التاريخ تحت الفحص القول الفصل ... في الإخوان .. الصورة والأصل
الأربعاء 03/فبراير/2021 - 08:47 ص
طباعة
روبير الفارس
قام الأستاذ الدكتور محمد أمين عبد الصمد بالانتهاء مؤخرا من كتاب جديد يبحث في جذور وفكر جماعة الاخوان المسلمون .التى تجيد صناعة الأكاذيب حول تاريخها .وتزيف الوقائع لتمجيد هذا التاريخ . من هنا تاتي أهمية أمثال هذه الكتاب التي تضع كشافات النور علي كهوف الظلام لتظهر الحقائق عارية . وهذا هو المنهج الذى اتبعه الدكتور محمد امين عبد الصمد في كتابه " القول الفصل في الاخوان الصورة والاصل " الذى اعتمد علي الفصول القصيرة .والاسلوب السلس . والمواجهة المباشرة .حيث يواجه الكاتب عدد من الأكاذيب التي يرددها الاخوان وعادوا لاستخدامها وتكرارها في25 ينايروخدعوا بها عدد منهم . ثم كررتها قنواتهم المضللة بعد 30 يونيو مستغلين جهل قطاع كبير من الشباب بتاريخهم الاصود وتلونهم المستمر حيث يعرض كتاب القول الفصل حقائق حول اكثر اكاذيبهم انتشارا الامر الذى يخص نشاة الجماعة من جهه وايمانهم بالديمقراطية ثم متاجراتهم الدائمة بالقضية الفلسيطنية
علامات استفهام ..في نشأة الأخوان
ولد حسن البنا في المحمودية عام 1906 لأسرة نزحت من فوة بكفر الشيخ وكانت عائلته من أصل مغربي , وحرص البنا طوال حياته ألا يتحدث عن أصوله أو جدوده .
تعلم في كتَّاب القرية ثم إلتحق بمدارسها حتى أنهى مدرسة المعلمين . .وحاول دخول الأزهر ولكنه لم يُقبل لعدم حفظه للقرآن الكريم , ففكر في التوقف عن الدراسة ولكن دفعه لاستكمال دراسته الشيخ أحمد السكري , وحاول البنا أثناء دراسته ومعه بعض رفاقه تكوين جمعية تغير الأمور باليد والقوة , ولم تنجح تجربتهم , وقد حاول السكري قبل إنشاء الجمعية المسماة بالأخوان المسلمين , وبصحبته رفاقه ومنهم حسن البنا الإنضمام لجماعة صوفية للإستيلاء عليها من الداخل , فدخلوا الطريقة الحصافية , ولكن لم يتحقق لهم غرضهم الذي كان يعتبر حاضنه وداعمه الأول وقتها , وكان السكري قد أنشأ جمعية الأخوان المسلمين 1920 بصحبة أحمد عبيد وحامد عسكرية , , وهو الإنشاء الذي زعمه البنا لنفسه فيما بعد 1928 , ورأى السكري رحمه الله أنه لا طائل في المناشحة بل الأهم هو خدمة المجتمع . فإنضوى تحت لواء جمعية البنا بعد الدعم الكامل الذي حصلت عليه من الإنجليز عام 1928 بعد إعلان إنشائها من مقر شركة قناة السويس الإنجليزية وكان البارون بنوا مدير شركة قناة السويس الإنجليزية والكادر المخابراتي الكبير , والذي رأى نشاط حسن البنا وسط عمال شركة قناة السويس فرأى أن يطوعه مع آخرين في أماكن أخرى لضرب الحركة الوطنية المصرية التي إصطفت وراء الوفد للمطالبة بتحقيق الإستقلال الكامل لمصر بعد تصريح 28فبراير 1922 والذي أعطى الإستقلال لمصر بعد ضغوط وتداعيات ثورة 1919 ولكن احتفظت بثكناتها العسكرية في منطقة قصر النيل في القاهرة وثكنات مصطفى باشا في الإسكندرية .
