المنهج المرجعي لمكافحة الإرهاب
الأحد 11/أبريل/2021 - 02:15 م
طباعة
حسام الحداد
صدر هذا التقريرُ عن حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 2020 م، بعنوان:«المنهج المرجعيُّ لمكافحة الإرهاب COUNTER-TERRORISM REFERENCE CURRICULUM » وهو من إعداد فريق العمل المعني بمكافحة الإرهاب في «تجمُّع الشراكة من أجل السلام »، وهو فريقٌ من الخبراء متعدِّدُ الجنسيات من أوروبا وأمريكا الشَّمالية وإفريقيا وآسيا. وقد جُعل في قسمين: القسم الأول يُعرِّف بالمنهج وأقسامه وموضوعات كل قسم. والقسم الثاني يناقش الفائدةَ المُستخلَصة من
أفكار هذا المرجع وموضوعاته ونقده والملاحظات في مادَّته.
النهج والمضمون
يتناول المنهجُ موضوعَ الإرهاب ومكافحته، ويهدِفُ إلى وضع نهج واضح وجامع ودقيق؛ لفهم مختلِف المواضيع المتعلِّقة بالإرهاب ومكافحته، وذلك ببحثِ مشكلات الماضي؛ لفهم مُعضِلات الحاضر، واستشراف تحدِّيات المستقبل؛ لتمكين جميع المتدرِّبين في الدول الأعضاء بمنظمة حلف شمال الأطلسي )الناتو(، والدول والمنظمات المشاركة، من تكوين صورة متكاملة لجميع القضايا والتحدِّيات ذات
الصلة بسياسات الأمن والدفاع الوطنية والإقليمية والدَّولية. وهذا المنهجُ بأنه متعدِّد التخصُّصات، ويساعد المتدرِّبين على تطوير المعارف والمهارات المطلوبة؛ لفهم الإرهاب ومكافحته، وتوقُّع التهديدات المحتمَلة والحدِّ منها، ويتيح وسائلَ لتكوين فهم أفضلَ لإستراتيجيات مكافحة الإرهاب الشاملة، ويمكن استخدامه بوصفه مجموعةً من المبادئ التوجيهية، ووثيقة مرجعية في الجَسر بين المجالين الفكري النظري والمهني التطبيقي.
ويمهِّد المرجعُ ببعض الأفكار الرئيسة التي تساعد على فهم ظاهرة الإرهاب، وأبرزُها:
- الإرهاب ليس ظاهرةً جديدة، ولا يتَّسمُ بوجهٍ واحد ثابت؛ بل يختلف باختلاف الزمان والمكان، لكنَّ جوهره الأساسي ثابت ولم يتغيَّر.
- لا ينطوي الإرهابُ على العنف وحسب؛ بل يشمل أيضًا إيصالَ رسائلَ فكرية، وشنَّ حرب نفسية تهدِفُ إلى إضعاف أجهزة الدولة والجهات المستهدفة.
- الإرهاب تهديدٌ عالمي يستدعي وضعَ حلول مشتركة لمكافحته.
- شهدت جميعُ الدول نمطًا من أنماط المذهبية والعصبية والتطرف والإرهاب، إلا أن هذا ليس من مكوِّنات أيِّ ديانة أو عقيدة، ولا يرتبط بعِرق محدَّد.
- يدلُّ استمرار الإرهاب، خُطةً وممارسة، على أنه باقٍ ويتطوَّر، وتنبثق منه حركاتٌ جديدة تُفرز تهديداتٍ لم تكن من قبل.
- الإرهاب لا يزال قضيةً بحثية مستجدَّة، ولا يزال النقاشُ في تعريفه مستمرًا، واقتراح أفضل الطرق لدراسته، وأفضل السُّبل لمكافحته.
- غيَّرت جائحة كورونا (كوفيد- 19 ) معظم أوجه الحياة البشرية عالميًّا، مما دفع الإرهابيين إلى تغيير نمط التجنيد، واستغلال عدم الاستقرار لدى الحكومات، والاضطراب بين الدول، لتحديد أهداف وأنماط جديدة.
أقسام المنهج
يتكوَّن المنهجُ من معلومات مُستقاة من المصادر المفتوحة، ولا يتَّسمُ بالسرِّية. ويحدِّد المنهجُ بعضَ المصادر التي ينبغي التعامل معها بحذَر، ولا يتعمَّق في التفصيلات الدقيقة، ويهتمُّ بنظرة واسعة النطاق، ويُعَدُّ جهدًا بحثيًّا يمكن البناءُ عليه في المستقبل. وهو يعرِض موادَّه في مجموعات، تتضمَّن كلُّ مجموعة عناوينَ وموادَّ (محاضرات) تُقدَّم وَفقَ نسق محدَّد من المسارات يتألف من: الهدف، والوصف، وأهداف التعلُّم، ومسائل للبحث، ومنهجية التعلُّم.
