الصراع الأمني في جوبالاند: تحديات واسعة أمام الجيش الصومالي في مواجهة حركة الشباب الإرهابية

الثلاثاء 23/يوليو/2024 - 05:15 م
طباعة الصراع الأمني في علي رجب
 

تشهد منطقة جوبالاند في الصومال صراعاً متواصلاً بين الحكومة الصومالية وحركة الشباب، حيث تستمر الاشتباكات العسكرية والاستراتيجيات الدفاعية والهجمات المتبادلة بين الطرفين. تُعتبر هذه النزاعات جزءاً من الجهود الواسعة النطاق للحكومة للقضاء على التطرف وتعزيز الأمن الوطني.

وأعلنت وزارة الإعلام عن نجاح الجيش لالصومالي وقوات الدوارويش في صد هجوم إرهابي فاشل نفذته عناصر حركة الشباب الاإرهابية على قواعد الجيش الصومالي في مناطق متفرقة بمحافظة جوبا السفلى.

في الثاني والعشرين من يوليو/تموز، اندلعت اشتباكات مسلحة بين قوات الحكومة الصومالية ومسلحي حركة الشباب في جنوب الصومال. ووقعت المواجهة عندما حاولت حركة الشباب السيطرة على ثلاث قواعد عسكرية في ولاية جوبالاند، على بعد حوالي 80 كيلومترًا جنوب غرب مدينة كيسمايو الساحلية الاستراتيجية.

 وقد جاء في البيان الصادر من  وزارة الاعلام الصومالية أن العملية تمت بفضل اليقظة والاستعداد العالي لبواسل الجيش الوطني الصومالي، مما أسفر عن تكبيد العناصر الإرهابية خسائر فادحة في الأرواح واستيلاء القوات على أسلحتهم.

تفاصيل العملية تشير إلى أنها نفذت في الأماكن التالية: بولو حاجي وبار سنغوني وهربولي، حيث تمكنت القوات من صد الهجوم الإرهابي وتفكيك خطط المليشيات الخارجية لاستهداف قواعد الجيش الوطني في تلك المناطق.

كما أكد البيان التزام مقديشو بالقضاء على الإرهاب والتعاون مع المواطنين والشركاء الدوليين لضمان الأمن والاستقرار في الصومال.

العملية الناجحة تعكس القدرة العسكرية والتنسيق الفعال بين الجيش الوطني وقوات الدوارويش، وتؤكد على استعدادهما الدائم للتصدي لأي تهديدات تستهدف أمن البلاد وسلامة مواطنيها.

وبحسب مسؤولين أمنيين محليين، نجحت قوات الحكومة الصومالية في صد الهجمات من خلال الاستفادة من معلومات استخباراتية مسبقة عن تحركات المسلحين. وقد سمح هذا للقوات الصومالية بإخلاء القواعد قبل وصول المسلحين ثم تطويقهم، الأمر الذي منع تكبد خسائر كبيرة.

وشنت الجماعة الجهادية الهجوم باستخدام أربع سيارات مفخخة، تم تفجيرها بأمان من قبل القوات الحكومية. لكن فرح حسين، المسؤول العسكري، أفاد بمقتل خمسة جنود صوماليين.

وأصدرت وزارة الدفاع في جمهورية الصومال الفيدرالية بيانًا تشيد فيه بجهود جوبالاند والقوات الحكومية، مدعية أنها قتلت أكثر من 80 مقاتلاً من حركة الشباب واستولت على أسلحتهم. وذكرت وكالة الأنباء الوطنية الصومالية (سونا) أن ما يقرب من 100 إرهابي قُتلوا. ومع ذلك، لا يزال العدد الدقيق للضحايا غير مؤكد، حيث قدمت الحكومة وحركة الشباب ووكالات الأنباء وشهود العيان روايات متضاربة .

تشن حركة الشباب، وهي جماعة إسلامية مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة، تمردًا ضد الحكومة الصومالية منذ أكثر من عقد من الزمان. وتهدف الجماعة إلى إقامة دولة إسلامية صارمة وتستهدف بشكل متكرر العسكريين والمدنيين في الصومال. وعلى الرغم من الهجمات العديدة التي تشنها القوات الصومالية، تظل حركة الشباب تشكل تهديدًا قويًا قادرًا على شن هجمات واسعة النطاق.

