حقيقة جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي من ليبيا إلى إسرائيل

الأحد 06/يونيو/2021 - 03:13 م
طباعة حقيقة جماعة الإخوان حسام الحداد
 
ما بين التخبط والفشل تعيش جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي أزمة حقيقية هذه الأيام، ربما تكون أزمة أو محنة كما تحب الجماعة تسميتها أكبر وأعمق من التي مرت بها في ستينيات القرن الماضي، حيث كانت معركتهم مع ناصر ونظامه الذي لفظهم وأدخلهم السجون بعد محاولات عديدة من الجماعة لاغتياله شخصيا، أما اليوم فهم في محنة أكبر حيث المعركة ليست مع السيسي والدولة المصرية فقط بل أصبحت مع معظم الشعوب العربية والمسلمة لما ارتكبوه من تآمر على هذه الشعوب وتحويل بعضها إلى جماعات وطوائف متصارعة بقصد انهاك الدول وتفكيكها، ليجدوا موقع قدم فيها أو حكمها على أحسن أمنياتهم.
معركة الجماعة اليوم وتنظيمها الدولي ليست فقط مع الشعوب العربية بل أيضا مع بعض الدول الأوروبية التي اتخذت مواقف حازمة من التنظيم الدولي للجماعة منها فرنسا وألمانيا، أما المواقف المهمة والتي تظهر على السطح الأن:
الوضع الليبي:
تحاول الجماعة وتنظيمها الدولي في هذا الملف عرقلة أي حلول يتم التوصل إليها بين الفرقاء الليبيين، رغم محاولات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لوضع خارطة طريق تؤدي إلى استقرار هذه البلد الذي أنهكته الحرب بين جماعات ارهابية ذات مصالح لحساب دول او تنظيم ارهابي معين. 
وقد انتهت في المغرب المباحثات التي توسطت الرباط فيها لتقريب وجهات النظر بين مجلس النواب الليبي ومجلس الدولة الذي يسيطر على أغلبيته تنظيم الإخوان لحل ازمة ملف المناصب السيادية التي لم تحسم حتى الآن.
وفشلت الجولة الجديدة من المحادثات بسبب إصرار مجلس الدولة الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان على فرض عناصره لتولي المناصب السيادية، بما يخرق الاتفاقات السابقة القاضية بتوزيع المناصب على أسس جغرافية.
وحاول المسؤولون المغاربة تقويض الهوة بين الطرفين، عبر لقاءات منفردة مع كل من رئيسي مجلس النواب عقيلة صالح ومجلس الدولة خالد المشري سعيا للتوصل إلى اتفاق بشأن المناصب السيادية والقاعدة الدستورية الخاصة بالانتخابات. 
لكن الفشل كان مصير تلك المحاولات، كما أخفق الوسطاء في جمع الرجلين في اجتماع وجها لوجه.
وبات مصير ملف المناصب السيادية عقبة كبيرة أمام مواصلة ملف تشكيل المؤسسات الحكومية في ليبيا ويهدد إجراء الانتخابات في موعدها في 24 ديسمبر المقبل.
ويأمل الليبيون في أن تنجح الوساطة المغربية في دفع الأطراف الليبية إلى تجاوز خلافاتها بما يحقق مصالح الشعب الذي يعاني منذ أكثر من عقد بسبب الفوضى والانقسام.
إسرائيل:
وبينما تحاول الجماعة عرقلة الوصول لأي اتفاق في صالح الشعب الليبي واستقراره سرعان ما تتوصل إلى اتفاقات لاستقرار المواطن الإسرائيلي وتشكيل حكومته، حيث أثارت مشاركة الحركة الإسلامية الإخوانية داخل إسرائيل في الحكومة الجديدة العديد من التساؤلات وعلامات التعجب لدى الأوساط الشعبية والسياسية الفلسطينية، وهو ما يلقي الضوء على التناقضات التي أضحت سلوكا سياسيا لتنظيم الإخوان الساعي إلى المشاركة في السلطة بأي شكل.
فبالرغم من الشعارات التي اعتاد تنظيم الإخوان استغلالها على مدار عقود للترويج لمشروعها وفي القلب منها شعارات مناهضة لإسرائيل، إلا أن منصور عباس زعيم القائمة العربية الموحدة، والذي يعد واحداً من أهم قيادات التنظيم، وقع بالانضمام لرئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لابيد ليتمكن من تشكيل حكومة إسرائيلية وذلك بعد سماح مجلس شورى الحركة الإسلامية الجنوبية له بذلك.
وأصبح ظهور القيادي الإخواني إلى جوار لابيد صورة تختزل الكثير من الكلمات وتكشف، بحسب محلل فلسطيني، "زيف ادعاءات تنظيم الإخوان التاريخية المناهضة لإسرائيل، والرافضة لأي تحالف وتخوين أي شخص أو دولة تقدم على ذلك".
وفي هذا الصدد يرى الكاتب المتخصص في الشأن الفلسطيني، أحمد جمعة، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن مشاركة حزب منصور عباس الذي يمثل الجناح السياسي للفرع الجنوبي من الحركة الإسلامية في إسرائيل والتي ترجع أصولها لجماعة الإخوان "يكشف الازدواجية التي يتعامل معها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان التي ترفع راية تحرير فلسطين والقدس وتستخدم الخطاب الشعبوي ودغدغة مشاعر الشعوب العربية كي تحقق الجماعة مكاسب سياسية ومادية لها من وراء موقفهم الشعبوي من قضية فلسطين".
ويتابع جمعة أنه بالرغم من الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة لم ينحسب منصور عباس من التحالف مع الأحزاب الإسرائيلية التي كانت تؤيد الحرب على القطاع "لكنه اكتفى بتعليق المشاورات والتزم الصمت، وعقب نجاح الوساطة المصرية وإعلان وقف إطلاق النار فتح اتصالات مكثفة مع يائير لابيد ونفتالي بينيت، رافعا شعار إسقاط بنيامين نتانياهو ولم يتطرق قط إلى ضرورة وقف الاستيطان والتهويد الذي تقوم به إسرائيل في الضفة الغربية أو في القدس الشرقية".
وأوضح جمعة أن انخراط الإخوان في الحكومة الإسرائيلية جاء دون انتزاع أي مكاسب سياسية أو اقتصادية لصالح الفلسطينيين سواء في الداخل أو بالضفة والقدس وقطاع غزة.
وأشار إلى أن ما فعله منصور عباس يعطي الضوء الأخضر والدعم لليمين الإسرائيلي المتطرف ويتحجج بأن دعمه لائتلاف "لابيد – بينيت" هدفه الأساسي تحسين معيشة الفلسطينيين الذين يعيشون في الداخل، وهي ما ترفضه المكونات العربية التي تعيش في داخل الـ48.

شارك