ورأى الإنجليز بعد دراسات للشعب المصري أن المصريين لا يمكن أن يتم إختراقهم وقتها إلا عن طريق الدين , وكانت الخطة اختيار خمس أشخاص ذوي تأثير ديني ولكنهم غير مشهورين , ليقوموا بتشكيل حركة سياسية دينية تختط خطاً ضد الوفد ولصالح الإنجليز والملك فؤاد ملك مصر وقتها , وكان البنا أنشط الخمسة المختارين فتم التركيز عليه وتم دعمه بداية بخمسمائة جنيه من ميزانية شركة قناة السويس الإنجليزية . أي أن تكتيل العمال والأعضاء تم تحت بصر الإدارة الإنجليزية في ورش ومقار الشركة وهو عمل غير مسموح به إلا برضاهم , إعلان إنشاء الجمعية من مقر شركة قناة السويس , التبرع الأول من الشركة الإنجليزية الراعية لمصالحها .
- الأخوان المسلمون ...بين دعم الاحتلال .... ومساندة الديكتاتورية
يقول الدكتور عبد الصمد كثرت الأكاذيب والكتابات الأخوانية عن دورهم الوطني الفذ وارائد في مقاومة الإحتلال الإنجليزي . ومقاومة الطغيان الحكومي المتمثل في سلطة الملك (فؤاد ثم فاروق) وحكومات الأقلية الموالية للإنجليز والسرايا . ولأن التاريخ الحقيقي لا يكذب ولا يتجمل ولا يخضع لعمليات الدجل ... ندعو حضراتكم في هذه الرحلة السريعة للتعريف بدور الأخوان في شق الصف الوطني وخيانة القضية التحررية الوطنية داعمين الملك فؤاد تارة – والذي نادى به حسن البنا خليفة للمسلمين , مدعياً نسبه لرسولنا الكريم (ص) مع أن القاصي والداني يعرف أصول أسرة فؤاد الألباني , ولكن هي رغبة البنا ورغبة الأخوان وليذهب الوطن إلى الجحيم –
ولأن الخوان لا يعرفون منذ نشأتهم سوى مصلحة تنظيمهم الضيقة وإن تعارضت مع مصلحة مصر فـ "طظ في مصر " كما قال مرشدهم مهدي عاكف فيما بعد بعقود زمنية !!!
وبداية ألفت النظر أن المحتل الإنجليزي أعلى من قيمة العِلْم وتطبيقاته , حتى في ترسيخ ممارساته الإستغلالية لدول التي يحتلها , فقبل إحتلالهم لمصر كانت الدراسات السياسية والأنثروبولوجية على أشدها وكانت الدراسة الرائدة والمهمة والتي قام بها إدوارد وليم لين بعنوان "المصريون المحدثون ..عاداتهم وشمائلهم " وكانت دراسة متعمقة للمجتمع المصري – مع دراسات أخرى – سمحت للإنجليز السيطرة على مصر لمدة تقارب الأربع والسبعين عاماً .
أحكموا قبضتهم فيها على الوطن بداية من عام 1882 م . وبمساعدة بعض الخونة وضعاف النفوس والباحثين عن مصالح صغيرة لأنفسهم وتنظيماتهم وأحزابهم , وظهر هذا جلياً – على سبيل المثال - بعد تصريح 28 فبراير 1922 والذي ألزم بريطانيا بإستقلال مصر ووضع فترة زمنية لمناقشة القضايا العالقة مثل قضايا الدفاع والمواصلات وأوضاع الجانب والأقليات وأوضاع الحكم الثنائي للسودان .... وغيرها من القضايا .
ولرغبة الإنجليز في التملص من تصريح فبراير 1922 وإلتزاماته , وضغوط الحركة الوطنية القوية بزعامة حزب الوفد والتي كانت تصر على الإستقلال التام عن مملكة مصر والسودان , ففكر الإنجليز في خلق كيانات سياسية تابعة لها ظاهراً أو خفية , تشق بها صف الحركة الوطنية وتدفعها في متاهات الصراع الداخلي , فدعمت أحزاباً ورقية تناهض الوفد وتعتبر أن الإنجليز حماية وفي وجودهم مصلحة للوطن والمواطنين , وكانت هذه الحزاب والكيانات مدعومة أيضاً من الملك فؤاد الذي كبله دستور 1923 وجعله ملكاً يحكم من خلال دستور يعطي سلطات كبيرة للشعب واختياراته . ونزع الكثير من اختصاصاته وجعلها في يد الحكومة الوطنية التي تتشكل من أغلبية المجلس التشريعي .
