الدين والدولة في سورية.. علماء السُنّة من الانقلاب إلى الثورة
الثلاثاء 09/يونيو/2020 - 11:34 ص
طباعة
حسام الحداد
يعد كتاب "الدين والدولة في سورية؛ علماء السُنّة من الانقلاب إلى الثورة" أحدث الاصدارات التي تتحدث عن الإسلام السياسي في الغرب مؤلف الكتاب توماس بيريه Thomas Pierret، محاضر في الإسلام المعاصر في جامعة ادنبره. حرّر مجلدين عن الإسلام المعاصر، وله عديد من المقالات الصحفية، والكتب، والتدوينات في موسوعة الإسلام؛ دكتوراه في العلوم السياسية والاجتماعية من جامعة العلوم في باريس والجامعة الكاثوليكية في لوفان Louvain (2009)، إجازة في التاريخ الحديث من جامعة لييج Liège (2001)، وشهادة الماجستير في السياسة الدولية من جامعة بروكسل الحرة (2002)، وشهادة الماجستير في السياسة المقارنة (العالم الإسلامي) من جامعة العلوم في باريس (2003)، وفي عام 2010، كان باحثًا مشاركًا بعد الدكتوراه في جامعة برينستون Princeton، قسم دراسات الشرق الأدنى.
وقد قام بالترجمة وتقديمه للقارئ العربي حازم نهار، كاتب وباحث سوري في الشؤون السياسية والثقافية، له إسهامات عديدة في الصحف والمجلات ومراكز الدراسات العربية، نشر عددًا من الكتب السياسية والثقافية، منها "مسارات السلطة والمعارضة في سورية" الذي صدر عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، و"سعد الله ونوس في المسرح العربي"، وله عدة ترجمات، منها: سورية: الاقتراع أم الرصاص لكاريستين ويلاند، سورية: ثورة من فوق لرايموند هينبوش، بناء سنغافورة لمايكل دي بار وإزلاتكو إسكربس، تشكيل الدولة الشمولية في سورية البعث لرايموند هينبوش، سورية الأخرى: صناعة الفن المعارض لميريام كوك.
ونشرته مؤسسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر فبراير 2020
يقدِّم الكتاب صورة شاملة عن التحولات في النخبة الدينية المتعلمة في سورية، في القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، فهو يستكشف تاريخها وأسسها الاجتماعية وهياكلها ومنظماتها وممارساتها الاجتماعية اليومية والخلافات العقائدية، ولا سيّما بين التوجهات السلفية والتقليدية، وبالطبع، من دون نسيان علاقاتها بالنخب الاقتصادية والسياسية والعسكرية، إضافة إلى تناول سلوك النخبة الدينية خلال الانتفاضة التي بدأت في مارس 2011، ليظهر للمؤلف أنّه لا يوجد شيء اسمه مشهد ديني سوري "موحد"، لا يوجد إلاّ حالة من التجاور بين رجال الدين المحليين. ويستند الكتاب إلى البحوث الميدانية التي أُجريت، في معظمها، بين عامي 2005 و2008، وشملت مقابلات مع علماء مسلمين ومثقفين وناشطين يميلون إلى الإسلام، بمن فيهم قيادات الإخوان المسلمين التي تعيش في الخارج، وطلاب الدين.
بعد مقدمة المترجم التي جاءت بعنوان: "الإسلام السياسي في سورية المعاصرة"، يبدأ الكتاب بمقدمة مخصّصة لمعرفة حدود مأسسة الإسلام من قبل النظام السوري. في الواقع، رفض حزب البعث دمج العلماء في جهاز الدولة، ما سمح لهم بالحفاظ على الاستقلال الاقتصادي والمؤسسي نسبيًا.
يبحث الفصل الأول، الذي يبدأ تحت الانتداب الفرنسي وينتهي عشية التمرد الإسلامي بين عام 1979 وعام 1982، في إعادة تنظيم المشاهد الدينية حول "الشيوخ المؤسسين" المؤثرين في حلب ودمشق، الذين استمدّوا جاذبيتهم من أشكال جديدة من النشاط الاجتماعي باسم الإسلام، الذي كان ينظر إليه على أنّه مهدّد بالتغريب. من خلال هذا النشاط، أعاد هؤلاء العلماء التأكيد على أهميتهم في المجتمع المتغيِّر، وساعدوا في الحفاظ على هوية جماعتهم، على الرغم من تحديث التعليم الديني.
يبدأ الفصل الثاني بمناقشة دور العلماء في تمرد 1979-1982، إضافة إلى التكلفة البشرية والمؤسسية لحملة النظام التي تلت ذلك. ثم يدرس الاستراتيجيات التي استخدمها النظام لتعزيز الشركاء الدينيين الموالين. وأخيرًا، يسلّط الضوء على القيود المفروضة على هذه الاستراتيجيات، ويشرح لماذا لم تستطع الدولة منع ضحايا القمع السابقين من العودة إلى الواجهة في العقد الأول من الألفية الجديدة.
يتناول الفصل الثالث تعريف العلماء السوريين للعقيدة. ويبين أنّه، بمساعدة الدولة، تغلب رجال الدين المحافظون على التحديات التي وجهتها لهم التيارات السلفية والإصلاحية. ومع ذلك، فإنّ حماة التقاليد أنفسهم قد تحولوا في سياق هذه المواجهة، التي ما زالت تتعاظم اليوم بسبب تكنولوجيا المعلومات الجديدة.
ويبحث الفصل الرابع في التحالف الاستراتيجي بين العلماء والقطاع الخاص، الذي موَّل المساجد والمدارس والجمعيات الخيرية. وقد ضمن هذا التحالف الاستقلال المالي لرجال الدين تجاه الدولة، وسمح لهم بالاستفادة من التحرير الاقتصادي الأخير، ولا سيّما من خلال دورهم الحاسم في تطوير القطاع الخيري.
يحلِّل الفصل الخامس إشراك العلماء المسلمين السوريين في المجال السياسي، وعلاقاتهم بالإخوان المسلمين. ويظهر أنّه، على الرغم من عدائهم الجذري لعقيدة البعث، إلا أن رجال الدين يختلفون عن الناشطين السياسيين في تعاملهم مع السياسة: ففي حين يتصرف الناشطون بوصفهم قوة معارضة حقيقية، ومن ثمّ يعملون نحو فتح النظام السياسي، يميل العلماء المتعنتون معظمهم إلى التركيز على المصالح القطاعية بدلًا من التركيز على التحول الهيكلي للنظام.
يتناول الفصل السادس الإصلاحات الطموحة للإدارة الدينية السورية، التي جرى إطلاقها في عام 2008، إضافة إلى سلوك العلماء خلال الانتفاضة التي بدأت في آذار/ مارس 2011.