أزمة الإخوان الإرهابية.. قتال على القيادة والأموال

الأحد 25/ديسمبر/2022 - 10:14 م
طباعة أزمة الإخوان الإرهابية.. حسام الحداد
 
3 جبهات تتصارع لتولى زعامة الجماعة.. وجبهة محمود حسين تسعى للانفراد بالإدارة
الانقسام الحالى فى جماعة الإخوان غير مسبوق، حيث تعيش جماعة الإخوان، التى نشأت على مبدأ الولاء والطاعة لمرشدها، أكبر انقسام فى تاريخها، ويتقاتل قادتها فيما بينهم على السلطة داخل الجماعة، لا سيما منذ وفاة إبراهيم منير، الذى كان يشغل منصب القائم بأعمال المرشد من لندن.
يتفاخر أعضاء جماعة الإخوان المسلمين باستمرار بقدرتهم على تجاوز الأزمات المتلاحقة، حيث تمكنت جماعة الإخوان منذ تأسيسها عام 1928 من تجاوز 12 أزمة داخلية، ومع ذلك، انقسم الإخوان إلى ثلاث جبهات متنافسة، تقع إحداها فى لندن، بينما تتخذ الجبهتان الأخريان أنقرة مقرا لهما، هذا هو التحدى الأكبر الذى تواجهه جماعة الإخوان المسلمين.


أُجبر أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية على أداء عملهم من المنفى منذ الإطاحة بمحمد مرسى بعد فترة وجيزة، وجدوا أنفسهم محاصرين فى سجون مصر نتيجة ثورة شعبية ضد الإخوان الإرهابية فى مصر، وسبب أزمة الإخوان الحالية هو تغيير السلطات المصرية من سياسة التسوية والاحتواء إلى نهج أكثر صرامة.
وأكدت جماعة الإخوان فى بيان مقتضب أن الدكتور محيى الدين الزايط سيتولى إدارة شئون الإخوان لحين الانتهاء من الترتيبات اللازمة لتسمية قائم بأعمال المرشد بدلا من الراحل إبراهيم منير، سعى الزايط، الذى يمثل جبهة الإخوان الإرهابية فى لندن، إلى تطمين أعضاء الجماعة فى رسالته الأسبوعية. وقال: «إن الخطوات المتخذة ستعلن قريباً، وما ينتج عنها من إجراءات ستزيد من استقرار واستمرارية جماعة الإخوان».
فى الوقت نفسه، عززت جبهة اسطنبول الانقسام داخل الإخوان، فقد أعلن الممثل الرسمى للجبهة، مصطفى طلبة، أنه تقرر تعيين محمود حسين مرشدًا بالنيابة بعد إعادة العمل بالمادة الخامسة من اللائحة العامة للإخوان.
من جهة أخرى، تحدث الدكتور أشرف عبدالغفار، المحسوب على جبهة كمال، عن انقلاب سيطرت من خلاله مجموعة محمود حسين على أموال واستثمارات الإخوان، وتنسب جبهة كمال إلى محمد كمال، أحد المدافعين عن التعامل مع السلطات المصرية بالعنف، ويعد كمال مسؤول المكاتب النوعية التى حملت سلاح ضد المصريين مثل لواء الثورة وحسم والمقاومة الشعبية وكتائب حلوان وغيرها، وقد أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن مقتله فى أكتوبر ٢٠١٦، أثناء محاولة اعتقاله فى مخبأه فى منطقة البساتين جنوب القاهرة.
ودافع المتحدث الرسمى باسم الإخوان، على حمد، عن تعيين محمود حسين مرشدًا بالإنابة. قال: حسب ضوابط الإخوان، وباعتبار أن حسين هو العضو الأقدم والوحيد المتاح فى مكتب الإرشاد، قرر مجلس شورى الإخوان تعيينه فى منصب القائم بالأعمال »، وكانت جبهة اسطنبول قد أقالت إبراهيم منير من منصبه «قائم بأعمال المرشد» وأعلنت اختيار لجنة مؤقتة للقيام بمهامه، وفى الأشهر الأخيرة، تصاعدت الاشتباكات الإدارية بين الجبهتين بعد أن أحال منير حسين وآخرين للتحقيق، وشكل لجنة لإدارة شئون الإخوان.
من ناحية أخرى، تشير السيرة الذاتية لمحمود حسين إلى أنه ابن أحد قادة الإخوان السابقين، ما يعنى أن الحرس القديم للإخوان لا يزال مزدهرًا، حتى وإن كان منقسمًا.
