ليلى موسى ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية : حضور مصر فى حل أزمة سوريا قطع الطريق أمام التدخلات الإقليمية والمشاريع الاحتلالية
■ ما هو انطباعك الأول عن مصر؟
لم يقال عن مصر أنها أم الدنيا من فراغ، فهى تمتلك إرثا حضاريا وتاريخيا وإنسانيا، وتحظى بنهضة عمرانية وحالة أمن واستقرار، ولا شك أن حضورها المحوري والفعال والمؤثر على الصعيد الإقليمى والدولى بالغ التأثير.
■ هناك اتهامات بأن مجلس سوريا الديمقراطية كردى؟ ما هو ردكم.. وكيف يشكل "قسد" نموذج للتعاون بين المكونات في شمال شرق سوريا؟
قوات سوريا الديمقراطية، قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين، وتضم أبناء مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرقى سوريا ومن جميع المناطق السورية الأخرى بكافة مكوناتها وطوائفها، والمكون الكردى أحد المكونات المشاركة ضمن هذه القوات.
هذه القوات لا تميز بين أبناء الشعب السورى، ولا أية مدينة أو بلدة أو حارة اينما وجد الصراع، والخطورة تهب هذه القوات لنجدة الشعب وحمايتهم، وهذه القوات أثبت للعالم أجمع بأنها لا تحمى أبناء الشعب السورى فقط، بل تحمي الإنسانية والعالم من خلال دحر أعتى تنظيم إرهابى.
وتضم قوات سوريا الديمقراطية قوات من العرب والآشور والأرمن والكرد والتركمان، وربما نقترب من الحقيقة إن قلنا أن الكرد نسبتهم قليلة مقارنة بالمكون العربى، ولكن الإعلام المضاد هو المروج لهذا المصطلح رغم أنه ليس موجود كلمة كردى فى تسمياتها.
■ ما أخر التطورات الميدانية فى شرق الفرات؟
شرق الفرات تشهد حالة أمن واستقرار نسبى مقارنة بمناطق أخرى فى سوريا، مع استمرارية ملاحقة خلايا تنظيم داعش الإرهابى من قوات سوريا الديمقراطية، وبدعم من التحالف الدولى، بالإضافة إلى تعرض بعض المناطق للقصف من الاحتلال التركي ومرتزقتها، وكذلك هناك حملات مشتركة ما بين قوات سوريا الديمقراطية، والتحالف على الخلايا النائمة المرتبطة بداعش أو بتركيا، وتم القبض على الكثير من هذه الخلايا وهم الآن قيد الاعتقال.
■ هل تنظيم داعش قادر على العودة مرة أخرى؟
بوجود قوات سوريا الديمقراطية وبدعم من التحالف الدولي من الصعب عودة تنظيم داعش، كما كانت عليه، ولكن هذا لا يعنى عدم مقدرتها على العودة من جديد، وهناك مجموعة عوامل تساعد على عودة التنظيم وخاصة صحيح أن هذا التنظيم تم دحره من الناحية العسكرية والميدانية، إلا أنه ما زال متواجدا وبقوة ايديولوجيًا وفكريًا لذلك توفير أدنى فرصة لعناصر هذا التنظيم سرعان ما يعود إلى لملمة نفسه وبفكر أكثر تطرفًا وشراسة من ذى قبل.
ومن العوامل التى تساعد على عودة التنظيم، التهديدات المستمرة التى تتعرض لها المنطقة من الاحتلال التركى ومرتزقتها، وخلق الفوضى والصراعات، وهى ما تسعى إليها تركية بشكل ممنهج لتمرير أجنداتها ومشاريعها فى المنطقة.
استمرار احتلال تركيا لبعض المناطق السورية (إدلب، إعزاز، جرابلس، عفرين، الباب، سرى كانيه "رأس العين"، كرى سبى "تل أبيض") خطر جدا خاصة أن المناطق التى يحتلها تشكل الحاضنة لاحتواء وحماية بقايا عناصر التنظيم وتغذية لفكر التطرف وثقافة الكراهية، وهذا الأمر لا يقتصر على عناصر التنظيم وحدهم إنما معظم الفصائل والجماعات الموجودة فى هذه المناطق من جبهة النصرة والقاعدة والإخوان خطورتهم على أمن وسلامة المنطقة والعالم والإنسانية لا تقل خطورة عن التنظيم لأنهم جميعهم ينهلون من نفس منبع التطرف والإرهاب وإن اختلفوا فيما بينهم بالجزئيات والتفاصيل.
