إسرائيل تتلاعب بـ«المكعبات الصفراء» وتلوّح باستيطان غزة/جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي/«الدعم السريع» تتقدم غرباً وحاكم إقليم دارفور يتوعد

الجمعة 26/ديسمبر/2025 - 12:02 م
طباعة إسرائيل تتلاعب بـ«المكعبات إعداد: فاطمة عبدالغني
 
تقدم بوابة الحركات الإسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية، بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 26 ديسمبر 2025.

البيان: غــزة.. هدنة هشة فوق ركام الحرب

في الطريق إلى عام جديد يسدل الفلسطينيون الستائر على واحد من أكثر الأعوام قسوة في تاريخهم، عناوينه العريضة «تصدير تداعيات الحرب وإرجاء الحل»، و«تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بتمدد الغارات».

وظلت فيه غزة تتأرجح على شفا الدبلوماسية والحرب، ووفق شعار «لا تهدئة ولا توسعة». يشيع الفلسطينيون عامهم، مواصلين تشييع ضحاياهم، الذين طواهم العام المنقضي، قبل أن يطوي صفحته الأخيرة، وإن بدت غزة وكأنها نجت بأعجوبة من حرب إسرائيلية تكاد تكون مفتوحة.

تشابكت المسارات في قطاع غزة في العام 2025، الذي كان شاهداً على هدنتين في غزة، بدت وكأنها استراحة محارب بين عاصفتين، على وقع حرب إسرائيلية طاحنة مسرحها غزة، وتردد صداها في الضفة الغربية، وزوابع حرب إقليمية، ولذا كان من الصعوبة بمكان على أشهر «عرافي آخر السنة» التنبؤ بمآلات عام بدا كأنه منغمس في لعبة الأقحوان «هدنة - حرب».
وبينما كانت غزة تعد الأيام والليالي المظلمة، والقاهرة كانت تعض الأصابع مع إسرائيل، قبل أن يمنحها العام الجديد الضوء البرتقالي للانتقال إلى عام «يغاث فيه الناس» بعد تفكيك ملفات المرحلة الثانية من خطة وقف الحرب.

وربما كان العام 2025 مختوماً بوقف الحرب، لكنّ أياماً شديدة الوعورة والخطورة غلفت المشهد حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار، فظلت غزة تعاند الانزلاق نحو الأسوأ، وكقطعة خشب عائمة، في بحر هائج الأمواج.

عام آخر يطوي أيامه، عاش فيه أهل غزة المعاناة بأشد ألوانها قتامة، وكم كان مثقلاً بالدماء والدمار، وكم ترك وراءه من أحداث تراجيدية وكارثية، أودت بأرواح الآلاف من المدنيين، يطوى خيامه، بعد أن أدخل الموت الزؤام إلى خيام النازحين.

هدنة يناير

شخصت عيون الغزيين على هدنة اعتبرت بمثابة «فترة تجريبية»، إذ أفضت جهود الوسطاء إلى هدنة بين إسرائيل وحركة حماس في 19 يناير، تبادلا بموجبها عدداً محدوداً من الأسرى، لكن اتفاق وقف النار لم يصمد طويلاً، ما أصاب آمال الغزيين في مقتل.
بينما أخذ هامش المناورة السياسية يضيق. كانت جهود الوسطاء أفضت إلى اتفاق يتم تنفيذه على 3 مراحل، مدة كل مرحلة 42 يوماً، ويتخللها تبادل للأسرى، لكن الهدنة الهشة انهارت سريعاً بعد تنصل إسرائيلي، وتنفيذ متعثر للمرحلة الأولى، وانعطافة حادة نحو الحرب مع بدء الثانية.

«لاء التهجير»
في مارس دخلت الأوضاع الفلسطينية ممراً ضيقاً، مع تضييق هامش المناورة السياسية، بل إن الأحداث الضاغطة، التي أعقبت قمة القاهرة العربية ولاءاتها، وأبرزها «لاء التهجير» شهدت تأزماً في الموقف، إذ استبقت القمة العربية محاولات تصفية القضية الفلسطينية، في حين كان وعيد إسرائيل باستئناف الحرب على قطاع غزة موجهاً للقمة أكثر منه لحركة حماس.
ضمن المخطط الإسرائيلي، الذي أساسه «تغيير وجه الشرق الأوسط»، وإعادة صياغة خريطة المنطقة. وهكذا سعت إسرائيل لإفشال قمة القاهرة، على غرار قمة بيروت عام 2002، التي انبثقت عنها مبادرة السلام العربية استناداً لحل الدولتين، فأغلقت المعابر.

ومنعت إدخال المساعدات الإنسانية، ومع تكثيف الغارات على قطاع غزة أطلقت العنان لجيشها في الضفة الغربية، رداً أولياً، أرادت من خلاله تذكير الفلسطينيين والعرب باجتياحها الشهير لمناطق الضفة الغربية عام 2002، قبيل قمة بيروت، الأمر الذي عده مراقبون رسالة رفض وغضب لقرارات القمة الرافضة للتهجير.

حرب المخيمات

بعد التهدئة المؤقتة في غزة، استدارت إسرائيل نحو الضفة الغربية في انعطافة حادة، فلم تعد عمليات الجيش الإسرائيلي في مخيمات الضفة تمر على شكل مداهمات سريعة، أو اقتحامات محدودة، بل بدأت تأخذ شكل الاجتياح الشامل، والاستخدام المفرط للقوة ضد المواطنين.
ويتفرع عن ذلك حرق المنازل، وحصار المستشفيات، وتدمير البنية التحتية، كما جرى في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس في شمال الضفة الغربية، والتي لا تزال تئن تحت وطأة عمليات عسكرية إسرائيلية متواصلة، تم على أثرها هدم مئات المنازل وتهجير المئات من العائلات، على غرار ما جرى في غزة، وقضى العشرات من سكان تلك المخيمات بفعل آلة القتل الإسرائيلية.

