تقدم بوابة الحركات الإسلامية، أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 13 يونيو 2023.
الاتحاد: رئيس وزراء العراق: المنطقة تعرضت لهجمة إرهابية ناتجة عن فكر مشوه
دعا رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، أمس، إلى أهمية أن يسود الخطاب المعتدل الذي يمثل روح الإسلام الحقيقية التي تقوم على التعايش والأخوّة والمحبة والسلام.
وقال السوداني، خلال اجتماعه مع فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في مقر المشيخة بالقاهرة، «إن المنطقة تعرضت إلى هجمة إرهابية ناتجة عن فكر مشوه لا يمت للدين بأية صلة»، بحسب بيان للحكومة العراقية.
وأضاف: «أن العراق كان أحد أكثر البلدان تأثراً بهذه الهجمة الإرهابية التي تصدى لها ببسالة». وأكد رئيس الحكومة العراقية، على أن زيارة الوفد العراقي إلى مصر «إنما هي تعبير عن روح الأخوّة بين البلدين، وتأكيد على العلاقات التاريخية التي تجمع هما».
ودعا السوداني شيخ الأزهر إلى زيارة العراق نظرا لدور الأزهر الشريف ومكانته التي يحظى بها بين جميع المسلمين.
من جانبه، قال فضيلة شيخ الأزهر: «إن العراق بلد مهم في العالم الإسلامي، وإن الشعب العراقي الأصيل تستطاع أن يتجاوز محنته، ويقف على قدميه برغم كل التحديات التي يواجهها». وتوجه رئيس الوزراء العراقي إلى القاهرة أمس، على رأس وفد يتكون من 12 وزيراً من مختلف الوزارات الخدمية والأمنية، إضافة إلى عدد من رجال الأعمال العراقيين، وذلك للقاء نظرائهم من المصريين.
وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، إنَّ «رئيس الوزراء يجري زيارة مهمة إلى مصر تهدف إلى بحث العلاقات الثنائية والتعاون بين العراق ومصر».
وتتزامن هذه الزيارة، مع بدء أعمال اللجنة العليا الوزارية العراقية المصرية برئاسة وزير التجارة أثير الغريري من الجانب العراقي ورانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي من الجانب المصري، إذ ستتم مراجعة النسخة النهائية لمحضر اجتماعات اللجنة العليا والوثائق المطلوبة وتنظيم الاتفاقيات ليوقع عليها رئيسا وزراء دولتي العراق ومصر.
إلى ذلك، أقرّ مجلس النواب العراقي، فجر أمس، قانون الموازنة المالية لثلاث سنوات، بنفقات واستثمارات مرتفعة مدفوعة بالزيادة في أسعار النفط.
وصادق البرلمان على القانون الذي ينبغي أن يغطّي ثلاث سنوات 2023 و2024 و2025، بعد نحو ثلاثة أشهر من رفع الحكومة لمشروع الموازنة. وتبلغ قيمة النفقات المقترحة في الموازنة الجديدة 198 تريليون و910 مليار دينار (153 مليار دولار) لكلّ عام.
ويبلغ إجمالي إيرادات الموازنة 134 تريليون و5 مليارات دينار (103.4 مليارات دولار)، بناء على سعر برميل نفط 70 دولاراً.
الاتحاد الأفريقي يحذر من تحول الأزمة السودانية لحرب أهلية
حذر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقيه محمد، أمس، من تحول الصراع في السودان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع إلى حرب أهلية.
وقال فقيه محمد، في كلمة ألقاها فقيه محمد في الجلسة العادية الـ 14 للهيئة الحكومية للتنمية «إيجاد»، إن الخطورة الشديدة للأزمة العنيفة التي تعصف بالسودان الشقيق والتهديدات الخطيرة التي تشكلها على وجود هذا البلد والمنطقة بأسرها، باتت واضحة.
وأضاف أن هناك اتفاقاً بين جميع المحللين على أنه إذا لم يتوقف هذا الصراع على الفور، فسوف تندلع حرب أهلية، وسوف تنتشر الفوضى.
وأعربت السعودية والولايات المتحدة عن «أسفهما الشديد لعودة الطرفين السودانيين إلى أعمال العنف بعد انتهاء هدنة التي استمرت يوم السبت لمدة 24 ساعة، مؤكدين أن الحل العسكري للصراع غير مقبول».
وأفاق سكان الخرطوم صباح، أمس الأول، على تجدد الواقع الذي يعيشونه منذ قرابة شهرين، مع استئناف القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع المعارك بعيد انتهاء هدنة امتدت 24 ساعة.
ووفقاً لبيان مشترك نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس»، أدانت الرياض وواشنطن بشدة تلك الأعمال ودعتا إلى وقفها فوراً.
وأكدتا أنهما في إطار مواصلة وقوفهما إلى جانب الشعب السوداني، فإنهما على استعداد لاستئناف المباحثات بمجرد أن يظهر طرفا الصراع تقيدهما بما اتفقا عليه في إعلان جدة.
وتابع البيان: سيعمل الميسران، الرياض وواشنطن، على التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين لوقف القتال وتقليل تأثيره على المنطقة، وتكثيف التنسيق مع الجهات المدنية السودانية ذات العلاقة لضمان مشاركتهم في رسم مستقبل السودان.
وأعلن الميسران، أن القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، أظهرت قيادة وسيطرة فعالة على قواتهما خلال فترة وقف إطلاق النار الذي جرى بتاريخ 10 يونيو 2023، وهو ما أدى إلى تراجع حدة القتال وانحساره في جميع أنحاء السودان ومكّن من إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية وتحقيق بعض تدابير بناء الثقة.
إلى ذلك، حذر رئيس قسم الاتصال والمناصرة والشراكات بمنظمة اليونيسف في السودان أوين واتكينز، في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد» من أن السودان يواجه أزمة إنسانية «خانقة» تزداد تدهوراً مع استمرار الاشتباكات بين الأطراف، لاسيما مع وجود أكثر من 13 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وأوضح واتكينز أن الصراع المستمر في السودان قد أدى إلى تفاقم ما كان بالفعل وضعاً مزرياً للأطفال، ودفع الملايين من الفئات الأكثر ضعفاً إلى مزيد من اليأس، في بلد يعاني أعلى معدلات سوء التغذية في العالم، حيث يعاني 610.000 الهزال الشديد، ويحتاج 11 مليون شخص إلى خدمات صحية.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن «اليونيسف» تواصل تقديم المساعدة للأطفال داخل مناطق النزاع، وأطلقت في مايو النداء الإنساني المحدث للأطفال، موضحاً: «طالبنا بمبلغ 837.6 مليون دولار أميركي لتقديم خدمات منقذة لحياة الأطفال خلال الأزمة المستمرة في السودان».
وأضاف واتكينز، أن المنظمة نجحت في نقل 297 طفلاً بأمان كانوا محاصرين في دار للأيتام بالخرطوم، معظمهم دون الثانية من العمر، وتمكنوا مع شركاء آخرين من نقلهم إلى مكان آمن على بعد 200 كيلومتر من العاصمة السودانية.
وتعاني الخرطوم التي كان يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة قبل بدء المعارك، كغيرها من مدن أخرى، من نقص في المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء وتراجع الخدمات الأساسية. وتركها مئات الآلاف من سكانها منذ بدء القتال.
وعلى رغم أن توقعات السكان حيال الهدنة كانت متواضعة، لكن توقف المعارك السبت أتاح لسكان العاصمة الخروج من منازلهم بأمان نسبي، وشراء حاجياتهم الضرورية خصوصاً الغذائية، أو البحث عن علاجات طبية باتت نادرة.
وأودى النزاع بأكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح «أكليد»، إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
ووفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح حوالي مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفاً عبروا إلى دول مجاورة. وتكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان، خصوصاً في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب)، حيث المعارك هي الأشد.
ووفق ما تؤكد مصادر طبية، باتت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال خارج الخدمة. ويخشى أن تتفاقم الأزمة مع اقتراب موسم الأمطار الذي يهدد بانتشار الملاريا من جديد وانعدام الأمن الغذائي وسوء تغذية الأطفال.
