القرن الأفريقي.. تاريخ من الصراعات مهد لجماعات الإرهاب
الجمعة 21/فبراير/2020 - 02:15 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
يحاول أستاذ العلوم السياسية بجامعة فلوريدا، كريستوفر دانيلز في كتابه المعنون بـ«القرصنة الصومالية والإرهاب في القرن الأفريقي» أو« Somali Piracy and Terrorism in the Horn of Africa» أن يلقي الضوء بما لديه من معلومات وخبرات على التحولات السياسية التي عاصرتها الدولة الصومالية حتى وصلت إلى ما عليها من كونها أحد أهم وأخطر البقاع الإرهابية في أفريقيا والعالم.
يصف كريستوفر الصومال بأنها «دولة فاشلة» على المستوى السياسي لم تستطع إدارة معاركها الداخلية بما يؤهلها لمزيد من التطور والتقدم، بل انزلقت من التنمية الاقتصادية على إثر حصولها على الاستقلال إلى هوة التصدع المجتمعي والسياسي والإنمائي، هذا التصدع الذي جلبته الحروب والصراعات الأهلية، والذي منح بدوره للدولة مقومات التمدد الإرهابي والمتطرف.
تداعيات التشدد السياسي
يذكر كريستوفر أن حروب السلطة التي بدأت مع إزاحة محمد سياد بري من سدة الحكم في 1990 هي ما مهدت للحروب الأهلية والفوضى وبالأخص مع تشدد القائد محمد فرح عيديد، إذ يقول الباحث: إنه في يونيو 1993 تمكن المسلحين الصوماليين المدعومين من إيران من قتل 24 جندي من كتيبة باكستانية ما أدى إلى إصدار هيئة الأمم المتحدة لمذكرة ضد عيديد ومكافأة 25 ألف دولار لمن يقدم معلومات تفيد في القبض عليه.
إلا أن عيديد – من وجهة نظر الكاتب- استغل المكافأة للترويج لنفسه ولكتائبه لضم العديد من العناصر المقاتلة في صفوفه الأمر الذي فتح الباب أمام استقدام العناصر المدربة عسكريًّا للصومال، كما لعبت الدول المعادية ومنها إيران لإرسال عناصرها الخاصة للبلاد حتى يكون لها موطئ قدم في القرن الأفريقي، ومن هذه المتغيرات تبوأت البلاد موقعها على الخريطة الإرهابية.
فطبقًا للكاتب أرسلت إيران عناصر مدربة على العمليات المسلحة من أفغانستان فيما أرسلت إريتريا أيضًا عناصر إرهابية مدربة إلى الداخل لخدمة أهدافها السياسية في المنطقة، وقد ساهم ذلك في تشكيل جماعات الإرهاب في القرن الأفريقي.
التمدد القاعدي ومنافسة داعش
كنتيجة مباشرة للمقدمات المتطرفة للسياسة وما أعقبها من فوضى استطاع تنظيم القاعدة تكوين جناحه الأفريقي بالصومال، والمتمثل في جماعة الشباب التي تلعب اقتصاديًّا لصالح إيران التي مهدت لها الطريق.
ومن المجال الممهد للإرهاب إلى العقيدة المتشددة استقطبت البلاد تنظيم داعش كمنافس للقاعدة بما يهدد أمن القوات العسكرية والوطنية ويستنفذ ثروات الدولة ومقدراتها الاقتصادية مثلما تصدر جماعة الشباب الفحم عالي الجودة إلى إيران.
القرصنة وتهديد الأمن البحري
ساهمت الأوضاع في البلاد إلى استفحال سيطرة العصابات على سواحل المنطقة وتهديدهم للأمن المائي بالقرن الأفريقي بما له من تداعيات مهددة لاستقرار خليج عدن ومضيق باب المندب بشكل عام.
وفي هذا المجال يعتقد الباحث يأن الجهود الدولية لحفظ الأمن البحري مهمة للغاية؛ لافتًا إلى دور الدولة المصرية في تدريب القوات العسكرية البحرية للصومال وإنفاقها حوالي 30 مليون دولار لمساعدة الدولة الشرق أفريقية لتأمين حدودها البحرية، كما انضمت لها السعودية كدول عربية.
كما أشار الباحث إلى أن الولايات المتحدة بما تملكه من إمكانيات عسكرية واقتصادية يمكنها المساهمة في حروب الإرهاب في المنطقة وتأمين مياهها من عصابات القراصنة.