وما جرى في مخيمات الضفة، وصفه مواطنون بأنه «غزة ثانية»، إذ بدت مشاهد الدمار في شوارع المخيمات ومنازلها، كأنها صكت من غزة، وأعادت إلى أذهان الفلسطينيين عمليات الاجتياح الشهير المعروف بـ«السور الواقي» عام 2002.

وتوسعت العمليات العسكرية الإسرائيلية لتطال مخيمات جديدة، ومنها: الفارعة قرب طوباس، وعقبة جبر قرب أريحا، وبلاطة وعسكر والعين قرب نابلس، والأمعري والجلزون في منطقة رام الله، والفوار قرب الخليل، والدهيشة في بيت لحم.

انهيار التهدئة
بعد 57 يوماً، وبينما كان الوسطاء منهمكين في بحث تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق 19 يناير، انهارت التهدئة في 17 مارس، بعد أن انهمرت القذائف من جديد على قطاع غزة، بقصف جوي إسرائيلي مفاجئ، خلّف المئات من الضحايا، وسرعان ما أعلنت إسرائيل عودة الحرب.
وعادت فصول المجاعة بصورة أشد، بل إنها ذكرت بالأشهر الأولى للحرب. لم تمنح الهدنة أهل غزة الفرصة لالتقاط الأنفاس، وتضميد الجراح، أو حتى لملمة الآمال، بل إن الحرب راحت تتنوع في أشكالها وفظاعتها، ما أفضى إلى تقويض الجهود السياسية، الدائرة رحاها من القاهرة إلى واشنطن، مروراً بالدوحة.

عودة المجاعة
عاد النازحون الجوعى في قطاع غزة، للبحث عن الطعام في المراكز الخيرية، وكانت مشاهد الأطفال والنساء وهم يحملون قدوراً فارغة تتسيد المشهد، ولم يجد قادة إسرائيل حرجاً في الإعلان المتكرر من أن الحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها، الأمر الذي عده مراقبون محاولة لاستخدام معاناة السكان المجوعين في قطاع غزة، لتمرير أهداف سياسية.
أفخاخ الموت
اعتبر شهر يونيو الشهر الأكثر فظاعة في قتل الباحثين عن الطعام، قرب مناطق توزيع المساعدات، فامتدت يد الفتك والقتل باتجاه المئات، الذين خفوا مسرعين، للظفر بما يسد وأد أطفالهم.
وكانت وجهتهم المناطق المسماة «مساعدات إنسانية»، والتي حولها الجيش الإسرائيلي إلى مصائد للموت، وتوسع من خلالها في قتل المدنيين، الباحثين عن أبسط مقومات الحياة.

صفارات إنذار
وجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة الحائط، وساد قلق مكتوم لدى الشارع الفلسطيني، من القرار الإسرائيلي فرض السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، والمطبوع بمخاوف من اشتعال جبهة جديدة، وطغى عليه طابع الإنذار من أسوأ قادم.
وتعاظم مأزق الفلسطينيين في معادلة بدت شائكة في منعطفين: استمرار حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة، وصفارات إنذار بأن الضفة الغربية باتت على الرادار الإسرائيلي، بينما العالم بدا مراقباً لتسارع التوترات الإقليمية والدولية.

وبالفعل ظل الجيش الإسرائيلي متحفزاً للانقضاض على الضفة الغربية، وباقتحاماته اليومية للمناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، بموجب اتفاق أوسلو عام 1993، أخذ يطير رسائل للفلسطينيين، بدت كأنها تمارين ومناورات بالنار، في الطريق لما هو أصعب، وإطلاق رصاصة الرحمة على حلم الدولة الفلسطينية، وحل الدولتين، الذي لا تنفك الأسرة الدولية إنعاشه.

أسوأ سيناريو
وباشتعال الصدام بين تل أبيب وطهران خلال حرب الـ 12 يوماً في يونيو، أخذت غزة تتهيأ لاستقبال أسوأ سيناريو أمني وأخطر تهديد، فمن جهة غابت عن الإعلام، وواصل الجيش الإسرائيلي ارتكاب المجازر فيها دون حسيب أو رقيب.
ومن أخرى غاب أفق الدبلوماسية، وانقطعت الاتصالات السياسية، وظلت غزة تعوم على بحر الدم. واستغلت إسرائيل ظروف المواجهة مع إيران، لفرض مزيد من الوقائع على الأرض في غزة والضفة الغربية، لا سيما أن المواجهة مع إيران كانت في مجملها جوية.

ولم تكن تحتاج لنشر قوات برية كما في غزة والضفة، وحتى بعد أن هدأت العاصفة بين تل أبيب وطهران امتد الماراثون التفاوضي بشأن غزة إلى أشهر أخرى إضافية، بعد أن غابت غزة عن صفقة ترامب، التي أنهت حرب الـ12 يوماً.

جرائم المستوطنين
اعتبر الفلسطينيون عام 2025 بأنه الأكثر وحشية بالنسبة لاعتداءات المستوطنين، إذ صعدت عصابات المستوطنين من هجماتها على القرى والبلدات الفلسطينية، وخصوصاً في منطقة شرق وشمال رام الله، إذ شهدت قرى ترمسعيا وسنجل وكفر مالك ودير جرير والمغير والمزرعة الشرقية ودير دبوان وأبو فلاح أعمالاً عدوانية، طالت العديد من ممتلكات المواطنين، بينما قضى نحو 30 فلسطينياً برصاص المستوطنين، خلال صد تلك الاعتداءات.
تقويض الدبلوماسية
في سبتمبر اشتعلت الدبلوماسية الفلسطينية، في ظل ما وصف بـ«موجات تسونامي» الاعتراف بدولة فلسطين، الذي سبق قمة نيويورك، والمؤتمر الدولي لحل الدولتين، الذي قادته السعودية وفرنسا، لكن الجهود السياسية لوقف الحرب على قطاع غزة ظلت مجمدة.
اعترافات دولية
ورغم أن كرة الاعترافات بالدولة الفلسطينية تدحرجت بدءاً من بريطانيا، التي بدت وكأنها تستبطن تصحيحاً لخطأ تاريخي بحق الفلسطينيين، ظل أهل غزة ينتظرون سبتمبر على جمر النار، لكن المشهد السياسي كان له رأي آخر، إذ استبقت أمريكا الأمر، بمنع الرئيس الفلسطيني وأعضاء من القيادة الفلسطينية من عبور واشنطن، لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقد أثار القرار الأمريكي غضب الشارع الفلسطيني، بينما اعتبره سياسيون فلسطينيون ودبلوماسيون عرب بمثابة انضمام واشنطن إلى سياسة تل أبيب، الرامية إلى تقويض قيام دولة فلسطينية.
إسرائيل والعزلة
فيما كانت غزة معزولة عن العالم، بقطع إسرائيل كل وسائل اتصالها وتواصلها مع العالم الخارجي، بفعل تشويشات متعمدة، على مقويات الإرسال.
وتدمير العديد من الأبراج الهوائية الخاصة بشبكات الاتصالات وخدمات الإنترنت، وقعت إسرائيل في عزلة دولية، بفعل إصرار نتانياهو،على إخضاع الحملة العسكرية على قطاع غزة لخدمة أجنداته الشخصية والسياسية.

