حيثيات اعلان مليشيا الحوثيين منظمة إرهابية عالمية
الثلاثاء 12/يناير/2021 - 04:56 م
طباعة
روبير الفارس
قد لا يحتاج اليمنيون لقرار دولي يثبت لهم أن مليشيات الحوثي جماعة إرهابية لأن جميع أبناء الشعب طالهم إرهاب الحوثيين الذي لم يستثني جانبا من حياتهم الا وأحاله الى دمار وخراب.
لكن ما يترتب على القرار من عقوبات دولية ومحاصرة تمويل وإمداد المليشيات بممكنات الاستمرار هو ما يهم اليمنيين وما يحتاجونه اليوم كالتفاتة ولو متأخرة من المجتمع الدولي أو بالتحديد من قبل دولة كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية.
راكمت مليشيات الحوثي طيلة عقدين من الزمان ومنذ بدايات تمردها في جبال صعده إلى ما قبل صدور القرار بدقائق رصيدا مرعبا من الإرهاب والجرائم والانتهاكات التي تجاوزت في وحشيتها إرهاب تنظيمات القاعدة وداعش وبوكو حرام وطالبان وكل قوى الشر والإرهاب في العالم.
راقب العالم العلاقات التي نسجتها المليشيات الحوثية والتبعية العمياء للحرس الثوري الإيراني المصنف دوليا ضمن المنظمات الإرهابية وارتكبت جرائم الخطف والقتل بالتعذيب والمجازر الوحشية بحق المدنيين واستهدفت ممرات الملاحة الدولية والطيران المدني وعاثت فسادا في البر والبحر، وكل ذلك الرصيد المرعب من الجرائم جعل من تصنيفها كجماعة إرهابية أمرا حتميا رغم تأخر القرار كثيرا.
فخخت المليشيات عقول الأطفال بفكر طائفي متطرف حصر طبيعة حياة الإنسان الدنيوية في القتال والبندقية كونه جندياً مع الله، وذلك كان أخطر ما تعرض له أطفال صعدة، حتى تحول الكثير منهم إلى وقود لمعارك ومشروع يتجاوز محافظتهم وبلادهم إلى أجندة إيرانية تبني من أجساد الموتى منصة لابتزاز المجتمع الدولي والعالم بالسيطرة على بقعة مهمة في المنطقة.
صادرت مليشيات الحوثي حق التعبير عن الرأي كحق مكفول في كل المواثيق الدولية واختطفت وسجنت وقتلت تحت التعذيب عشرات الصحفيين والنشطاء ولا زالت حتى اليوم تنافس تنظيم داعس الإرهابي صدارة مرتكبي أبشع الانتهاكات بحق الصحفيين على مستوى العالم.
نهبت المليشيات أملاك الشعب العامة وحقوق الناس الخاصة وشرعنة قوانين لسرقة ممتلكات الناس وفرض الجبايات على التجار وأنهكت القطاع الخاص بإجباره على تمويل معاركه ضد الشعب وعبثت بخصوصية واستقلال البنوك، وفرضت رسوم جمركية مضاعفه في نقاط شطرية مع مناطق الشرعية وحولت الشعب إلى خزنة مال لتمويل حروبه ومترسا للدفاع عن مشروعه التدميري.
أفشلت المليشيات كل جهود المجتمع الدولي وتحركات الأمم المتحدة للوصول الى صيغة سلام تنهي الحرب وتوقف الانهيار الذي تشهده البلاد في كل القطاعات وتنصلت عن تنفيذ اتفاق السويد وحولت الاتفاق إلى مترس لمنع هزيمتها في الحديدة لتعود بعد ذلك تمارس أبشع الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين وتنفذ خروقات يومية في الجبهات.
أعادت مفاهيم وسلوكيات عنصرية مذمومة وجاهلية تقسم المجتمع إلى سادة وعبيد وادعت الاصطفاء الإلهي وقدمت قياداتها كأحفاد للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، واستخدمت الخطاب الديني في معاركها وتحشيداتها في حين هي أبعد عن أي سلوك أو ممارسة سوية تتوافق مع دين الإسلام الحنيف.
كل ما فعلته المليشيات في اليمن وما دمرته من بنية وإمكانات وما هدمته من تعايش وتوافقات وما أشعلتها من حروب وما نهبته من حقوق وممتلكات كفيل بأن يجعل من تصنيف هذه المليشيات على رأس أكثر الجماعات إرهابا وأكثرها خطرا على الأمن والسلم والتعايش في المنطقة.