الخليج: لبنان.. 3 سيناريوهات غير منتجة رئاسياً في جلسة البرلمان غداً
تواصلت التحضيرات والتعبئة السياسية عشية الجلسة النيابية المقررة لانتخاب رئيس للبنان، والمقررة غداً الأربعاء، بالتزامن مع تصاعد حدة الخطاب السياسي، وترقب لحسم مواقف الكتل المترددة، وسط توقعات بأن تلحق هذه الجلسة بسابقاتها وألا يتم انتخاب رئيس خلالها، في وقت اعتبر مرشح المعارضة الوزير السابق جهاد أزعور أن ترشحه ليس تحدياً لأحد وأنه ملتزم بالتغيير ويده ممدودة للحوار، فيما طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الأمم المتحدة بالضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها المتكرّرة للخط الأزرق وللسيادة اللبنانية، على أن يترأس اليوم الثلاثاء جلسة للبحث في مسودة الورقة اللبنانية لملف النزوح التي ستطرح في مؤتمر بروكسل.
ويتوقع المراقبون ثلاثة سيناريوهات للجلسة، أولها، ألّا تعقد أصلاً ويتم تأجيلها لعدم اكتمال النصاب وهو 86 نائباً، وثانيها، أن يكتمل النصاب ويجري التصويت في الجولة الأولى ولا ينال أي مرشح أكثرية الثلثين للفوز، أي 86 صوتاً، ثم تفقد النصاب في الجولة الثانية، وثالثها، أن تعقد بجولتيها ولا ينال أي مرشح الأصوات اللازمة للفوز ويتم تأجيلها، أي أن السيناريوهات الثلاثة لن تفضي لانتخاب رئيس في جلسة الغد، مما يفسح المجال أمام المزيد من جولات الحوار الداخلية والخارجية للتفاهم على مرشح توافقي، فيما يتوقع أن يزور المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان بيروت بعد الجلسة وعلى ضوء نتائجها. وفي هذا السياق بحث رئيس مجلس النواب نبيه بري المستجدات السياسية وتطورات الأوضاع العامة، لا سيما استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية مع السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو التي غادرت دون الإدلاء بتصريح.
ومن جهته، قال أزعور، في بيان، إنّ ترشيحه ليس تحدّياً لأحد، بل هو دعوة إلى الوحدة وكسر الاصطفافات، والبحث عن الجوامع المشتركة، في سبيل الخروج من الأزمة وتوظيف كلّ ما أوتينا جميعاً من خبرة ومخيّلة وإرادة للعودة إلى طريق التّقدّم. كما أعلن البطريرك الماروني بشارة الراعي أن غايته من إرسال الموفدين إلى المرجعيّات الدينية، كانت «التأكيد على أنّ البطريركيّة على مسافة متساوية من المرشحين جميعاً، والتشاور مع هذه المرجعيّات بشأن إجراء انتخاب رئيس للجمهوريّة بعد ثمانية أشهر من الفراغ الهدّام للدولة وللشعب.
من جهة أخرى، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال استقباله قائد «اليونيفيل» أندريا تيننتي، أن «لبنان مُلتزم بالقرار الدولي 1701 وبالتنسيق بين الجيش والقوات الدولية للحفاظ على الاستقرار في الجنوب». وطالب ميقاتي الأمم المتحدة بالضغط على إسرائيل، لوقف خروقاتها المتكرّرة للخط الأزرق وللسيادة اللبنانية، وأيضاً بوقف الأشغال ضمن الأراضي اللبنانية؛ لأن هذا الأمر يتسبب بتوترات خطِرة، مشدداً على أن «لبنان متمسّكٌ بحقه في استعادة أراضيهِ المُحتلة وعدم التفريط بها». ويترأس ميقاتي اليوم الثلاثاء جلسة لمجلس الوزراء للبحث في موضوع النازحين السوريين، وورقة العمل الموحّدة التي سيحملها وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى مؤتمر النازحين السوريين في بروكسل، الذي ينعقد يومي الأربعاء والخميس. ويتضمن جدول الأعمال موضوع طلب وزارة العدل الموافقة على عقد اتفاق بالتراضي مع محامين فرنسيين للمعاونة في الدعوى المقدمة من الدولة الفرنسية في ملف آنا كوساكوفا ورفاقها، المرتبط بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة
عقيلة صالح: اتفاق بوزنيقة يتضمن نقاطاً تفشل الانتخابات الليبية
قال رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، إن قانون الانتخابات الذي أقرته لجنة «6+6»، قبل أسبوع، في مدينة بوزنيقة المغربية، يتضمن نقاطاً تهدف إلى «إفشال العملية الانتخابية»،فيما أعربت البعثة الأممية لدى ليبيا، أمس الاثنين، عن قلقها إزاء ما وصفته ب«الاعتقال التعسفي الجماعي» للمهاجرين وطالبي اللجوء في جميع أنحاء البلاد، داعية السلطات الليبية إلى «وقف هذه الإجراءات ومعاملة المهاجرين بكرامة وإنسانية بما يتماشى مع التزاماتها الدولية».
وأبدى صالح، في كلمته خلال جلسة مجلس النواب، أمس الاثنين، تحفظه على هذا الاتفاق، وانتقد إجراء انتخابات الرئاسة من جولتين، حتى لو حصل المرشح على 99% من الأصوات، واعتبر أن ذلك يهدف إلى «إفشال العملية الانتخابية»، معرباً عن تعجبه من تلك النقطة «غير المسبوقة»، وقال إنه لا مثيل لها في دول العالم.
وأشار إلى أن التخوف كان من مسألة ازدواج الجنسية، متابعاً: «الليبيون مروا بظروف معينة دفعتهم لأخذ جنسية أخرى، والقوانين الدولية تسمح بذلك»، وأردف: «أنا معكم بأن الرئيس يجب ألا يحمل جنسية أخرى، ولكن يتنازل عنها بعد فوزه في الانتخابات».
ولفت إلى أنه اقترح منح مهلة للفائز، 15 يوماً، في حال حمله جنسية أخرى أن يتنازل عنها خلال تلك المدة، وإن لم يفعل تجرى تسمية المرشح الثاني رئيساً للبلاد إن حصل على الأصوات الكافية، أو تجرى انتخابات بين صاحبي المركزين الثاني والثالث.
وتابع أن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، اقترح عدم إعلان نتيجة الانتخابات قبل تنازل المرشح الفائز عن جنسيته الأخرى.
وأوضح عقيلة أن مجلس النواب لم يتسلم حتى الآن مسودة القوانين التي أعدتها لجنة «6+6»، مؤكداً أنه لم يرغب في السفر إلى المغرب لأن التعديل الدستوري ال13 يقر للجنة إحالة المسودة فور التوافق عليها إلى مجلس النواب، من دون الحاجة إلى التوقيع عليها منه، أو من رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري.
من جهة أخرى، دعت البعثة الأممية للدعم لدى ليبيا، أمس الاثنين، السلطات إلى معاملة المهاجرين بكرامة وإنسانية بما يتماشى مع التزاماتها الدولية، مشيرة إلى أن السلطات «اعتقلت آلاف الرجال والنساء والأطفال من الشوارع ومنازلهم، أو في أعقاب مداهمات لما يزعم أنها مخيمات ومستودعات» تضم مهاجرين.
وأضافت أن المهاجرين، بينهم نساء حوامل وأطفال، «يحتجزون في ظروف غير صحية»، وأماكن مكتظة، كما تعرّض آلاف آخرون، وبينهم مهاجرون دخلوا ليبيا قانونياً، للطرد بشكل جماعي من دون تدقيق، أواتباع الإجراءات القانونية الواجبة.
وأشارت البعثة إلى أن حملة الاعتقالات والترحيل التعسفية تزامنت مع «تزايد مقلق» في خطاب الكراهية والخطاب العنصري ضد الأجانب على الإنترنت، وفي وسائل الإعلام، مطالبة السلطات الليبية بمنح وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية حق الوصول من دون عوائق إلى المحتجزين الذين يحتاجون إلى حماية عاجلة.
