«الإمارة العائدة».. مؤامرة إسقاط كابول
الثلاثاء 17/أغسطس/2021 - 02:10 م
طباعة
حسام الحداد - أميرة الشريف - ليلى عادل
خبراء: أمريكا تعمدت إضعاف الجيش الأفغاني وإعطاء أفضلية للحركة الإرهابية..
أولاد العم سام سحبوا الدعم الجوي والاستخباراتي وتركوا الدولة تسقط
لم تحتج حركة طالبان أكثر من أسبوع للسيطرة على أفغانستان، فى حملة خاطفة انتهت فى كابول فى ظل اختفاء القوات الأفغانية، وأعلنت الحركة انتهاء الحرب بعد سيطرتها على القصر الرئاسي في كابل، أمس الأول الأحد، مع رحيل القوات الأجنبية التى تقودها الولايات المتحدة ومسارعة الدول الغربية لإجلاء مواطنيها صباح أمس الإثنين.
وفر الرئيس الأفغانى أشرف غني، من البلاد مع دخول المسلحين المدينة، قائلًا إنه تجنب سفك الدماء، فى حين تكدس مئات الأفغان بمطار كابول أملًا فى مغادرة البلاد.
طرح سقوط أفغانستان، على أيدى حركة طالبان، تساؤلات عديدة عن أسباب هذا السقوط السريع وفشل توقعات الرئيس جو بايدن فى صمود الحكومة الأفغانية بوجه طالبان لسنوات، أو ربما لعدة أشهر.
وتشرح صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أسباب السقوط المفاجئ للحكومة، مشيرة إلى مواقع الحكومة الأفغانية فى حى الإمام صاحب فى شمال إقليم قندوز والتى صمدت لمدة شهرين بعد أن حاصرته حركة طالبان، وكانت وحدات الكوماندوز الخاصة تأتى مرة واحدة فى الأسبوع لإعادة الإمداد.
بعد ذلك أصبحت هذه العمليات أكثر ندرة وكذلك الإمدادات، لافتة إلى أنه فى «الأيام الأخيرة، لم يكن هناك طعام ولا ماء ولا أسلحة» ما دفع المتبقين للفرار فى ناقلة جند مدرعة.
ومع سقوط منطقة تلو الأخرى فى هجوم طالبان هذا الصيف دون دعم مرئى كبير من الجيش الأفغانى وقوات الشرطة، ما أدى إلى اقتناع الجنود الأفغان بأن الأمر لم يعد يستحق القتال بعد الآن، خاصةً إذا عرضت عليهم طالبان ممرًا آمنًا وعادة ما يفعلون.
ونشرت الجريدة قول «رحيم الله» وهو جندى يبلغ من العمر 25 عامًا، التحق بالجيش قبل عام وخدم فى منطقة شهر بوزورغ فى شمال شرقى إقليم بدخشان: «لقد سلم الجميع أسلحتهم وهربوا.. لم نتلقَ أى مساعدة من الحكومة المركزية، وهكذا سقطت المنطقة دون أى قتال».
وكان من المفترض أن تكون قوات الجيش والشرطة الوطنية الأفغانية، التى يبلغ تعدادها نظريًا 350 ألف مقاتل، ومجهزة بتكلفة باهظة من قبل الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين رادعًا قويًا لطالبان، وهذا أحد الأسباب التى دفعت بايدن عندما أعلن فى أبريل عن قراره بسحب جميع القوات الأمريكية من أفغانستان إلى التعبير عن ثقته فى قدرة الجيش الأفغانى على الصمود.
وشهدت قوات الأمن الأفغانية منذ ذلك الحين انهيارا مذلا، حيث خسرت معظم أنحاء البلاد ومدينتى قندهار وهرات الرئيسيتين فى الأيام الأخيرة.
يرجع خبراء هذا الفشل إلى عيوب داخلية فى الجيش الأفغاني، وتفاقمت هذه العيوب بسبب التخبط الاستراتيجى لحكومة الرئيس الأفغانى أشرف غني، بالإضافة إلى استغلال حركة طالبان محادثات السلام التى ترعاها الولايات المتحدة لخداع كابل بشأن نواياها أثناء تحضيرها وتنفيذها للهجوم.