لذا جاءت دراسة فريق علمي بقيادة أحد كبار علماء الأنثروبولوجيا الإنجليز للمجتمع المصري وقتها وقواه السياسية وتوجهات جماعاته , وكان تساؤل الدراسة الأساسي : كيف نشق الصف الوطني الصلد المصطف خلف حزب الوفد والقوى الوطنية المطالبة برحيل الإنجليز والحفاظ على دستور 1923 ؟
وتنهي سطوته وإلحاحه على تنفيذ الإتفاقات المرتبطة بتصريح فبراير 1922 , وإنتهت دراسة بارتليت – وهي موجودة في دارالكتب والوثائق القومية المصرية في الجزء المخصص للحوليات الأجنبية لمن يريد الإطلاع والإستزادة – إلى أن المصري قد يتهاون فيكل شئ في حياته تحت الضغوط التي قد يتعرض لها إلا أمرين , الأول : دينه , فقد يكون المصري غير ملتزم دينياً ولا يعرف عن عقيدته الكثير , ولكنه ولحماسته الدينية المفرطة يتحيز لكل من يرفع الشعارات الدينية دون تمحيص أو مراجعة أو اختبار , ويشجع هذا الإندفاع جهله بدينه وثقته العمياء في كل صاحب لحية أو عمامة .
الأمر الثاني : هو سيداتهم ..فقد يقبل المصري على نفسه الإهانة من السلطة أو صاحب القوة لكن لا يقبل هذا على زوجته أبداً ...
ولما كان دعم حركة نسائية موالية مسألة غير منطقية وغير مؤثرة , فكان الاختيار توظيف جماعة دينية توالي الإنجليز وتسحب من رصيد الوفد والحركة الوطنية المصرية , وتتآلف مع الملك ورغباته التسلطية . فكان اختيار مجموعة أفراد من الدعاة المسيسين في مختلف أنحاء مصر ليتم التركيز مع من يثبت مهارة وتأثيراً أكبر ومن لا يثبت ذلك فلا ضير , وكان حسن البنا هو اختيار ( البارون بنوا ) مدير شركة قناة السويس الإنجليزية فقد إلتقطه أثناء قيامه بالدعوة بين عمال شركة قناة السويس في الإسماعيلية , ولم يخيب البنا ظنه , فأعلن إنشاء جمعية الأخوان المسلمين في مبنى شركة قناة السويس 1928 , ومقر الشركة لمن لا يعرف كيان مخابراتي إستعماري وليس نادياً شعبياً متاحاً للجميع , وكان التبرع الأساسي وقتها من السير بارتليت هو مبلغ 500 جنية لصالح الجمعية المنشأة . ونشأت الجمعية طبقاً للقانون المدني الصادر عام 1898 ( ولهذا التاريخ أهميته الكبيرة تذكروه جيداً حتى نعود إليه ) , ولم يخيب حسن البنا ظن أستاذه ( بنوا ) ولا سيده وداعمه الملك فؤاد فقد كان وبحق وبدعم كامل منهما , وتسهيلات من الأمن والوزارات التي تولت الحكم بمساعدة ولمساعدة الإنجليز , نعم العون ونعم المنفذ لأوامرهم , ونعم السكين الذي تم غرسه في جسد الحركة الوطنية فإستنزفها وحاول شلها وتشتيتها .