إلى ذلك، بحث رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، أمس الاثنين، مع وفد من شباب قبيلة القذاذفة والقوى الوطنية، عدداً من الملفات السياسية والاجتماعية، وأبرزها قضية احتجاز نجل الزعيم الليبي معمر القذافي هانيبال في لبنان.
وأوضح المجلس أن المنفي أكد خلال اللقاء أن العمل على مثل هذا الملف سيتم وفق الإجراءات الرسمية.
المعارك الدامية تتمدد إلى مناطق جديدة خارج الخرطوم
شهدت مناطق واسعة في العاصمة السودانية الخرطوم، أمس الاثنين، معارك شرسة بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والطيران، وأفادت تقارير ميدانية بامتداد المعارك إلى مناطق جديدة تصلها لأول مرة، فيما أعلنت غرفة طوارئ جنوب الخرطوم،الأحد، مقتل 18 شخصاً جراء ما وصفته بتساقط القذائف العشوائية على بعض الأحياء، في حين تبادل طرفا النزاع الاتهامات بشن هجمات.
وذكرت مصادر أن المعارك وصلت إلى شارع الوادي في أم درمان، لأول مرة، كما تواصلت في أرض المعسكرات ومناطق الفردوس ومحطة البلابل في الخرطوم.
وشهدت تلك المناطق تبادل إطلاق القذائف المدفعية غير محددة المسارات، كما سمع إطلاق الرصاص في شارع الستين.
وقال سكان في جنوب العاصمة إن غارات جوية استهدفت، أمس، نقاط تمركز للدعم السريع عند أرض المعسكرات والمدينة الرياضية، إلى جانب قصف مدفعي، مع استمرار سقوط القذائف على أحياء جنوب الخرطوم.
وأشارت غرفة طوارئ شرق النيل، إلى مقتل شخصين إثر سقوط قذيفة عشوائية.
يأتي ذلك وسط أنباء عن تقدم ميداني يحققه الجيش، حيث أفادت التقارير بسيطرة الجيش على المنطقة الواقعة بين «الكدرو» و«الحلفايا».
وتبادل الجيش وقوات الدعم السريع، الاتهامات بشن هجمات، حيث قال الجيش إن الدعم السريع شن قصفاً مدفعياً وصاروخياً على مناطق سكنية في جنوب الخرطوم، أمس الأول الأحد، وجدد القصف على بعضها،أمس.
تقدم بخطى ثابتة
وقال الجيش في بيان إن جنوده «يتقدمون بخطى ثابتة نحو تثبيت النصر، وبسط الأمن والاستقرار» في المناطق التي تقدمت فيها قوات الدعم السريع.
وقال متحدث رسمي إن «حديث التمرد عن تدمير قوات في منطقة المدرعات أو مهاجمة قواتنا لا أساس له من الصحة».
وأعلن الجيش أنه أجرى «عمليات تمشيط واسعة في مناطق الرميلة وأبوحمامة حول منطقة الشجرة، ومنطقة جسر الحلفايا ومحلية الخرطوم بحري ومحلية شرق النيل».
وشن الجيش غارات جوية مكثفة ومتزامنة على مواقع للدعم السريع في مدن الخرطوم.
وجاء في البيان: «تكبد العدو خسائر فادحة تضمنت تدمير العشرات من الآليات العسكرية وقتل المئات وأسر عدد من المتمردين والمرتزقة الذين لاذوا بالفرار بعد أن تركوا قتلاهم وراءهم».
الجيش السوداني يحذر
وحذر الجيش من أن أفراد الدعم السريع «أصبحوا يرتدون الملابس المدنية ويستخدمون السيارات المدنية المنهوبة في كل تحركاتهم ويحتمون بمنازل المواطنين». بدورها، قالت قوات الدعم السريع في بيان لها، أمس، إنها تعرضت للهجوم «في عدد من المحاور في العاصمة، وإنها ردت على الهجوم» بقوة واستولت على معسكرات جديدة، وأعداد كبيرة من العتاد بلغت أكثر من 70 مركبة وآلية، وأسرت المئات من الجيش في شرق النيل. وقال البيان:«إذ نجدد التزامنا بمنبر جدة؛ نعرب عن عدم ممانعتنا لمشاركة المدنيين في المباحثات والعمل معاً لصناعة مستقبل بلادنا».
البيان: الاستحقاق الرئاسي في جولتين يسخن السجال بليبيا
اتسعت دائرة الجدل في ليبيا في شأن قانون الانتخابات الرئاسية المنبثق من اجتماع لجنة 6+6 بمدينة بوزنيقة المغربية، وخاصة في ما يتعلق بتنظيم الاستحقاق الرئاسي في جولتين مهما كانت نتيجة الجولة الأولى.وأكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أن جعل الانتخابات الرئاسية من جولتين يراد به تعطيل الانتخابات، مبيناً أنه لم يتم حتى الآن تسلم قانون رسمي من لجنة 6+6 ليتم مباحثته. وقال صالح، في كلمة ألقاها أمس في جلسة مجلس النواب بمدينة بنغازي، إن البرلمان قام بما هو مطلوب من أجل الاستحقاق الانتخابي، وأصدر القاعدة الدستورية والتعديل الدستوري الثالث عشر وشكل لجنة (6+6) وأصدر سابقاً قانوني انتخاب الرئيس ومجلس النواب ونشرهما في الجريدة الرسمية.
وبحسب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في اجتماع لجنة (6+6)، تجرى الانتخابات الرئاسية على أساس نظام الدائرة الانتخابية الواحدة للبلاد بأكملها من جولتين، بصرف النظر عن النسبة أو عدد الأصوات التي يحصل عليها المترشح في الجولة الأولى، وتكون المنافسة في الجولة الثانية بين المترشحين الأول والثاني الحاصلين على أعلى الأصوات الصحيحة في الجولة الأولى، وفي حالة بقاء مترشح واحد فقط في الجولة الثانية تعاد العملية الانتخابية. وفي حالة وفاة أو انسحاب أحد المتأهلين للجولة الثانية لأي سبب من الأسباب، يكون المترشح الذي يليهما في عدد الأصوات الصحيحة من الجولة الأولى المنافس للآخر في الجولة الثانية، وفي حالة شغور منصب رئيس البلاد لأي سبب من الأسباب الواردة بالتعديل الدستوري قبل 12 شهراً من انتهاء الدورة الرئاسية تجرى الانتخابات خلال 120 يوماً من تاريخ صدور قرار المحكمة العليا، وتنفذ وفق أحكام هذا القانون.
تساؤلات
ويرى مراقبون محليون، أن النقطة الخاصة بتنظيم الاستحقاق الرئاسي في جولتين، تطرح الكثير من الأسئلة عن الجدوى من تكريسها، وخاصة في حال وجود فائز بالأغلبية المطلقة منذ الجولة الأولى، وما إذا كان الهدف منها التشكيك في النتائج أو إعطاء فرصة ثانية لقوى بعينها، ويؤكدون أن الهدف الأساسي من تنظيم جولة ثانية للانتخابات الرئاسية بالشكل الذي تضمنه اتفاق بوزنيقة، الطعن في فوز أي مترشح لا يرضى عنه «الإخوان» وخاصة إذا كان من قيادة الجيش أو من النظام السابق، وإعادة خلط الأوراق بالاعتماد على التباينات الإقليمية والمناطقية من الناحية الديمغرافية ومن ناحية عدد الناخبين.
ورداً على الجدل الواسع في شأن بنود قانون الانتخابات الرئاسية، دعت بعض الفعاليات السياسية والاجتماعية إلى الاكتفاء مبدئياً بتنظيم انتخابات برلمانية في انتظار التوصل إلى اتفاق نهائي على اشتراطات الترشح للمنافسة في منصب رئيس البلاد، وبيّن رئيس مجلس أعيان وحكماء مصراتة محمد الرجوبي أنهم يريدون إجراء الانتخابات الرئاسية بعد إقرار دستور للبلاد.
