أليكس شميد ودليل منع الإرهاب

الخميس 22/سبتمبر/2022 - 10:16 م
طباعة أليكس شميد ودليل إعداد حسام الحداد
 


دليل منع الإرهاب والتأهب له كان عنوان اللقاء الشهري الذي يجريه موقع عين أوروبية على التطرف لشهر سبتمبر وكان ضيف اللقاء أليكس ب.شميد، الباحث في المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، ومدير “مبادرة بحوث الإرهاب”. وهو من الباحثين غزيري الإنتاج، فله العديد من الكتب والدراسات والمقالات المنشورة في عددٍ من الدوريات المتخصصة، وتركِّز كتاباته وأبحاثه على الإرهاب والتطرف.

وحول  أهداف دليل منع الإرهاب والتأهب له قال شميد: كان هذا الدليل قيد الإعداد منذ فترة طويلة. في الواقع، كان على جدول أعمالي الشخصي لأكثر من عشرين عامًا، منذ أن كنت مسؤولًا عن فرع منع الإرهاب التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا (1999-2005). في تلك الأيام، لم يكن لديّ المال ولا الوقت الكافيان لتجميع دليلٍ موثوق به عن منع الإرهاب. لذلك، فبمجرد تقاعدي من جامعتي سانت أندروز (2009) ولايدن (2018)، أُتيح لي الوقت لإنتاج هذا الدليل، وكتابة ستة من أصل 35 فصلًا، ودعوة الزملاء في مجال دراسات الإرهاب لكتابة الفصول الأخرى. وقد حاولنا الجمع بين ما هو معروف عن الإرهاب ومنعه؛ وسعينا لفصل الغثِّ عن السمين في الأدبيات الموجودة، حتى لا يُضطر الأعضاء الآخرون في المجتمع البحثي للبدء من الصفر. بعض مؤلفي الفصول هم من القادمين الجدد الواعدين إلى هذا المجال، في حين أن البعض الآخر من ذوي الخبرات الممتدة.

بالنسبة لي، بدأت اهتماماتي البحثية حول الإرهاب منذ عام 1976 وعلى الرغم من أنني نشرتُ منذ ذلك الحين أيضًا العديد من الموضوعات الأخرى، فإنني كنت على اطلاعٍ دائم بالتطورات في مجالات الإرهاب ومكافحته، أولًا محررًا مشاركًا لمجلة “الإرهاب والعنف السياسي”، ثم -وحتى يومنا هذا- رئيس تحريرٍ لمجلة “وجهات نظر عن الإرهاب”.

وحول الفكرة وراء الجمع بين “المنع” و”التأهب” في كتابه قال شميد: لا يمكنك منع شيءٍ إذا لم تكن مستعدًا له. الاثنان يسيران معًا.

وأضاف شميد عن الكيفية التي يُسهم بها الكتاب في الجهود الحالية لمنع الإرهاب بقوله: في حين أن الكثير من الكتابات الحالية في مجال العنف السياسي تركِّز على منع التشدد أو منع التطرف (العنيف)، فإن هذا الدليل أكثر تركيزًا، كونه أعمق من الأدبيات الموجودة، ويقدِّم “الدروس المستفادة”.

وعن القضايا المفاهيمية المتعلقة بالتعريفات والتصنيفات والنظريات حول الإرهاب قال شميد: يوجد في هذا المجال عدد كبير جدًا لا يتسع المجال لذكره هنا: لقد ناقشتُ هذه الأشياء في كتابٍ آخر حرَّرتُه وشاركتُ في تأليفه: «دليل أبحاث الإرهاب» (نيويورك: روتليدج، 2011). في الحقيقة، لا توجد نظرية واحدة للمنع، لأنه لا يوجد تعريف مقبول عالميًا للإرهاب. وفيما يتعلق بالتصنيفات: يميّز الدليل بين المنع من المنبع (الحدّ من خطر تشكيل جماعة أو منظمة إرهابية)؛ المنع في منتصف الطريق (الحدّ من خطر قدرة هذه المجموعة أو المنظمة على التحضير لعملٍ إرهابي)؛ والمنع في المصب (الحدّ من خطر تنفيذ العمليات الإرهابية الفردية عن طريق إحباط هذه العمليات وردعها).

وحول الذي يستغله الإرهابيون لجذب اللاجئين، وكيف يمكن منع هذا الاستغلال قال شميد: هناك مخيماتٌ للاجئين تؤوي مئات الآلاف من الأشخاص (على سبيل المثال في كينيا أو العراق). وهذه تعاني عمومًا من ضعف التواجد الأمني، ومن تفشي الفساد. عندما ينشأ الشخص في مثل هذا المخيم، ويقدِّم له شخصٌ ما المال والكلاشينكوف والحياة خارج المخيم، يغدو الإغراء قويًا للشباب، الذين قضى بعضُهم كل حياته هناك. الحل المختصر هو إعادة التوطين والتعليم.

وعن سؤال كيف يستخدم الإرهابيون وسائل الإعلام لخدمة أيديولوجيتهم والوصول إلى أهدافهم؟ وما الذي يمكن فعله لمعالجة هذه المشكلة؟

اجاب شميد: لا تُوجد إجابة مختصرة عن هذا السؤال. لقد نُشر العديد من الكتب والمقالات حول هذا السؤال، بدءًا من “العنف كتواصل. إرهاب المتمردين ووسائل الإعلام الغربية” (1980). أصبحت المشكلة أكثر حدة مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي تسمح بالنشر دون رقابة تحريرية فعّالة مقدمًا. ولسوء الحظ، يستغل العديد من وسائل الإعلام الأخبار المتعلقة بالإرهاب، بقدر ما يستغل الإرهابيون وسائل الإعلام الجماهيرية ووسائل التواصل الاجتماعي.