كما أن الجيش الأفغانى الذى يقاتل إلى جانب القوات الأمريكية تم تشكيله بما يتناسب مع طريقة عمل الأمريكان، إذ يعتمد الجيش الأمريكى وهو الأكثر تقدمًا فى العالم بشكل كبير على الجمع بين العمليات البرية والقوة الجوية واستخدام الطائرات لإعادة إمداد المواقع الأمامية، وضرب الأهداف ونقل الجرحى، وجمع المعلومات.
الدور الأمريكي
وهناك من يؤكد أن الأمريكان لهم دور كبير فى إضعاف الجيش الأفغاني، وإعطاء الأفضلية لطالبان، ففى أعقاب قرار بايدن بالانسحاب، سحبت الولايات المتحدة دعمها الجوى والاستخباراتى والمقاولين الذين يشغلون الطائرات والمروحيات الأفغانية، وهذا يعنى أن الجيش الأفغانى ببساطة لم يعد قادرًا على العمل، وحدث الشيء نفسه مع محاولة أمريكية فاشلة أخرى وهى الجيش الفيتنامى الجنوبى فى السبعينيات، حسبما قال الجنرال المتقاعد دانيال بولجر الذى قاد مهمة التحالف بقيادة الولايات المتحدة لتدريب القوات الأفغانية فى 2011-2013.
وأضاف الجنرال «بولجر»، لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية: «هناك دائمًا ميل لاستخدام نموذجك الخاص للتدريب، وعندما تبنى جيشًا من هذا القبيل، من المفترض أن تكون شريكًا مع قوة متطورة مثل الجيش الأمريكي، ولا يمكنك سحب الأمريكيين فجأة لأنهم بعد ذلك، لأن الأفغان يفقدون المساعدة اليومية التى يحتاجونها.
دور «المال» في انتصارات طالبان
وحول دور المال في انتصارات طالبان، كتبت صحيفة واشنطن بوست، إن طالبان قدمت رشاوى لمسئولين وعسكريين أفغان فى عام 2020، كى يسلموا أسلحتهم.
ونقلت مصادر للصحيفة الأمريكية، أن مسئولين حكوميين وصفوا هذه الصفقات بأنها بمثابة «اتفاقات لوقف إطلاق النار»، إلا أن المسلحين فى الواقع كانوا يعرضون أموالا مقابل تسليم الأسلحة، وأن حركة طالبان نجحت خلال عام ونصف العام فى توسيع هذا المخطط من المناطق السكنية إلى مستوى السلطات الإقليمية والمحافظات الإدارية.
ولفتت الصحيفة، إلى أن تتويج جهود طالبان فى رشوة السلطات ظهر فى «سلسلة مبهرة من المحادثات حول استسلام القوات الحكومية».
وأوضح مسئول استخباراتى أفغاني، أن البعض أراد الحصول على المال، لكن آخرين مضوا للاتفاق مع طالبان بعد توقيع اتفاق بين واشنطن والحركة فى الدوحة، يفترض انسحاب القوات الأجنبية، مضيفا أن الكثيرين اعتقدوا أن طالبان ستعود لا محالة إلى السلطة وقرروا «تأمين مكان لهم فى الجانب المنتصر».
شروط طالبان
وبعد يوم من سيطرة طالبان على العاصمة كابول وانهيار الحكومة الأفغانية، أعلن قائد بالحركة أمس، أنه من السابق لأوانه التحدث عن كيفية تولى طالبان الحكم.
وأبلغ القائد الذى طلب عدم نشر اسمه «رويترز» عبر الهاتف: «نريد مغادرة كل القوات الأجنبية قبل أن نشرع فى إعادة هيكلة نظام الحكم».