خلافات
وفي محاولة لتجاوز الخلافات، دعا المجلس الرئاسي الليبي، لجنة 6+6، إلى الاستمرار في مشاوراتها لمعالجة النقاط العالقة من أجل إجراء الانتخابات قبل نهاية العام، مثمناً جهودها التي بذلتها من أجل الوصول إلى قوانين انتخابية في اجتماعاتها التي انعقدت في بوزنيقة ، وطالبها بالاستمرار في عملها «في إطار اختصاصها الدستوري بإعداد القوانين الانتخابية، للوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة قبل نهاية العام تنهي المراحل الانتقالية».
الشرق الأوسط: «القاعدة»... انكفاء «المشروع العالمي»
مع اقتراب الذكرى الأولى لإعلان الولايات المتحدة قتلها زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري، بضربة جوية في العاصمة الأفغانية كابل في نهاية يوليو (تموز) 2022، يرصد هذا التقرير وضع التنظيم حالياً في ظل «عجز» واضح عن تكرار الهجمات الإرهابية الضخمة التي تمكن من شنها في أوج صعود نجمه، منذ النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي... وكذلك تراجع فروعه عن استراتيجيته السابقة أيام زعيمه السابق أسامة بن لادن حيث كانت الأولوية لاستهداف ما يوصف بـ «العدو البعيد». كما يرصد صدور دعوات من جماعات مرتبطة به إلى حل «القاعدة» بعدما تولى قيادة التنظيم «فعلياً» سيف العدل المفترض أنه يقيم في إيران.
جماعات مسلحة.. وأهداف محلية
شهدت السنوات التي تلت الألفية الجديدة تغيّراً جوهرياً في طريقة عمل الجماعات المتشددة في عدد من الدول العربية. ففي تسعينات القرن الماضي، كان هدف هذه الجماعات محلياً صرفاً: قلب الأنظمة الحاكمة بزعم أنها «مرتدة». مع حلول النصف الثاني من ذلك العقد كان واضحاً أنها فشلت في تحقيق مبتغاها. فقد هُزمت عسكرياً وتفككت خلاياها واعتُقل أو قُتل الكثير من قادتها الكبار. حصل هذا مع «الجماعة الإسلامية المسلحة» في الجزائر، ومع «الجماعة الإسلامية المقاتلة» في ليبيا، ومع «جماعة الجهاد» و«الجماعة الإسلامية» في مصر.
ترافقت تلك الهزيمة مع دخول تنظيم «القاعدة» على الخط. فقد كان أسامة بن لادن، زعيم هذا التنظيم، قد حط رحاله في أفغانستان من جديد عام 1996، بعدما لم يعد موضع ترحيب في السودان. تكرر الأمر ذاته مع زعيم «جماعة الجهاد» المصرية، الدكتور أيمن الظواهري، الذي أُبعد أيضاً من السودان، فاستقر في أفغانستان بعدما فشل في الوصول إلى الشيشان، هدفه الأول. من مقره الجديد في أفغانستان، سعى بن لادن إلى إقناع الجماعات «المهزومة» بالانضمام إليه في «حرب عالمية» تستهدف الأميركيين، والغرب عموماً، وليس الأنظمة المحلية. عُرف ذلك التغيير باستراتيجية استهداف «العدو البعيد»... قبل «القريب».
انطلق «مشروع القاعدة العالمي» في فبراير (شباط) 1998 بتأسيس «الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين»، وضمّ، إضافةً إلى «القاعدة»، «جماعة الجهاد» المصرية، وجزءاً من «الجماعة الإسلامية» المصرية (جناح رفاعي طه)، وجماعات أخرى في جنوب شرقي آسيا. لم تمر سوى شهور، حتى باشر هذا التحالف ترجمة خطته لاستهداف الأميركيين، بدءاً بتفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام في أغسطس (آب) 1998، قبل أن تكرّ المسبحة بتفجير المدمّرة «يو إس إس كول» أمام سواحل اليمن عام 2000، وصولاً إلى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن.
شكّل هذا الهجوم الأخير امتحاناً للجماعات المتشددة، بما فيها تلك التي تحفظت في البداية على مشروع «القاعدة» العالمي، لكنها وجدت نفسها الآن مضطرة للالتحاق به بعدما شملتها «الحرب الأميركية ضد الإرهاب»، بدءاً من نهاية عام 2001. وقد تمثّل ذلك في إعلان جماعات مختلفة ولاءها لـ«القاعدة» وتحوّلها إلى فروع للتنظيم حول العالم.
فروع «القاعدة»
كانت «الجماعة المسلحة» في الجزائر، بحلول ذلك التاريخ، قد تفككت بعدما هزمتها أجهزة الأمن و«نخرت عظامها» شبهةُ «اختراق» الاستخبارات لها، فقرر عدد من قادتها تأسيس جماعة جديدة باسم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال». رفض هؤلاء السير في المصالحة مع الحكم الجزائري، بعكس ما فعل معارضون إسلاميون كثر في تلك الحقبة. وعندما جاءت هجمات 11 سبتمبر، كانت «الجماعة السلفية» تواجه ضغطاً أمنياً متصاعداً دفعها إلى نقل نشاطها، أكثر فأكثر، نحو بلدان الساحل الأفريقي. هناك استفادت هذه الجماعة من عدم قدرة الحكومات المحلية على السيطرة على أراضيها الصحراوية الشاسعة، فعززت وجودها بروابط قبلية وباستثمار كميات ضخمة من الأموال التي تم جنيها من الاتجار بالرهائن.
في ظل هذه الظروف، وجدت «الجماعة السلفية» نفسها تسير في ركاب «القاعدة»، فأعلنت ولاءها لزعيم هذا التنظيم وباتت فرعه المغاربي باسم «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» في يناير (كانون الثاني) 2007. وقد جاء ذلك بعد شهور من الاتصالات بين الجماعة الجزائرية وفرع «القاعدة» العراقي. وكما في حال «الجماعة» الجزائرية، لم يكن فرع «القاعدة» العراقي، في الواقع، جزءاً من تنظيم بن لادن قبل هجمات 11 سبتمبر. فمؤسسه، الأردني أبو مصعب الزرقاوي، كان يقود مجموعة مسلحة «مستقلة» في أفغانستان، بل إن هناك تقارير تؤكد رفضه عرضاً للانضمام إلى «القاعدة». فرّ الزرقاوي من أفغانستان عقب هجمات 11 سبتمبر والرد الأميركي عليها، وانتقل إلى العراق حيث عمل أولاً إلى جانب جماعة كردية تسمى «أنصار الإسلام»، قبل إعلانه، عام 2004، إنشاء فرع لـ«القاعدة» تحت مسمى «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين»، في العام التالي للغزو الأميركي الذي أطاح حكم الرئيس السابق صدام حسين.
والأمر نفسه ينطبق على جماعات كثيرة انخرطت في «مشروع القاعدة العالمي» عقب هجمات 11 سبتمبر، من الخليج إلى شرق أفريقيا، مروراً بسيناء المصرية. لكن لا بد من الإشارة، هنا، إلى أن إنشاء بعض الفروع الجديدة لـ«القاعدة» عكسَ خلافات تنظيمية حادة داخل الجماعات المنضمة. فـ«الجماعة السلفية» الجزائرية، مثلاً، لم تكن متفقة بشكل كامل على التحول إلى فرعٍ لتنظيم بن لادن، لكنّ المعارضين لذلك تم تهميشهم وإبعادهم عن مراكز القيادة. كما أن «الجماعة المقاتلة» الليبية لم تنضم بأكملها إلى «القاعدة» عام 2007، بل الذي انضم كان فقط فرعاً من فروعها يقوده «أبو الليث الليبي». فقد عارض الانضمام آنذاك قادة مسجونون في ليبيا كانوا يتفاوضون مع نظام العقيد معمر القذافي من أجل العفو عنهم لقاء التخلي عن العنف.
