأولى في منزل أحد الإخوان بالوايلي، ويعتبر من قادة هذا التنظيم، ثم تتابعت حركة القبض حتى نهاية شهر مارس 1949.
نسف محكمة الاستئناف
في هذه العملية قام عدد من كوادر الجهاز الخاص بمحاولة لنسف محكمة استئناف القاهرة والتي كان يحفظ فيها أوراق ما عرف بقضية "السيارة الجيب" التي كان على رأس المتهمين فيها "مصطفى مشهور" (أحد قادة النظام الخاص، ومرشد الجماعة الخامس فيما بين عام 1996 وعام 2002)، وحكاية السيارة الجيب معروفة، حيث تم ضبط مصطفى مشهور يقود سيارة محملة بأسلحة وقنابل كان النظام الخاص يستخدمها في التدريبات، بالإضافة إلى بعض الأوراق التي تحتوي على خطط واستراتيجيات الجماعة، وقد أنكر البنا - في بيان وزع على الصحفيين آنذاك - أن يقوم أحد الإخوان بهذه الفعلة الشنيعة، ولكن السنوات تأتي بما لم يكن يشتهي البنا، يقول محمود الصباغ حول هذا الحادث: "وبعد نجاح السرية في هذا العمل الفدائي، نظر السيد فايز في كل ما تنسبه الحكومة إلى الإخوان من جرائم باطلة، مدعية أنها تستند في كل ما تدعيه إلى حقائق صارخة في المستندات والوثائق المضبوطة في السيارة الجيب، وكان يعلم يقيناً بكذب هذه الافتراءات، ودليل ذلك ما ذكره عبد المجيد أحمد حسن بعد أن قرر الاعتراف على زملائه، واستندت إليه المحكمة في براءة النظام الخاص مما وجه إليه من اتهامات – ولم يساوره شك في أن الحكومة قد زورت وثائق وقدمتها للنيابة لتدين الإخوان بما ليس فيهم من جرائم واتهامات باطلة، فقرر حرق هذه الأوراق وكون سرية لهذا الغرض بقيادة الأخ شفيق أنس، وقد رسمت الخطة على النحو الذي ظهر في تحقيقات القضية المسماة زوراً وبهتاناً قضية محاولة نسف المحكمة، وحقيقتها أنها كانت محاولة حرق أوراق قضية السيارة الجيب، وتمكن شفيق أنس من أن يضع حقيبة مملوءة بالمواد الحارقة معدة للانفجار الزمني بجوار دولاب حفظ أوراق قضية السيارة الجيب، إلا أن قدر الله قد مكن أحد المخبرين من ملاحظة شفيق وهو يترك الحقيبة ثم ينصرف نازلاً على درج المحكمة، فجرى مسرعاً وحمل الحقيبة وجرى بها خلف شفيق، الذي أسرع في الجري حتى لا تنفجر الحقيبة على سلم المحكمة أو وسط حشود الداخلين في بهوها، ولما خرج إلى الميدان حذر المخبر من الحقيبة، فتركها فانفجرت في ساحة الميدان دون إحداث خسائر تذكر، وقبض على شفيق".