كما أضاف أن المسلحين يعيدون تنظيم صفوفهم فى مختلف الأقاليم، موضحًا أنه صدرت تعليمات لمقاتلى الحركة فى كابول بعدم ترهيب المدنيين والسماح لهم باستئناف أنشطتهم العادية.
وقال مسئولون فى الحركة، إنهم لم يتلقوا أى تقارير عن أى اشتباكات بمختلف أنحاء البلاد. وأكد عضو كبير فى طالبان أن «الوضع هادئ وفقًا لما لدينا من تقارير».
فرار جماعي
وظهر أمس الأول الأحد، فى مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى والنشرات الإخبارية، آلاف الأفغان، أفرادًا وجماعات من كل الأعمار، وهم بسيارات ضاقت بها الشوارع، أو مشيًا على الأقدام، مسرعين نهارًا وليلًا إلى مطار «حامد كرزاى الدولي» للفرار منه إلى أى مكان، قبل أن تسيطر طالبان على كل العاصمة وسكانها الأكثر من 6 ملايين.
الواصلون بشق الأنفس إلى المطار البعيد 16 كيلومترًا عن وسط كابل، شقوا طريقهم بين ممراته وردهاته، للوصول إلى المدرج، والصعود منه إلى أى طائرة يجدونها تستعد للإقلاع، من دون أن يسأل الواحد منهم عن وجهتها، ومعظمهم لم يكن حاملًا لحقيبة سفر، وأكثر ما ساهم فى نشر حالة من اسوداد النظرة المرفقة باليأس على ما طرأ فجأة على البلاد، هى ذكريات فى بال الكثيرين من الأفغان عن وحشية نظام طالبان المتطرف، والرعب من معرفة أنهم حكموا البلاد 20 سنة بالحديد والنار، ثم عادوا إلى السلطة بتطرف أكثر من السابق على ما يبدو، إلى درجة لم يتركوا معها للأفغان أى خيار سوى الإسراع إلى المطار لركوب طائرة والهروب كيفما كان وإلى أى مكان.
وأول المغادرين من المطار الذى تم نقل السفارة الأمريكية إليه، والشهير باسم «الخواجة رواش» أيضًا، هم 500 موظف تم السماح لهم بالسفر من أصل 4.000 يعملون بالسفارة، وفقا لتقرير بثته شبكة ABC التليفزيونية الأمريكية عن فوضى هروب جماعي، حيث ازدحمت السيارات فى واحد من أبرز 4 شوارع تؤدى إلى مطار كابل الدولي.
طالبان الماضى والحاضر
خلال مفاوضات السلام وأثناء الزيارات إلى الخارج، أعربت قيادة طالبان عن اعتقادها بأن المرأة لها حقوق بموجب القوانين الإسلامية، وتعهدت الجماعة أيضًا بحماية البنية التحتية العامة مثل المبانى الحكومية والطرق والمدارس، التى كثيرًا ما تهاجمها.
فى مناطق قليلة جدًا من أفغانستان سيطرت عليها حركة طالبان لسنوات عديدة، سمح أعضاء المجموعة المحليون للفتيات بالذهاب إلى المدرسة بعد أن تفاوض قادة المجتمع المحلى مع قادة طالبان المحليين، رغم كل هذا تظل سياساتهم أكثر تشددًا فى المناطق التى تم الاستيلاء عليها حديثًا.
ووفقًا لتقارير مختلفة لمحطتى راديو ليبرتى وراديو سلام وطاندر الأفغان، طلب حكام طالبان فى شمال وشمال شرق أفغانستان من العائلات تزويج فتاة واحدة لكل أسرة لمقاتليهم؛ وقالوا إن المرأة يجب ألا تغادر المنزل دون قريب ذكر؛ وأمروا الرجال بالصلاة فى المساجد وإطلاق اللحى.
تقول اللجنة المستقلة للإصلاح الإدارى والخدمة المدنية، وهى وكالة حكومية أفغانية، إن البنية التحتية العامة، دُمرت وتوقفت الخدمات الاجتماعية فى العديد من المناطق التى تسيطر عليها طالبان، مما ترك 13 مليون شخص بدون خدمات عامة.
