دراسة تكشف علاقة الحرب البيولوجية بداعش وفيروس كورونا
الأربعاء 08/أبريل/2020 - 10:18 ص
طباعة
روبير الفارس
فى خضم أزمة فيروس «كورونا» العالمية وتأثيراتها المؤلمة على مفهوم العولمة، وكذا القوة التقليدية الكبرى، بما قد يؤسس لنظام عالمى جديد، وفى خضم التضامن الدولى جراء الأزمة، ولو من خلال شراكة بلا قائد فى معركة مع المجهول، كان لافتًا للغاية إعلان تنظيم «داعش» الإرهابى إيقاف عملياته الإجرامية مؤقتًا، ودعوته مقاتليه إلى تجنب المدن الأوربية فى الوقت الحالى، خوفا من إصابتهم بفيروس «كورونا المستجد».وحول علاقة داعش والحرب البيولوجية و فيروس كورونا كتب عبد الحميد خيرت دراسة مهمة نشرتها مجلة المصور وجاء فيها
ان داعش وجه فى أحدث الإصدارات ـ عبر جريدته «النبأ» ـ تحذيرات لأعضائه من السفر إلى أوربا التى تعانى من تفشى الفيروس، وذلك من أجل الحفاظ على أرواحهم، وحث عناصره على الابتعاد عما أسماه «أرض الوباء» لتقليل خطر التعرض للمرض القاتل الذى وصفه بـ«الطاعون»، والأكثر إثارة للجدل ما ذكره التنظيم فى جريدته من أن «الأمراض لا تعدى بذاتها ولكن بأمر الله وقدره»، معتبرا أن الفيروس «عذاب أرسله الله لمن شاء».. وفقا لما نشره موقع «روسيا اليوم» فى ١٥ مارس.
خطورة التبرير الداعشى الأخير أنه بينما يحمل فى داخله تناقضات مجنونة، من حيث الحرص على تجنب العدوى من جهة، ومن جهة أخرى ينكر أن «الأمراض لا تعدى بذاتها» حسب تعبيره، إضافة إلى أنه لا ينشغل كثيرًا بالمواجهة العلمية للفيروس القاتل أو الأمل فى إيجاد مصل أو لقاح، ولكن يتضمن فى طياته دعوة تواكلية ظاهرها الإيمان بالقدر ـ وهذا ما لا ينكره أحد ـ أما باطنها فهو تحريض على تحدى الإجراءات الاحترازية الضرورية المطلوبة للسيطرة على الوباء! وهى ذات الدعوة التى سبق أن دعا إليها محرضين من إعلاميين محسوبين على جماعة الإخوان الإرهابية وأذرعها الإلكترونية، الذين دعوا الناس للتجمع والابتهال لله لرفع البلاء، وهو ما حدث للأسف خلال الأسبوع الماضى فى أحياء بالإسكندرية وبور فؤاد والمعادى!
ويقول عبد الحميد خيرت
الخلاصة أننا ـ وخاصة فى مصر ـ لسنا أمام إرهاب دموى تكفيرى فقط تقوده جماعات وتنظيمات وميليشيات مؤدلجة عقائديًا ندفع ثمنه من أرواح أبنائنا، ولكننا أمام إرهاب فيروسى أو بكتيرى أو سُمّى آخر ـ لا يقل خطورة ـ تختلف الآراء حوله سواء كونه مصطنعًا من حيث تعمد إطلاقه أو كونه تطورًا طبيعيًا للفيروسات نفسها.
ومع ذلك.. فإن مراجعة بسيطة لصفحات تنظيم «داعش» على الإنترنت مواقعة الإلكترونية، نجدها ممتلئة بنشر مواد تعليمية على تصنيع مواد سمية أو متفجرات، والتحريض على استخدام هذا النوع من الإرهاب فى أوربا.
وإذا رجعنا للتحذير الذى أطلقه تقرير لجامعة كامبريدج من أنه يمكن بناء أسلحة بيولوجية تستهدف الأفراد على أساس عرقى، بناء على الحمض النووى الخاص بهم، وفقا لما ذكرت صحيفة «التلجراف» البريطانية وفقا لـ«سكاى نيوز عربية» فى ١٣ أغسطس ٢٠١٩. وفى تقرير جديد دعا خبراء وعلماء أصحاب القرار إلى «حماية مواطنيهم» والبدء فى الاستعداد لظهور أوبئة مدمرة استنادا إلى الهندسة الحيوية أو برمجة أجهزة بأنظمة ذكاء صناعى قد يتم فقدان السيطرة عليها.. فإننا أمام احتمالية لا ينبغى إغفالها وربما تعيد للأذهان نظرية المؤامرة، وضد أوربا بالذات التى يناصبها التنظيم الإرهابى بالعداء الواضح!