وسأعرض على حضراتكم بعض القضايا التي تؤرق الأخوان ومن والاهم من المتعاطفين والتي يحاولون دائماً طمسها , أو التقليل من قيمتها وسأترك لكم الحكم :
1- من القضايا الملحة االتي تغضب الأخوان إذا ذكرتها لهم , هي علاقتهم القوية وتعاونهم التام مع إسماعيل صدقي . ولمن لا يعرف إسماعيل صدقي هو أحد السياسيين المصريين الذي اشتهر بلقب جلاد الشعب , وهو صاحب مذبحة كوبري عباس عندما خرج الطلبة المصرييون مطالبين بجلاء الإنجليز وتولية حكومة وطنية شؤون البلاد . ففتح على مسيرتهم كوبري عباس فسقط منهم في النيل من سقط , ومن نجا قابله الإنجليز برصاصهم فأودوا بحياة الكثيرين منهم ..وبالطبع لم يكن الأخوان مشاركين في هذه المسيرة , لأن إسماعيل صدقي هو حليفهم وصاحب الفضل عليهم وقتها في إستمرارهم مخالفة للقانون الذي صدر لتنظيم الجمعيات الأهلية , كما أنه غض الطرف بل ودعم تواصلهم مع الإنجليز .
ومن المعروف تاريخياً أن إسماعيل صدقي حليف الأخوان هو الداعم الأكبر لتجربة المستوطنات اليهودية والتي تمت اولاً في مصر في منطقة نجع حمادي في مديرية قنا (وقتها) وكان ذلك تلبية منه لرغبة حرم قطاوي باشا اليهودي الذي آلى على نفسه دعم ومساندة الحركة الصهيونية في مصر , حتى ولو كان الثمن زوجته !!!!! وإسماعيل صدقي لمن لا يعرف هو من رفض ذهاب القوات المصرية إلى فلسطين للقضاء على العصابات الصهيونية التي أعملت القتل في العرب , وأعلنت دولة يهودية في أرض فلسطين .
كان هذا الحليف هو صنوان البنا " الذي كان يستقبله في مقر جمعية الأخوان المسلمين بالقاهرة بقوله " وأذكر في الكتاب إسماعيل , إنه كان صديقاً .... " ونحمد الله أن البنا لم يرفعه لمقام النبوة ..... فالمصالح تحكم !!!
- إبلاغ السامعين ............... بدور الأخوان في حرب ثماني وأربعين
وييقول الدكتور عبد الصميد من أكثر الأحداث التاريخية التي يصر الأخوان ومن والاهم الكتابة عنها وإدعاء وترويج وتضخيم دورهم فيها , حرب فلسطين 1948 , ومن يقرأ مجمل كتابات الأخوان في هذا الموضوع يلح عليه سؤالان , شديدي الأهمية والمنطقية , الأول : إذا كانت هذه هي مشاركة الأخوان المسلمين في هذه الحرب وهم (جمعية /جماعة ) فماذا فعلت الجيوش العربية مجتمعة ؟
الثاني : إذا كانت نجاحات وانتصارات الأخوان في هذه الحرب بهذا الكم وبهذه الكيفية .. فلماذا انتصرت العصابات الصهيونية ( المدعومة من الإنجليز صنَّاع الأخوان ) وخلقت وطناً يهودياً بالإغتصاب والحيلة على أرض تزيد وقتها عن 40 % من مساحة فلسطين ؟
لذ نقرأ اليوم سوياً الدور الحقيقي للأخوان المسلمين في حرب 1948 من واقع الملفات والوثائق وكتابات عصرها والتي لم يجرؤ حسن البنا أو مجايليه على تكذيبها أو مواجهتها , ولا يوجد عدل في الشهادة أكثر من المعاصر والمعايش ومن قال وقتها شهادته ولم يعترض عليه خصم أو مخالف كما أن الوثائق البريطانية والمصرية أثبتت صحة ما ورد عن الدور المزعوم للأخوان المسلمين في هذه الحرب !!!!
وبعيداً عن الغوغائية والمدعين نقول والله المستعان :
إن قضية فلسطين بدات قبل نشوب حرب 1948 بمراحل , وذلك عندما استقر اليهود – بمساعدة وتوافق مع دول الغرب الإستعمارية في المصالح والأهداف المستقبلية – على اختيار فلسطين وطناً قومياً لليهود بدلاً من المقترحات الأخرى التي كانت تقدم جزءاً من الأرجنتين أو أوغندا , وكان مؤتمر الوكالة الدولية اليهودية والذي أقيم في بازل في سويسرا 1897 تدشيناً لهذا التوافق .
