الغنوشي وإشعال فتيل الحرب الأهلية في تونس
الإثنين 22/فبراير/2021 - 11:30 ص
طباعة
حسام الحداد
منذ شهر تقريبا وتتصاعد الأزمة السياسية التونسية، تلك الأزمة غير المسبوقة والتي ترعاها وتؤجج النار فيها حركة النهضة الإخوانية، بعدما تم فضح أمرها وتنظيمها الخاص والاتهامات التي وجهت لها بالتعاون مع تركيا ضد مصالح الشعب التونسي، وكذلك اتهام تنظيمها الخاص بالضلوع في الإرهاب وأن لهم أياد في اغتيال شكري بلعيد، وغيرها من المشكلات والاتهامات التي توجه لهذه الحركة الإخوانية من قبل الشعب التونسي والقوى المدنية
في محاولة لتجاوز هذه الأزمة السياسية الحادة، اقترح راشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة (إسلامية)، مبادرة سياسية على الرئيس قيس سعيد، باعتباره «رمز وحدة الدولة»، تتجلى في عقد لقاء ثلاثي عاجل مع رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان في أقرب الآجال بهدف حل أزمة «اليمين الدستورية».
كما دعا الرئيس سعيد إلى تجميع الفرقاء لتبادل الرؤى والمشورة حول أوضاع البلاد، وما تقتضيه من قرارات، في ظل ما تعيشه البلاد من أزمات اقتصادية واجتماعية وصحية.
وأكد فتحي العيّادي، المتحدث باسم حركة النهضة، أن الغنوشي دعا في مراسلة وجهها إلى رئيس الجمهورية إلى ضرورة بعث رسالة إيجابية للشعب التونسي ودول العالم، تبرز أنه «رغم اختلاف التونسيين وتنامي خطابات التحريض، غير أن تونس تبقى دولة مؤسسات جديرة بالثقة، وأنها في حاجة لتأمين الدواء والغذاء والشغل والأمن، وكذلك للتهدئة وتنمية روح التضامن، وتوسيع دائرة المشترك الوطني».
من ناحيتها، أعلنت مجموعة من الأحزاب المعارضة دعمها وتأييدها لمجهودات المنظمات الوطنية الساعية إلى تقريب وجهات النظر بين الرئيس سعيد، والمشيشي بهدف «بلورة مقترحات عملية تمكن من تجاوز الأزمة»، واعتبرت قيادات «الحزب الجمهوري»، و«حركة الشعب»، وحزب «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات»، وحزب «التيار الديمقراطي»، وهي أحزاب تنتمي إلى ما يسمى بـ«العائلة الديمقراطية»، أن اللقاءات التي يعقدونها «ليست وساطة سياسية لتجاوز الأزمة بين الرئيسين، بقدر ما هي محاولة لتحديد سبل الخروج من الأزمة المتعددة الأوجه التي تعرفها تونس».
وفي هذا الشأن، أكد عصام الشابي، رئيس الحزب الجمهوري المعارض، أن هذه التحركات ستحاول الضغط من أجل إيجاد حل للأزمة السياسية، وضمان عدم استمرارها لوقت طويل. مبرزاً أن حزبه بدأ التشاور مع «اتحاد الشغل» بشأن الدور الذي يلعبه، خاصة أنه بادر إلى الدعوة لحوار وطني، وعرض مبادرته على رئيس الدولة، وقدم تفاصيل حول «هيئة الحكماء والوسطاء»، التي ستدير جلسات الحوار.
حل الانتخابات:
وأمام تعثر الحل، حتى يومنا هذا، نادت أطراف وأحزاب سياسية مختلفة بالذهاب مجددا إلى صناديق الاقتراع، كحزب "تحيا تونس"، و"الدستوري الحر" و"حركة الشعب".
وهو الحل الذي يقابله إخوان تونس بكثير من الرفض بعد تدهور وزنهم السياسي في سلم استطلاعات الرأي، حيث تعمق الفارق بينهم وبين "الدستوري الحر" إلى أكثر من 20 نقطة في أحدث نتيجة لشركة "سيغما كونساي" الخاصة.
وصعد "الدستوري الحر" في المرتبة الأولى في نوايا التصويت، في حال تم إجراء انتخابات سابقة لأوانها، بـ36٪ مقابل 14٪ فقط للإخوان.
وفي هذا الصدد، قال زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب ذات التوجهات القومية (18مقعدا بالبرلمان)، في تصريحات صحفية إنه "من الضروري تنظيم انتخابات سابقة لأوانها"، مؤكدًا أن الائتلاف الداعم للحكومة (حزب النهضة وقلب تونس) "ساهم في تأزيم الأوضاع في البلاد وأدخل الدولة في حالة من الارتباك".
واعتبر أن "حركة النهضة هي من دفعت المشيشي إلى تصعيد المواجهة مع قيس سعيد ، وعليه أن يقدم الغنوشي استقالته من رئاسة البرلمان، في أقرب الأوقات من أجل إيجاد حل لتونس".
أما رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، فترى أن الذهاب لانتخابات سابقة لأوانها "بإمكانه أن يعطي دفعة جديدة للبلاد شريطة أن تتم محاسبة الإخوان قبل ذلك عن كل الجرائم التي ارتكبوها في حق تونس وشعبها" .
وأكدت في تصريحات صحفية أن المعركة مع الإسلام السياسي سيحسمها الحزب من خلال "ثورة التنوير" على حد قولها ،وذلك من خلال اكتساح الساحات لدحر "الاحتلال" الإخواني للبلاد.
ونوهت بأنه لا يمكن الذهاب لانتخابات سابقة لأوانها دون محاسبة التنظيم الإخواني وعزله سياسيا، وسحب الثقة من الغنوشي برلمانيا، محذرة المنظمات النقابية من مد يد المساعدة للنهضة من خلال المبادرة التي طرحها اتحاد الشغل.
في هذه الأثناء، دعا "الدستوري الحر" أنصاره إلى النزول للشارع، يوم السبت القادم 27 فبراير الجاري، للاحتجاج ضد منظومة الإخوان، وهو نفس الموعد الذي حددته النهضة أيضا للتجمع في شارع الحبيب بورقيبة، لمساندة حكومة هشام المشيشي، مما ينذر بصدامات متوقعة حسب العديد من المتابعين.
ويرى رفيق السياري أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية أن حالة التجييش والتعبئة التي تقوم بها حركة النهضة لأنصارها من أجل النزول للشارع "هو ورقة إخوانية لإدخال بالبلاد في أتون الفوضى بعد انهيار وزنهم السياسي وعجزهم عن الإطاحة بقيس سعيد وفشلهم في تمرير التعديل الحكومي".
وتابع قائلا "دعوة النهضة لأنصارها للصدام مع أنصار الدستوري الحر يوم السبت القادم، سيكون له تداعيات أمنية خطيرة على البلاد"، معتبرا أن الغنوشي يريد إشعال فتيل الحرب الأهلية خدمة لأجنداته الخاصة والشخصية.
وحتى مبادرة الغنوشي الأخيرة التي تدعو إلى تنظيم لقاء ثلاثي يجمع الرئاسات الثلاث "هي مجرد مناورة لا تحمل مضمونا جديا ، خاصة وأن زعيم الإخوان هو جزء من المشكلة السياسية التي تعرفها البلاد منذ سنة 2011".
مبادرةٌ لا تعدو أكثر منها مناورة من قبل زعيم الإخوان، لتحسين صورته في ظل ارتفاع الأصوات داخل البرلمان وخارجه بعزله، وتحذير من مخاطر بقائه في منصبه على أمن واستقرار البلاد.