وهنا يكون السؤال الصعب ولكن المنطقى أيضًا: هل يمكن أن يكون فيروس كورونا، جزءا من استراتيجية خبيثة مفتعلة لتدمير العالم واستهدافه بيولوجيًا، وتقف وراءه جهة ما أو منظمة إرهابية؟ ويجيب عبد الحميد خيرت قائلا
العاقل يقول إن كل الفرضيات واردة رغم صعوبة التسليم بها، فلا أحد فى العالم كان يتوقع أن يقدم تنظيم إرهابى هو «القاعدة» مثلًا على استهداف رمزى أمريكا فى أحداث ١١ سبتمبر ٢٠١١.. المنطق الأمنى البحت يجب عليه ألا يستبعد أى فرضية للوصول للحقيقة مهما كانت مريرة.. لأن سوابق التنظيمات الإرهابية ـ إسلاموية أو غير إسلاموية ـ موجودة وتحتاج فقط لمن ليس لديه ذاكرة السمكة!
تنظيم «داعش» سبق له الاستعانة بعلماء متخصصين وباحثين بيولوجين للمشاركة فى أجندته الإرهابية، من ذلك ما كشفه تقرير لموقع قناة «الحرة» الأمريكية (فى ١٣ سبتمبر ٢٠١٩) حول العراقية أبرار الكبيسى والتى توصف بأنها من «أبرز الباحثين البيولوجيين المشاركين فى برنامج الأسلحة الكيماوية لتنظيم داعش».. حيث كانت تشارك فى برنامج التنظيم لتصنيع وتدريب عناصر خاصة فى هيئة التطوير والتصنيع بالتنظيم على تحضير وإنتاج واستخدام الأسلحة الكيماوية فى البلاد وخارجها» وبحلول أواخر عام ٢٠١٦ نفذ تنظيم داعش هجمات احتوت على مواد كيماوية، بما فى ذلك الخردل والكلور والكبريت، (٥٢) مرة على الأقل فى سوريا والعراق، وفقا لتحقيق نشره مرصد الصراع التابع لمركز أبحاث (آى إتش أس) ومقره لندن.
أيضًا أكَّدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية (فى ٢٢ يناير ٢٠١٩)، أن العالم العراقى سليمان العفارى، وافق على التعاون مع تنظيم داعش فى مجال تصنيع الأسلحة الكيميائية. وأن العفارى، اعترف أنَّ داعش طلب منه المساعدة فى تحضير سلاح كيميائى، وأنه وافق على العرض وأشرف على إنتاج داعش لغاز الخردل. وأضاف أنه عمل لدى التنظيم فى قوام مجموعة من المختصين، قامت بتركيب وإنتاج سلاح كيميائى تم استخدامه ضد المدنيين والفصائل المسلحة مع الجيش الأمريكى والتحالف الدولى خلال القتال فى العراق وفى سوريا.
أيضًا.. نشر موقع اندبندنت عربية (فى ١٠ فبراير ٢٠٢٠) معلومات ملخصها أن تنظيم «القاعدة» أبدى اهتمامًا بتطوير الأسلحة البيولوجية واستخدامها وشغّل مختبرًا للجمرة الخبيثة فى أفغانستان قبل أن تجتاحها القوات الأمريكية عام ٢٠٠٢. وفى عام ٢٠٠١، بُعثت رسائل محملة بالجمرة الخبيثة إلى العديد من السياسيين وغيرهم فى الولايات المتحدة، حيث قتلت ٥ أشخاص واحتُجز ٢٢ آخرون فى المستشفى، واضطرت الحكومة الأمريكية لإخلاء مبانى الكونجرس، والعديد من مقار شبكات التليفزيون، وتسبب هذا الحدث فى إنفاق مليارات الدولارات فى تكاليف إزالة التلوث والتحقيق.
بذات السياق، كشفت تقرير للاستخبارات الروسية وفقا لـ»روسيا اليوم» (فى ١٩ يونيو ٢٠١٩)، أن الإرهاب الدولى يحاول الحصول على الأسلحة البيولوجية والكيميائية والنووية لاستخدامها فى هجماته. وأضاف التقرير أنه بالدرجة الأولى يخص ذلك محاولات الإرهابيين المستمرة للحصول على منفذ للدخول إلى المعلومات حول إنتاج وسائل الإصابة النووية والكيميائية والبيولوجية، واهتمامهم المرتفع بالمسائل الخاصة باحتمال استخدام العوامل البيولوجية المسببة للأمراض والمواد الكيميائية السامة، لأغراض إرهابية.
وهذا أيضًا ما يذكرنا بما سبق أن أعلنه الاتحاد الأوروبى من نجاحه فى تفادى وقوع ١٦ عملية إرهابية خلال ٢٠١٨؛ منها ٣ هجمات كان من المفترض أن يتم استخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية فيها، بحسب ما جاء فى التقرير السنوى لـ«وكالة الشرطة الأوربية «يوروبول» ونشرته صحيفة «الشرق الأوسط» (فى ٢٨ يونيو ٢٠١٩). وقد حاكمة محكمة ألمانية إسلاميين متطرفين منهم شخص تونسى يدعى سيف الله وصديقته، كانا يخططان لشن اعتداء بـ«قنبلة بيولوجية» فى ألمانيا، فى قضية غير مسبوقة هناك.
