"المجلة" تبحث عن خلايا «داعش» النائمة في اسرائيل
الثلاثاء 05/أبريل/2022 - 01:43 م
طباعة
روبير الفارس
خصصت مجلة " المجلة " التى في عددها الاخير ملفا حول " دواعش اسرائيل " وقالت المجلة في تقريرها خلافا لعمليات سابقة نُفذت داخل إسرائيل ويكون منفذوها من فلسطينيي 48، تعالت، هذه المرة، الأصوات الرافضة لهذه العمليات بين قادة هذه الشريحة الفلسطينية، ليس فقط لكونها عمليات نفذت من قبل نشطاء في تنظيم داعش إنما أيضا لتنفيذها داخل بلدات إسرائيلية تستهدف المدنيين. فمقتل 11 شخصا بينهم شبان من فلسطينيي 48، أشعل الضوء الأحمر أمام هذه العمليات، خصوصا في هذه الفترة الحساسة التي تتسم منذ فترة بدعوة جهات عدة إلى ضرورة تحريك العملية السلمية والتوصل إلى حل يضع حدا لسفك دماء الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.في إسرائيل تعاملوا مع هذه العمليات وكأنها أزمة أمنية لكن الحقيقة أن عوامل عدة شكلت تربة خصبة لتنفيذها، سواء نفذت من قبل نشطاء داعش أو من قبل فلسطينيي الضفة الغربية المحتلة.
وقالت المجلة في تقريرها بعد تنفيذ عمليتي بئر السبع والخضيرة من قبل ثلاثة نشطاء في داعش وهم من سكان فلسطينيي 48 يحملون هويات إسرائيلية، تم الكشف عن تقديرات أمنية بوجود ما بين 20 و30 خلية نائمة في إسرائيل تابعة لداعش. هذه الخلايا تعني أن عناصرها تلقوا تدريبات من قبل جهات داعمة لداعش، سواء في سوريا أو غيرها والأخطر من هذا أن إسرائيل تعلم بوجود هذه الخلايا لكنها لم تتخذ إجراءات للقضاء عليها.اليوم فقط، وبعد استيقاظ داعش لتنفيذ عمليات ضد إسرائيليين أدركت الحكومة الإسرائيلية، متمثلة في المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) خطورة الوضع وأصدرت قرارا بضرورة ملاحقة ومعاقبة كل من يبدي دعمه وتأييده لداعش وتلك الخلايا النائمة.
خلايا نائمة، يعني أن إسرائيل كانت على دراية بوجودها لكنها لم تحرك ساكنا، ذلك يعني أن التعامل من أيدٍ حريرية شكلت تربة خصبة لنمو وتغلغل هذه الخلايا داخل المجتمع العربي. واليد الحريرية انعكست أيضا في المحاكمات المتهاونة مع شبان من فلسطينيي 48 أدينوا بالتعامل مع داعش، وفي مقدمتهم منفذ عملية بئر السبع، محمد أبو القيعان، الذي ضبط بتهمة التعاون مع داعش لتنفيذ عمليات والسفر إلى سوريا للتدريب هناك. وقد قضى فترة زمنية قصيرة في السجن لا تتناسب والفترة التي يمكن أن تصدر ضد أي أسير أمني، على سبيل المثال فلسطيني أدين بالتخطيط لتنفيذ عملية في إسرائيل. واضاف التقرير
كذلك الأمر بالنسبة لمنفذي عملية الخضيرة، وهما من أم الفحم في المثلث، وهذا الأمر بحد ذاته استدعى قيادة فلسطينيي 48 إلى إطلاق صوت من دون تلعثم ضد هذه العمليات التي تنفذها داعش، عموما، والعمليات التي تستهدف مدنيين إسرائيليين، بشكل خاص، وهذه الأخيرة لم يكن الصوت المعارض لها واضحا إلى هذا الحد في السابق.
حتى إن الموقف الصريح أثار نقاشا مع التنظيمات الفلسطينية التي احتجت على إدانة العمليات من قبل قيادة فلسطينيي 48. وكان أبرز النقاش مع رئيس القائمة المشتركة، النائب أيمن عودة، الذي أطلق موقفا صريحا بإدانة العمليات الانتحارية، معلنا أن داعش قتل من العرب عددا كبيرا في الشرق الأوسط وبأنه تنظيم يجب عدم إفساح المجال لأي عربي سواء بين فلسطينيي 48 أو في الخارج بالتعامل معه بل يجب التصدي لذلك.
وحمّل عودة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية لصمتها على وجود مثل هذه العناصر وعدم العمل على جمع الأسلحة وترك المجال لعناصر تشكل خطرا أمنيا على كل شخص بحيازة أسلحة بل التزود بكميات كبيرة ونوعيات خطيرة.