والمثالان الجزائري والليبي ينطبقان أيضاً على قادة جماعات مصرية كانت تخوض بدورها «مراجعات» في السجون من أجل التخلي عن العنف والمصالحة مع نظام الرئيس حسني مبارك، في حين كان قادة آخرون خارج مصر ينخرطون في مشروع «القاعدة» العالمي ويحتلون مناصب أساسية في تنظيم بن لادن.
«المشروع العالمي»
كان طبيعياً أن ينضم حلفاء «القاعدة» الجدد إلى مشروعها «العالمي». في البداية كانت الهجمات مرتبطة بقيادة «القاعدة» نفسها، كما حصل في بالي الإندونيسية عام 2002 والتي نفّذها أفراد من تنظيم «الجماعة الإسلامية» بقيادة «حنبلي»، العضو البارز في «القاعدة». وفي عام 2005، تعرضت لندن لأسوأ هجوم إرهابي شمل محطات قطارات وحافلة للنقل العام. كان معظم الانتحاريين في اعتداء لندن بريطانيين من أصول باكستانية، وبعضهم زار، قبل التفجيرات، مناطق الحدود الأفغانية – الباكستانية حيث تتمركز قيادة «القاعدة» التي تبنت هجوم لندن الدموي.
انضمت فروع «القاعدة» بدورها إلى هذا الجهد «العالمي»، إذ حاول الفرع اليمني (القاعدة في جزيرة العرب)، في عام 2009، إرسال انتحاري (عمر فاروق عبد المطلب) لتفجير طائرة ركاب أميركية، قبل أن يحاول التنظيم في العام التالي إرسال طرود متفجرة لتدمير طائرات عدة متجهة إلى الولايات المتحدة.
استمر هذا الاتجاه «العالمي» لدى تنظيم «القاعدة» وحلفائه حتى مرحلة ما يُعرف بـ«الربيع العربي» عام 2011، حيث غرقت دول عدة في ثورات واضطرابات داخلية، وهو أمر سارع هذا التنظيم إلى محاولة استغلاله مستفيداً من سقوط الأنظمة التي هزمت الجماعات المتشددة في التسعينات.
لكن «القاعدة» واجهت في تلك الفترة مشكلتين أساسيتين.
الأولى، أن الأميركيين قتلوا زعيمها أسامة بن لادن بعد 10 سنوات من مطاردته إثر فراره من تورا بورا نهاية عام 2001. عثروا عليه مختبئاً في فيلا بمدينة أبوت آباد الباكستانية، وقتلوه ليلة 2 مايو (أيار) 2011. ورغم الإعلان السريع عن اختيار خليفة له هو الدكتور الظواهري، زعيم «الجهاد» المصرية سابقاً، فإن سلطة الأخير على التنظيم وفروعه لم تكن هي ذاتها كما كانت أيام بن لادن. وربما ما صعّب من مهمة الظواهري أكثر أنه ورث تنظيماً نجح الأميركيون، على مدى سنوات، في تفكيكه وضرب شبكاته وقتل معظم قادته الكبار المخضرمين الذين قضوا في الحملة على أفغانستان عام 2001، وفي الحملة اللاحقة على مخابئهم في منطقة الحدود الأفغانية – الباكستانية حيث لاحقتهم، بلا هوادة، غارات الطائرات الأميركية المسيّرة.
الثانية، «مشكلة داعش». هذا التنظيم الذي نشأ من رحم فرع «القاعدة في بلاد الرافدين» سرعان ما وجد نفسه في صدام مع الظواهري، خليفة بن لادن. كانت سوريا سبب الخلاف. فـ«الدولة الإسلامية في العراق» بقيادة أبو بكر البغدادي سعت إلى التوسع في سوريا مستغلةً تضعضع نظام الرئيس بشار الأسد على خلفية الثورة ضد نظامه. لكنّ البغدادي سرعان ما واجه تمرداً داخلياً. فالقيادي السوري الذي أرسله لقيادة التوسع في سوريا، أبو محمد الجولاني، استعان بالظواهري كي يستقل بجماعته (جبهة النصرة) عن سلطة زعيمه العراقي السابق، البغدادي. ولم يكن الأخير ليسمح بمثل هذا التمرد على سلطته، حتى ولو كان المتمردون يحظون بدعم قيادة «القاعدة». وهكذا اندلعت حرب ضروس بين الطرفين كادت تنتهي بنصر ساحق للبغدادي على الجولاني، لولا تدخل تحالف عالمي تقوده الولايات المتحدة أرغم «داعش» على الانحسار تدريجياً في العراق أولاً حيث خسر «عاصمته»، الموصل، ثم في سوريا حيث فقد عاصمته، الرقة، قبل أن ينتهي المطاف بمعركة الباغوز على ضفاف الفرات حيث قاتل «داعش» حتى الموت إلى أن تم القضاء عليه. البغدادي نفسه نجا، لكن الأميركيين نجحوا في العثور عليه مختبئاً في قرية صغيرة بمحافظة إدلب، في شمال غربي سوريا، حيث قُتل في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بعد شهور فقط من معركة الباغوز.
تراجع «الحرب العالمية»
في ظل هذا الوضع، كان لافتاً أن «الحرب العالمية» التي أطلقها تنظيم «القاعدة» ضد الغرب عموماً والأميركيين خصوصاً منذ التسعينات تراجعت إلى حد كبير، إنْ لم تختفِ كلياً. فالسنوات القليلة الماضية أظهرت عجز «القاعدة» عن تكرار الهجمات الكبرى التي تمكّنت سابقاً من شنها على غرار تفجير السفارتين في دار السلام ونيروبي وتفجير المدمرة «كول» وهجمات 11 سبتمبر في واشنطن ونيويورك، ثم تفجيرات بالي ومحطات قطارات الأنفاق بلندن... وكل هذه الهجمات «العالمية» كان لها علاقة، كما يُعتقد، بقيادة «القاعدة» نفسها.
لكن توقف الهجمات «العالمية» لم يشمل قيادة «القاعدة» فقط، بل شمل أيضاً فروعها المفترض أنها جزء من استراتيجية استهداف «العدو البعيد». والحقيقة أن توقف العمليات ترافق مع تصريحات صادرة عن فروع «القاعدة» نفسها تؤكد أن نشاطها «محلي» فقط وليس عالمياً، في نأيٍ لافت بالنفس عن «مشروع القاعدة العالمي».
وفي هذا الإطار، كان لافتاً أن الجولاني نفسه الذي كان يمثّل فرع «القاعدة» في سوريا لم يكتفِ بإعلان فك ارتباطه بالتنظيم، بل جَهَدَ لتأكيد أن تنظيمه -«هيئة تحرير الشام»، (جبهة النصرة سابقاً)- لا يستهدف الغرب بل ينشط فقط «ضد النظام» في سوريا. ويقول الجولاني في حوار شهير عام 2020 مع «مركز إدارة الأزمات» شارحاً انفصاله عن البغدادي (عام 2013): «لم يكن أمامنا أي خيارات جيدة. كان عليّ أن أتخذ قراراً سريعاً، ولذلك اجتمعت بحلقتي الداخلية وأخبرتهم بأني أفكر في مبايعة (القاعدة). لم ينصحوني بذلك –بل إن بعضهم وصفوا ذلك بأنها خطوة انتحارية– لكن لم يكن أي منهم قادراً على تقديم بديل. إلا أنني جعلت مبايعتي مشروطة بفكرة أننا لن نستخدم سوريا كنقطة انطلاق لشن عمليات خارجية. كما أننا لن نسمح لآخرين باستخدامها لمثل تلك الغاية. وأوضحت أننا سنركز حصرياً على صراعنا ضد النظام السوري وحلفائه في سوريا». ويبدو أن الجولاني قد التزم بذلك حتى الآن. فحتى جماعة «حراس الدين» التي باتت تمثل «القاعدة» في سوريا والتي تنشط في مناطق نفوذ «هيئة تحرير الشام»، لم يُسجّل أنها شنت هجمات ضد الغرب انطلاقاً من الأراضي السورية، من دون أن يعني ذلك أنها لم تحاول. وربما فشلها مرتبط بتمسك الجولاني بعدم السماح لها باستخدام أراضيه لشن هجمات خارجية، أو بسبب الضربات التي تشنها بين الوقت والآخر طائرات مسيّرة غربية ضد قادة التنظيم المشتبه بتورطهم في التخطيط لهجمات.