وداعية الحرب
في 9 أكتوبر، ومن قلب دخان كثيف، وبعد ماراثون تفاوضي، واحتباس سياسي، انبلج فجر الهدنة، التي توجت جهود الوسطاء (مصر وقطر وأمريكا) وأسدلت الستائر على أطول الحروب في تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
فأمسكت غزة بحبل النجاة، بعد 470 يوماً من أبشع حروبها وأيام دهرها، وبعد حرب ضروس حملت غزة ما لا طاقة لها به، فغيرت المعالم، وأهلكت الحرث والنسل.

استعاد قلب غزة شيئاً من نبضه، لكن الهدنة لم تصمد طويلاً، وسرعان ما عاد غبار الحرب يغطي سماء القطاع، بفعل خروقات إسرائيل.
نزع السلاح
تضع واشنطن نزع سلاح حركة «حماس» حجر الزاوية في أي تسوية طويلة الأمد لغزة، في حين ترفض الحركة هذا الشرط رفضاً قاطعاً، وهو ما يعكس فجوة عميقة تعيق جهود السلام.
كما أن نتانياهو يطالب بنزع سلاح «حماس» شرطاً أساسياً للتهدئة، ويربط هذا المطلب بهدف إضعاف الحركة، وإنهاء سيطرتها على القطاع ويمثل هذا الخلاف الجوهري حول مستقبل سلاح «حماس» عقبة رئيسية في طريق المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى، تهدد بتقويض أي اتفاق شامل.
فيما ازدادت المعطيات المتقاطعة حول مستقبل قطاع غزة بعد الحرب بدأت ملامح تسوية سياسية نهائية تتبلور، مع انشغال الإدارة الأمريكية بإعادة رسم خريطة غزة بعد الحرب، بجهد سياسي ركيزته الأساسية مجلس السلام، الذي يقوده ترامب.
وفي ضوء إغراق المرحلة الأولى من الخطة الأمريكية بجولات توتر وخروقات لوقف إطلاق النار، أظهرت واشنطن مجلس السلام طوق نجاة لقطاع غزة، بيد أن المجلس الذي تضمنه القرار الأممي رقم 2803 افتقد من وجهة نظر مراقبين، لتمثيل هيئة دولية.
وجاء تشكيله بقرار أمريكي فردي، بل إنه يستمد مكانته وقوته من مكانة وقوة الإدارة الأمريكية، ورأى فيه الفلسطينيون إضعاف لفرصهم في إدارة شؤون قطاع غزة، ورسم مستقبله.

ماء ونار
ومع أفول العام 2025 تشتد وطأة خروقات اتفاق وقف إطلاق النار الأشبه بالحرب، وما زالت غزة مفتوحة على مآلات صعبة، أخذت تتعمق مع حلول فصل الشتاء، فإسرائيل تواصل منع دخول دخول المساعدات التي بنص عليها الاتفاق.
وكذلك المنازل المتنقلة «الكرفانات»، ومستلزمات الشتاء من فرش وملابس وأغطية. وبالمجمل فإن لعبة الماء والنار في قطاع غزة آخذة في الغليان، وما زال القطاع على مسرح الهجمات الخاطفة، المحكومة بسياسة نتناياهو، اللاهث وراء إنجاز عسكري، يكسر جمود مأزقه السياسي.

بينما ينهض الوسطاء باجتراح مبادرات سياسية، لعلها تضخ مظاهر الحياة في قطاع غزة، المحكوم بقواعد غارات وخروقات تتمدد حيناً، وتنكمش أحياناً، فيودع الغزيون عاماً آخر، وصواعقه ما زالت موصولة بأزرار التفجير.

71000
قتيل منذ أكتوبر 2023
410
قتلى منذ وقف إطلاق النار
171.195
إصابة منذ 7 أكتوبر 2023
83 %
من الأبنية في القطاع مدمرة كلياً أو جزئياً
61
مليون طن حجم الركام الناتج عن التدمير الإسرائيلي
514
ألف شخص يعانون من المجاعة
71 %
عجزاً في المستهلكات الطبية

من المسؤول عن هجوم 7 أكتوبر؟ إجابة نتانياهو المفضلة: اتفاقيات أوسلو 1993

على مدى أكثر من عامين، كان الإسرائيليون منقسمين بمرارة حول الحرب في غزة. وبمساندة حركة احتجاجية واسعة، طالبت الأحزاب المعارضة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأن تُنهي حكومته الحرب وأن تتوصل إلى صفقة لإعادة الرهائن الذين أُخذوا في 7 أكتوبر 2023.
ومع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ وعودة معظم الرهائن، بدأ تركيز المعارضة يتجه الآن للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية مستقلة لتحديد المسؤولين داخل حكومة نتانياهو والمؤسسة الأمنية عن الإخفاقات الهائلة التي سمحت لـ«حماس» بتنفيذ أسوأ هجوم على الدولة اليهودية في تاريخها.