بدأ الحديث عن انهيار جماعة الإخوان وانقسامها مبكرًا، ظهرت أولى بوادر الانقسام من خلال الخلاف بين أعضاء وقيادات الإخوان حول مقاربتهم للسلطات المصرية، من غير المرجح أن تنجح الجهود المبذولة لرأب الصدع، لأنها مرتبطة بصراع عميق داخل الجماعة بأكملها وحالتها المتدهورة على جميع المستويات.
سيناريو التفكك
أصبح تفكك الإخوان إلى فصائل مختلفة سيناريو محتمل، وأصبحت إمكانية سد الفجوة بين الجبهات المتعارضة أكثر تعقيدًا بسبب الطبيعة الصارمة للجماعة وإعطاء الأولوية لهذه الصلابة على التطور الأيديولوجى، وفقًا لهذا السيناريو، من المرجح أن تؤدى الفصائل الفرعية التابعة للإخوان إلى مزيد من الانقسامات.
أزمة هيكلية
الأزمة الحالية للإخوان الإرهابية هى انعكاس لمشكلات هيكلية أعمق تعانى منها الجماعة منذ عقود. وتجدر الإشارة إلى أربع قضايا رئيسية فى هذا الصدد.
أولاً: تعانى الجماعة من الجمود التنظيمى وعدم المرونة، وهى حقيقة تؤثر بشكل كبير على قدرتها على الاستجابة للتحديات الداخلية والخارجية. تتم عملية صنع القرار فى جماعة الإخوان بشكل أساسى من قبل مجموعة صغيرة من القادة الذين يسيطرون على موارد الجماعة ويوجهون أنشطتها. تتكون هذه الدائرة الداخلية مكتب المرشد العام ومكتب الإرشاد الذى يتألف من ١٦ عضوًا؛ ولكل من المؤسستين صلاحيات كاسحة على حساب مؤسسات أخرى مثل مجلس الشورى. لذلك، عندما يتم القبض على المرشد العام وأعضاء مكتب الإرشاد، تصاب الجماعة بالشلل وعدم القدرة على الاستجابة السريعة للتطورات السياسية. كان هذا هو الحال بعد عزلهم عام ٢٠١٣ عندما تم اعتقال معظم المستويات الأولى والثانية والثالثة من قيادة الإخوان، مما أدى إلى فوضى فى الحركة.
لا تتوقع القيادة أن يتم التشكيك فى قراراتها أو أفعالها أو الطعن فيها من قبل الأعضاء، وفى الواقع، أولئك الذين يجرؤون على الطعن أو التشكيك فى هذه القرارات هم عرضة للاستبعاد والتهميش.
ثانيًا: تفتقر جماعة الإخوان إلى قواعد واضحة للشفافية الداخلية والمساءلة، إن الثقافة التنظيمية ومدونة القيم التى توجه الحركة، والتى تشمل الولاء والطاعة والثقة العمياء فى القيادة، تمنح الأخيرة صلاحيات غير محدودة وغير مقيدة. نتيجة لذلك، لا تتوقع القيادة أن يتم التشكيك فى قراراتها أو أفعالها أو الطعن فيها من قبل الأعضاء. وفى الواقع، أولئك الذين يجرؤون على الطعن أو التشكيك فى هذه القرارات هم عرضة للإقصاء والتهميش، وأحيانًا الشيطنة والطرد، ولهذه الغاية، طردت جماعة الإخوان خلال السنوات القليلة الماضية عدة شخصيات بارزة مثل المرشح الرئاسى السابق عبد المنعم أبوالفتوح وعشرات الأعضاء الشباب.
ثالثًا: تفتقر جماعة الإخوان إلى رؤية واضحة واستراتيجية متماسكة حول كيفية الاستجابة للتحديات الداخلية والخارجية، القيادة منهكة لأنها تتعامل باستمرار مع المشاكل اليومية الناتجة عن مواجهاتها مع النظام والعزلة الإقليمية، لقد فشلت فى تطوير استراتيجية واضحة لكيفية الحفاظ على الوحدة خلال هذه الأوقات العصيبة، لم تكن قيادة الإخوان فقط غير قادرة على إعادة الاندماج فى العملية السياسية، ولكنها فقدت أيضًا الكثير من دعمها على الصعيدين المحلى والإقليمى.