ففي مسار (الهدف) يُهَّد للموضوع، وتُدرَج الأهدافُ المراد تحقيقها من الموضوع. وفي مسار (الوصف) تُذكَر عناصرُ مادَّة الموضوع بإيجاز مع الأمثلة والأسماء وغيرها.
وفي مسار (أهداف التعلُّم) تُورَد الدروسُ المستفادة المتوخَّاة من الموضوع ومناقشته.
وفي مسار (مسائلُ للبحث) تُعرَض بعضُ الأسئلة التي تراجع مادَّة الموضوع، وتثير نوعًا من العصف الذهني لدى القارئ والمتدرِّب، وتربط الموضوعَ بغيره من
الموضوعات ذات العَلاقة.
وفي مسار (منهجية التعلُّم) تتحقق أهدف التعلّم من خلال قراءة المقالات العلمية وتدوين الملاحظات وتقديم المحاضرات وإجراء المناقشات ضمن مجموعات مصغرة في الفصل.
ويقع المنهج في 146 صفحة، ويتألَّف من موضوعات في أربعة أقسام رئيسة هي:
القسم الأول: تقديم الإرهاب
يتناول تعريفَ الإرهاب، والخصائص المستخدَمة عادةً لوصفه، ويستعرض الإرهابَ في التاريخ، ويشرح أنواعَه المختلفة، والتفاوتَ في عمر الجماعات الإرهابية، وقدرتها على البقاء.
القسم الثاني: فهم العقائد والدوافع والأساليب يحلِّل طرقَ التحوُّل إلى التطرف التي تكتسب بها الجماعاتُ الإرهابية الحديثة الأعضاءَ والمناصرين، ويدرس كلًّ من التطرف العنيف والعقائد والأفكار والدوافعَ الشخصية والتنظيمية الكامنة وراء الإرهاب، والأساليبَ التي يعتمدها الأفرادُ والجماعات في ممارسة الإرهاب.
القسم الثالث: التحدِّيات المعاصرة، والتهديدات المتطوِّرة يعرِضُ وضعَ الإرهاب حاليًّا، والوسائلَ المالية التي تستخدمها الجماعاتُ الإرهابية لتمويل الاعتداءات وإعالة تنظيماتها، وعددًا من التهديدات الناشئة، منها احتمالُ اقتناء أسلحة الدمار الشامل واستخدامها، واستغلالُ الجماعات الإرهابية للابتكارات التقنية لخدمة مآربها، وتدفُّق المقاتلين الأجانب.
القسم الرابع: مكافحة الإرهاب: الإستراتيجية؛ العمليات، وبناء القدُرات
يُعنى بجهود الدول في مكافحة تهديدات الإرهاب، وتقييم الأدوات المستخدَمة محلِّيًّا وإقليميًّا ودَوليًّا لمساعدة الدول على ضمان أفضل حماية لمواطنيها ومؤسَّساتها، مع تحديد الهيئات والأجهزة المختصَّة باستخدام هذه الأدوات، وكيف يمكن الجمعُ بينها لإعداد إستراتيجية وطنية متماسكة. ثم يهتمُّ الموضوع بالوسائل التي تمكِّن الدولَ من تعزيز قدُرات مكافحة الإرهاب، ويقدِّم وصفًا لاستخدام التمرين المكتبي لتقييم مكامن الضعف، والعمل على بناء القدُرات اللازمة لضمان الأمن في المستقبل.
ملحق المرجع:
في نهاية المرجع أُلحقت وثيقةٌ بعنوان «المبادئ التوجيهية للتمرين المكتبي »، وهو ما نُوقش في القسم الرابع من المرجع. تضمَّنت الوثيقةُ موجزَ التمرين، وأهدافَ تعلُّمه، والمهمَّات، والتوقُّعات، والصيغة، وإنشاء الحوار )السيناريو(، والمخرَجات، وما يتيحه التمرينُ المكتبي من نهج مفيد لمكافحة الإرهاب، ومنصَّة لبناء القدُرات؛ لتحديد الثُّغرات، وإزالة التداخل، وتفعيل الإستراتيجيات الوطنية والإقليمية والدَّولية لمكافحة الإرهاب، وتطوير العقيدة والسياسات، وتعزيز التعاون بين الوكالات على المستويين المحلِّي والدَّولي، والترويج لمبدأ تدريب المدرِّبين، والانتقال من النظرية للتطبيق.