و نشرت صحيفة Osservatore Romano الفاتيكانية نقله الفاتيكان نيوز سلطت فيه الضوء على الأوضاع المأساوية التي يعاني منها اليمن والتي تفاقمت بصورة مأساوية منذ بداية الصراع في العام 2015 والذي أسفر عن مصرع آلاف المدنيين ونزوح ملايين الأشخاص، مخلفاً أزمة غذائية حادة. وما زاد الطين بلة استمرارُ القتال، ووباء الكوليرا وجائحة كوفيد 19، ما أغرق البلاد في أخطر أزمة إنسانية في العالم بحسب منظمة الأمم المتحدة.
بسب مليشيا الحوثيين
إزاء هذه الأوضاع المأساوية أطلقت المنظمة الأممية نداء إلى الجماعة الدولية من أجل مساعدة سكان اليمن، فطالبت بجمع مبلغ لا يقل عن مائة مليون دولار أمريكي خلال العام الجاري من أجل توفير المساعدة لثمانين بالمائة من المواطنين، بينهم أكثر من مليون ومائتي ألف من النساء الحوامل والمرضِّعات يعانين من سوء التغذية الحاد.
وترى الأمم المتحدة أنه لا توجد حلولٌ قادرة على احتواء النتائج الرهيبة للصراع الدائر في البلاد، خصوصا إذا ما أخذنا في عين الاعتبار أن نصف المرافق الصحية تعمل حاليا في اليمن، في وقت بلغ فيه عدد المهجّرين ثلاثة ملايين وستمائة ألف شخص، ويُقدر أن النساء والأطفال يشكلون نسبة ثلاثة وثمانين بالمائة من هؤلاء المهجرين.
وكتبت صحيفة Osservatore Romano أنه وفقاً لمعطيات منظمة الأمم المتحدة يموت ستة مولودين جدد وامرأة واحدة كل ساعتين خلال عملية الوضع، لاسيما وأن ست عمليات ولادة من أصل عشر تجري بغياب عاملين صحيين مؤهلين. وقد جاءت الأزمةُ الصحية وليدةُ جائحة كوفيد 19، العام المنصرم، لتنعكس سلباً على العمليات الإنسانية، كما أنها زادت من تفاقم الأزمة الاقتصادية، مع غياب أي حلول سياسية في الأفق. وقد حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو جيتيريس من خطر أن يقع اليمنيون ضحية المجاعة.
ويخشى المراقبون أن تتوقف – خلال العام 2021 – الجهود الرامية إلى إيجاد حلول سلمية للصراع الدائر في البلاد منذ أكثر من خمس سنوات، وأن يحصل تصعيدٌ في العمليات القتالية من أجل السيطرة على آبار النفط. ونظراً لقلة التمويل من قبل البلدان الواهبة، يُتوقع أن تكون المساعدات الإنسانية لليمن شحيحةً هذا العام.
وتشير الصحيفة الفاتيكانية إلى أن صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) سلط الضوء أيضا على الأزمة الإنسانية الخطيرة في اليمن، متحدثاً عن وجود أكثر من مليوني طفل دون الخامسة من العمر، يعانون من سوء التغذية الحاد، بينهم حوالي ثلاثمائة وثمانية وخمسين ألفاً تبعث أوضاعُهم على القلق الشديد. وتشير الوكالة الأممية إلى أن هذا العدد يواصل ارتفاعه.
ولم يغب وضع هؤلاء الأطفال عن ذهن البابا فرنسيس الذي قال، بعد تلاوته صلاة التبشير الملائكي في الأول من الشهر الجاري: “أُعرب عن الألم والقلق من تصاعد العنف في اليمن الذي يتسبب في سقوط العديد من الضحايا الأبرياء، وأصلّي لكي تُبذل الجهود من أجل إيجاد حلول تسمح بعودة السلام لهؤلاء السكان المعذّبين. أيها الإخوة والأخوات لنفكر بأطفال اليمن، بدون تعليم وبدون دواء وجياع. لنصلِّ معا من أجل اليمن”.
وتذكّر صحيفة Osservatore Romano بأنه في جنوب اليمن، حيث يعيش حوالي مليون وأربعمائة ألف طفل دون الخامسة من العمر، سُجل – بحسب اليونيسيف – ارتفاعٌ في عدد الأطفال ضحايا سوء التغذية بنسبة عشرة بالمائة بين شهري يناير و أكتوبر 2020. فيما ارتفع عدد ضحايا سوء التغذية الحاد بنسبة خمسة عشر بالمائة. وتعمل الهيئة الأممية حاليا على إعداد دراسة مماثلة في شمال اليمن، وتتوقع أن تكون الأرقام مقلقة أيضا في تلك المناطق.