رابعًا: عزل جيل الإخوان الأصغر سنًا، خلال السنوات العديدة الماضية، فلم تكن الترقية فى صفوف الحركة على أساس الجدارة أو بسبب مؤهلات الأعضاء؛ بل كان مرتبطًا بولائهم وإيمانهم بالقيادة، حرم هذا الموقف جماعة الإخوان من ضخ دماء وأفكار جديدة فى عملية صنع القرار فيها، مما أثر على استراتيجيتها وتكتيكاتها السياسية، أدى هذا الموقف إلى نفور الأعضاء الشباب وإجبارهم إما على التخلى عن الجماعة أو تعليق أنشطتهم كعلامة على عدم الرضا عن قيادة الإخوان، وفى الواقع، فإن الخسائر السياسية والاجتماعية والتنظيمية للحركة منذ عام ٢٠١٣ هائلة وستستغرق سنوات حتى تتمكن من استعادة ثقة الأعضاء الشباب وإعادة بناء شبكتها التنظيمية مرة أخرى.
الملاذات الآمنة
كمال الهلباوى، قيادى سابق فى جماعة الإخوان، يعتقد أن الانقسام والصراع والتعددية ستستمر إذ لم تعد هناك ملاذات آمنة، ويعتقد أن صورة الإخوان فى العالم العربى قد تغيرت وأن الولايات المتحدة قد تخلت بالفعل عن التنظيم.
فقدت جماعة الإخوان الإرهابية حاضناتها الأساسية فى قطر وتركيا بعد أن تخلى الشيخ تميم بن حمد عن علاقته بالجماعة، وقال: «لا توجد مثل هذه الروابط، نحن نتعامل مع دول وحكوماتها الشرعية، وليس مع المنظمات السياسية «.
فى الوقت نفسه، لم تعترض جماعة الإخوان على التقارب الأخير بين الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ومصر، ومن غير الواضح ما إذا كانت جماعة الإخوان قد أدركت عواقب هذا التقارب الذى قد يوقف جميع أنشطة الإخوان ضد النظام المصرى على الأراضى التركية.
لم يدرك الإخوان بعد أردوغان، الذى استخدمهم كرافعة ضد الأنظمة العربية، سيستخدمهم الآن لإصلاح علاقاته مع هذه الأنظمة نفسها، ربما يكون هذا هو السبب وراء سعى جماعة الإخوان لابتزاز أردوغان سياسيًا من خلال التهديد بفتح قنوات اتصال مع المعارضة الداخلية فى تركيا، يتوقع البعض أن تبدأ البراجماتية التركية بالتخلى تدريجياً عن جماعة الإخوان الإرهابية.
قد يعتمد مستقبل العلاقات التركية المصرية على استعداد أردوغان للتضحية بالإخوان بدلاً من مجرد تجميد أنشطتها الإعلامية. قال أردوغان ذات مرة إنه رفض التحدث إلى «شخص مثل» الرئيس المصرى السيسى، لكن الوضع تغير، كانت المصافحة والابتسامة بين أردوغان والسيسى فى افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم فى قطر أول اتصال ثنائى مباشر بين الرئيسين.
التأثير يتراجع
تتمتع جبهة لندن بحضور مؤسسى وإعلامى قوى فى المملكة المتحدة، وبحسب تقارير رسمية بريطانية، استخدم الإخوان المسلمون لندن كقاعدة لأنشطة سرية تستهدف مواقع أخرى، واعتبرت هذه التقارير أن بعض جوانب أيديولوجيا وتكتيكات الإخوان «تتعارض مع قيم بريطانيا ومصالحها الوطنية».
من ناحية أخرى، يتعين على جبهة اسطنبول إعادة النظر فى مستقبلها بعد أن حصل كثير من أبنائها على الجنسية التركية واستقروا فى تركيا، حيث أسسوا مؤسسات ومدارس وشركات وشبكات فى تركيا.
فشلت الدعوات الأخيرة للإخوان الإرهابية للاحتجاج فى ١١ نوفمبر ٢٠٢٢ خلال COP٢٧ فى شرم الشيخ فى جميع أنحاء البلاد، أظهر هذا الفشل عدم وجود نفوذ للتنظيم على الأرض، ومع ذلك، تحتفظ جماعة الإخوان الإرهابية ببعض القدرة على تعبئة الرأى العام على وسائل التواصل الاجتماعى.
من وجهة نظر الرئيس عبدالفتاح السيسى أن الإخوان الإرهابية لن يكون لهم دور فى المجال المصرى أثناء وجوده فى السلطة، كما رفض مؤخرًا المصالحة مع الإخوان، قائلاً: «الأمر ليس الخلاف فقط، بل الدمار والخراب، ليس لديهم دين ولا ضمير ولا إنسانية «.
