ثلاثة سيناريوهات مستقبلية للقاعدة وداعش والاخوان
الأحد 03/يناير/2021 - 08:36 م
طباعة
روبير الفارس
للقراءة المستقبلية
منهجية علمية معروفة في مراكز الأبحاث والدراسات يتم من خلالها تقديم رؤي وسيناريوهات تقرا الواقع وتستشرف المستقبل .ومن خلال قراءة واعية قدم الباحث الدكتور
إبراهيم نجم مستشار مفتى الجمهورية ثلاثة
سيناريوهات مستقبلية لعام 2021 تخص أشهر ثلاثة تنظيمات هي القاعدة وداعش والاخوان في دراسة مهمة نشرتها مجلة المصور
وحول تنظيم القاعدة كتب الدكتور ابراهيم نجم يقول
يعانى تنظيم «القاعدة» منذ سنوات حالة من التراجع الملحوظ، يمكن التأريخ لها من بداية مقتل زعيمه أسامة بن لادن وانتقال دفة القيادة للظواهرى، وهذا التراجع كان ثمرة مجموعة من العوامل، يأتى على رأسها غياب مقومات القوة والكاريزما، التى كان يتمتع بها بن لادن، عن «الظواهرى»، ثم مقتل عدد من قيادات ومنظرى التنظيم، وتعرضه للاختراق الداخلى والجاسوسية، وفقد نفوذه لصالح تنظيم «داعش»، وكثرة الانشقاقات داخل صفوفه.
وبقراءة متأنية لتلك الأحداث والوضع الراهن للتنظيم وتحليله نستطيع تقديم ثلاثة سيناريوهات لمستقبل التنظيم فى العام القادم:
2021
أولها: هو ما يشير إلى استمرار تراجع التنظيم وخسارته مناطق النفوذ والأتباع والقادة، كما أنه سيظل حاضرًا على الساحة، لكن بصورة تتسم بقدر كبير من الضعف والهشاشة، وسيبقى مُستنْزَفًا وإن بدا متماسكًا فى الوقت الراهن، وستكون له اليد الطولى والكلمة العليا على التنظيمات التابعة له فى آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط.
وثانيها: وهو السيناريو المرتبط بقدرة التنظيم على تحقيق الإصلاح الداخلي، وهو ما يبدو مستبعدًا تحت قيادة «الظواهري» لفشله فى تحقيقه على مدار سنوات، لذا فعودة التنظيم للنشاط وتوسيع عملياته الحركية واردة فى حال ما إذا تمكن التنظيم من إيجاد خليفة للظواهرى يحمل فكر وعقلية «بن لادن»، وهو أمر أصبح غير مستبعد فى ظل ما تردد عن وفاة «الظواهري» خلال شهر نوفمبر الماضي.
وخلاصة القول إن فكرة تحقيق تقدم فى عمليات التنظيم حاليًا غير واردة على المستوى المنظور، وسيحتاج من ٣ إلى ٤ سنوات تقريبًا حتى يتمكن القائد القادم من مواجهة المشكلات التى يعانيها التنظيم ويعيد إليه تماسكه من جديد.
ثالثها: وهو السيناريو الذى يحمل تغييرًا جذريًّا فى وضع التنظيم على الأرض بانتهاء القيادة المركزية له بصورة تامة ونهائية، وانقسامه إلى تنظيمات مستقلة ومنفردة، مثل استقلال وانفصال القاعدة فى الجزيرة العربية، وحركة الشباب المجاهدين فى إفريقيا.
وهذا السيناريو لا يمكن استبعاده على المدى القريب أو البعيد؛ لأن التنظيم الأم يُعانى فعليًّا من الضعف والتراجع، ويعزز هذا التراجع والضعف ظهور تنظيمات تابعة للقاعدة أقوى من القيادة المركزية مثل «حركة الشباب المجاهدين»، فى مقابل تنظيمات أخرى تعانى من تراجع وانشقاق خطير مثل «القاعدة فى الجزيرة العربية»، وهذا السيناريو يدحض فكرة تحول التنظيم من الضعف إلى القوة فى المدى القريب.