في الأشهر التي تلت هجوم 7 أكتوبر، رفض نتانياهو الدعوات لإطلاق تحقيق مستقلوالذي تُشرف عليه تاريخياً المحكمة العليا، بحجة أنه «لا يجوز القيام بذلك خلال الحرب». أما الآن، ومع انتهاء القتال، وتحت ضغط متزايد من المحكمة العليا، فقد غيّر موقفه.
وبات نتانياهو يوافق على فتح تحقيق، لكن عبر لجنة يُعيّنها نواب البرلمان وليس المحكمة، مبرّراً ذلك بأنها ستكون «أكثر تمثيلاً للإسرائيليين كافة». ويكرر نتانياهو وحلفاؤه التعبير عن عدم ثقتهم بالمحاكم. وسيُشرف رئيس الوزراء شخصياً على اللجنة التي ستحدد ولاية التحقيق وصلاحياته.
وأكّد مشرّعون في ائتلاف نتانياهو أن نطاق التحقيق يجب أن لا يقتصر على هجوم «حماس» قبل عامين، بل يشمل أيضاً اتفاقيات أوسلو لعام 1993، وكذلك تأثير الحركة الاحتجاجية ضد خطة نتانياهو لإصلاح القضاء على وقوع هجوم 7 أكتوبر.
وتبدو محاولة توسيع نطاق التحقيق لتشمل اتفاقية أوسلو وكأنها مخرج سياسي محسوب بعناية يمنح بنيامين نتنياهو مساحة للهروب من المساءلة المباشرة عن أحداث 7 أكتوبر. فبدلاً من أن يكون التحقيق منصبّاً على رواية المعارضة الإسرائيلية بشأن الإخفاقات الأمنية والاستخباراتية والسياسية التي سمحت لـ«حماس» بتنفيذ الهجوم الأكبر في تاريخ إسرائيل، يحاول نتنياهو خلق مشهد تتوزع فيه المسؤوليات عبر ثلاثة عقود، بحيث يتحول النقاش من سؤال: «من أخطأ في 2023؟» إلى سؤال: «من وضع الأساس للكارثة منذ التسعينيات؟». هذه المناورة تفتح باباً واسعاً لإعادة الحجج القديمة حول أوسلو وتقديمها اليوم كجذرٍ تاريخي للهجوم، بما يخفف الضغط السياسي عن الحكومة الحالية ويعيد توزيع اللوم على طيف سياسي أطول يمتد إلى اليسار الإسرائيلي.
من المتوقع - في حال إقرار هذه الآلية - أن يمنح هذا المسار نتنياهو شبكة أمان إذ يسمح له بتقديم نفسه ليس كمن أخفق في منع الهجوم، بل كمن يريد «كشف جذور المشكلة» التي سبقت كل الحكومات اللاحقة.
والأربعاء، مرّر البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) بصعوبة أولى ثلاث قراءات لازمة لإقرار اللجنة التي يقترحها نتانياهو. وصرخت عائلات ضحايا الهجوم من شرفات القاعة احتجاجاً، بينما مزّق نواب المعارضة نسخ المشروع داخل قاعة الكنيست.
وأصبحت هذه القضية ركيزة أساسية في حملة المعارضة السياسية ضد نتانياهو مع اقتراب البلاد من سنة انتخابية. فإسرائيل يجب أن تُجري انتخابات عامة بحلول نهاية أكتوبر 2026.
وتتكون المعارضة الإسرائيلية من أحزاب يمينية ويسارية، ما يجعل التركيز على ما يعتبره منتقدو نتانياهو «محاولة للتهرب من المسؤولية عن 7 أكتوبر» رسالةً موحدة يمكن أن تجمع صفوفهم.
ويقول المنتقدون إن نتانياهو يحاول الإفلات من المسؤولية عبر تعيين لجنة سياسية يستطيع تحديد صلاحياتها. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن يعقوب كاتس، الباحث البارز في «معهد سياسات الشعب اليهودي» في القدس: «هذا بالفعل يوحّد المعارضة».
وقد استغلّ الساعون لمنافسة نتانياهو الانتخابات القادمة هذه القضية. وقال رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، الذي يخطط للترشح ضد نتانياهو: «في اللحظة التي نُشكّل فيها حكومتنا، سننشئ لجنة تحقيق رسمية مستقلة للتحقيق في فشل 7 أكتوبر».
وإذا وافق البرلمان على تشكيلها، فمن المرجّح أن تواجه اللجنة المقترحة طعوناً قانونية، بما في ذلك احتمال تقديم التماسات ضدها إلى المحكمة العليا. ففي نوفمبر الماضي، أصدرت المحكمة أمراً مشروطاً يطالب الحكومة بتفسير سبب عدم تأسيس لجنة تحقيق كما يفرض القانون للتحقيق في أحداث 7 أكتوبر.

الخليج: إسرائيل تتلاعب بـ«المكعبات الصفراء» وتلوّح باستيطان غزة

استقبل المستشفى الإماراتي العائم في مدينة العريش، الدفعة الخامسة من الفريق الطبي الإندونيسي، والتي تضم عدداً من الأطباء والممرضين في تخصصات متعددة، للعمل إلى جانب الطاقم الطبي الإماراتي لمعالجة المرضى والجرحى الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة ضمن عملية «الفارس الشهم 3» ومنذ تدشينه، قدّم المستشفى أكثر من 12000 خدمة علاجية، وأجرى أكثر من 5200 عملية جراحية.

من جهة أخرى، أصدر الجيش الإسرائيلي، «أوامر إخلاء» جديدة للفلسطينيين في شرق حي التفاح بمدينة غزة، تمهيداً لنسف مربع سكني كامل في المنطقة التي يصفها بالآمنة، وواصلت إسرائيل التلاعب بما يسمى «المكعبات الصفراء»، إذْ وسعتها لمسافة إضافية تزيد على 100 متر، وبعرض يزيد على 300 متر، في حين احتفل مسيحيو قطاع غزة بعيد الميلاد للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات وسط أجواء حزينة، مع تواصل الخروقات الإسرائيلية لاتفاقية وقف إطلاق النار والتهدئة في قطاع غزة.