وتبع هذا جهود كبيرة من اليهود إعداداً وتجهيزاً فمن قام بشراء أراضٍ من الفلسطينيين تحت إغراء السعر المرتفع جداً ..ومن أقام التجارب الصناعية الصغيرة في أرض فلسطين , ومن قام بتجربة المستوطنات وكيفية إدارتها وكان ذلك على الأرض المصرية , في منطقة نجع حمادي بمديرية قنا بشركات القصب والتصنيع المرتبط به , تحت رعاية إسماعيل باشا صدقي صديق الأخوان وحليفهم التاريخي الذي كان يستقبله حسن البنا دائماً مرحباً ومحتفلاً مردداً الأية الكريمة : " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً " .....!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
كما قام اليهود بتكون فرق قتالية من شبابهم لتشارك في الحروب التي يخوضها الإنجليز ثم الحلفاء فيما بعد , ومن الخطوط الخلفية لإكتساب مهارات وخطط القتال والحروب الحديثة دون أن يخسروا يهودياً واحداً ما إستطاعوا إلى ذلك سبيلاً ... في الوقت الذي كان يتصارع فيه مدعي الدين لإنشاء دول محمية بالإنجليز وتحت رعاية المستعمر ( آل سعود وقبلهم اللاشريف حسين وإتفاقه المشؤوم مع مكماهون الذي مهد لإتفاقية سايكس بيكو التي قسمت مناطق النفوذ والإحتلال في العالم العربي بمباركة أهله ويقال الله وقال الرسول كما يدعون ) , والملفت للنظر أن اليهود كانوا يصرون على المشاركة في مكاسب أي حرب أو تفاوض تالٍ لها , بصفتهم منشئ دولة المعاد .
وجاء إنهاء الإنتداب البريطاني على فلسطين مواكباً لإعلان اليهود وعصاباتهم الإجرامية قيام دولة إسرائيل على الأراضي التي استولوا عليها واشتروها في فلسطين , فثارت ثائرة العرب وتنادوا بالكفاح لطرد اليهود وإعادة فلسطين لملاكها العرب , وتحركت جيوش كل من مصر والأردن والعراق وغيرها من القوات المتطوعة , (وبغض النظر عن خيانة الملك عبد الله ملك الأردن وتفاهماته وصفقاته مع اليهود بعد الهدنة الأولى , وبغض النظر عن "ماكو أوامر" الشهيرة للعراقيين ) أصبح القتال بين المتوعين والجيش المصري في ناحية والعصابات الصهيونية في ناحية أخرى , وحقق المتطوعون المصريون وبقيادة البطل العظيم الشهيد أحمد عبد العزيز بطولات كبيرة ونجاحات أكبر , وكذلك أفراد الجيش النظامي المصري ... لولا الخيانة وألاعيب الداخل والخارج والهدنة التي قلبت الموازين . السؤال هنا أين كان الأخوان بشبابهم وتنظيمهم العسكري وإدعائهم الدفاع عن الإسلام وأرضه ؟ أم ان الدفاع مقتصر على قتل المسلمين وتفجير المحاكم وقتل السياسيين ممن يخالفونهم التوجه ؟؟!!
هنا بدأت رحلة الأكاذيب الكبرى التي اخترعها حسن البنا ومن معه , فتم تأليف قصص بطولات وإدعاء تضحيات ودماء أريقت جهاداً وكفاحاً على أراضي معارك لم تحدث أصلاً !!
فلم يطلق الأخوان رصاصة واحدة في حرب 1948 ولم يقدموا شهيداً واحداً , ولم شارك في الحرب سوى خمسة أشخاص منهم ذهبوا مع البطل أحمد عبد العزيز بشخصهم وكان منهم الممثل المعروف فيما بعد إبراهيم الشامي .