وعن
تنظيم «داعش» .كتب الدكتور ابراهيم نجم يقول
انتقل تنظيم داعش- بعد الهزيمة التى مُنى بها فى الباغوز ٢٠١٩- من حالة الثبات والقوة إلى التشتت، بالرغم من محاولته الظهور بمظهر المتماسك، لكن الهزيمة أثرت فى قوته بشكل ملحوظ، حاول بعدها استعادة هذه القوة مطلع عام ٢٠٢٠ باستغلال جائحة كورونا لادعاء الدعم الإلهى له وانتقام الله تعالى من أعدائه، كما كثف من عملياته الإرهابية مستغلًّا الانشغال العالمى بالتصدى للجائحة، وحاول أن يجد من تفشى ظاهرة الإسلاموفوبيا فى الغرب مبررًا لعملياته المتطرفة تجاه الجميع.
وبإمعان النظر فى حالات التذبذب التى اعترت التنظيم مؤخرًا، نستطيع أن نضع مجموعة من السيناريوهات لما سيكون عليه مستقبل التنظيم –وخاصة الحركى- فى العام القادم، وتمثلت فى ثلاثة سيناريوهات:
أولها: أن التنظيم سيظل محافظًا على استراتيجيته العنيفة والدموية، بجانب التوسع فى عملياته فى عدد من مناطق العالم؛ سواء أكان فى آسيا من خلال عملياته التى تقوم بها جماعة «أبو سياف» خاصة فى الفلبين، أو البحث عن مناطق تواجد جديدة كما أعلن من قبل عن عمليته بجزر المالديف إبريل ٢٠٢٠، إلى جانب عملياته فى غرب إفريقيا التى توسعت فى الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ.
وسيستمر تنظيم داعش فى تكثيف عملياته فى الغرب سواء باستغلال جائحة كورونا وتفشيها، وإمكانية استمرارها على المدى الطويل، أو باستغلال ظاهرة الإسلاموفوبيا التى ربما تستمر لسنوات طويلة قادمة، هذا إلى جانب عملياته فى منطقة الشرق الأوسط فى الدول الخليجية وليبيا ودول شمال إفريقيا.
وبالتالى ستستمر عمليات التنظيم فى المستقبل القريب ولن تنتهي، وإن كانت ستختلف وتيرتها بين الصعود والهبوط، وبين الكثافة والتوقيت، ولن تتأثر بطبيعة القيادة الموجودة.
ثانيها: وهو السيناريو الذى يشير إلى أمرين: الأول استمرار محاولات التنظيم استعادة نشاطه وعملياته بصورة تدريجية فى المستقبل، وذلك بتكثيف عملياته وضمان استمرارها، والبحث عن موطئ قدم فى دول جديدة أو تعزيز تواجده فى الدول التى ينشط بها.
وهذا السيناريو ربما هو ما نرى عليه عمل التنظيم فى المستقبل القريب خلال عامين إلى ثلاثة أعوام قادمة، يستمر خلالها هذا النشاط التدريجى للتنظيم.
والثانى هو خفوت تنظيم داعش وانهيار عملياته تدريجيًّا على غرار نظيره «القاعدة» على المدى البعيد، لكن بصورة أسرع من القاعدة الذى حافظ على بقائه لفترة تجاوزت الثلاثين عامًا، ويرجع ذلك لضعف البنية الفكرية لتنظيم داعش، والتى ستقوده للاندثار خلال الأعوام القليلة القادمة.
ثالثها: ويتمثل هذا السيناريو فى انهيار التنظيم نتيجة مقتل قياداته وتراجع عملياته، والذى ينفى سيناريو عودته لسابق عهده عام ٢٠١٤ واستيلائه على الأراضى والتوسع بشكل كبير، فهذا الأمر غير متوقع فى ظل تفشى الجائحة، وإدراك الشعوب لدموية التنظيم، وعليه لن يُسمح له بالعودة مرة أخرى أو استعادة المناطق التى خسرها.
وحول
مستقبل جماعة الإخوان الإرهابية قال الدكتور ابراهيم نجم
لا شك أن المتابع لجماعة الإخوان الإرهابية بعد ثورة المصريين ضدها عام ٢٠١٣م وما تلاه من انشقاقات داخلية داخل صفوفها واعتقال ووفاة عدد من قادة الجماعة، ليلحظ تراجعًا شعبيًّا فى مصداقية الجماعة فى عدد من الدول العربية مثل تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا وليبيا اليمن بجانب مصر طبعاً.