سيناريوهات قاتمة
طرح الدكتور أحمد موسى بدوى سيناريو محتملاً لمستقبل الإخوان، ويشير إلى أنه حتى لو حدث تغيير فى النظام وعاد الإخوان للانضمام إلى المجتمع المصرى مؤقتًا، فإن التنظيم سيظل قنبلة موقوتة لا بد أن تنفجر فى أى لحظة.
ومع ذلك، لا يزال الأمر مرتبطًا ارتباطًا مباشرًا بالهيكل المؤسسى للإخوان، حيث يتمحور حول الفردية فى إدارة شئون التنظيم، على هذا النحو، فإن المرشد وكبار القادة يسيطرون على عملية صنع القرار داخل الجماعة.
وفقًا لأحد المحللين، أصبح هذا الهيكل المؤسسى عبئًا على الجماعة، يتجلى فى بطء اتخاذ القرار والفشل فى التكيف مع الظروف المتغيرة.
وهكذا، أصبحت الجماعة «جسمًا ضعيفًا» تسيطر عليه مجموعة صغيرة من القادة الذين أعادوا هيكلتها، إن القيادة القديمة «تواجه أزمة حقيقية فى التواصل مع شباب الإخوان من حيث الخطاب والأفكار»، وتظهر على الجماعة أعراض الشيخوخة التنظيمية، وقد تضاءلت قدرتها الفكرية النظرية مقارنة بأدائها الديناميكى.
ويرجع محمد شومان القيادى فى الجماعة، هذا السقوط إلى تقاعس الإخوان التنظيمى والفكرى، الأمر الذى أدى إلى نشوب صراعات وانقسامات داخل الجماعة، وبحسب شومان، ازدادت هذه النزاعات تعقيدًا عندما وجدت جبهات الإخوان المختلفة نفسها معتمدة على تركيا وقطر وجماعات متطرفة أخرى، يعتقد شومان أن «أى عودة للإخوان إلى المجال العام المصرى فى العقد الثالث من القرن الحادى والعشرين ستكون مهزلة»، يتفق هذا مع ما قاله الدكتور الراحل على مبروك، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، إنه لن يكون هناك مستقبل لمصر إلا فى الجانب المعاكس للإخوان.
تضاءل نفوذ جماعة الإخوان على فروعها فى المنطقة. لم تعد الحركة المعارضة الأبرز فى مصر أو حاملة راية الجماعات الإسلامية فى جميع أنحاء العالم.
فشلت محاولات الإخوان للترويج لفكرة أن مصير مصر سيتقرر من خلال مواجهة بين النظام والإسلاميين، استندت جماعة الإخوان فى هذه الإدانة إلى التكاليف الباهظة لاستمرار قمعها واضطهادها.
تحديات مستقبلية
بغض النظر عمن سينتصر فى معركة القيادة المستمرة داخل الإخوان، وسواء كانت من معسكر منير أو معسكر الحسين، فإن الجماعة تواجه العديد من التحديات الحادة فى المستقبل المنظور.
أولاً: قدرة القيادة على توحيد الحركة بعد الانقسامات العديدة التى عانت منها منذ عام ٢٠١٣، هذه الانقسامات ليست أيديولوجية أو سياسية فحسب، بل هى أيضًا تنظيمية واستراتيجية، فلأول مرة منذ عقود، ينتشر أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية فى أكثر من دولة، لا سيما فى تركيا والمملكة المتحدة وماليزيا والسودان وقطر، ولم تعد الجماعة تسيطر على أعضائها، ولا سيما الشباب المحبطون من الانقسامات المستمرة. وبحسب هيثم سعيد، وهو شاب منتخب حديثًا فى مكتب جماعة الإخوان الإرهابية فى تركيا، فإن المهمة الرئيسية للقيادة الجديدة هى كيفية إعادة الانخراط فى الجماعة وتوحيدها.
ثانيًا: تواجه قيادة الحركة التحدى المتمثل فى كيفية الإفراج عن سجنائها السياسيين الذين يقبعون فى السجن منذ ٢٠١٣، ويلقى أعضاء الإخوان باللوم على القيادة فى فشلها فى المساعدة على إنهاء معاناة هؤلاء السجناء وعائلاتهم، صحيح أن نظام السيسى لا يظهر أى علامة على محاولة المصالحة مع الإخوان، لكن قيادة الحركة لم تتخذ خطوات جادة أو تتبنى مبادرة من شأنها التواصل مع النظام للإفراج عن الأسرى.