استمرار الوضع على ما هو عليه في مخيم الهول من دون جهود دولية لحلها يشكلون قنابل موقوتة وتهديدًا جديًا على أمن المنطقة والعالم، بجانب تواجد عناصر التنظيم في السجون من دون أية محاكمة ذات طابع دولى.
هذا بجانب وجود قوى ودول إقليمية تساهم بإحياء داعش لتمرير أجنداتهم وتحقيق مشاريعهم فى المنطقة.
كل ما تم ذكره من العوامل والأسباب يشكل تهديدًا حقيقًا لإحياء وانتعاش داعش، وهذا يتطلب استمرارا ليس من قبل قوات سوريا الديمقراطية التحالف وحده إنما المجتمع الدولى للقيام بواجباته بمكافحة التنظيم وأخواتها وكون هذا التنظيم تنظمًا دوليًا ويهدد أمن وسلم الدوليين.
وأينما توفرت بؤر التوتر والصراع فى أى بقعة فى العالم ستكون أرضية خصبة لظهور التنظيم وأحياءه من جديد.
■ كم يبلغ عدد إرهابى داعش فى سجون قسد؟ وما أبرز الجنسيات؟
إذا كنت تقصد أعداد عناصر التنظيم فى السجون بمناطق الإدارة الذاتية، فهم يزيدون على ١١ ألفا، ومن ٥٨ جنسية، وعن مصير العوائل والتي يفوق أعدادهم ٦٣ ألفًا حتى الآن ليس هناك استجابة من معظم دولهم، لذلك البقاء على هذه الحالة سنكون أمام دويلة الهول واستمرارية فكر وأيديولوجية داعش وتنشئة أجيال على ثقافة وفكر التطرف وثقافة الكراهية، وبالتالى تشكل تهديدًا مستمرا على أمن وسلم واستقرار المنطقة.
■ ماذا عن المحكمة الدولية لمحكمة عناصر داعش؟
رغم الدعوات المستمرة من الإدارة الذاتية بحل مشكلة عناصر التنظيم، عبر إقامة محكمة ذات طابع دولى في مناطق شمالي وشرقي سوريا، لكن حتى الآن ليست هناك أية استجابة بشكل رسمى لإقامتها.
■ هل هناك تنسيق مع دول أخرى لمواجهة الإرهاب؟
نعم هناك تعاون وتنسيق عالى المستوى ما بين قوات سوريا الديمقراطية، وقوات التحالف الدولى الذى يضم العديد من الدول بما فيها العربية.
■ كيف تؤثر تركيا ومخططاتها وأذرعها المسلحة على استقرار الفرات ومواجهة الإرهاب؟
بكل تأكيد تركيا بقصفها المستمر على المنطقة تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار وتسعى للعمل على تشتيت القوات العسكرية للمحافظة على وجود داعش وغيرها من التنظيمات المرتبطة بها، وجميعكم تذكرون عندما كانت تحاصر قوات سوريا الديمقراطية بدعم التحالف داعش فى دير الزور بجيوبها الأخير شنت تركيا هجومًا شرسًا على مدينة عفرين التى كانت تنعم باستقرار وأمن وسلم اجتماعى وازدهار اقتصادى عبر صفقة سيئة الصيت مع الروس وبتواطئ النظام السورى والصمت الدولى.
■ ماذا عن الوجود الإخوانى فى مناطق الإدارة الذاتية؟
بخصوص جماعة الإخوان فى مناطق الإدارة الذاتية ليس لديهم أية حاضنة اجتماعية، ولضرب مشروع الإدارة الذاتية تعمل تركيا وعن سابق اصرار وتعمد بتوطين الفصائل الراديكالية المتطرفة الإخوانية، وبشكل ممنهج فى المناطق التى احتلتها سرى كانيه وكرى سبى وعفرين بالإضافة إلى جرابلس وإعزاز والباب وإدلب.
■ لماذا لم ينجح الإخوان فى التواجد بمناطق الإدارة الذاتية؟
خصوصية الإرث الثقافى والتاريخى والإنسانى لشعوب مناطق شمال وشرق سوريا القائمة على التعايش المشترك وقبول الأخر، وأن فلسفة التعايش المشترك ترفض العنصرية والشوفينية والتعصب والتطرف الذى يمثله الفكر الإخوانى، وكما هو معلوم مناطق الإدارة الذاتية تضم موزاييك متنوعا من المكونات الكرد والعرب والسريان والأشور والأرمن والايزيديين والشركس والتركمان كل ما تم ذكره من هذه المكونات تمتلك إرثا ثقافيا وحضاريا وإنسانيا غنيا جدا،ً لذلك لم ولن تنتشر ثقافة رجعية ومتخلفة فيها.