نتذكر أيضًا أنه فى عام ٢٠١٥، كشف تنظيم داعش أنه توصل إلى صفقات شراء أسلحة نووية بعد انتعاش اقتصاديات الإرهاب والتنظيمات المسلحة؛ بفعل الاستيلاء على آبار النفط فى المواقع التى سيطر عليها، وتم العثور قبل ذلك بعام ٢٠١٤ على أدلة رقمية، ومستندات فى حواسيب تابعة للتنظيم تحوى أدلة تفصيلية وشروحات للتعامل الآمن مع الأسلحة البيولوجية، كما أعلنت القوات العراقية فى ٢٠١٧ أنها عثرت على معمل لإنتاج غاز الخردل فى القسم الشرقى الذى تم تحريره من مدينة الموصل، ويعزز هذه الفرضيات تطور كوادر التنظيمات الإرهابية، خصوصًا داعش فى مجالات الكيمياء والفيزياء، مما حدا بمؤسس شركة مايكروسوفت، بيل جيتس، أن يطلق تحذيرً من احتمال استخدام الإرهابيين أسلحة بيولوجية، فى كلمة ألقاها أمام المعهد الملكى للخدمات المتحدة فى لندن.
ماذا يعنى كل ذلك.. فى رأي الشخصى، فإن هذا لا يستبعد أن يكون فيروس كورونا قنبلة بيولوجية موقوتة تمثل نوعًا من الإرهاب البيولوجى غير المسبوق، له سوابقه النشطة على يد تنظيمات الإرهاب والتطرف والعنف، دون إخلاء مسؤولية جهات بعينها استخبارية أو معملية فلت الفيروس من معاملها المخبرية.. وفى هذا السياق نستحضر التحذير الذى أطلقه أمين مجلس الأمن الروسى، نيكولاى باتروشيف، فى لقاء صحفى عام ٢٠١٨ تقريبًا، ذكر فيه أن «المتطرفين يحاولون الحصول على أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح الجرثومى البيولوجى».
مع كل الاحتمالات أو الفرضيات التى تنتظر التمحيص، أعود مرة أخرى إلى دعوة تنظيم «داعش» لمقاتليه بتجنب المدن الأوربية التى تعانى من تفشى الفيروس خوفا من إصابتهم بـ«كورونا»، وأرى أنها أسلوب خبيث لمراوغة الأجهزة الأمنية خاصة فى أوربا ومن ثم العالم.. إذ كيف لتنظيم يستخدم إرهابيه فى تنفيذ هجمات انتحارية، وفى نفس الوقت يخاف عليهم من مجرد العدوى! إذ ليس من المستبعد أن يكون التنظيم قد استثمر فيروس كورونا. وأصدر أوامر لأنصاره بحمل الفيروس ونشره فى بعض الدول كنوع من الهجمات البيولوجية الإرهابية رخيصة الثمن ولا يمكن تتبعها بسهولة وبعيدة عن أعين الأجهزة الأمنية.
وهنا، نستذكر ما قامت به عناصر جماعة الإخوان فى قطر وتركيا من دعوات صريحة لعناصرها الحاملة للفيروس بتعمد الانتشار وسط الأجهزة الشرطية وعناصر القوات المسلحة والمحاكم وغيرها لإصابة أكبر عدد ممكن والمساهمة فى تفشى المرض.. وهى ذات خطة «داعش» الإجرامية.
أعتقد أن الإرهاب الدينى ـ وممثلوه الإخوان وداعش والقاعدة وغيرهم ـ ليس أقل خطرًا من الإرهاب البيولوجى الذى هو أحد العمليات الكبرى التى تعتمد على تقنية نشر العوامل البيولوجية كالبكتيريا والفيروسات والفطريات والسموم من قبل أفراد أو تنظيمات؛ مما يتسبب فى تفشى الأمراض، وموت البشر، والحيوانات، والنباتات، والتأثير على المناخ.. وعلى العالم أن يتعظ من أزمة كورونا ويؤمن الآن ـ بغض النظر عن الأسباب ـ أن كل ما يستهدف حياة البشر هو إرهاب بحد ذاته ضد البشرية كلها.. وكما أن «كورونا» لم يفرق بين ضحاياه مسلمين أو مسيحيين أو يهود أو غير دينيين، فإن التجربة أكدت أن الإرهاب العقائدى يحمل نفس الجينات المدمرة للبشرية، والعالم بكل أجناسه وطوائفه وأعراقه قد دفع ثمنها، وبقى فقط أن يتعلم!