ثالثًا: تعمل جماعة الإخوان فى بيئة إقليمية معادية بشكل كبير، وقد أثر ذلك على قدرة الجماعة على المناورة داخل نظام السيسى وتحقيق مكاسب سياسية، حتى تلك الدول التى وفرت الملاذ والدعم لجماعة الإخوان، مثل تركيا وقطر، بدأت فى إعادة تموضعها مع النظام المصرى، مما أثر على القدرات السياسية للجماعة، علاوة على ذلك، فشلت قيادة الحركة فشلاً ذريعًا فى حشد الدعم الدولى وحشده لإنهاء معاناة سجنائها السياسيين والضغط على نظام السيسى للإفراج عنهم. ومن المؤكد أنه من دون معالجة الجذور العميقة لأزمة الإخوان الحالية، ستعانى الجماعة من المزيد من المشكلات والانقسامات فى السنوات المقبلة وسيظل مستقبلها غير مؤكد.
استنتاج
لطالما اعتقد الإخوان المسلمون أنهم لا يهزمون، حتى لو تم إعدام بعض قادتهم، كما افترضوا أن العنف سيؤدى إلى اضطرابات أو حتى اندلاع حرب أهلية ذات عواقب وخيمة على مصر وتداعيات سلبية على أوروبا.
ومع ذلك، ثبت أن هذه الرهانات فى غير محلها بعد أن كشف المصريون الأساطير التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين، ونجح السيسى فى إقصاء الإخوان الإرهابية من الحياة الاجتماعية والسياسية فى مصر من خلال تصفية جميع المؤسسات الخيرية والمستشفيات والمراكز التعليمية التى أنشأها الإخوان منذ السبعينيات لتقديم نفسها كبديل للدولة.
لم يعد الإخوان حركة أو جماعة مؤثرة فى المشهد المصرى، بعد خسارة الكثير من قدرتها المالية والتشغيلية وتفكك شبكاتها المحلية والأجنبية، يبدو أن جماعة الإخوان تنتظر انقلابًا كبيرا لإنهاء بؤسها وانهيارها التاريخى.
محمود حسين
عضو قديم فى جماعة الإخوان المسلمين، شغل منصب الأمين العام للجماعة لمدة ١٠ سنوات، وفقًا لبعض التقارير، بحلول عام ٢٠١٥، لم يعد حسين قادرًا على النشر على العديد من المنصات الرسمية للإخوان الإرهابية على الإنترنت التى يسيطر عليها الجناح الثورى الأصغر سنًا.
أُقيل حسين من دوره القيادى فى عام ٢٠٢٠ بسبب اتهامات باختلاس أموال.
بعد ٤ نوفمبر ٢٠٢٢، وفاة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير، عين مجلس شورى الإخوان حسين قائم بأعمال المرشد.
ولد حسين عام ١٩٤٧، انخرط فى جماعة الإخوان الإرهابية فى أواخر السبعينيات أثناء دراسته فى الولايات المتحدة فى جامعة أيوا سيتى، حيث شغل منصب رئيس جمعية الشباب المسلمين الأمريكيين المنتسبة للإخوان، عاد حسين إلى مصر بعد دراسته وتقدم سريعًا فى جماعة الإخوان، وأصبح عضوًا فى مكتب الإرشاد عام ٢٠٠٤، وقضى فترة فى السجن بين عامى ١٩٩٥ و ١٩٩٨، هرب حسين إلى قطر فى يوليو ٢٠١٣ بعد عزل محمد مرسى من منصبه.
فى مقابلة مع أحد القنوات التابعة لهم، أشار حسين إلى أن قيادة الإخوان تبنت فى البداية استراتيجية «التشويش والاستنزاف» ردًا على ما أسماه انقلاب، مما زاد من الشكوك بأن القيادة دعمت فى البداية عنفًا منخفض المستوى ضد السلطات، ومع ذلك، فى نفس المقابلة، أصر حسين على أن «منهجية الجماعة هى منهجية سلمية وأن الجماعة لا تمارس العنف».
أشارت بعض التقارير إلى أن الرسائل المختلطة التى أرسلها حسين عكست استراتيجية الإخوان المتصورة المتمثلة فى التنصل العلنى من العنف مع محاولة عدم إبعاد العناصر الأصغر والأكثر تطرفاً فى الحركة.
