فرنسا تنضم للنمسا بحظر حركات وشعارات تركية متطرفة
فى إطار التصعيد المتبادل بينهما، قررت فرنسا حل حركة "الذئاب الرمادية" القومية التركية
المتطرفة، بعد أن وجهت أصابع الاتهام الى هذه الحركة بعد
صدامات وقعت مؤخرا بين الجاليتين التركية والأرمنية في ديسين-شاربيو قرب ليون، إلى
جانب كتبت عبارة "الذئاب الرمادية" على نصب تكريمي لضحايا الإبادة والمركز
الوطني للذاكرة الأرمنية قرب ليون مؤخرا.
هذه الحركة تأسست على يد ألب أرسلان توركش، الذي
كان أحد مؤسسي الانقلاب عام 1960، وتصنف بأنها الذراع المسلحة غير الرسمية لحزب الحركة
القومية الذي يرأسه دولت بهتشالي، حليف الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.
من جانبه كشف وزير الداخلية جيرالد دارمانان أن الحكومة الفرنسية ستتخذ
هذا القرار خلال جلسة لمجلس الوزراء، مع قرارات آخري متعلقة بمحاربة الجماعات
والحركات المتطرفة على الأراضي الفرنسي، والنظر فى المخاطر والتهديدات التى تواجه
السفارات والقصليات والمؤسسات الفرنسية بالخارج.
والحركة عبارة عن فرقة موت حقيقية قتلت الآلاف من الأقلية الكردية، كذلك
نقابيين وصحفيين وعمالاً وسياسيين، من اليساريين المخالفين لهم في توجهاتهم، منها مذبحة
ميدان تقسيم التي استهدفت مشاركين في تظاهرة عمالية محسوبة على أحزاب اشتراكية وشيوعية،
عام 1977.
ووفقا لتقارير مختلفة، نفذت الحركة "الذئاب الرمادية" 694 جريمة،
أسفرت عن مقتل ستة آلاف شخص بين عامي 1974 و1980، وهي الفترة التي شهدت عنفاً كبيراً
ضد اليسار، وسط تأكيدات بتأسيس المنظمة بدعم حكومي للوقوف في وجه المد اليساري ثم قويت
إلى درجة الخروج عن السيطرة.
ويري محللون أن مؤسسو المنظمة اختاروا اسمها من أسطورة قديمة تحكي أن
قبائل الأتراك حينما كانوا يعيشون في وسط آسيا تعرّضوا لهجوم عنيف أدى إلى إبادتهم
جميعاً، إلا طفلاً هرب إلى الغابة، وتمكّن من العيش فيها بفضل ذئبة وجدته جريحاً، فاعتنت
به حتى كبر واستطاع أن يحافظ على العرق التركي، وأنجبت هذه الذئبة من هذا الولد 12
طفلاً، أنصاف بشر وأنصاف ذئاب، فساهمت في الحفاظ على العرق التركي.
ويري مراقبون أن كونهم قوميين متشددين، يعتبرون أن عليهم أن يكونوا ذئاباً
مثل ذئبة الأسطورة، للحفاظ على عرقهم، ومن هنا اختاروا تسمية منظمتهم بـ"الذئاب
الرمادية".، خاصة وأن مشاركات "الذئاب الرمادية"
في أعمال العنف والقتال لم تقتصر على الداخل التركي. تقريباً، نجدها حيثما وُجدت أقليات
ذات أصول تركية تواجه أزمات حول العالم.
كذلك شاركت الحركة في الصراع بين القبارصة الأتراك واليونانيين في قبرص،
وفي الحرب بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم ناجورنو كاراباخ (1988-1994) إلى جانب أبناء
الإقليم الأذريين، ودعمت الأويجور في إقليم شينجيانج الصيني، وقاتلت في حربي الشيشان
الأولى والثانية ضد الروس، وفي السنوات الأخيرة ظهرت تقارير تتحدث عن تنسيقها مع تتار
شبه جزيرة القرم وتركمان سوريا.
وسبق أن استخدم الرئيس التركى رجب طيب اردوغان إشارة "الذئاب
الرمادية" في خضم معاركه مع الأكراد العام الماضي، ولم يكن أردوغان الوحيد الذي
استعمل هذه الإشارة، إذ قام رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم باستخدامها، ما أثار
مواقف مندِدة ومنتقِدة من أعضاء في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا.
وتبع ذلك أيضا صورة لجندي تركي مشيراً بنفس العلامة، في الأتارب أغضبت مغردين من مناطق مختلفة حول العالم، ودفعت
البعض إلى اتهام الجيش التركي بوجود عناصر فاشية ضمن صفوفه.
وتعد فرنسا ليست الأولى التى تنصف جماعات
وحركات تركية ضمن قوائم الارهاب، حيث سبق وأن أدرجت النمسا شعارين تستعملهما جماعات
في تركيا على لائحة الإرهاب الخاصة بها، وهذان الشعاران هما "الذئب الرمادي"
و"شعار رابعة".، ويحظر ساتخدام هذه الشعارات
على الأراضي النمساوية.
وتُصنف كإحدى الجماعات الفاشية المتعصبة للقومية
التركية، وكانت تُعد سابقاً منظمةً إرهابية في تركيا، حتى عام 2018، حين عُقد
"التحالف الجمهوري"، بين حزب "العدالة والتنمية" وحزب "الحركة
القومية" من أجل الانتخابات الرئاسية التركية، وتتكون من الشباب التركي
حصراً، بخاصة الطلاب أو النازحين من الريف إلى إسطنبول وأنقرة، والفقراء الساخطين.
وتؤمن الحركة بالتفوق العرقي للأتراك، وتسعى إلى استعادة أمجادهم وتاريخهم وتوحيد الشعوب
التركية في دولة واحدة، إضافة إلى معاداة القوميات الأخرى كالكرد واليونان والأرمن.
وتمتد حدود دولة الأتراك بحسب "الذئاب الرمادية"، من البلقان إلى آسيا الوسطى،
مستلهمين ذلك من تاريخ الدولة العثمانية. ويُعد دمج "الذئاب" بين الهوية
التركية والدين الإسلامي في توليفة واحدة، أكثر ما يهيمن على خطابات المنظمة وأطروحاتها،
كما يشكل الأكراد محور العداء الأساسي لـ"الذئاب الرمادية"، حيث يهتم التنظيم
بعدم السماح بتأسيس أي دولة كردية بشتى الوسائل.