العنف والإخوان: مقابلة مع سينثيا فرحات
الخميس 27/أكتوبر/2022 - 01:56 م
طباعة
حسام الحداد
أجرى موقع عين أوروبية على التطرف مقابلة مع الكاتبة سينثيا فرحات، أمريكية من أصل مصري، تطرقت فيها إلى الفكر المدمر والعنيف للإخوان المسلمين، وهي القضايا التي طرحتها تفصيلا في كتابها الجديد "الجهاز السري: الإخوان المسلمون وصناعة الموت"
وحول تعامل الولايات المتحدة بشكل سيء مع جماعة الإخوان قالت فرحات: أعتقد أن هذا يعود إلى حقيقة أن الحكومة الأمريكية بدأت رسميًا العمل مع جماعة الإخوان المسلمين في عام 1979. خلال بحثي، اكتشفت وثيقة رُفعت عنها السريّة على موقع المكتبة العامة لوكالة الاستخبارات المركزية، بعنوان “العمل السري”. ناقشت هذه الوثيقة اجتماعًا عُقد في عام 1979 في العاصمة الأمريكية واشنطن، حضره مسؤولون في إدارة الرئيس جيمي كارتر، وممثلون حكوميون رسميون من جميع الدول الإسلامية والعربية تقريبًا، بمن فيهم رئيس باكستان آنذاك، الجنرال محمد ضياء الحق.
أيّدت هذه اللجنة بالإجماع اقتراحًا لتمويل الجهاديين الأفغان، وسمحت باستخدام مكاتب الإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم لتجنيد هؤلاء المقاتلين، ولكن ما كان أكثر إثارة للقلق ما ذكرته هذه الوثيقة حول السماح بعمليات دعائية لوكالة الاستخبارات المركزية لدعم التمرد. وهذا يعني أساسًا أن الاجتماع أطلق أكبر حملة دعائية في التاريخ للسعي نحو تجنيد أكبر عدد ممكن من العرب وسكان الشرق الأوسط، وحثهم على القتال، في واقع الأمر كانت أكبر عملية “تحويل المنطقة نحو التطرف”.
ولسوء الحظ، فإن التعاون بين بعض الوكالات الحكومية الأمريكية، وجماعة الإخوان المسلمين، لا يزال قائمًا كما هو. ولم تقبل الولايات المتحدة بعد حقيقةَ أن وجود حكومات إصلاحية في الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ومصر والبحرين والسودان، يحدُّ بشكلٍ كبير من انتشار المتشددين والمتطرفين.
وحول ربط فرحات جماعة الإخوان بطائفة الحشاشيين رغم اختلاف المذهب بين الجماعتين قالت: هذا سؤالٌ وجيه، لكن هذا ليس ادّعائي الشخصي. لقد أدلى الزعيم السابق للجهاز السري، علي عشماوي، بهذا التصريح. قال إنهم صمموا جماعتهم على غرار “الحشاشين”. وأنا خصصت فصلين في كتابي لشرح كيف تبنّت جماعة سنية مثل الإخوان المسلمين عناصر دينية وتكتيكية من ميليشيا الطائفة الإسماعيلية النزارية في العصور الوسطى. كما أنني أتتبع المشروع الشيعي المتمثل في التسلل إلى المسلمين السُنّة منذ آلاف السنين. والواقع أن جماعة الإخوان المسلمين تستعير عناصر لاهوتية مثل: التَقِيَّة والتخفي من الفكر الشيعي المتشدد. أي إنسان محترم وذو أخلاق يريد أن يكون للسُنّة والشيّعة علاقة سلمية وودية. لكن أساس التعاون بين جماعة الإخوان المسلمين والشيعة يهدف إلى تحقيق الغرض المعاكس تمامًا.
وعن العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وجمهورية إيران الإسلامية، خاصة مؤسسها آية الله روح الله الخميني قالت: العلاقة التكافلية بين الإخوان المسلمين ونظام الملالي في إيران علاقة أساسية. أتساءل عما إذا كان يمكن لأي منهما أن يكون موجودًا دون الآخر. لقد زار روح الله الخميني مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا في مكتبه في القاهرة عام 1938، وأعرب عن انبهاره بفكره ورسالته. وبعد الثورة الإسلامية في إيران، بدأ الخميني يُطلق على نفسه اسم “المرشد الأعلى”، تكريمًا للبنا.
في الواقع، كانت الطائرة الثانية التي هبطت في طهران بعد الثورة، هي الطائرة الخاصة التابعة للجهاز السري للإخوان المسلمين، وفقًا ليوسف ندا. في العام نفسه، وافق الخميني رسميًا على فتح فرع لجماعة الإخوان المسلمين في إيران. علاوة على ذلك، ترجم المرشد الأعلى الحالي لإيران، علي خامنئي، كتابين من كتب سيد قطب من العربية إلى الفارسية، وأصبحت قراءتهما ضرورية لأعضاء الحرس الثوري الإسلامي الإيراني. على الجانب الآخر، تطلب جماعة الإخوان المسلمين من أعضائها قراءة كتاب الخميني “الحكومة الإسلامية”. وخلال حرب صدام حسين مع إيران (1980 – 1988)، أيّدت جماعة الإخوان المسلمين علنًا الملالي، وقالت لقاعدتها الشعبية السنية إن “الثورة الإيرانية ثورتكم”. من جانبي، زوّدتُ كتابي هذا بعدد 945 حاشية من وثائق الإخوان المسلمين، وكتاباتهم، وخطابهم العام، تُثبت كل هذه الادّعاءات، وغيرها.