تفاهمات متقدمة لتحالف جديد في العراق من رحم «الإطار»

كشفت مصادر عراقية مطلعة عن بوادر انشقاق داخل الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية في العراق، وتوقعات بتشكيل تحالف سياسي جديد، فيما أكد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، الشيخ همام حمودي، أمس الخميس، أن تحديات المرحلة المقبلة تتطلب روح الانسجام وتغليب المصالح العليا لتعزيز الثقة بالنظام الديمقراطي الدستوري، في حين أعلنت هيئة النزاهة، أمس الخميس، استرداد قرابة 17 مليون دولار خلال العام الحالي.
وكشف مصدر في منظمة «بدر»، بزعامة هادي العامري، عن التوصل إلى تفاهمات متقدمة بين المنظمة وزعيم تحالف «خدمات» شبل الزيدي، لتشكيل تحالف سياسي جديد داخل البيت الشيعي.
وقال المصدر إن اجتماعات مكثفة عُقدت خلال الفترة الماضية بين قيادات منظمة «بدر» وتحالف «خدمات»، جرى خلالها الاتفاق على ملامح تكتل سياسي مشترك يضمن الاستحقاق الانتخابي للطرفين، لافتاً إلى أن الإعلان الرسمي عن التحالف بات قريباً، بانتظار حسم التسمية النهائية.
وبحسب المصدر، فإن التحالف المرتقب سيحوز نحو 30 مقعداً نيابياً، ما يمنح «بدر» فرصة الحصول على منصب النائب الأول لرئيس البرلمان، بعد تثبيت قيمة هذا المنصب بين 15 و17 نقطة ضمن معادلة توزيع المناصب، على أن تُخصص النقاط المتبقية لمنح التحالف وزارة خدمية إضافة إلى هيئة مستقلة.
وفي سياق متصل، أشار المصدر إلى أن اللقاءات البينية بين قوى الإطار التنسيقي لا تزال مستمرة، في محاولة لتفكيك عقدة اختيار رئيس الوزراء المقبل، والتي تعود إلى تمسك طرفي التنافس داخل الإطار بمطالبهما، ووقوف كل منهما بالضد من الآخر، أو التلويح بتشكيل «ثلث معطل».
من جهة أخرى، أكد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، الشيخ همام حمودي، أمس الخميس، أن تحديات المرحلة المقبلة تتطلب روح الانسجام وتغليب المصالح العليا لتعزيز الثقة بالنظام الديمقراطي الدستوري.
واستقبل حمودي، رئيس تحالف العزم، مثنى السامرائي، وبحثا مستجدات الساحة الوطنية، وتحدياتها، ومسار الحوارات السياسية، وضرورة التقيد بالتوقيتات الدستورية لتشكيل السلطات الثلاث.
وأكد حمودي، أهمية الحوار الإيجابي المسؤول وروح الانسجام بين القوى السياسية في رسم ملامح المرحلة المقبلة برؤية وطنية جامعة، تتجاوز أخطاء الماضي، وتؤسس لحالة استقرار مستدامة، مشيراً إلى ما تتطلبه تحديات المرحلة من روح انسجام وتغليب المصالح العليا لتعزيز الثقة بالنظام الديمقراطي الدستوري.
على صعيد آخر، أعلنت هيئة النزاهة العراقية، أمس الخميس، استرداد قرابة 17 مليون دولار خلال العام الحالي، مشيرةً إلى توقيع نحو 20 مذكرة تعاون دولية مع نظيراتها في عدد من الدول لتعزيز مكافحة الفساد.
في الأثناء، أعلنت دائرة الطب العدلي، أمس الخميس، تسليم رفات 70 شخصاً من ضحايا مجزرة سجن «بادوش» إلى ذويهم في محافظة نينوى، وسط أجواء خيم عليها الحزن واستذكار المأساة.
يذكر أن مجزرة سجن بادوش واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبها تنظيم «داعش» الإرهابي في يونيو 2014 عقب سيطرته على الموصل، إذ وقعت المجزرة في ناحية بادوش شمال المدينة، وراح ضحيتها أكثر من 670 شخصاً جرى إعدامهم على يد عناصر التنظيم الإرهابي.

ضغوط إسرائيلية لتجزئة المرحلة الثانية والبدء بـ«رفح أولاً»

ذكرت تقارير إخبارية، أمس الخميس، أن إسرائيل بدأت تضغط لتجزئة المرحلة الثانية من «خطة غزة»، على أن يبدأ التنفيذ وفق شعار «رفح أولاً»، بينما يجري تنفيذ النقاط التالية بـ «التقسيط»، مشيرة في نفس الوقت إلى أن لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيختتم بإعلان المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وأشارت التقارير إلى أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بدأت على هامش ما سُمّي باجتماعات ميامي بممارسة ضغوط عنيفة على الوسطاء وحتى على المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بعنوان« تجزئة وتقسيم المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار». وأضافت أنه يوجد على الطاولة حالياً اقتراحات إسرائيلية بأن يتم تقسيم مرحلة وقف إطلاق النار في الجزء المتعلق بانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى ما قبل «الخط الأصفر»، وإلى الحدود الطبيعية مع قطاع غزة إلى ثلاثة مراحل أفقية، من دون أن يُعرف بعد مصير المقترحات الإسرائيلية. لكن الضغوط بدأت وعلى أساس رغبة الجانب الإسرائيلي في توفير ضمانات أمنية حقيقية في تكريس نجاح وقف إطلاق النار في بعض المناطق التي يتم إخلاؤها على أن تبدأ المرحلة الثانية بسقف زمني متفق عليه مسبقاً وعلى 3 مراحل على الأقل أي بنظام التقسيط.

ومن جانبها، ذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، أمس الخميس، أن لقاء نتنياهو وترامب المرتقب في 29 ديسمبر الحالي سيختتم ببيان عن التقدم المحرز نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.  

