تقدم طالبان الحدودي والأخطار الإقليمية
الخميس 22/يوليو/2021 - 11:28 م
طباعة
حسام الحداد
قال الناطق باسم طالبان لوكالات أنباء روسية مساء الخميس 22 يوليو 2021، إن الحركة تسيطر على (90%) من حدود أفغانستان حيث تقود هجوماً متزامناً مع انسحاب القوات الأجنبية، دون التحقق من هذه التصريحات من مصادر مستقلة.
وأضاف ذبيح الله مجاهد لوكالة ريا نوفوستي الحكومية أن "الحدود الأفغانية مع طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان وإيران، أي قرابة (90%)، تحت سيطرتنا".
وربما كان هذا التصريح تعقيبا على حشدت طاجيكستان، الخميس، جيشها بالكامل، للتحقق من جهوزية عناصرها، في مناورة قتالية هي الأولى من نوعها في البلد، جاءت على وقع تدهور الوضع في أفغانستان المجاورة، وتقدم حركة «طالبان».
ووضع عناصر الجيش وقوات الأمن وكذلك أفراد الاحتياط، أي حوالي 230 ألف جندي، في حالة تأهب في أنحاء البلاد للمشاركة في التدريب الذي يحمل اسم «مارز-2021».
وتجمّع كافة الجنود في منطقة جرى فيها التحقق من استعدادهم للقتال، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية، ونقلت قنوات رسمية على الهواء المناورة التي أشرف عليها الرئيس إمام علي رحمن.
وقال رحمن في كلمة في ختام المناورة: «لا يزال الوضع في أفغانستان، تحديداً في المناطق الشمالية المحاذية لبلدنا غير مستقر للغاية، ويزداد تعقيداً يوماً بعد يوم؛ بل ساعة بعد ساعة».
وأضاف: «هذا الوضع المعقد بهذا الشكل هو سابقة منذ 43 عاماً من المواجهات المستمرة في أفغانستان». وألقى باللوم على التدخل الخارجي المتواصل منذ40 عاماً، مؤكداً أنه لا يمكن حل النزاع إلا بوسائل سلمية.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «خوفار»، بنشر السلطات 20 ألف جندي إضافي على الحدود مع أفغانستان.
وفي وقت لاحق، تحدث رحمن، إلى حليفه الروسي الرئيس فلاديمير بوتين، وقال الكرملين، إن الزعيمين ناقشا الوضع في أفغانستان، وأن الاتصال جرى بمبادرة من الجانب الطاجيكي.
وتتشارك طاجيكستان، قرابة 1200 كيلومتر من الحدود مع أفغانستان؛ حيث تشنّ «طالبان» منذ مطلع مايو الماضي، هجوماً على محاور عدة، مستغلة انسحاب القوات الأجنبية من البلاد المتوقّع اكتماله بحلول نهاية أغسطس/آب المقبل.
وتمكن متمردو «طالبان» من السيطرة على مساحات واسعة، أمام مقاومة ضعيفة من القوات الأفغانية المنهكة، التي تفتقد لغطاء جوي أمريكي لعملياتها.
ولجأ أكثر من ألف جندي أفغاني ومئات المدنيين إلى طاجيكستان منذ مطلع الشهر، بعد فرارهم من مناطقهم على وقع تقدم «طالبان».
وتشارك روسيا، التي تحتفظ بقاعدة عسكرية في طاجيكستان، مطلع الشهر المقبل في مناورة عسكرية مشتركة مع طاجيكستان وأوزبكستان المحاذية بدورها لأفغانستان.
يأتي هذا بعد انسحاب القوات الأمريكية من مناطق أفغانية متعدد، حيث حقق الجانب الأمريكي عدد من المكاسب على رأسها وضع نهاية للخسائر الأمريكية في الأرواح والخسائر المادية. فالغزو والسيطرة الأمريكية على أفغانستان كلفا الأمريكيين أكثر من تريليوني دولار، وأكثر من 3500 قتيل، فضلاً عن عشرات الآلاف من المصابين والمعاقين. أما المكسب الثاني فهو توريط أعداء أمريكا في المستنقع الأفغاني ودفع الدورة الأفغانية لتدور، فبعد أن أخذ السوفييت نصيبهم من الخسائر من غزوهم أفغانستان، وأخذ الأمريكيون نصيبهم بعدهم، ربما يكون الدور قد جاء لتعود روسيا إلى المستنقع الأفغاني، وربما تكون الصين هي المرشحة لذلك، لوقف اندفاعتها الاقتصادية وكسر ظهر مشروعها الاقتصادي العملاق، خصوصاً مع باكستان المعروف باسم «الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني» الذي يتضمن مشاريع صينية في باكستان مقدارها 60 مليار دولار، فضلاً عن وجود فرصة سانحة لإشغال إيران بالخطر الطالباني، وإرباك حساباتها الاستراتيجية في ملفي البرنامج النووي وسياستها الإقليمية في الدول العربية، فضلاً عن قيادتها ودعمها للتحالف المقاوم لإسرائيل.
ويتركز الخطر الجيوستراتيجي لعودة «طالبان» يمتد إلى روسيا من خلال احتمالات صراعات حدودية قد تتطور إلى حروب مع «طالبان»، وكل من جمهوريتي طاجيكستان وأوزبكستان في حال عودة كل من حركة «داعش» وجماعة «القاعدة» لتنشيط حركتهما والعودة للتغلغل إلى هذين البلدين في تهديد غير مباشر لروسيا، والتهديد نفسه قد يمتد إلى كل من باكستان والهند، وهناك مؤشرات لذلك منها قيام مجموعات باكستانية بترديد شعارات مؤيدة لطالبان، والتلويح بأعلامها في جنازة زعيم ديني في بيشاور.
يحدث هذا في ظل مخاوف باكستانية من احتمال عودة حركة «تحريك طالبان» الباكستانية لتجديد نشاطها في حال نجاح طالبان في العودة إلى حكم أفغانستان.
توقعات بالخطر الذي قد يمتد أيضاً إلى الهند الداعمة لحكومة كابول، ما يعني أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان يمكن أن يتجاوز كل التقديرات السلبية الآنية ويتحول إلى مكاسب استراتيجية أمريكية، وسياسات انتقامية لكل المعادين لواشنطن إذا فشلت جهود إنجاح الوساطات بين «طالبان» وحكومة كابول على مشروع وطني جديد لحكم أفغانستان.