شنت الصحف التابعة لحزب العدالة والتنمية التركي هجمات كبيرة ضد الأقليات الدينية بزعم ارتباطها بجماعة الداعية الاسلامي فتح الله جولن ، ومحاولة تضييق الخناق حول الحريات الدينية لهذه الجماعات تحت مسميات مختلقة، وهو ما رصده مؤخرا تقرير الحرية الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، كذلك المفوضية الأوروبية التى بدأت تتابع الأمر عن كثب قبل اتخاذ أى مواقف رسمية بخصوصه.

يأتى ذلك فى الوقت الذى شكت فيه  الحكومة اليونانية من استهداف الحكومة التركية لبطريرك الروم الأرثوذكس في تركيا، واتهام البطريرك بارثولوميوس بالتعاون مع حركة جولن، وهو ما اثار موجة انتقادات كبيرة فى الأوساط الأوروبية ضد الانتهاكات التركية، وهو ما رصدته تقارير المؤسسات الأجنبية المهتمة بحقوق الأقليات الدلنية حول العالم.

وكشف موقع ايكاثيميريني اليوناني باللغة الإنكليزية عن متحدث باسم الحكومة اليونانية أن تركيا وجهت تهما بالخيانة وربط صلات بجماعة جولن لعدة زعماء لأقليات دينية اضافة الى سياسيين ورجال أعمال مناوئين لسياسات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ورغم ان السلطات اليونانية رفضت التعليق على الانتهاك التركي بحجة تجنب التصعيد مع انقرة لكن ملاحظين يرون ان الاستهداف يأتي بعد التهنئة التي قدّمها  الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي، لبطريرك الروم الأرثوذكس في إسطنبول، بارثولوميوس، بمناسبة عيد الفصح. 

ورصد تقرير الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية لعام 2020  تصاعد الانتهاكات الدينية في تركيا حيث شهد سنة 2019 زيادة في عمليات استهداف الاقليات الدينية وتصاعد العنف المجتمعي بحق المتدينين المخالفين، وأمام إصرار انقرة على نفي تهم استهداف الاقليات الدينية كشف التقرير ان الحكومة تواصل التدخل في الشؤون الداخلية للطوائف الدينية، من خلال منع انتخاب أعضاء مجلس الإدارة لمؤسسات غير مسلمة وإدخال قيود جديدة على الانتخابات للكنيسة الأرمنية، كما تحدث التقرير عن العبارات المعادية للسامية التي يطلقها المسؤولون الحكوميون الاتراك اضافة الى استمرار السلطات في الحفاظ على قانون التجديف التركي، إلى جانب ما تواجهه المواقع الدينية والثقافية الأرمنية والآشورية واليونانية، والمقابر اخاصة بهم من اضرار بالغة سنة 2019.

اعتبر التقرير أن الحكومة التركية مستمرة في فصل واحتجاز واعتقال الأفراد المنتسبين أو المتهمين بالانتماء لرجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله جولن، الذي تعتبره أنقرة مدبرا لمحاولة انقلاب مزعومة في يوليو 2016، وإنه خلال حالة الطوارئ التي استمرت لعامين منذ انقلاب 2016 أعتقل أكثر من 35 ألف شخص، وفصل أكثر من 135 ألف شخص من عمله، بتهمة الانتماء إلى حركة الخدمة.

كما تطرق التقرير إلى نقاط مفصلة حول انتهاك حقوق الأقليات الدينية في تركيا، وقال إنه كما في السنوات السابقة، استمرت الحكومة تتدخل بلا داع في الشؤون الداخلية للطوائف الدينية عن طريق، منع انتخاب أعضاء مجلس الإدارة لمؤسسات غير مسلمة وإدخال قيود جديدة على الانتخابات التي طال انتظارها لبطريرك الكنيسة الرسولية الأرمنية، موضحا أن وزارة الداخلية عملت على تقليص ترشيحات بعض الأفراد في الانتخابات الأخيرة، كما اتهم التقرير الحكومة التركية بانتهاك الحرية الدينية للعلويين أكبر الأقليات الدينية في البلاد، وقال إنهم لا يزالون غير قادرين على الحصول على اعتراف رسمي بدور العبادة الخاصة بهم (cemevleri) على الرغم من وجود حكم من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECtHR) يؤكد أن هذه السياسات تنتهك حقوق العلويين.

نوه إلى أن الأقليات الدينية في تركيا أعربت عن قلقها من أن الخطابات والسياسات الحكومية ساهمت بشكل متزايد في خلق بيئة معادية وشجعت بشكل ضمني العدوان والعنف، كما أن المسؤولون الحكوميون والسياسيون واصلوا نشر عبارات معاداة السامية والكراهية، ولم يتم إحراز أي تقدم خلال العام الماضي للإلغاء قانون التجديف التركي أو توفير بديل للخدمة العسكرية الإلزامية والسماح بالاستنكاف الضميري.

جري التأكيد على أن المواقع الدينية والثقافية الأرمنية والآشورية واليونانية، بما في ذلك العديد من المقابر  واجهت أضرارًا بالغة أو دمارًا في بعض الحالات بسبب الإهمال، ولكن أيضا بسبب التخريب أومشاريع البناء التي أقرتها الدولة، والأماكن المقدسة لـ العلويين واجهت في مقاطعة سيفاس تهديدات مماثلة بعد أن أصدرت الحكومة تصاريح التعدين للمنطقة المحيطة.

وبالرغم من حضور الرئيس رجب طيب أردوغان وضع حجر الأساس لترميم كنيسة السريان الأرثوذكس في إسطنبول، والتي تعتبر أول كنيسة شيدت في تاريخ الجمهورية التركية، ومع ذلك، على مدار العام، دعا الرئيس أردوغان عدة مرات تحويل متحف آيا صوفيا الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية إلى مسجد.