وكان المبعوث الأمريكي «ستيف ويتكوف»، أبلغ الوسطاء، أن المرحلة الثانية من اتفاق غزة ستبدأ في يناير المقبل. ونقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي أن «إسرائيل تخشى من أن يضغط ترامب للانتقال إلى المرحلة الثانية دون نزع سلاح غزة».

ومن جانبها، كشفت قناة كان الإسرائيلية مساء الأربعاء، تفاصيل التفاهمات التي جرت بين الدول الوسيطة والولايات المتحدة حول إعادة فتح معبر رفح، مشيرة إلى أنه، بموجب الاتفاق تتولي السلطة الفلسطينية، بالتعاون مع فريق من الاتحاد الأوروبي، إدارة معبر رفح عندما يتقرر فتحه. وبحسب القناة، فإن التفاهمات التي تم التوصل إليها، ستنفذ المخابرات العامة الفلسطينية بقيادة ماجد فرج المهمة جنباً إلى جنب مع الأوروبيين، الذين سيرتدون الزي الرسمي أو الملابس المدنية لإخفاء هوياتهم. واتفق الطرفان أيضاً على أن المعبر لن يفتح إلا عندما يكون من الممكن فتحه في كلا الاتجاهين، وليس تدريجياً في اتجاه الخروج من غزة إلى مصر فقط، كما تطالب إسرائيل.


الشرق الأوسط: جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

كانوا من كبار رجال الاستخبارات والجنرالات في عهد بشار الأسد، ومارسوا على مدار أكثر من عقد قمعاً وحشياً ضد انتفاضة شعبية في سوريا. والآن، بعد عام من فرارهم إثر سقوط نظام الأسد، يخططون لزعزعة الحكومة الوليدة، التي أطاحت بهم، وربما استعادة سيطرتهم على جزء من البلاد.

أما في ما إذا كان هؤلاء المسؤولون من النظام السابق يشكلون بالفعل تهديداً حقيقياً للسلطات السورية الجديدة، فمسألة لا يزال يكتنفها الغموض؛ ومع ذلك، يتضح بما لا يدع مجالاً للشك، من خلال مقابلات أجرتها صحيفة «نيويورك تايمز» مع مشاركين في تلك التحركات، وبالاطلاع على مراسلات جرت بينهم، أنهم عازمون على إعادة بسط نفوذهم في سوريا، التي لا تزال تعصف بها التوترات بعد أكثر من 13 عاماً من اشتعال حرب أهلية.

في خضم ذلك، تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات. ويأمل العديد منهم في إحكام السيطرة على الساحل السوري، معقل الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها الأسد وكثير من كبار قادته العسكريين والأمنيين.

عن ذلك، قال غياث الدلا (45 عاماً)، القائد السابق في الفرقة الرابعة، التي كانت تثير الرعب في سوريا في وقت مضى، خلال مكالمة هاتفية مع أحد مرؤوسيه، أبريل (نيسان) الماضي، من لبنان، جرى التنصت عليها دون علمه: «لن نبدأ حتى نتسلح بالكامل».

وجاءت هذه المحادثة ضمن عشرات المحادثات النصية والمكالمات الصوتية والمحادثات الجماعية، التي جرى نسخها ومشاركتها مع الصحيفة، من قبل مجموعة من النشطاء السوريين، الذين قالوا إنهم اخترقوا هواتف قادة كبار في نظام الأسد قبل سقوطه، وما زالوا يراقبونهم منذ ذلك الحين.

وراجعت الصحيفة هذه المواد، وتحققت من تفاصيلها مع مسؤولين سوريين يراقبون هؤلاء القادة السابقين، وكذلك مع أشخاص على تواصل أو يعملون مع الذين جرى اختراقهم. وقد شارك النشطاء جزءاً فقط من المواد التي بحوزتهم، وطلبوا عدم كشف هويتهم، حفاظاً على قدرتهم على الاستمرار في المراقبة.

متهمان بجرائم حرب
من أبرز الشخصيات التي تدور حولها هذه الجهود سهيل الحسن، قائد القوات الخاصة السابق بنظام الأسد، وكمال حسن، الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية. وكلا الرجلين يخضع لعقوبات دولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.

وتكشف المراسلات النصية والمقابلات مع المشاركين أنهما وزّعا أموالاً، وجندا مقاتلين، وتولت شبكة سهيل الحسن شراء أسلحة. يذكر أن الرجلين توجها إلى المنفى في موسكو رفقة الأسد، في ديسمبر (كانون الأول) 2024، لكن يبدو أن كليهما قادر على السفر، رغم العقوبات الدولية.

وحسب مراسلات نصية تتعلق بموقعه، التقى سهيل الحسن بمتعاونين معه في لبنان والعراق، وحتى داخل سوريا، خلال العام الماضي.

كما أشارت مضامين رسائل إلى أن كمال حسن زار لبنان. وقد أكد ذلك مساعد له وشخص جرى تجنيده للعمل لحسابه، وأحد معارفه الذين قالوا للصحيفة إنهم التقوا به هناك، واشترطوا جميعاً عدم ذكر أسمائهم.

ولم تتمكن الصحيفة من التواصل مع سهيل الحسن. أما كمال حسن فقد نفى عبر رسائل نصية أن يكون متورطاً في إثارة تمرد مسلح.

في المقابل، قلل المسؤولون السوريون، الذين يتولون مراقبة أي محاولات تمرد من خطورة هذا التهديد. جدير بالذكر أن سوريا لا تزال ترزح تحت وطأة انقسامات عميقة، إثر حرب أهلية تجاوز قتلاها 600 ألف شخص.

وقد أكد اثنان من المسؤولين السابقين المتعاونين مع الجنرالات أنهم قادرون على تجنيد أفراد من الطائفة العلوية، التي يعتمل الخوف في نفوس أبنائها، وتعج صفوفهم بالعسكريين السابقين.