والأمر نفسه ينطبق، كما يبدو، على فرع «القاعدة» في شرق أفريقيا. فبعدما تحولت حركة «الشباب» إلى فرع لـ«القاعدة» حاولت أن تشارك في «الحرب العالمية» من خلال تفجير طائرة ركاب مدنية في الجو عام 2016 (وقتها قُتل الانتحاري فقط بعدما نجح قائد الطائرة في الهبوط بها بسلام رغم فجوة كبيرة أحدثها الانفجار في هيكلها). وقد شنت الحركة الصومالية هجمات عدة في دول الجوار، لكنها، كما يبدو، باتت منشغلة الآن بهمها «المحلي» في ظل حرب شديدة تشنها ضدها القوات الحكومية الصومالية، بمساندة أميركية مباشرة. ولم تعلن حركة «الشباب»، في الواقع، موقفاً واضحاً يتعلق بوقف انخراطها في «الحرب العالمية» ضد الغرب، لكنّ الواضح أن عملياتها باتت منذ فترة طويلة «محلية»، إذ تقتصر على الصومال ومحيطه.
في المقابل، كان فرع «القاعدة» في الصحراء الكبرى (دول الساحل الأفريقي) الأكثر وضوحاً في ما يخص الحرب «العالمية» ضد الغرب، إذ قال زعيم هذا التنظيم «أبو عبيدة يوسف العنابي»، لـ«فرنس 24»، عندما سُئل عن التهديدات الإرهابية على الأراضي الفرنسية، إن القيادات الغربية «تعرف وتعي» ما هي أهداف «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» و«تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، موضحاً أن هذه الأهداف «تركز على القتال في أفريقيا ولم تجهز لأي عمليات في الغرب أو على الأراضي الفرنسية». ويؤكد كلام العنابي أن تنظيمه منشغل فقط، حالياً، بمعاركه «المحلية» ضد حكومات دول الساحل، وليس ضد الغرب، بالإضافة إلى انشغاله بحرب ضروس يخوضها ضد منافسه «داعش» الذي ينشط في مناطق انتشاره نفسها بمالي وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا. وإضافة إلى الانشغال بـ«العدو القريب جداً»، تنظيم «داعش»، يجد فرع «القاعدة» نفسه في حرب قاسية مع حكومات محلية باتت تحظى اليوم بدعم من جماعة «فاغنر» الروسية التي لا تجد رادعاً يمنعها عن ملاحقة المتشددين في أماكن اختبائهم حتى ولو أدى ذلك إلى مقتل مدنيين، وهو أمر كان الأميركيون والفرنسيون يترددون في القيام به سابقاً.
وربما يجب التوقف هنا عند وضع قيادة «القاعدة» نفسها التي وجدت نفسها في السنوات الأخيرة معزولة بشكل واضح عن خلاياها وفروعها بسبب ظروف اختباء الظواهري وعدم قدرته على التواصل مع مناصريه. وهو استعاض عن ذلك بأشرطة فيديو وتسجيلات صوتية كان يبثها بين الوقت والآخر ويحرّض فيها على مواصلة الحرب ضد الغرب، في إشارة إلى هجمات «الذئاب المنفردة». وقد شكّل الانسحاب الفوضوي المفاجئ للأميركيين من أفغانستان عام 2021، فرصة ذهبية لـ«القاعدة» لإعادة تنظيم صفوفها. ويبدو أن الظواهري نفسه شعر بنوع من الاطمئنان إلى هذا الوضع الجديد، فانتقل إلى كابل حيث عاش في حماية «شبكة حقاني» واسعة النفوذ داخل «طالبان». لكنّ الأميركيين تمكنوا من قتله بهجوم بطائرة مسيّرة في يوليو (تموز) 2022.
ورغم مرور شهور على مقتل الظواهري، لم يعلن تنظيم «القاعدة» بعد اختيار خليفة له. وقد يكون ذلك مرتبطاً بـ«طالبان»، لأن الإقرار بمقتله في كابل سيُحرج الحركة الأفغانية التي نفت وجوده فيها. وقد يكون التأخر في إعلان خليفة للظواهري مرتبطاً أيضاً بأن الشخص الأكثر ترجيحاً للحلول محله والذي يوصف بأنه بات «الأمير الفعلي» الجديد، سيف العدل، يقيم في إيران، ما يمكن أن يحرج التنظيم أمام أفراده والمدافعين عنه. وكانت هذه القضية، كما هو معروف، أحد أسباب دعوة وجّهها الرجل الثاني في تنظيم الجولاني في سوريا، أبو ماريا القحطاني، لفروع «القاعدة» لإعلان حل نفسها كفروع للتنظيم، مؤيداً فكرة حل التنظيم كلياً بما أن زعيمه الجديد، سيف العدل، يعيش في حماية أجهزة الأمن الإيرانية.
ولا يبدو أن الغرب، في الواقع، بعيد كلياً عن ظروف وضع «القاعدة» حالياً، بدليل أن «الهم الإرهابي» الذي كان طاغياً على مدى سنوات أفسح المجال أمام أولويات أخرى، على غرار «التحدي الصيني» والغزو الروسي لأوكرانيا. وقد ظهر هذا التغيير في السياسة الغربية بشكل واضح من خلال إنشاء وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) مركزاً مكرساً للصين، على غرار المركز الذي أنشأته الوكالة في التسعينات للتركيز على «خطر القاعدة»، وهو ما تمثل آنذاك في تكثيف حملات تجنيد العملاء في المجتمعات الإسلامية وتعلم اللغة العربية. كما كان الأمر ذاته واضحاً من الاستراتيجية الجديدة التي أعلنتها المملكة المتحدة أخيراً والتي تؤكد أن الأولوية باتت للصين، ما يتطلب تركيز الاهتمام على تجنيد خبراء بهذا البلد وتعلم لغة الماندرين... وبذلك يبدو واضحاً أن أجهزة الأمن الغربية طوت مرحلة التسعينات عندما كانت أولويتها تعليم عملائها العربية ومحاولة اختراق «القاعدة».
ماذا يعني ذلك، ولماذا؟
يطرح توقف «القاعدة» وفروعها عن الانخراط في الحرب ضد «العدو البعيد» وحصر نشاطها بالشأن المحلي (العدو القريب)، تساؤلاً حول مغزى هذا التراجع الواضح عن استراتيجية بن لادن القديمة.
يشرح عضو سابق في «القاعدة» انشقّ عن التنظيم بسبب تطرفه في سفك الدم وساعد أجهزة أمنية في تفكيك خلاياه، أن هناك سببين «للعودة إلى قتال العدو القريب وليس البعيد». يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «السبب الأول هو عدم القدرة. مشكلة تنظيم «القاعدة» أنه فقد القدرة على التواصل مع خلاياه وتهريب أفراد لتكوين خلايا وتجنيد أفراد في البلاد البعيدة، مثل أميركا وكندا وأستراليا وأوروبا وغيرها، كما أنه فقد القدرة على تمويل هذه الجهات. عنده فقط قدرة على إلهام الذئاب المنفردة. ولكن لم يعد يستطيع إدارة عمليات من الخارج في الداخل الأوروبي أو الأميركي أو الأسترالي. حتى إن التنظيم فشل أحياناً في العمل داخل دول عربية. إذن، السبب الأول الذي يحكم الانتقال من قتال العدو البعيد إلى العدو القريب هو عدم القدرة: القدرة المالية، القدرة التنظيمية، القدرة الاختراقية، القدرة الاستخباراتية... كلها باتت شبه منتفية الآن».
