مناورة تركية جديدة مع دول الاتحاد الأوروبي للهروب من العقوبات

الثلاثاء 22/ديسمبر/2020 - 12:17 ص
طباعة مناورة تركية جديدة هاني دانيال
 
عاد الرئيس التركى رجب طيب إردوغان لممارسة مناوراته السياسة مع الاتحاد الأوروبي بهدف تعطيل تنفيذ العقوبات المفروضة على أنقرة وكسب مزيد من الوقت، إلى جانب الحصول على المزيد من الأموال من الاتحاد الأوروبي، واستغلال حالة التسامح التى تبديها برلين مع أنقرة، والوقوف عقبة أمام تكتل الاتحاد ضد تركيا، وهو ما برز فى ايفاء الاتحاد الأوروبي بكامل مبلغ الستة مليارات يورو الذي تعهد بدفعه بموجب الاتفاق الخاص بالمهاجرين، وهو الأمر الذى جري الاتفاق عليه فى 2015.
مناورة تركية جديدة
 جاء ذلك بعد أن قام اردوغان بالتواصل مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وتأكيده على  استعداد بلاده لفتح صفحة جديدة مع الاتحاد الأوروبي، وتقديم الشكر إلى برلين على محاولة  عرقلة فرض مزيد من العقوبات على تركيا، ومنح مساحة للتفاهمات السياسية بدلا من تشديد العقوبات.
كما أكد أردوغان أيضا نفس المبدأ إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال وضرورة التواصل مع الاتحاد الأوروبي ومنح بلاده فرصة معالجة الأسباب التى أدت إلى مزيد من التوتر فى الفترة الأخيرة، واقتراح عدد من الخطوات التى تساعد على عودة الحوار ودفع العلاقات إلى المرحلة الايجابية وتخفيف حدة التصريحات التى ظهرت مؤخرا.
كما دعا إردوغان إلى مراجعة الاتفاق المبرم عام 2016 بين الاتحاد وتركيا حول المهاجرين، معتبراً أن هذه المراجعة ستكون "مفتاح أجندة إيجابية مع أوروبا".، وتم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد أزمة الهجرة التي شهدتها أوروبا عام 2015، مع وصول أكثر من مليون مهاجر إلى دول الاتحاد، وبموجب الاتفاق، وافقت تركيا على أن تعيد إلى أراضيها كل المهاجرين الجدد الذين يصلون الى الجزر اليونانية بمن فيهم طالبو اللجوء كالسوريين الفارين من الحرب في بلادهم.
ويري مراقبون أن المناورة الجديدة من الرئيس التركي محاولة لكسب الوقت والهروب من العقوبات الأوروبية، خاصة وان لم يقدم بوادر حسن النية خلال الأشهر الماضية وخاصة فى أزمة التنقيب عن الغاز فى البحر المتوسط، والتعدى على حقوق اليونان، وقبرص، إلى جانب الصدام مع فرنسا وتشبيه الرئبي الفرنسي بالمختل عقليا، والتحريض الذى قام به ضد أوروبا وفرنسا خلال أزمة الرسوم المسئية للاسلام، وهو ما يشير إلى عدم وجود بوادر حسن النية فى الموقف التركى.
واستغل اردوغان عدم توحد الجهود بين الدول الأوروبية، حيث تتخذ كل من إيطاليا، اليونان وقبرص موقفا حادا من التصرفات التركية، والمطالبة بتغليظ العقوبات لمنع الخروقات التركية الأخيرة، فى الوقت الذى تبنت فيه ألمانيا خطوات التهدئة وعدم التصعيد مع أوروبا حفاظا على المصالح الاقتصادية بين دول الاتحاد الأوروبية وأنقرة، كذلك حاولت ايطاليا الدفاع عن الموقف التركى، ووقف كل محاولات التصعيد، فى ظل التفاهم التركى الايطالي فى ليبيا، وهو ما قوض من محاولات غالبية الدول فى التصعيد، ولولا المحاولات الألمانية للتهدئة لاتخاذ فرنسا وهولندا، اليونان، اسبانيا، البرتغال موقفا حاسما من أنقرة، إلا أن برلين استطاعت امتصاص غضب جيرانها الأوروبيين ومنح أنقرة فرصة أخيرة قبل فرض العقوبات.
وكان القادة الأوروبيين فرضوا خلال قمتهم الأخيرة في بروكسل ، عقوبات على أنقرة بسبب "أفعالها الأحادية واستفزازاتها" في شرق البحر المتوسط، الغني بالغاز، حيث تتنازع تركيا السيادة على مناطق بحرية مع اليونان وقبرص، ووضع عدد من المسئولين الأتراك  على القائمة السوداء، والتلويح باتخاذ عقوبات أكثر صرامة خلال الستة أشهر القادمة ما لم تتخذ أنقرة موقفا مختلفا، وهو ما بدا فى ضمان حصول انقرة على أموال ومساعدات خلال الستة أهشر المقبلة لانقاذ الاقتصاد التركي من كبوته، وهى الاقتراحات التى سبق وقدمتها برلين إلى انقرة، فى حال العدول عن سياستها العدائية مع اليونان سيتم تقديم حزمة من المساعدات الاقتصادية.
يرغب الرئيس التركى الحصول على 3 مليارات يورو خلال الفترة المقبلة فى الاتفاق الخاص بينهما بخصوص اتفاق المهاجرين، وعلى الرغم من تنصل تركيا من الاتفاق وعدم الايفاء بالتعهدات اللازمة، بل والتلويح دائما بتجميد الاتفاقية ما لم يتم الحصول على المزيد من الأموال، إلا أن الاتحاد الأوروبي يسارع بتقديم الأموال المتفق عليها والخضوع للتهديدات التركية خشية فتح الحدود التركية وخلق أزمة كبيرة وخاصة وان الاتحاد الأوروبي مشغول حاليا بجائحة كوورنا وعدم الاستعداد للدخول فى أزمة جديدة.
يتوقع مراقبون ومحللون عودة الصراع مجددا خلال الأشهر المقبلة، فى ظل عدم رغبة أنقرة بتقديم حسن النية والتماشي مع الموقف الأوروبي بوقف مزاحمة اليونان وقبرص فى التنقيب عن الغاز فى البحر المتوسط، والالتزام باتفاقيات ترسيم الحدود، إلا أن اردوغان يقوم بارسال سفن التنقيب للقيام بدورها والعمل على عودتها لبلاده مع ارتفاع صيحات الشجب والادانة، إلا أنه لا يعترف حتى الآن بعدم أحقية بلاده فى التنقيب عن الغاز، ويهرول لتوقيع اتفاقيات مشبوهة وغير قانونية مع حكومة الوفاق الليبية ومحاولة اضفاء شرعية على خطواته، وهى المواقف التى تكررت فى الأشهر الأخيرة ولم يقدم اردوغان أى بوادر لحسن النية.    

شارك