تشير جميع الأدلة إلى أن طالبان ما زالت تؤمن باستعادة نظام إمارتهم القديم، حيث كان زعيم دينى غير منتخب، أو أمير، هو صانع القرار النهائي، لا يمكن لأحد أن يطعن فى أحكامه لأنه يعتقد أن لديه سلطة إلهية من الله.
وتحت حكم طالبان، استضافت أفغانستان العديد من الإرهابيين الذين نفذوا هجمات على المصالح الأمريكية فى جميع أنحاء العالم.
ومن بين الإرهابيين زعيم القاعدة أسامة بن لادن، الذى خطط لتفجيرات عام 1998 لسفارتى الولايات المتحدة فى كينيا وتنزانيا وهجمات 11 سبتمبر 2001 ومركز التجارة العالمى والبنتاجون، وقُتل بن لادن على يد القوات الأمريكية فى منزله بباكستان عام 2011، لكن خلايا القاعدة تواصل عملها فى جنوب غرب آسيا وما وراءها.
ولا تزال طالبان مرتبطة بالجماعة، وهو انتهاك لاتفاق 2020 مع الولايات المتحدة وفقًا لتقرير صادر عن الحكومة الأمريكية فى مايو 2021، فإن طالبان «تحافظ على علاقات وثيقة» مع القاعدة.
على صعيد آخر، كانت حركة «طالبان» فجرت فى عام 2001 تمثالين منحوتين فى الصخر لبوذا فى مقاطعة باميان بوسط أفغانستان، فيما يعتبر أعلى صورة منحوتة لبوذا فى العالم، وكانت واحدة من أشهر المعالم الأثرية لثقافة ما قبل الإسلام فى أفغانستان.
وأثارت حينها تصرفات طالبان غضبا عاما فى العالم، وأدانت حكومات الدول الرائدة تدمير التماثيل، فيما لا تزال توجد فى الوقت الحالى آثار من الحقبة البوذية فى أفغانستان، وخاصة الأبراج البوذية إلى الشرق من كابول.
فيما صرح سهيل شاهين، المتحدث باسم حركة «طالبان»، بأنه مع عودة طالبان إلى السلطة بعد 20 عاما، لا شيء يهدد الآثار البوذية فى أفغانستان.
وقال شاهين لصحيفة «ديلى ميرور» السريلانكية: «المواقع البوذية فى أفغانستان ليست فى خطر. أنا أدحض أى مزاعم من هذا النوع».
من المستفيد؟
حول آثار الانسحاب الأمريكى من أفغانستان بعد المباحثات الطويلة مع طالبان، والذى حمل كثيرا من التخوفات الإقليمية والأممية، كان لديريك جروسمان كبير محللى الدفاع فى مؤسسة راند رأى آخر، حيث تنصب أعين الصين على استخدام أفغانستان كممر استراتيجى بمجرد أن تبتعد القوات الأمريكية عن الطريق،
فالواقع يقول إن إعلان الرئيس الأمريكى جو بايدن أن القوات الأمريكية ستنسحب من أفغانستان بحلول 31 أغسطس سيزيل أكبر عقبة أمام سيطرة طالبان الكاملة على البلاد.
ولمدة 20 عامًا، كان وجود الولايات المتحدة فى أفغانستان، رغم عدم تقديره دائمًا، بمثابة قوة يمكن التنبؤ بها وتحقيق الاستقرار، أما الآن، أثار احتمال تجديد حكم طالبان قلقا كبيرا بين قوى المنطقة، وفى وقت سابق من يوليو الماضي، زار وزير الشئون الخارجية الهندى س. جايشانكار موسكو وطهران، بينما كان ممثلو طالبان فى كل مدينة، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت مفاوضات القنوات الخلفية جارية، وتستعد موسكو للاستفادة من منظمة معاهدة الأمن الجماعى المكونة من 6 دول لمعالجة المشكلات المحتملة على الحدود الأفغانية الطاجيكية، التى تسيطر عليها حركة طالبان على الجانب الأفغاني. كما تتفكك علاقات باكستان مع الحكومة الأفغانية بسرعة، ويبدو أن باكستان تفاوضت على مقايضة مع طالبان لرفض القواعد الأمريكية على الأراضى الباكستانية مقابل مساعدة طالبان فى محاربة المسلحين الباكستانيين على غرار طالبان، وفى غضون ذلك، اجتمعت منظمة شنجهاى للتعاون، وهى مجموعة اقتصادية وأمنية تضم الصين والهند وباكستان وروسيا وأربع دول فى آسيا الوسطى، الأسبوع الماضي، وكان الاستقرار الأفغانى المستقبلى على رأس جدول أعمالها.