وإدعاءات الأخوان ليست غريبة عليهم فهم يسرقون التاريخ مثلما يسرقون الحاضر ويدعون ما ليس لهم ( راجعوا تصريحات عصام العريان عن أدمن صفحة خالد سعيد ونسبته للأخوان ورد الأدمن عليه وتكذيبه ذلك , راجع إدعاءاتهم بشهداء الإتحادية من الأخوان وتبين كذب ما يدعون ..لا فارق بين اليوم والأمس , الكذب قانون وبما لا يخالف شرع الله من وجهة نظرهم !!!)
وكانت جريدة مصر الفتاة سبَّاقى لكشف زيف إدعاءات الأخوان ونشرت في العدد 142 بتاريخ 12 يناير 1948 تحت عنوان " أيها اليهود ... انتظروا قليلاً فإن كتائب الشيخ البنا ستتأخر بعض الوقت "
" طالما أذاع الشيخ البنا عن كتائبه التي تبلغ عشرات الألوف ..وأنها مزودة بالسلاح والمعدات , وأنه اختارها من بين الملايين الذين يدينون للشيخ بالطاعة والولاء ... وبدأت مشكلة فلسطين تتخذ دوراً خطيراً في مرحلتها الأخيرة , فسارع في إرسال البرقيات لمفتي فلسطين والجامعة العربية ورجال فلسطين وإلى جميع الدول والهيئات الدولية , وإلى كل من هب ودب , وإطمأن العرب إلى أن جيوش البنا سترهب الصهيونيين , وأنصارهم , والدول التي تؤازرهم – وصدر قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين – وأصبح لا مجال للحديث , وسكت القلم وانتظرنا للسيوف أن تتكلم وأن تعمل , وأن تطيح بالرقاب , رقاب الأعداء الكفرة من الصهيونيين وأنصارهم . وأعلن الشيخ عن كتيبته الأولى التي تبلغ عشرة آلاف .... وأنه قد تم تجهيزها وإعدادها , وأنه يعمل الآن على تجهيز كتيبتين أخريين لتلحقا بالكتيبة الأولى .... وتلحق بذلك جحافل الكتائب ... ونشر الشيخ خطاباً من أحد الأعضاء بالعريش يلح في رجاء ولي الله أن يباركه ويرسله في السرية الأولى ... ثم ماذا ؟؟ لا شئ أيها الشيخ !"
وتلاحظ عزيزي القارئ أن تصريحات البنا كانت بعد تطور القتال لغير صالح العرب ( لاحظ الجمل الموجود تحتها خط ) , أي أن بدايات الحرب وفعالياتها الأولى وجهاد المجاهدين لم يلتفت له البنا ولا جماعة الأخوان المسلمين , فلديهم ما يشغلهم أو أنهم لم يحصلون على الضوء الأخضر من سادتهم ومنشئيهم بالدور المطلوب وتوقيته ,, والحق يقال كان البنا مطيعاً ووفياً لمن بيده الأمر ..... والخزينة !!
ويواصل كاتب المقال كشفه للبنا وزمرته متحدياً فيقول " كفى تهريجاً أيها الناس .. وكونزا صادقين مرة في حياتكم كلها .. وليعمل واحد منكم على تنفيذ شعاركم الذي تقولون فيه أن الموت في سبيل الله أحلى أمانينا , فإن ميدان الشرف والجهاد مفتوح للجميع , وطريق السفر براً وبحراً وجواً , لم يغلق دون أحد من الناس الذين يريدون العمل فعلاً "
والمفارقة الطريفة أن من كان يتهمهم البنا في دينهم في ذلك الوقت كانوا على خطوط القتال ملتحمين مع اليهود , فكانت كتيبة الشهيد مصطفى الوكيل تبلي بلاءاً حسناً في ميدان القتال , تجاهد اليهود وتحمي قرى الفلسطينيين , وكان أحمد حسين يقاتل مع مجموعته هناك ,مقدمين صورة محترمة من التوافق بين الشعارات والأفعال ..