وقال التقرير في ظل وقوع ثلاث عمليات في أقل من أسبوع، ثم عملية رابعة نفذت، لدى إقدام شاب فلسطيني على طعن يهودي في إحدى حافلات الباص، فإن الوضع قد تجاوز مسألة السيطرة وهو أمر استدعى جهات إسرائيلية إلى توجيه دعوة صريحة للحكومة بالعمل على إعادة الهدوء وإزالة التهديد، في ظل تضعضع الشعور بالأمن، حيث بات الكثيرون يخشون الخروج من بيوتهم والسفر في الباصات أو حتى الدخول إلى مراكز تجارية.الحكومة، من جهتها وبعد مشاورات مع الأجهزة الأمنية قررت تطويق الضفة وغزة بـ15 كتيبة عسكرية لضمان الأمن إلى جانب نشر قوات معززة من الجيش والشرطة في البلدات الإسرائيلية وتكثيف الحراسة عند الحواجز العسكرية في مداخل البلدات الفلسطينية.وهناك إجراءات عدة اتخذت في محاولة لمنع التصعيد وضمان الهدوء، لكن في توصية من قبل أمنيين فإن اتخاذ هذه الإجراءات وحدها لا يكفي لضمان الأمن والهدوء.ففي البداية حذروا الحكومة من الاستسلام لما سموها الدعوات العابثة للعقاب الجماعي التي خرجت بها جهات يمينية واستيطانية، كما دعوا إلى عدم هدم بيوت منفذي العمليات والسماح للفلسطينيين بالوصول إلى الأقصى للصلاة خلال شهر رمضان الفضيل، وأشارت هذه الجهات إلى أن هاتين الخطوتين «لم تثبت نجاعتهما باستثناء إرضاء مشاعر الثأر»، وأضاف أحدهم يقول: «دعوات (الموت للعرب) التي تنطلق مرة أخرى في الحيز العام، ليست فقط عنصرية بل وتتجاهل أيضا أن النسيج البشري الإسرائيلي يتشكل من شعبين، معظمهم يريدون العيش بسلام الواحد إلى جانب الآخر. كما أن تضعضع الأمن لا يبرر مسا جماعيا، الذي اتخذته بضع سلطات محلية ألغت أعمال بناء وحدائق في مؤسسات تعليمية. مثل رئيس بلدية رمات غان كرمل شاما هكوهن، الذي كتب أنه سيحاسب مقاولين لا يستجيبوا لطلبه بتعطيل مواقع البناء وقال إنه سيتجول مسلحا بمسدس بين مؤسسات التعليم».مثل هذا الحديث يجب رفضه وعدم الاندفاع إلى «الوقوع في فخ من يطالبون بالثأر والمس الجماعي بالفلسطينيين. شهر رمضان يبدأ في نهاية الأسبوع، وخطوات متهورة وثأرية كفيلة بأن تتسبب في تصعيد واشتعال شامل، بروح ما حصل في إسرائيل وفي غزة عند حملة حارس الأسوار».
وجاء في التقرير القلق الذي ينتاب، ليس فقط الأجهزة الأمنية، إنما القيادة العربية، هو العودة إلى ما شهدته البلدات العربية داخل إسرائيل والمختلطة بينها بشكل خاص، خلال العملية العسكرية حامي الأسوار. فهذه اعتبرها عاموس جلعاد، نقطة حرجة ويقول: «عمليتا بئر السبع والخضيرة اللتان نفذتا من قبل ثلاثة من فلسطينيي 48 نبعتا من التحريض السائد في مجموعة هامشية في المجتمع العربي لكنها تمثل مشاكل جذرية من شأنها أن تصبح تهديدات استراتيجية، وعلى رأسها ضعف حوكمة الدولة في الجمهور العربي، ضعف القيادات المحلية، أزمة الجيل الشاب وانزلاق الجريمة والعنف من المجال الجنائي العربي إلى البعد القومي في ظل المس أيضا بالجمهور اليهودي».
مقابل هذه الأصوات، تعالت أيضا أصوات اليمين والمتطرفين الداعية إلى تنفيذ عمليات عسكرية شبيهة بعملية السور الواقي وعدم الاقتصار على ما دعت إليه الأجهزة الأمنية والمجلس الوزاري الأمني المصغر. لكن هذه الأصوات ووجهت بمعارضة شديدة وواضحة وأشار البعض إلى أن الرد سيركز في جزء منه على متابعة عناصر داعش والقاعدة على أن يندمج الرد مع جهود الشرطة الواسعة للعمل ضد عائلات الجريمة ومصادرة آلاف قطع السلاح غير القانونية في القرى العربية.الخبيرة في شؤون الإرهاب العالمي والأزمات الدولية، دكتورة عنات مروم ترى أن دخول داعش إلى الصورة يشكل نقطة انعطاف هامة بالنسبة لإسرائيل وإذا لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية والمسؤولون قرارات تضمن التهدئة فإن الفوضى ستزداد وانعدام الأمن سيصبح سيد الموقف.
وتقول: «لقد أطلق داعش (الجن من القمقم) وأعطى حقنة تشجيع خارجية لفلسطينيين ولمنفذي عمليات محتملين آخرين، من شأنهم أن ينفذوا عمليات، سواء بأمر من حماس أو الجهاد الإسلامي، أو بإلهام منه».
وبرأي مروم، فإن توقيت العمليات ليس صدفة، حيث إن «داعش يستغل مسألة النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، وأساسا الغضب الشديد المتراكم تجاه اتفاقات إبراهيم وانعقاد وزراء خارجية من الدول العربية المعتدلة في إسرائيل، ويوجه كل هذا إلى خطاب الكراهية في الشبكات الاجتماعية مما يؤدي إلى تصعيد العنف وتنفيذ العمليات. في دائرة الكراهية الناشئة، الإرهاب الفلسطيني والداعشي يتعززان. وإذا لم يكن يكفي، فإن مظاهرالشماتة ضد إسرائيل وفي المقابل هتافات العداء ضد العرب، تعمق الفوضى والاستقطاب السياسي- الاجتماعي. في لحظة الأزمة هذه، على حكومة إسرائيل وعلى السلطة المسؤولية لتهدئة الخواطر بكل الوسائل والمقدرات تحت تصرفهما».