ويضيف: «السبب الثاني هو أن معظم فروع تنظيم القاعدة أصبحت الآن تهتم بقضاياها الداخلية. فحركة (الشباب) في الصومال مهتمة بالصومال والجاليات الصومالية في كينيا وأوغندا وإثيوبيا. (تنظيم القاعدة في اليمن) عنده مشكلات لا يمكن تخيلها وبالكاد يستطيع تنظيم العمل في الداخل اليمني. بات همّه الآن النجاة. (تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان) يركز عمله على إعادة التدريب وفتح المعسكرات وبدء التجنيد لعمليات مستقبلية قد تحصل في دول عربية. (تنظيم حراس الدين في سوريا) مهتم فقط بسوريا ولم يستطع تحقيق أي اختراق حتى في الداخل التركي، ناهيك بالداخل الأوروبي والأميركي».
إذا كان هذا التحليل صحيحاً فإنه يُذكّر بما حصل مع «جماعة الجهاد» المصرية في نهاية التسعينات. فرغم أن هذا التنظيم ظل يرفض الانضمام إلى وقف النار الذي أعلنته «الجماعة الإسلامية» خلال مفاوضاتها في السجون مع الحكومة المصرية، فإنه ظل يروّج لمسألة أنه يلتزم عدم شن عمليات في الداخل المصري. لم يُعرف سوى في وقت لاحق سبب ذلك... إذ تبيّن أن «جماعة الجهاد» أوقفت عملياتها داخل مصر نتيجة «عدم القدرة» فقط. فالأجهزة الأمنية فككت خلاياها كلها.
ويبدو اليوم أن «عدم القدرة» هو نفس السبب الذي دفع «القاعدة» وفروعها إلى التوقف عن شن هجمات ضد «العدو البعيد»، ربما باستثناء هجمات «الذئاب المنفردة». المشكلة ستكون بالطبع عندما ينتفي سبب «عدم القدرة». حتى ذلك الوقت، يبدو أن أولوية الغرب ستبقى... الصين وروسيا.
ما هي سيناريوهات ما بعد اجتماعات أفرقاء ليبيا في المغرب؟
تسود الساحة الليبية حالة من الضبابية والترقب، لما ستسفر عنه الأيام المقبلة. فاللجنة المشتركة «6+6» توافقت خلال اجتماعاتها بالمغرب على قانونَي الانتخابات، لكن من دون التوقيع عليهما حتى الآن، من قِبل رئيسي مجلسَي النواب و«الدولة» عقيلة صالح وخالد المشري.
إزاء ذلك، يتوقع سياسيون ونشطاء ليبيون، سيناريوهات عدة، قد تشهدها البلاد، وسط تحذيرات من تأخر الموافقة على مخرجات هذه الاجتماعات.
بداية، رجّح البعض استجابة مجلس النواب لدعوة اللجنة بإصدار ما توصلت إليه من دون تعديل، بما يستوجب على الأطراف كافة بما فيها البعثة الأممية برئاسة عبد الله باتيلي، الالتزام بذلك، في حين رأى آخرون، أن البعثة ستضطلع بمفردها بمهمة إطلاق مشاورات حول القوانين المطلوبة، وهو المسار الذي يحذر البعض من أنه، قد ينتهي بإجراء انتخابات برلمانية فقط.
وقال عضو مجلس النواب الليبي، سالم قنيدي، إن «كل الاحتماليات قائمة، ما بين شروع باتيلي، في إطلاق مشاورات موسعة مع الأطراف الليبية، عبر تدشين آليته التي وصفها باللجنة الرفيعة المستوى، أو أن البرلمان يبدأ في مناقشة مخرجات لجنة (6+6)».
ورفض قنيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما أوردته اللجنة، بأن ما توصلت إليه من مشاريع قوانين «هو عمل نهائي وملزم لمجلس النواب لإصداره دون تعديل»، وقال: «لا يوجد شيء ملزم، وإذا تحدثنا عن الالتزام، فالأولى أن يتم طرح مشروع الدستور الليبي الذي تم التوصل إليه عام 2017 للاستفتاء، بخاصة وأنه تم وضعه من قِبل هيئة منتخبة من الليبيين، وليس لجنة اختير أعضاؤها مناصفة بين مجلسَي النواب والدولة».
وأشار إلى وجود قائمة تضم أكثر من 60 برلمانياً أعلنوا مبكراً رفضهم مخرجات تلك اللجنة.
أما توفيق الشهيبي، رئيس الهيئة العليا لحزب «تحالف القوى الوطنية»، فحذر من أن «أي تأخر في إصدار هذه القوانين بعد بيان اللجنة، قد يؤدي فعلياً إلى تجاوز دور المجلسين بالعملية الانتخابية إلى غير رجعة»، لافتاً إلى تعرض صالح والمشري، لضغوط طيلة فترة اجتماعات اللجنة في المغرب، دفعتهما بالنهاية «للتغيب عن جلستها الختامية وعدم التوقيع على الاتفاق النهائي للقوانين».
ورأى الشهيبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المبعوث الأممي، ربما يعدّ التأخر في إصدار القوانين، خاصة إذا وصلنا لموعد منتصف يونيو (حزيران) الحالي، «فرصة ثمينة، ولن يتردد في اقتناصها وإعلان تشكيل لجنة أو آلية بالتعاون مع بعض المؤسسات الليبية، للاضطلاع بإطلاق المشاورات حول القوانين الانتخابية وبهذا يتم تجاوز دور المجلسين».
وكانت البعثة قالت عقب الإعلان عن مخرجات اللجنة، إنها ستواصل العمل مع جميع المؤسسات الليبية المعنية، بما في ذلك المجلس الرئاسي، لتيسير مشاورات بين جميع الأطراف الفاعلة لمعالجة المواد الخلافية في القوانين الانتخابية، وتأمين الاتفاق السياسي اللازم لوضع البلاد على طريق الانتخابات، وتوفير بيئة متكافئة للتنافس الانتخابي بين جميع المترشحين.
ويرى الشهيبي، أن حرص اللجنة، والمجلسين، على «ربط إنجاز القوانين الانتخابية بتشكيل حكومة جديدة بالبلاد، أفقد مخرجات اجتماعات المغرب الكثير من الدعم من قِبل دول معنية بالأزمة الليبية».
وانتهى، إلى أنه حتى لو استطاع مجلسَي النواب و«الدولة» التوافق - ربما عبر إمكانية إقناع أعضاء اللجنة بالعودة لتعديل بعض النقاط بقانون انتخاب -، «فإن هذا لن يمثل نهاية مسلسل أزمات القوانين الانتخابية في ليبيا».
وتوقع الشهيبي، رفض عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة»، مجدداً، مغادرة موقعه وتسليم السلطة. ووفقاً لوجهة نظر البعض؛ فقد تطالب القيادة العامة للجيش الوطني بشروط أفضل بشأن الترشح للرئاسة.
كما أشار إلى «تخوف ورفض بعض القوى المسلحة، بل وبعض النواب وأعضاء بالأعلى للدولة، من حدوث التغيير عبر الانتخابات؛ كونه لا يصبّ في صالحهم».
من جانبه، عبّر الناشط السياسي، حسام القماطي، عن قناعته بأن البعثة، ومن يدعمها من الدول الغربية، «عازمة على إطلاق مشاورات موسعة مع القوى والمؤسسات الليبية، تستهدف ظاهرياً معالجة أي اعتراضات أو ملاحظات لم تتضمنها مشاريع القوانين التي أعدتها لجنة (6+6)».
ويعتقد القماطي، أن تلك المشاورات، التي يتوقع أن تستغرق الكثير من الوقت إذا ما أجريت، «لن تخرج عن استبعاد خيار إجراء الانتخابات الرئاسية لاستحالة التوافق حول شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، والاكتفاء بالبرلمانية في الوقت الراهن، ويتم بهذا ترسيخ بقاء حكومة الدبيبة، عبر تفاهمات يمكن للأخير عقدها مع النواب الجدد».