أما البنا فقد كان ينتظر إنتهاء القتال ليذهب إلى السرايا الملكية ليوقع بالتهنئة لملك البلاد فاروق الأول , ويصيح " الله أكبر ولله الحمد " !!!!!
والغريب أن الشيخ البنا لم يعقب أو يصحح ما جاء في هذا المقال غن كان هناك خطأ أو معلومات غير صحيحة وهو المشهور وجماعته بالرد على كل شئ , وإدعاء الفهم الخاطئ من الغير !!!
وفي العدد 143 بتاريخ 19 /1/ 1948 نشرت جريدة مصر الفتاة وعلى لسان محمد ظافر مقالاً تحت عنوان " إلى مرشد الأخوان حنانيك ... وأرسل مائة " وجاء به :
" تذيع الصحف من آن لآخر أنباء الأعداد الضخمة لإنقاذ فلسطين الذي تقوم به جماعة الإخوان المسلمين , وتنشر في الصحف أعداد ضخمة لعدد المتطوعين واستكمال تدريبهم ومن زمن بعيد أذاع مدرب الجماعة أنه قد تم تجهيز عشرة آلاف إخواني وتسليحهم وأنهم ينتظرون الأمر بالزحف !!!
وأن هم الجماعة منصرف إلى إعداد العشرة آلاف الثانية ولكنا نسمع الآن , إن الكتائب لأنها لا تلقى المعونة من الحكومة المصرية "
ومن الأمور التي تثير الدهشة : أن الجيش المصري كله وطبقاً للإتفاقية لندن 1841 لا يتعدى عدده 18 ألف جندي , أي أن البنا جهز جيشاً يفوق الجيش المصري عدداً ويبلغ ضعفه أيضاً , فلماذا لم يظهر منه أحد في أرض فلسطين قتالاً وفعلاً ؟
لماذا لم يرد البنا أو أحد من الأخوان ويذكر أسماء مجموعة من المجاهدين الأخوان في فلسطين ؟ أو حتى اسم واحد ؟ أو حتى مجموعة مرابطة في سيناء إنتظاراً لدخول فلسطين ؟؟
كيف يشكو البنا من عدم مساعدة الحكومة المصرية وهو ربيبهم وحليفهم وقتها ؟ وهل الكفاح والجهاد في سبيل الله يحتاج إذناً خاصاً من الحكومة في وقت كانت الكتائب تُشكل من حدب وصوب للكفاح في فلسطين وشاركت فيها كل التيارات السياسية بأفرادها ومالها ؟ أم أن البنا لم يشأ دخول فلسطين من أصله ؟ وأين ذهبت التبرعات التي كانوا يجمعونها للجهاد في فلسطين ؟؟؟!!
حتى أن محمد ظافر سخر من أكاذيب البنا فقال " يا فضيلة المرشد الذي تمكن من إعداد عشرين ألفاً لكي يموتوا في سبيل فلسطين , حنانيك إن أرض فلسطين لا تتسع لهذا العدد الضخم زيادة على أهلها ... وإن ميادين فلسطين لأضيق من أن تتحمل الكر والفر لهؤلاء الغر الميامين ... ولكنها قد تحتمل مائة .. مائة فقط ممن يريدون اللحاق بالشهداء والصديقين .. مائة فقط من رهبان الليل فرسان النهار ... مائة فقط بأسلحتهم والسلاح في مصر متوفر " ..
لكن يبدو والله أعلم أن ما يجمعه الأخوان من تبرعات كان موجهاً لمهرجاناتهم ومظاهراتهم ضد القوى السياسية الأخرى , والحفلات التي تُقام على شرف إسماعيل صدقي ومن شابهه !!!!
أو أن البنا كان يريد مقابلاً من الحكومة المصرية لإرسال المجاهدين إلى فلسطين ؟؟!!
وكيف يدعي البنا معارضته للقصر وهو حليفه وحليف الإنجليز كذلك ضد القوى الوطنية ؟
ويبدو أن البنا رأى باباً آخر للجهاد مستغلاً الأوضاع , فرفع مذكرة للملك فاروق الأول مطالباً بتغيير الحكومة القائمة , وقد كان من مؤيديها بكل ما أوتي من قوة , وكان يُسير المظاهرات في شوارع القاهرة لتأييدها ودعم رئيسها !!