كانت ولاية جوبالاند، حيث وقعت الاشتباكات الأخيرة، منذ فترة طويلة بمثابة بؤرة ساخنة لنشاط حركة الشباب. وقربها من مدينة كيسمايو الساحلية الكبرى يجعلها ذات أهمية استراتيجية لكل من المسلحين والقوات الحكومية. وتسمح السيطرة على هذه المنطقة لحركة الشباب بتسهيل عمليات التهريب والتأثير على المجتمعات المحلية.

وتسلط الاشتباكات الأخيرة الضوء على عدة جوانب للصراع الدائر في الصومال:

إن صد هجوم حركة الشباب بنجاح يُظهِر الكفاءة التكتيكية المتزايدة لقوات الحكومة الصومالية. فمن خلال التخلي عن القواعد بشكل استباقي وتطويق المسلحين، نجحت القوات الصومالية في تقليص خسائرها في حين ألحقت خسائر كبيرة بالعدو. وتشير هذه الاستراتيجية إلى تحسن القدرات الاستخباراتية والتنسيق بين الوحدات العسكرية الصومالية.

 

ورغم الخسائر الفادحة التي تكبدتها حركة الشباب، فإن قدرتها على شن مثل هذا الهجوم المنسق تسلط الضوء على قدرتها المستمرة على الصمود والعملياتية. ويشير استخدام السيارات المفخخة إلى أن الحركة تحتفظ بالموارد اللازمة لتنفيذ هجمات معقدة.

إن التناقض في أرقام الضحايا التي أعلنتها الحكومة الصومالية وحركة الشباب يعكس الصراع الأوسع نطاقا للسيطرة على السرد في الصراع. يستخدم كلا الجانبين الدعاية لتعزيز الروح المعنوية والسيطرة على الرأي العام. وكثيرا ما يكون من الصعب الحصول على معلومات دقيقة، مما يعقد الجهود الرامية إلى فهم التأثير الحقيقي لهذه الاشتباكات.

تتخذ الحكومة الصومالية خطوات استباقية للقضاء على المحتوى المتطرف على الإنترنت. بالتعاون مع شركات التكنولوجيا، تستهدف الحكومة المواقع الإلكترونية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة بحركة الشباب، وتتولى وكالة الاستخبارات والأمن الوطنية قيادة هذه الجهود. وتتمتع الحكومة بالسلطة القانونية لإغلاق ومصادرة النطاقات المرتبطة بحركة الشباب، والتي تستخدمها. ومع ذلك، تتكيف الجماعات المتطرفة بسرعة، وتنشئ نطاقات وحسابات جديدة. ومع ذلك، أدت هذه التدابير أيضًا إلى انتقادات، حيث تُتهم الحكومة أحيانًا بقمع وسائل الإعلام الإسلامية تحت ستار مكافحة التطرف.

وتشير الاشتباكات في جوبالاند إلى أنه في حين تحقق القوات الصومالية تقدماً كبيراً في حربها ضد حركة الشباب، فإن الطريق إلى السلام والاستقرار الدائمين لا يزال يشكل تحدياً. وستكون قدرة الحكومة على الحفاظ على هذه النجاحات العسكرية والبناء عليها أمراً حاسماً في إضعاف قبضة حركة الشباب على المنطقة. وهناك حاجة إلى استمرار الدعم من الشركاء الدوليين، وخاصة في مجال التدريب وتبادل المعلومات الاستخباراتية والمساعدة اللوجستية.

ولكي يتسنى تحقيق السلام على المدى الطويل، فمن الضروري معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التي تغذي التمرد، مثل الفقر والبطالة والافتقار إلى التعليم. ومن الممكن أن يؤدي تعزيز الحكم الرشيد وتشجيع التنمية في هذه المناطق إلى تقويض نفوذ حركة الشباب ومنع تجنيد الشباب في صفوف المتشددين.

ومن خلال تحسين فرص الحصول على التعليم، وخلق فرص العمل، وتعزيز الخدمات العامة، يمكن للحكومة الصومالية الحد من جاذبية الجماعات المتطرفة وبناء مجتمع أكثر استقرارا وازدهارا.

شارك