وعن دعم الدولة الإيرانية جماعة الإخوان المسلمين، وأنواع الدعم التي تُقدَّم، قالت: القاعدة وحماس، وغيرهما من الجماعات الإرهابية السُنيّة، هي فروع للجهاز السري لجماعة الإخوان المسلمين التي تعمل تحت لافتاتٍ مختلفة ظاهريًا. هذا أيضًا شيء أثبته في كتابي من كلامهم ووثائقهم. وتموّل إيران حركة طالبان وغيرها من الجماعات الجهادية السُنيَّة. كما موّلت إيران دائمًا جماعة الإخوان المسلمين، وأضفت الشرعيَّة على تعاونها مع الجماعة تحت ستار المنتدى العالمي للتقارب بين المدارس الفكرية الإسلامية، الذي أسّسه في الأصل جهاديون من كلا الطائفتين. كما أنها تعمل كواجهةٍ عامة لربط الجهاديين في جميع أنحاء العالم.
وعن تأثر حسن البنا تأثّر ببعض الديكتاتوريين الغربيين، بمن فيهم هتلر وستالين قالت: التعاون بين الإسلامويين وألمانيا والثورة البلشفية يسبق جماعة الإخوان المسلمين. الإسلامويون السابقون، مثل جمال الدين الأفغاني، ورشيد رضا، وعملاء ألمان مثل الشيخ محمد الخضر حسين، والشيخ الشريف التونسي، جعلوا من المقبول من الناحية اللاهوتية استيراد نماذج أجنبية، ودمجها مع بِنيَةٍ إسلامية سريَّة. وهكذا، فإن استنساخهم لجهاز سلطة ستالين وهيكل هتلر الداخلي لجناحه الإرهابي، كان ممارسة مقبولة أيديولوجيًا من قبل جماعة الإخوان المسلمين.
وعن استخدام جماعة الإخوان المسلمين العنف لتحقيق مآربها السياسية، والأهداف وخريطة الطريق التي تضعها في الاعتبار قالت: تَعتبر جماعة الإخوان المسلمين أيَّ شخص خارج جماعتها هدفًا، سواء كان مسلمًا أو غير مسلم. وتستخدم طرقًا عدة لعمليات العنف مثل القتال المباشر (الالتحام). إنها مواجهة جسدية مباشرة بين خصمين أو أكثر. وتنطوي على تقنيات قتالية مسلحة وغير مسلحة، قاتلة وغير قاتلة، تتراوح بين الامتثال القسري والقوة المميتة. الأساليب غير المسلحة هي قتال يدوي، وتطبق الأساليب المسلحة بأي سلاح. كما أدخلت جماعة الإخوان المسلمين استخدام الأجهزة المتفجرة المُرتجّلة المحمولة على المركبات، فضلًا على الأحزمة أو السُترات الناسفة للجهاد الإسلامي. وترخِّص جماعة الإخوان المسلمين ذلك بفتاوى اغتيال تشبه القتل المأجور.
وحول تأكيدها أن جماعة الإخوان ملتزمة بالجهاد العنيف سعيًا وراء الخلافة كسببٍ لوجودها. وأن هناك بعض الخبراء يقولون بأن جماعة الإخوان المسلمين قد نبذت العنف قالت: ما يهم هو كلمات الإخوان المسلمين، ووثائقهم، وخطابهم العام. عندما يقولون إنهم ما زالوا يديرون أجهزتهم الإرهابية، وأراهم يرتكبون أعمالًا إرهابية، أصدقهم. هؤلاء الخبراء إما ضحايا بصورةٍ واعية أو غير واعية لدعاية الإخوان المسلمين. لقد عُرضت عليّ شخصيًّا رشاوى للتراجع عن نقطة الحديث هذه.
واضافت فرحات كل فصيل من فصائل جماعة الإخوان المسلمين ملتزمٌ بلوائحها الداخلية. وما الحجة القائلة بأن كل فصيل منفصل عن الآخر إلا نقطة نقاش دعائية أخرى.
وحول التمويل الأجنبي وتغير نظرة جماعة الإخوان المسلمين أو سلوكها قالت: لا أعتقد أنه فعل ذلك أو سيفعله أبدًا. الإخوان خبراء في العلاقات العامة. هم متلونون كالحرباء. إنهم قادرون على الحصول على أموال من كيانين متعارضين، وجعل كل طرف يعتقد أنه يعمل من أجل مصلحته. وبطبيعة الحال، أي تمويل تتلقاه جماعة الإخوان المسلمين تستخدمه فقط لتحقيق مهام الجماعة.
وأضافت فرحات: التأثيرات فنية فقط. هذا يعني أنهم بذلوا المزيد من الجهد لإخفاء عمليات غسل الأموال الخاصة بهم، لكنني لا أعتقد أن الأمر يتجاوز ذلك.
وحول الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج وغيرها لمكافحة انتشار جماعة الإخوان المسلمين، والحد من التهديدات التي تُشكِّلها هذه الجماعة قالت: أعتقد أن دول الخليج تقوم بجهودٍ مثيرة للإعجاب في الحدِّ من تهديد الإخوان المسلمين. لكن المعركة لم تنته بعد. ليس من السهل مواجهة جماعة سريّة للغاية مثل الإخوان المسلمين. وقد اقترحتُ في كتابي تدابير محددة لمساعدة وكالات إنفاذ القانون في تحقيقاتها الرامية لتحديد هوية الخلايا السريّة من المتسللين الذين يعملون على تقويض المؤسسات الحكومية وغير الحكومية من الداخل.