وسط كل هذا القلق الإقليمي، تحاول الصين بهدوء تأمين مصالحها فى أفغانستان ما بعد الولايات المتحدة، حيث تشارك بكين بنشاط مع كابول فى بناء طريق بيشاور-كابول السريع، والذى سيربط باكستان بأفغانستان ويجعل كابول مشاركًا فى خطة الاستثمار والبنية التحتية الضخمة للصين، مبادرة الحزام والطريق. وحتى الآن، تقاوم كابول المشاركة فى المبادرة لتجنب الوقوع فى الجانب الخطأ من واشنطن. بكين أيضا تبنى طريقا رئيسيا عبر ممر واخان - شريط رفيع من الأراضى الجبلية يربط مقاطعة شينجيانج الواقعة فى أقصى غرب الصين بأفغانستان - وما بعده إلى باكستان وآسيا الوسطى، مكملًا شبكة الطرق الحالية عبر المنطقة.
وتدعم بكين رسميًا، المصالحة الوطنية الأفغانية، وترسل أيضًا إشارات قوية بأنها تخطط لمعاملة طالبان كحكومة شرعية لأفغانستان إذا مرت مثل هذه اللحظة، وفى يوليو الماضي، ناقشت جلوبال تايمز، الناطقة بلسان الحزب الشيوعى الصيني، بأن «صنع عدو لطالبان ليس فى مصلحة الصين»، وفى الأسبوع الماضي، نقلت الصحيفة عن خبير صينى قوله إن «طالبان تتحول بهدوء لتصبح منظمة سياسية تركز على الشئون الداخلية لأفغانستان، وهى تستعد للاستيلاء على السلطة»، وحث وزير الخارجية الصينى وانغ يي، طالبان على «الانفصال التام» عن الإرهاب إذا استعادت الجماعة السيطرة على أفغانستان. من المؤكد أن بكين كانت تستعد لمثل هذا السيناريو بالضبط.
وحول موقف موسكو، أعلن ضمير كابولوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى أفغانستان ومدير الدائرة الآسيوية الثانية بالخارجية الروسية، أن روسيا لا ترى أي تهديد لبلدان آسيا الوسطى من جانب حركة طالبان.
وقال كابولوف في بث "القناة الأولى" الروسية، أمس الاثنين: "لا نرى أي تهديد مباشر لحلفائنا في آسيا الوسطى. لا توجد هناك ولو حقيقة واحدة تشير إلى خلاف ذلك".
وأفاد بأن روسيا أعدت مسبقا أساسا وأقامت اتصالات مع حركة طالبان، الأمر الذي وصفته بأنه واحد من أصول السياسة الخارجية الروسية.
وأوضح: "لقد أقمنا اتصالات مع حركة طالبان منذ وقت بعيد... والأمر أننا أعددنا أساسا للمحادثات مع السلطات الجديدة مسبقا إنه يعد أصلا للسياسة الخارجية الروسية نستخدمه بشكل كامل لصالح روسيا على المدى الطويل".