كما أن هذا التراجع شهدته الساحة الغربية، فالجماعة تعانى من أزمات متعددة هناك، فقد تلقى مجلس الشيوخ الفرنسى ٤٤ مقترحًا لحظر الجماعة، إضافة لنظر مجلس العموم البريطانى فى مطالب أعضائه بحظر الإخوان لخطورتها على المملكة المتحدة، كما ناقش البرلمان الألمانى مشروع قانون لفرض نظام رقابة قوى على الجماعة بعد تقديم وثائق وتقارير للبرلمان تحذر من خطر تواجد شبكات تضم متطرفين داخل الجيش الألمانى.
كما أن جماعة الإخوان الإرهابية تعتمد فى جانبها الحركى على الانتشار المجتمعى بين شرائح المجتمعات فى الدول العربية والغربية، وقد استغلت ظروف جائحة كورونا لإعادة هذه التغلغل بالاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعى مؤخرًا.
وبقراءة دقيقة لكل هذه الأحداث نستطيع أن نضع ثلاثة سيناريوهات لمستقبل الجماعة:
أولها: سيتمثل فى استمرار تحركاتها محليًّا على نفس المنوال، وهى التحركات المحدودة فى مصر من خلال محاولات التقرب من الشعب برفع شعار فكرة المظلومية، وتأكيد دعمها للشعب ورفض تعرضه للظلم والدفاع عن حقوقه، والسعى لتأليبه ضد سياسات الدولة، ومحاولة عرقلة قطار التنمية فى البلاد.
أما على مستوى الوضع الخارجى فسيظل وضع الجماعة فى الدول التى لا تزال تتمتع فيها بالعمل السياسى- خلال الفترات القادمة- فاقدًا للمصداقية والثقة، لتراكم العوامل التى أفقدت الجماعة شعبيتها وجعلت تحركاتها محل ريبة.
بينما فى الغرب ستنشط الجماعة من خلال المراكز والجمعيات الإسلامية، وتعزز من تواجدها على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والدينية تعويضًا لتراجعها فى العالم العربي.
ثانيها: وهو السيناريو الذى يشتمل على مسارين؛ الأول اتجاه الجماعة لاتخاذ إجراءات إصلاحية كإجراء مراجعات فكرية أو إصلاح فى البناء الداخلى للجماعة بغرض العودة مرة أخرى للساحة وكسب ثقة الشعوب.
وهذا الأمر لن يتحقق فى المدى القريب أو البعيد لأمور عديدة، منها رفض الجماعة إجراء هذه المراجعات الفكرية الحقيقية لنهجها المتحجر منذ عهد مؤسسها «حسن البنا»، والخوف من الانشقاق الداخلى والانقسام، وافتقاد الجماعة للمرجعية الفكرية التى تبادر بإجراء هذه المراجعات الفكرية والاعتراف بالأخطاء الكارثية التى ارتكبتها فى حق المجتمع والدولة.
أما المسار الثانى: فيتمثل فى سعى الجماعة لإحداث تقارب بينها وبين بعض الأنظمة السياسية العربية، وطرح فكرة التصالح خاصة مع الدول التى تصنفها باعتبارها جماعة إرهابية، وإن كنا نرى أيضًا أن هذا السيناريو من الصعب تحققه على المدى القريب، باعتبار أن هذه الخطوة تحتاج لسنوات لمحو الآثار الدموية والعنيفة التى انتهجتها الجماعة فى عدد من الدول العربية وعلى رأسها مصر.
ثالثها: وهو السيناريو الذى يحتوى على أمرين: الأول انهيار التنظيم بصورة تامة فى مختلف الدول العربية الأخرى باعتباره تنظيمًا إرهابيًّا على المستوى الشعبى والسياسى، وإن كنا نرى أن اختفاء التنظيم وأفكاره على المستوى الشعبى لن يتحقق بصورة سريعة نظرًا لوجود الفكر والمؤمنين والمخدوعين بها وقدرتهم على التأثير حتى ولو بصورة غير مباشرة.
أما الأمر الثانى فيتمثل فى التحول الجذرى والكلى للجماعة من الجانب الفكرى والتنظير إلى تنظيم حركى يمارس العنف على غرار تنظيم «داعش»، وهو السيناريو الأخطر على الإطلاق، لانتشار أتباع الجماعة فى بلدان مختلفة، ولوجود الاقتصاد الأسود الذى تديره الجماعة فى كل مكان.
لكن جاهزية الدول وانكشاف الجماعة وفكرها فى بلدان العالم يحول بين تحقق هذا السيناريو، ولعل التجربة المصرية فى مجابهة هذه الجماعة المارقة لا بد أن تكون ملهمة لغيرها من البلدان التى ينتشر أفراد الجماعة بها فى الخفاء والعلن.