والعنصر الأخر والأهم مشروع الذى تتبناه الإدارة الذاتية والقائم على التعايش المشترك وأخوة الشعوب، والتى استطاعة بالحفاظ على النسيج الاجتماعى وخلقت حالة من التفاعل ما بين الشعب والإدارة وقطعت الطريق أمام جميع المشاريع الأخرى المناوئة للمجتمع والشعب.
■ كيف ترى المعارضة السورية والائتلاف السورى؟
حتى لا نجحف بحق أحد لا بد من التمييز بين نوعين من المعارضة، معارضة وطنية تمتلك مشروعًا وطنيًا بديلًا للنظام القائم محافظًا على تطلعات الشعب السورى الذي ثار من أجله والمتمثلة فى الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، ومعارضة تقليدية (الائتلاف) المرتهنة للخارج وبشكل خاص الدولة التركية وصراعها مع النظام فقط على السلطة ولم تأتِ للبلاد سوى بالدمار والخراب وهم عبارة عن فصائل وجماعات متطرفة راديكالية، ومرتزقة لدى دولة الاحتلال التركى وكثيرًا ما تستخدمهم فى حروبها الخارجية ويعبثون ليس بأمن واستقرار سوريا فحسب بل معظم البلدان التى يدخلونها، ولهم دور رئيسى سبب استمرار الصراع والاضراب فى البلاد وأنهم يساهموا مع المحتل التركي إلى ترسيخ تقسيم سوريا.
■ هناك مساع لضرب العلاقات الكردية العربية؟ وماذا عن علاقات قسد بمشايخ العشائر العربية؟
بكل تأكيد سعت وتسعى بعض القوى والدول بالعمل على تغذية النزاعات العنصرية عبر إثارات النعرات القومية وخلق بؤر للصراع والتوتر لتمرير مشاريعها وأجنداتها فى المنطقة.
قوات سوريا الديمقراطية ومظلتها السياسية مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لشمالى وشرقى سوريا ومنذ البداية كانت يقظة لمثل هكذا سياسات وممارسات مناوئة للشعب السوري بكافة مكوناتها وأثنياتها وطوائفها، لذلك عملوا ومنذ الأيام الأولى للأزمة السورية بالحفاظ على السلم الاجتماعى والتعايش المشترك وفق مبدأ أخوة الشعوب استنادًا على العلاقات التاريخية والحاضرة التى تجمع بين هذه المكونات والقائمة على التعاون والإخاء.
بخصوص علاقة قوات سوريا الديمقراطية مع العشائر العربية وبقية عشائر المنطقة علاقات تعاون والجميع يقاتل ويحارب الإرهاب في خندق واحد ويجمعهم وحدة الهدف والمصير.
وهذا ما لم يرض العديد من القوى والدول الإقليمية والدولية والتي شكلت حجرة عثرة أمام مشاريعهم وأجنداتهم لذلك يسعون بكل ما بوسعهم لضرب هذا المشروع الوطني الشامل لجميع المكونات الشعب السوري بشكل مستمر وما حدث من أحداث فى منبج الأخيرة خير دليل على ذلك، وباعتقادي الشعب السوري حذر لهكذا سياسات وخاصة أنه للمرة الأولى لعقود من الزمن يتمتع بالحرية والكرامة لن يتخلى عن المكتسبات والإنجازات المحققة بعد اليوم.
■ هل يؤثر الخلاف الكردى الكردى على مواجهة قسد للإرهاب؟ وإلى اين وصل ترتيب البيت الكردى؟
قسد ماضية في محاربة الإرهاب وموضوع الخلاف الكردي –الكردي موضوع أخر، ولكنه لم يشكل أى عائق أمام قسد في المضي قدمًا في مهامها، بخصوص الحوار الكردى –الكردى نحن متفائلين بأن يكلل هذا الحوار بالنجاح بما يخدم الشارع الكردى والسورى وخاصة تم الاتفاق على البنود الرئيسية والمهمة وهناك اختلاف على بعض التفاصيل باعتقادى لن تشكل عائقا أمام وحدة الصف ومن السهل تجاوزها.
■ عاد مجدد الصراع مع دمشق؟ هل فشلت الوساطة الروسية؟ وكيف ترى مستقبل العلاقات مع دمشق؟
بالعموم أسباب فشل الحوار ما بين النظام والإدارة الذاتية عقلية النظام بالتعامل مع الأزمة السورية بعقلية ما قبل ٢٠١١ وهي لم تتوافق مع التطورات والمتغيرات الحاصلة.