أميركا: الوضع يتدهور بأفغانستان.. ولا تعليق عن سقوط كابل
بعد سقوط العاصمة كابول بيد طالبان وفرض نفوذها هناك، أفادت تقارير إعلامية بأن السفارات العالمية والمقرات الدولية فى العاصمة الأفغانية، تشهد حالة استنفار غير مسبوقة، وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن المنظمة الدولية تقيّم الوضع الأمنى فى أفغانستان لحظة بلحظة وتنقل بعض الموظفين إلى العاصمة كابول لكنها لا تجلى أى أحد من البلاد.
وأعلنت أمريكا وبريطانيا إغلاق سفارتيهما فى العاصمة كابول، واتخاذ الإجراءات العسكرية اللازمة لإجلاء مواطنيها.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» إنها سترسل نحو 3 آلاف جندى إضافيين للمساعدة فى إجلاء طاقم السفارة الأمريكية.
أما بريطانيا، فسترسل نحو 600 جندي لمساعدة مواطنيها على المغادرة، وحذر وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، من انزلاق أفغانستان نحو حرب أهلية مع توالى سقوط المدن الأفغانية فى يد حركة طالبان، مشيرا إلى أن بلاده قد تعود عسكريا إلى تلك البلاد إذا أصبحت ملاذا لتنظيم القاعدة الإرهابى مجددا.
ومن جهته أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، إثر اجتماع مع سفراء دول حلف شمال الأطلسى فى بروكسل، بعد قرار واشنطن ولندن إجلاء رعاياهما من كابل، أن الحلف سيدعم الحكومة الأفغانية «قدر الإمكان» وسيقوم بـ«تكييف» وجوده الدبلوماسي.
وأعلنت إسبانيا، أنها باشرت إجلاء من تبقى من مواطنيها فى أفغانستان، إضافة إلى موظفى سفارتها فى كابول وزملائهم الأفغان، فى ضوء التقدم السريع الذى تحرزه حركة طالبان فى كل أنحاء البلاد.
وتنضم إسبانيا بذلك إلى كل من هولندا وألمانيا والنرويج والدنمارك، وجماعات إغاثة، وقد أعلنت أنها تعمل أيضا على إجلاء موظفيها.
وأشار وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس فى بيان، إلى بدء إعادة أفراد السفارة والإسبان الذين بقوا فى البلاد، وكذلك الأفغان وأسرهم الذين عملوا إلى جانبنا».
وقال إن «إسبانيا مستعدة لأى احتمال، بما فى ذلك إخلاء السفارة إذا لزم الأمر».
وكتبت وزيرة الخارجية السويدية آن ليندي، على تويتر، أن بلادها ستكتفى حاليا بتقليص وجودها الدبلوماسى فى أفغانستان، غير أنها أشارت إلى أن الاستعدادات جارية لإجلاء موظفى السفارة.
وأعلنت ألمانيا، أيضا أنها ستخفض عدد موظفيها الدبلوماسيين فى كابول إلى «الحد الأدنى» فى مواجهة الهجوم الذى تشنه حركة طالبان.
وأبلغ دوجاريك الصحفيين بأن المنظمة الدولية لها «وجود محدود للغاية» فى مناطق سيطرت عليها حركة طالبان.
وللمنظمة نحو 3 آلاف موظف محلى ونحو300 موظف دولى يعملون فى أفغانستان.
وأخيرا وأمام تطور الأحداث على الساحة الأفغانية وإحكام طالبان سيطرتها هناك عدد ليس بالقليل من الأسئلة التى تظل معلقة وربما كان أولها موضوع الحريات خاصة حرية الاعتقاد فى البلاد وكذلك وضع المرأة، فما زال يذكر المجتمع الدولى الحالة الظلامية التى فرضتها طالبان فى السابق ومعاداتها للفنون والثقافة وتعليم المرأة.. إلخ، ومن الأسئلة المهمة أيضا مدى تأثير انتصار طالبان على جماعات التطرف والإرهاب المنتشرة حول العالم، وكذلك ردود الفعل الدولية خصوصا أصحاب المصالح والفاعلين فى الملف الأفغاني.. كل هذه الأسئلة وغيرها تنتظر إجابات ربما تتكشف فى الأيام القليلة المقبلة.