وعن علاقة الإرهاب بعلم الجريمة قال شميد: هناك بعض أوجه التشابه بين منع الجريمة غير السياسية ومنع الإرهاب السياسي. بيد أن نظرية “النوافذ المحطمة” لمنع الجريمة، التي تفترض وجود علاقة سببية بين النظام العام وغياب الجريمة، تتسم بالبساطة ولا تنطبق إلا على أشكال محددة من الجريمة في أحياء محددة. ويغطي أحد فصول الدليل منع الجريمة الظرفية، وانطباقها على منع الإرهاب. وهو في أحسن الأحوال حلٌّ جزئي لبعض أنواع الإرهاب. في الواقع، لا يوجد حلٌّ واحد يناسب جميع أنواع الإرهاب، كما لا يوجد حل واحد لجميع أشكال الجريمة (جرائم الحاجة، وجرائم الجشع، وجرائم العاطفة… إلخ).

وحدد شميد الطرق الرئيسة التي ينبغي أن تشكِّل نهجنا في مكافحة الإرهاب باثني عشر نوعًا من الإرهاب (بدءًا من إرهاب المخدرات إلى الإرهاب السيبراني، ومن إرهاب القضية الواحدة إلى إرهاب الدولة). الإرهاب ليس أسلوبًا وحيدًا لشن الصراعات؛ بل يمكن أن يكون شكلًا قويًا من أشكال الاحتجاج أو نوعًا من أنواع الحروب. والحل هو دراسة الصراع الذي يؤدِّي إلى أعمال أو حملات إرهابية ومعالجة العوامل الكامنة وراء ذلك. وكما لا يمكنك دراسة جرائم الحرب دون دراسة الحرب، فلا يمكنك دراسة الأعمال الإرهابية -التي غالبًا ما تكون مكافئة لجرائم الحرب في وقت السلم- دون دراسة ومعالجة الصراعات الاجتماعية والسياسية والدينية التي تؤدي إلى الإرهاب.

كما ناقش خلال اللقاء التطرفُ في السجون كونها قضيةً رئيسة مع الجماعات الجهادية، سواءً في العالم الإسلامي أو الغربي. وعن الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها للحدِّ من هذه المشكلة قال شميد: غالبًا ما تصبح السجون مدارس للجرائم غير السياسية عندما تكون العقوبة بدلًا من إعادة التأهيل أولوية سلطات السجون. وينسحب الشيء نفسه على المجرمين الإرهابيين. بعض الدول تعزل الإرهابيين عن المجرمين غير السياسيين، في حين أن البعض الآخر لا يفعل ذلك. كلتا الطريقتين لهما إيجابيات وسلبيات. يجب أن تركز استراتيجية المنع على حالة الشباب الضعفاء في فترة ما قبل الجريمة، وما قبل السجن، وينطبق الشيء نفسه على التطرف الذي ينطوي على التنشئة الاجتماعية، والتعبئة للعنف السياسي العشوائي.

كما تناول تطوير الجماعات الإرهابية لمواردها ومهاراتها لتنفيذ الهجمات السيبرانية، ولا سيما تجنيد داعش للأشخاص ذوي المهارات العالية من العالم الغربي. وعن أنواع هذه التكتيكات وتأثيرها في زيادة قدرة الإرهابيين على تنفيذ هجمات إرهابية سيبرانية قال شميد: لا شك أن هناك إمكانية لاستخدام الإنترنت لصالح العديدِ من الأفراد والجماعات الإرهابية. وقد انتشرت إساءة استخدام الإنترنت في شكل تجسسٍ إلكتروني، واحتيالٍ إلكتروني، وجرائم إلكترونية، وتخريبٍ إلكتروني، على نطاقٍ واسع. كما أن الجماعات الإرهابية تستخدم الإنترنت لجمع الأموال والتجنيد والدعاية وجمع المعلومات الاستخبارية، وأكثر من ذلك. ومع ذلك، فإن العمليات السيبرانية التي يقوم بها الإرهابيون ليست هي نفسها الإرهاب السيبراني. لم أرَ بعد الحالة الأولى من الإرهاب السيبراني الحقيقي.

وعن استغلال الإرهابيين للتكنولوجيا الجديدة قال شميد: دأب الإرهابيون على أن يتحولوا إلى “قاذفات قنابل بدون سلاح جوي”. في السنوات الأخيرة، وقعت مئات الهجمات في الشرق الأوسط وخارجه، باستخدام طائرات مسلحة بدون طيار. وقد أظهر استخدام الطائرات بدون طيار من قبل الأوكرانيين الذين يقاومون الغزو الروسي الإمكانات الكبيرة للمركبات الجوية المسلحة بدون طيار في الحرب. ولا شك في أن الإرهابيين سوف يتعلمون الدروس من ذلك، وكذلك جماعات الجريمة المنظمة.

وعن التدابير القمعية لمواجهة الارهاب وعلاقتها بحقوق الانسان قال شميد: يجب أن تسترشد ردود فعل الحكومة على العمل الإرهابي بمعلوماتٍ استخبارية عملية تستهدف وتقمع أعضاء الجماعات الإرهابية، ومصادر تمويلهم، شريطة أن يتم ذلك على نطاقٍ ضيق. ذلك أن القمع الواسع النطاق لأعضاء الدوائر الانتخابية التي ينحدر منها الإرهابيون سيؤدي إلى نتائج عكسية، وكذلك الأمر بالنسبة لانتهاكات حقوق الإنسان التي تنطوي على الاحتجاز دون محاكمة، واستخدام التعذيب. هذا النوع من السياسات سيساعد الجماعات المتطرفة على تجنيد إرهابيين جدد.

شارك