مستقبل العلاقات باعتقادى بالنهاية لا بد من الجلوس على طاولة المفاوضات، كمجلس سوريا الديمقراطية ومنذ البداية نؤكد بأن أى حل للأزمة السورية لا بد أن يكون عبر الحوار السورى – السوري وبمشاركة الأطراف السورية سواء مع النظام أو المعارضة الوطنية.
■ عانت قسد خلال فترة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب؟ كيف تنظر قسد للرئيس جون بايدن؟
قسد منذ البداية لم تعول على الدعم الخارجى ولديها مشروع وهدف وتستمد قوتها وشرعيتها من شعبها، بينما فيما يخص السياسة الأمريكية لديها استراتيجية فى المنطقة ربما تغير من تكتيكاتها بما يخدم مصالحها، ولكن نأمل من الإدارة الجديدة بأن تكون أكثر فعالية ومساهمة بحل الأزمة السورية.
■ كيف ترى مستقبل سوريا بعد عشر سنوات من الصراع؟
إذا استمر الوضع على ما هو عليه سنكون أمام المزيد من تجذير وتعميق للأزمة أكثر فأكثر وذلك باستمرار الفوضى والصراع ومزيد من الضحايا والمعاناة والفقر وتدمير للبنية التحتية واستمرار التطرف، والذي ازداد الطين بلة مع قانون القيصر وانتشار جائحة كورونا مما لهما من تداعيات سلبية على تراجع على الأوضاع المعيشية والتى كانت تعانى من الهشاشة بالأساس وتراجع في قيمة الليرة السورية مقابل الدولار وبالمجمل من سيئ نحو اسوأ وخاصة ملف الأزمة السورية ليست حتى الآن من ضمن أولويات وأجندات الدول المنخرطة فى الأزمة السورية، وعدم امتلاك المعارضة التقليدية (الائتلاف) مشروع بديل من جهة، وعدم حظي المعارضة الوطنية بدعم دولى من جهة اخرى.
وتداخلات الدول الإقليمية وبشكل خاص الدولة التركية عبر احتلالها للعديد من المناطق السورية وممارسة عمليات التطهير العرقى والتغيير الديمغرافي بشكل ممهنج وارتكابها لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بشكل مستمر، بالإضافة إلى نهب وسرقة مواردها وأثارها، وتهديدات الدولة التركية وقصفها المستمر لبعض المناطق لقضم المزيد من الأراضي لاستكمال مشروعها الميثاق الملي وإعادة العثمانية الجديدة وكل عملية تقوم بها نكون أمام المزيد من قوافل اللاجئين والنازحين وأوضاع معيشية مأساوية.
■ كيف ترى العلاقات المصرية الكردية؟ وعلاقة القاهرة بمكونات الشعب السوري؟
منذ بداية الأزمة السورية والحكومة المصرية وقفت بنفس المسافة من جميع مكونات الشعب السورى ولم تفرق بينهم، ومازالت تقوم بما يخدم الجميع ويحقق مصالح الشعب السوري بعيدًا عن أية أجندات على عكس بعض الدول الإقليمية الأخرى والتى كانت لها دور سلبى وزاد من مأساة ومعاناة الشعب السورى. وبكل تأكيد نحن نتفق مع الثوابت المصرية التي تصر عليها وهي وحدة الأراضى السورية وسيادتها وهى من ثوابت مجلس سوريا الديمقراطية أيضًا.
■ هل يمكن أن تلعب مصر دورا فى إنهاء الصراع داخل سوريا؟
نعم، بكل تأكيد الدولة المصرية تمتلك دورًا محوريًا على الصعيد الإقليمى، وتمتلك جمع المقومات التى تخولها لذلك، وحضور مصر فى حل الأزمة السورية سيكون السبيل بالحفاظ على السيادة السورية ووحدتها شعبًا وأرضًا وقطع الطريق أمام تدخلات بعض الدول الإقليمية وقطع الطريق أمام مشاريعهم الاحتلالية التوسعية لسوريا وحتى المنطقة.
■ هل هناك تعاون بين قسد والأزهر فى مواجهة التطرف الدينى؟
نأمل بأن تتضافر الجهود في المستقبل والعمل معًا على مواجهة فكر التطرف الديني كون مصر وسوريا لديهما تجربة مريرة مع هذا الفكر. وتنشيط وتفوق الفكر المتطرف في أي بلد كان يشكل تهديدًا على البلد الأخر لذلك من مصلحة البلدين والعالم أجمع بتضافر الجهود والعمل معًا على تجفيف منابع هذا الفكر واجتثاثه.