ميليشيات طرابلس تعاود القتال.. صراع نفوذ جديد يقلب الموازين
الجمعة 23/يوليو/2021 - 01:50 ص
طباعة
أميرة الشريف
شهدت الفترة الأخيرة تطورات محلية ودولية تتصل بليبيا نتيجة استمرار فوضى السلاح هناك، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة، بين ميليشيات جهاز دعم الاستقرار وميليشيات قوة الردع في ليبيا، وهو أكبر ميليشيات العاصمة طرابلس والغرب الليبي، وذلك بالقرب من مقر رئاسة الحكومة، وذلك من أجل السيطرة على المقرات الجديدة لمؤسسات الدولة.
وذكرت تقارير إعلامية أن الأمر يتعلق باشتباكات بين عناصر من جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، المعروف باسم "قوة الردع"، الذي يتخذ من قاعدة معيتيقة مقرا له، وآخرين يتبعون لجهاز دعم الاستقرار، المعروف بـ"غنيوة" ومركزه منطقة أبوسليم.
وتداول مدونون على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات توضح تمركزات القوتين وتبادل إطلاق النار بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فيما لم تعلق أي جهة رسمية على الاشتباكات.
وأكد شهود عيان إغلاق الطريق العام المؤدي إلى رئاسة الوزراء بطريق السكة، فيما أعقب الاشتباكات هدوء حذر.
ووفق التقارير فقد اندلعت الاشتباكات، بعدما قامت عناصر مسلحة تابعة لمليشيات "الردع" التي يقودها عبد الرؤوف كارة، بإغلاق الطريق المؤدي إلى مقر رئاسة الحكومة بطريق السكّة، مما دفع ميليشيات "جهاز دعم الإستقرار" إلى التدّخل باستخدام القوّة.
ووفقا لما أظهره مقطع فيديو متداول من المواجهات، استخدمت الميليشيات المسلّحة كل أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، وذلك بعد نشرها لعشرات من الآليات العسكرية في الشوارع، كما تحدث ناشطون عن إغلاق عدد من الطرقات، من بينهم الطريق الرئيسي المؤدي لمقر رئاسة الحكومة بطريق السكة، مما تسبّب في ترويع المواطنين.
وذكرت وسائل إعلام ليبية، أن ميليشيات "جهاز دعم الإستقرار" الذي يقوده عبد الغني الككلي الملقب بـ"غنيوة" وأسسّه رئيس الحكومة السابق فايز السراج قبل رحيله عن السلطة، تمكن من السيطرة على المقر الجديد لوزير الداخلية، بينما تحدثت مصادر محلية عن تدخل قيادات عسكرية من طرابلس ومصراتة والزاوية لمحاولة إيقاف هذه الإشتباكات.
وتلتزم السلطات الحالية منذ استلام مهامها في شهر مارس الماضي، الصمت إزاء الاشتباكات المتكررة التي تندلع بين الحين والآخر، بين الميليشيات المسلحة في مدن الغرب الليبي.
هذا وقد هدمت إحدى الميليشيات سوق جامع الصقع، إحدى أشهر أسواق الأثاث في العاصمة الليبية، الجمعة الماضية، في تحد لقرار النيابة العامة الذي سمح بإعادة تشغيل السوق.
وفور عملية الهدم، أصدر النائب العام أوامر بالقبض على منفذي العملية الذين استغلوا يوم الإجازة الرسمية في البلاد لتنفيذ خطتهم، واستغلال عدم التنسيق بين الأجهزة، وفق وسائل إعلام ليبية.
وتعكس الواقعة سطوة الميليشيات، والدور الخطير الذي يلعبه السلاح غير المقنن في ليبيا، بما يمكن أن يهدد أي مسار سياسي يمهد لإنهاء الأزمة المستمرة منذ عام 2011، عندما اندلعت احتجاجات أدت إلى إطاحة الزعيم معمر القذافي.
وتعدّ معضلة الميليشيات المسلحة التي تتحكم في العاصمة طرابلس وترتبط بعلاقات متوترة ومصالح متعارضة وانتماءات متناقضة، واحدة من أبرز العقبات التي تواجه السلطة التنفيذية الجديدة التي وعدت الليبيين بالسلام والوحدة والاستقرار.
وكانت صحيفة "إي يو أوبزيرفر" التي تصدر في بلجيكا، نشرت مؤخرا تقريرا عن أن الاتحاد الأوروبي لديه خطط لمهمة عسكرية في ليبيا لقطع الطريق أمام "دول ثالثة" تساهم في زيادة انتشار السلاح في البلد المضطرب.
وأضافت الصحيفة نقلا عن ورقة داخلية مسربة صادرة عن وزارة الخارجية بالاتحاد، ومؤرخة بالأول من يوليو الجاري، أن عملية السلام في ليبيا تتطلب "نزع سلاح وتسريح وإعادة دمج على نطاق واسع للمقاتلين، بالإضافة إلى إصلاح أساسي لقطاع الأمن".
وكشفت تقارير خبراء الأمم المتحدة المختصين بليبيا عن امتلاك المجموعات المسلحة في غرب البلاد ترسانة من الأسلحة، بداية من الأسلحة الآلية الخفيفة والمتوسطة من مناشئ مختلفة "روسية وغربية"، وصولا إلى سيارات الدفع الرباعي المحملة برشاش 14.5 مم رباعي، وراجمات الصواريخ متعددة الأعيرة "غراد والثقيلة"، وأعداد من الدبابات "تي 62"، ومدافع ميدانية متعددة الأعيرة ذاتية الحركة ومحمولة، وكلها تعود للمخازن العسكرية إبان عهد القذافي.
ورصد تقرير أممي إقبال الجماعات المسلحة على تخزين العتاد العسكري بل وشرائه من الخارج، ذاكرا أن الطلب على السلاح "زاد في عام 2014"، وذلك حينما أطلقت تلك الميليشيات العملية التي سمتها "فجر ليبيا" ضد الجيش الوطني الليبي، انتقاما منهم لخسارة الكثير من المرشحين التابعين لها في الانتخابات التشريعية 2014.