ومع ذلك، من غير الواضح بعد عدد الذين سيستجيبون لدعوة المشاركة في التمرد على النظام الحالي؛ خصوصاً وأن الكثير من العلويين لا يزالون ينقمون بشدة على النظام السابق، بعد سنوات الحرب الدامية.

«خادمكم برتبة مجاهد»
تعود أقدم المراسلات التي اطلعت عليها الصحيفة إلى أبريل 2025، عندما لاحظ النشطاء تصاعداً في النشاط بين بعض المستهدفين بالمراقبة.

وقبل ذلك بشهر، سقط أكثر من 1600 قتيل، معظمهم من العلويين، في إطار موجة من أعمال العنف الطائفي على أيدي آلاف المسلحين، الذين سارعوا بالتوجه إلى الساحل السوري بعد أن شن عناصر أمن سابقون في نظام الأسد هجوماً منسقاً ضد قوات الحكومة الجديدة، أسفر عن مقتل 16 جندياً.

وقد استغل مسؤولو النظام السابق هذه المجزرة نداء تعبئة لاستقطاب مقاتلين من الطائفة العلوية. ومن بين أكثر النشطاء في هذا المجال، سهيل الحسن، قائد القوات الخاصة السابق، الذي أُطلق عليه لقب «النمر»، بسبب شراسته في المعارك. واشتهر داخل أوساط المعارضة السورية بتكتيكات الأرض المحروقة، ويواجه اتهامات بإصدار أوامر بشن ضربات جوية ضد مدنيين.

ولطالما كان سهيل الحسن من الأشخاص المفضلين لدى الروس، ومن أوائل من أجلتْهم موسكو لدى انهيار النظام، حسب أربعة ضباط سابقين. إلا أنه لم يرض، على ما يبدو، بالبقاء ساكناً في روسيا.

ومن أبريل وحتى الصيف، أظهرت مراسلات بين الحسن وآخرين، اطلعت عليها الصحيفة، تخطيطه للعودة. وكان من بينها جداول مكتوبة بخط اليد أُرسلت من هاتفه في أبريل، تصف عدد المقاتلين والأسلحة في قرى مختلفة على امتداد الساحل السوري.

وقد أرسل الحسن هذه الجداول إلى شخص خاطبه بـ«القائد العام لجيشنا وقواتنا المسلحة»، وقال إنه «تحقق» من هويات أكثر من 168 ألف مقاتل، منهم 20 ألفاً يحملون رشاشات، و331 لديهم مدافع مضادة للطائرات، و150 يحملون قنابل مضادة للدبابات، و35 قناصاً لا يزالون يحتفظون بأسلحتهم. وكان يختم كل رسالة بالعبارة نفسها: «خادمكم، برتبة مجاهد».

مخلّص العلويين
اللافت أن الحسن لم يذكر اسم قائده قط في الرسائل التي اطلعت عليها الصحيفة، لكن ثلاثة أشخاص مطلعين قالوا إنه يعمل مع رامي مخلوف، أحد كبار رجال الأعمال السوريين وابن خال الأسد الذي فر هو الآخر إلى موسكو. وقالوا إن مخلوف موّل جهود الحسن، كما أرسل مبالغ كبيرة إلى أسر علوية فقيرة على امتداد الساحل السوري.

ويقدّم مخلوف نفسه قائداً مخلّصاً مستعداً لقيادة العلويين في سوريا. وحسب مصادر مقربة منه، لديه اعتقاد بأنه قادر على التنبؤ بالأحداث عبر نص غامض يملكه. وقد رفضت أسرته ترتيب مقابلة معه لحساب الصحيفة.

‏بحلول الربيع، أظهرت المراسلات أن الحسن جنّد غياث الدلا، الجنرال في الفرقة الرابعة. وفي إحدى المحادثات النصية، قال الدلا للحسن إنه وزّع 300 ألف دولار مدفوعات شهرية للمقاتلين المحتملين والقادة، بمعدل يتراوح بين 200 و1000 دولار شهرياً. كما طلب الموافقة على شراء معدات اتصالات عبر الأقمار الاصطناعية مقابل نحو 136 ألفاً و600 دولار.

وخلال الرسائل، ذكر الدلا أنه يقيم في منزل بلبنان، قرب الحدود السورية، وأنه وعائلته يفتقرون إلى الكهرباء والطلاء على الجدران.

وفي محادثات أخرى، وصف اجتماعاته مع قادة ميليشيات عراقية مدعومة من إيران، ناقشوا خلالها طرق تهريب الأسلحة لعناصر متمردة، دون استثارة هجمات إسرائيلية أو رصدهم من قبل السلطات السورية. كما أشار إلى لقاءات مع ممولين محتملين.

وأظهرت مراسلات أخرى أن الدلا أوقف خطط اغتيال، وسعى للحصول على طائرات مسيّرة وصواريخ مضادة للدبابات، ذكر أن بعضها مخبأة داخل سوريا.

نقل 20 طياراً إلى لبنان
وفي أبريل، انضم جنرال سابق آخر إلى الشبكة، هو محمد الحاصوري (60 عاماً)، قائد سلاح الجو المتهم بشن هجوم بأسلحة كيميائية على بلدة خان شيخون عام 2017.

وكتب الحسن أن مسؤولين إيرانيين نقلوا الحاصوري و20 طياراً سابقاً عملوا في ظل النظام السابق، إلى فندق في لبنان. وقال إنهم أبدوا رغبةً في البقاء والانضمام إلى التمرد إذا ما جرى تأمين تكاليف الإقامة والطعام لهم.

وأكد مسؤول سابق في النظام، قال إنه على تواصل مع الحاصوري، صحة هذا الأمر في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه استطرد بأن الخطط انهارت بعد ذلك بشهر، مضيفاً أن الشبكة الأوسع التي حاول الدلا والحسن تشكيلها بدأت تتفكك.

طريق نحو واشنطن
خلال المراسلات التي جرى اعتراضها، جرى وصف كمال حسن، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، بأنه يقدم أموالاً لأنصاره والمجندين المحتملين.