ويلفت القماطي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «نجاح الدبيبة، في ضم كل التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية للجهاز الوطني للقوى المساندة، الذي أعلن أخيراً عن تشكيله، سيعزز كثيراً من موقفه التفاوضي مع قائد الجيش الوطني، خليفة حفتر، إذا صدقت الأنباء الواردة عن وجود صفقة لتقاسم السلطة بينهما؛ نظراً لتوافر قوة مسلحة حينذاك تحت سلطته إلى جوار سيطرته على خزينة الدولة».
«أصوات الريف» تشعل معركة جديدة بين إردوغان وكليتشدار أوغلو
تركت الانتخابات البرلمانية والرئاسية تداعيات على الساحة السياسية على الرغم من انتهائها، تتجسد في حالة الاستقطاب والتراشق والتصدعات في صفوف المعارضة على ضوء قراءة النتائج.
وواصل الرئيس رجب طيب إردوغان، هجومه على مرشح المعارضة الخاسر في انتخابات الرئاسة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» كمال كليتشدار أوغلو، الذي يتعرض لضغوط داخل حزبه للاستقالة من جانب تيار يسعى للتغيير يقوده رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. في الوقت ذاته، توسعت الانشقاقات في صفوف حزب «الجيد» بقيادة ميرال أكشنار، وشملت أعضاء مؤسسين للحزب، اعتراضاً على نهجها في إدارته، وعلى عدم القدرة على رسم خريطة طريق واضحة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار) الماضي.
وشنّ إردوغان هجوماً حاداً على كليتشدار أوغلو، بعد تصريحات الأخير التي قال فيها إن إردوغان حصل على غالبية أصواته من المناطق الريفية، وإنه فاز في المدن الكبرى، مرجعاً ذلك إلى عدم شعور سكان هذه المناطق وكذلك مناطق الزلزال بالأزمة الاقتصادية بسبب الإعانات والمساعدات المقدمة من الحكومة.
وقال إردوغان، في كلمة خلال فعالية بمركز أتاتورك الثقافي في إسطنبول، ليل الأحد - الاثنين: «لن يجرؤ أحد على إهانة أبناء هذه الأمة بعد الآن، ولن يتمكن (كليتشدار أوغلو) من إهانة شعب الأناضول أو توجيه التهديدات، ماذا يقول؟ ألم يقل مؤسس حزبكم مصطفى كمال أتاتورك، إن الفلاح هو سيد هذه الأمة؟... بدلاً من احترام الإرادة التي خرجت من صناديق الاقتراع، لا يزال يقول إنهم يبيعون أصواتهم مقابل 500 ليرة، بدلاً من البحث عن أخطائه... شخص خسر 12 استحقاقاً انتخابياً في السنوات الـ13 الماضية ويلوم الناخبين... لم يعد لوم الناخب مسألة سياسية، بل مسألة نفسية. هذا الشخص الآن يعيش هذه الحالة النفسية، شعرت أمتنا بذلك وفعلت ما هو ضروري. أنا أتحدث بوضوح شديد ودقة. طالما أن حزب الشعب الجمهوري يمارس السياسة بهذه الطريقة، فإنه لا يستطيع رؤية وجه القوة في هذا البلد».
أضاف إردوغان: «نأمل بصدق أن تجدد المعارضة في بلادنا نفسها وتتأقلم مع رؤيتنا الجديدة (قرن تركيا)، وأن تدعمنا في الأعمال التي تخدم مصلحة الوطن والأمة، وتمهيد الطريق بالنقد البناء عند الضرورة. سنكرس وقتنا وطاقتنا للاحتفال بمرور 100 عام على جمهوريتنا. لا نريد أن نقضيها مع سياسيين جهلاء يكررون الشيء نفسه مثل الأسطوانة المشروخة».
كان كليتشدار أوغلو، قال في مقابلة تلفزيونية في أول ظهور له بعد الانتخابات منذ أيام، إن نسبة التصويت له في المدن بلغت 51 في المائة، و«هذا يخبرنا بأن حزب الشعب الجمهوري لم يتمكن من ممارسة التأثير اللازم في المناطق الريفية، وشرح أنفسنا بما فيه الكفاية... غالبية الناس هناك يشاهدون قناة (تي آر تي) (التلفزيون الرسمي) فقط، تعرفون ما هي (تي آر تي)، لقد بحثنا أيضاً في ما يلي؛ أتساءل لماذا لم يتأثر سكان الريف بالدمار الاقتصادي في البلاد، الأمر بسيط جداً، فعندما تدفع 500 ليرة شهرياً، لا يوجد مكان للصرف. على أي حال، أين ستنفق الأموال في القرية، مناطق الزلزال أيضاً، هناك أموال توزع... لا أوافق أبداً على من يعتبرون أننا واجهنا هزيمة ثقيلة، ولا أجد أنه من المناسب لك أيضاً قبولها. صحيح أننا لم ننتصر، لكن لن يكون من الممكن وضع ذلك أمام الجمهور باعتباره هزيمة ثقيلة».
ويواجه كليتشدار أوغلو ضغوطاً للاستقالة بعد خسارة الانتخابات الرئاسية، لا سيما من جانب «تيار التغيير» الذي يتزعمه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.
واعترض كليتشدار أوغلو على ترك إمام أوغلو موقعه رئيساً لبلدية إسطنبول، مشدداً على أن الحزب لا يمكن أن يترك البلدية لحزب آخر. وبشأن ترشحه مجدداً لرئاسة الحزب، قال: «لم أقل قط أنا مرشح حتى الآن، الهيئات المخولة بالحزب هي التي ستقرر، هذه ليست حفلة لشخص واحد، يمكن لأي شخص أن يأتي ويترشح للرئاسة، هذا الحزب لديه الفطرة السليمة. لم أقل لأي مندوب في حياتي أبداً تعال وصوّت لي، لقد اتخذت قرار عقد المؤتمر، وسيعمل المرشحون. أنا أمد يد المساعدة، لما لا؟».
في الوقت ذاته، أعلن رئيس حزب «التغيير»، الذي فاز بمقعد بالبرلمان عن مدينة أرزينجان (شرق تركيا) في الانتخابات الأخيرة، مصطفى صاري غول، بعد ترشحه عن حزب «الشعب الجمهوري»، أن حزبه سيعلن في 23 يونيو (حزيران) الحالي الاندماج في حزب «الشعب الجمهوري».
وكان صاري غول انشق من قبل عن «الشعب الجمهوري»، وأسس حزب «التغيير» قبل أن يعلن دعمه لكليتشدار أوغلو في انتخابات الرئاسة ويترشح على قائمة الحزب بالانتخابات البرلمانية.
وقرأ مراقبون خطوة الاندماج على أنها تحضير لصاري غول لخوض الانتخابات المحلية على رئاسة بلدية إسطنبول، في حال وصول الخلاف بين كليتشدار أوغلو وإمام أوغلو إلى طريق مسدود، أو إعلان الأخير انشقاقه عن الحزب.
في الوقت ذاته، تواصلت الانشقاقات في حزب «الجيد» برئاسة ميرال أكشينار. وأعلن العضو المؤسس للحزب، آحاد أنديجان، استقالته بسبب عدم الانسجام مع قيادة الحزب.
كما وجه انتقادات إلى إردوغان، في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً: «هذه العقلية التي لا تتردد في استخدام كل مؤسسات وموارد الدولة للحصول على الأصوات، وتوظف الدين، وتبيع الجنسية وتجلب أعداء الجمهورية إلى البرلمان، عبر خداع الجمهور بشعارات كاذبة وفيديوهات مفبركة فازت بالانتخابات، ولو بهامش ضئيل، ويحافظ على سلطته، لذلك يجب أن يستمر النضال... من الآن فصاعداً أنضم إلى صفوف المعارضة (غير الحزبية)، كمواطن بسيط، سأستمر في محاربة تلك العقلية بكل الوسائل المتاحة».
وسبقت استقالة أنديجان استقالة نائب إزمير السابق كبير مستشاري رئيس الحزب آيتون تشراي، ونائب إسطنبول السابق ياووز أغيرالي أوغلو.