فى مايو ٢٠١٥، أصدر المتحدث باسم جماعة الإخوان آنذاك محمد منتصر - الموالى للجيل الشاب الثورى - بيانًا قال فيه إن حسين لم يعد الأمين العام للإخوان المسلمين.
رداً على ذلك، نشر حسين على Facebook، حث فيه قادة الإخوان الأكبر سناً على السيطرة على عمليات صنع القرار فى الجماعة.
فى سبتمبر ٢٠٢٠، أقالت جماعة الإخوان حسين من منصب أمينها العام بسبب اتهامات حسين بسرقة التبرعات المالية للإخوان، وعينت الجماعة حلمى الجزار أمينًا عامًا جديدًا لها.
بعد إقالة حسين، أحاله إبراهيم منير إلى لجنة تحقيق، وتوفى منير فى ٤ نوفمبر ٢٠٢٢.
وفى ١٦ نوفمبر، نشر موقع الإخوان على الإنترنت، إخوان ويب، على تويتر قرارًا من مجلس الشورى بتعيين محمود حسين المرشد الأعلى بالوكالة.
إبراهيم منير
كان يشغل منصب الأمين العام للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية والمتحدث باسم الجماعة فى الغرب.
فى ١٢ يوليو ٢٠٢٢، أعلنت مجموعة محمود حسين فى بيان لمجلس شورى الإخوان أن إبراهيم منير قد أُعفى من عضوية جماعة الإخوان الإرهابية ولم يعد يمثل جماعة الإخوان الإرهابية أو يعبر عنها نتيجة «عدم الامتثال لقرارات مجلس شورى الإخوان الإرهابية وتشكيل كيانات موازية بعيدة عن الكيانات الشرعية «.
منذ وصول منير إلى المملكة المتحدة، أصبح ناشطًا للترويج لقضايا جماعة الإخوان وكان مديرًا فى الجمعية الخيرية الإسلامية للإغاثة الإنسانية، وصندوق التكافل، ومؤسسة النهضة فى التسعينيات وفى مقابلة له مع «الشرق الأوسط» عام ٢٠١١ قال إنه لم يزر مصر منذ عام ١٩٨٧.
منذ عام ٢٠١٣، أصبح مكتب جماعة الإخوان الإرهابية فى لندن المقر الفعلى للإخوان الإرهابية المصريين خارج مصر، وكان إبراهيم منير فى موقع قيادى.
فى ١٧ يوليو ٢٠١٣، كتب منير افتتاحية فى الشرق الأوسط حيث ادعى أن الإطاحة بمرسى كانت فى الواقع انقلابًا عسكريًا.
فى أبريل ٢٠١٤، كلف رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون بإجراء مراجعة داخلية للإخوان المسلمين، بما فى ذلك أصولها وأيديولوجيتها وسجلها داخل وخارج الحكومة؛ وتنظيمها وأنشطتها فى المملكة المتحدة وخارجها. فى يونيو ٢٠١٤، كان من المقرر أن يلتقى إبراهيم منير مع السير جون جنكينز الذى قاد مراجعة حكومة المملكة المتحدة للإخوان المسلمين. وقال منير عن المراجعة: «بغض النظر عن نتيجة المراجعة، سوف نلتزم بمبادئنا - والمبدأ الأساسى هو العمل السلمي»، على حد قوله. وأضاف «سنلتزم بالقانون البريطانى لكن التاريخ سيحكم على هذا الإجراء، أتوقع أن تؤدى هذه المراجعة إلى مسح اسم الإخوان، لكن إذا كانت النتيجة سلبية فسنتعامل معها بشكل قانونى.»
فى أغسطس ٢٠١٥، نفى إبراهيم منير التقارير التى ظهرت على السطح فى الصحف المصرية والعربية عن أنه أصبح نائب المرشد الأعلى للإخوان المصريين والقائم بأعمال المرشد. وأصدر بيانا قال فيه: «أؤكد أن الدكتور محمود عزت لا يزال نائب المرشد الأعلى والقائم بأعمال المرشد. وفيما يتعلق بتكليفى بمهام نائب المرشد الأعلى، فقد تم تكليفى بهذا منذ فترة وليس بجديد»، وفي٤ سبتمبر ٢٠٢٠، تم تعيينه قائم بأعمال المرشد اعتقال عزت محمود عزت، وتوفى منير فى ٤ نوفمبر ٢٠٢٢ فى لندن عن عمر يناهز ٨٥ عامًا.

شارك