وإدعت جريدة الأخوان المسلمون أن هذا رأيهم من البداية ولكنهم رأووا تأجيله لأسباب خاصة بقرار تقسيم فلسطين ؟؟!!
ومن المضحك المبكي أن بعض إجراءات الحكومة المصرية ضد الطلبة اليساريين واتحاد طلبة جامعة فؤاد الأول إعتبرها البنا وجريدته أنها إجراءات عقابية للأخوان لمعارضتهم للحكومة القائمة !!!
ولكن لا غرابة ...فكل شئ في شريعة الأخوان جائز ...فالتنظيم قبل الوطن ..وقبل الدين أيضاً ... ولهم تبريراتهم وتناقضاتهم التي يرونها قمة المنطق !!
وأشير هنا إلى شيئين بمنتهى السرعة الأول : أن الأخوان هم من حشدوا للقتال في أفغانستان الشباب المصري ولم يشاركوا في القتال هناك رغم أنهم أصحاب الدعوة وأصحاب التنسيق مع المخابرات المركزية الأمريكية وبأموال آل سعود .... وهذا تاريخ قريب ومستنداته جاهزة .
الثاني : أن الأخوان لم يأخذوا خطاً معارضاً لمصلحة الوطن أبداً ,ان كل معارضتهم – إن وجدت _ هي معارضة لصالح تنظيمهم .
الثالث : لم يجرؤ أخواني على إدعاء شئ إلا بعد موت معاصريه أو إختفاء مستنداته ووثائقه .
وسأورد ختاماً هنا شهادة شديدة الأهمية .
وسأورد هنا ختاماً للتفكر : أولاً عندما حدث ضغط على الأخوان ليفر بعض أعضائهم إلى فلسطين , فسافر بعضهم تحت قيادة الشيخ محمد فرغلي (وهو كادر مهم في النظام الخاص ) وعسكر بالمجاهدين بعيداً عن مناطق القتال !! ولما إستراب شباب الأخوان المتحمسون من موقفه المضاد لأي قتال أو اشتباك مع اليهود , اجتمعوا وقرروا التخلص من هذا الشيخ الذي يقودهم لمعسكر كشافة يأكلون ويشربون ويتسامرون ويؤدون بعض التمرينات الرياضية , ولما علم الشيخ بهذا اجتمع بهم وأطلعهم على الأوامر التي جاءته من المرشد بعدم الاشتباك مع اليهود , لأن إرسالهم إلى هناك ومواجهتهم لليهود إفناء لهم وهذا ما يريده الضالين والمضلين من المصريين بالداخل وسياسييهم , فظل من ذهب إلى هذا المعسكر دون قتال , والغريب أن القوات اليهودية لم تقترب منهم !!!! لماذا ؟؟!!
قد تكون الإجابة في هذا الجزء من مذكرات صلاح شادي القيادي الأخواني والكادر بالنظام الخاص إذ ذكر أنه قد تقرر القيام بعملية تفجير محدودة لفندق النبي داوود في القدس وتم تكليف رفعت النجار من سلاح الطيران بهذه العملية وهي وضع عبوة متفجرات صغيرة خلف ستائر قاعة الفندق , ويحرص على ألا تصيب الكثيرين حتى لا تحدث أزمة , ويُكتفى بالرسالة أنهم موجودين !! وبالفعل ذهب النجار بدوسيه داخله عبوة متفجرة وقابله ضابط إنجليزي عند خروجه , فوقف معه النجار وتمسك بألا يضره بالتفجير , حتى انفجر الدوسيه فيه شخصياً ومات !!
يا له من وفاء ... رفضوا تفجير الضابط الإنجليزي حليفهم ... ورفضوا أن تكون العبوة كبيرة حتى لا تسبب خسائر كبيرة !!!!
ونعم الوفاء لمن صنعه