يذكر أن حسن يخضع لعقوبات أميركية، لتوليه الإشراف على فرعين سيئي السمعة من الاستخبارات العسكرية، أظهرت صور مسربة في 2014 تورط الفرعين في تعذيب وإعدامات ممنهجة.

ولدى سؤاله عن هذه الاتهامات، قال: «أعتبرها سياسية وادعاءات فقط، لأنها تفتقر إلى التوثيق». كما نفى مزاعم أنه موّل متمردين، واصفاً إياها بأنها «تنطوي على الكثير من المغالطات والحقائق المشكوك بها».

وقال اثنان من المتعاونين مع كمال حسن إنه يركز أكثر على بناء شبكة نفوذ، بدلاً من قيادة تمرد مسلح. وذكروا أنه العقل المدبر وراء «مؤسسة تطوير سوريا الغربية»، ومقرها بيروت.

وتُقدّم المؤسسة نفسها باعتبارها جهة تدافع عن الأقليات السورية، وتوفر مساكن للعلويين الذين لجأوا إلى لبنان. لكن حسب المتعاونين مع الحسن، فإنه يستخدمها للضغط على واشنطن من أجل فرض «حماية دولية» على المنطقة العلوية في سوريا.

وتظهر عدة فيديوهات عبر الإنترنت لاجئين سوريين في لبنان، يشكرون حسن على دعمه المالي، كما جاء في منشور على صفحة المؤسسة على «فيسبوك»، أن «جميع تكاليف الحملة» لمشروع إسكان اللاجئين العلويين «مغطاة بالكامل من قبل المواطن السوري اللواء كمال حسن».

وحسب وثائق أميركية صادرة في أغسطس (آب)، استعانت مؤسسته بشركة الضغط السياسي الأميركية «تايغر هيل بارتنرز»، والمستشار السابق لترمب والمدير التنفيذي السابق لشركة «بلاكووتر»، جوزيف إي. شميتز، في عقد بقيمة مليون دولار لتمثيلها.

في البداية، أحال حسن طلب صحيفة «نيويورك تايمز» لعقد مقابلة معه، إلى شميتز، واصفاً إياه بمحاميه، ثم أنكر لاحقاً أي صلة بالمؤسسة أو «بأي منظمة سورية»، مضيفاً: «لكن من حيث المبدأ، أدعم وأشجع أي خطوة تخدم التنمية والسلام في سوريا».

نشاط «تايغر هيل»
من جهته، رفض شميتز التعليق نيابةً عن الحسن، لكنه قال باسم المؤسسة إنهم يعملون لضمان حماية وتمثيل الأقليات في سوريا.

ونشرت المؤسسة عبر وسائل التواصل لقاءات مع مكاتب 6 نواب أميركيين، بينهم النائب براين ماست من فلوريدا، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، والسيناتورة جين شاهين من نيوهامبشر، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.

وأكد مساعدو شاهين وماست وآخرون عقد لقاءات مع ممثلين عن «تايغر هيل»، ووصفوها بالروتينية ومع موظفي مكاتبهم فقط.

وأفاد عدة دبلوماسيين في سوريا بأنهم يرون في حملات الضغط هذه مصدر قلق أكبر من مخططات التمرد، إذ قد تمهد تدريجياً لتصاعد دعوات لإنشاء منطقة شبه مستقلة في سوريا.

«الدعم السريع» تتقدم غرباً وحاكم إقليم دارفور يتوعد

في الوقت الذي تتقدم فيه «قوات الدعم السريع» حثيثاً تجاه بلدة «الطينة»، عند الحدود التشادية - السودانية، بعد أن أعلنت إكمال سيطرتها على بلدة «كرنوي» صباح الخميس، وانسحاب «القوة المشتركة» التابعة للجيش، تعهد رئيس «حركة تحرير السودان»، (حاكم إقليم دارفور)، مني أركو مناوي، بعدم الاستسلام، ومحاربة ما أسماه «الفوضى والبربرية».

وقال مناوي، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم دارفور، في تغريدة على حسابه بمنصة «إكس»، مساء الأربعاء: «لن نسلّم أرواحنا ولا تاريخنا ولا هويتنا للفوضى والبربرية.. الليلة سمر، وغداً أمر»، بعد أن كان قد ذكر في وقت سابق أن قواته «انسحبت».

وتعد بلدة «الطينة» آخر جيوب القوات الموالية للجيش المعروفة بـ«القوة المشتركة»، وتقع على الحدود السودانية التشادية مباشرة، وتنقسم إلى بلدتين باسم «الطينة السودانية، الطينة التشادية»، وتعرف بأنها عاصمة دار قبيلة «زغاوة» المشتركة بين البلدين.

وبثت منصات موالية لـ«قوات الدعم السريع»، مقاطع فيديو ذكرت فيها أنها حققت انتصاراً كاسحاً في بلدة «كرنوي»، فيما ذكرت صحيفة «دارفور 24» أن «قوات الدعم السريع» دخلت منطقة كرنوي الواقعة في الشمال الغربي لولاية شمال دارفور، وأن القوة المشتركة انسحبت نحو بلدة «الطينة» على الحدود مع دولة تشاد.

وقال شاهد لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الدعم السريع» المدعومة بقوات «تحالف السودان التأسيسي»، (تأسيس)، اقتربت من بلدة الطينة، التي انسحبت إليها «القوة المشتركة» الحليفة للجيش، وينتظر أن تشهد معاركاً طاحنة بين القوتين.

وحضّ مناوي في حسابه على «فيس بوك»، مواطني المنطقة ومن أسماهم بـ«أهلي» للدفاع عن «أنفسهم»، بقوله: «نرفض الذل، والدفاع عن الوطن ليس خياراً، بل واجباً، ولا نبحث عن الدم، لكننا نحمي الأرض والعرض والتاريخ»، وتابع: «حين يستباح الوطن، يصبح الصمت خيانة».

لكن دعوات مناوي للمواطنين لم تلقَ استجابة، بل ردت عليه مجموعة من سكان المنطقة ببيان حمل توقيع «أبناء قبيلة الزغاوة» التي يتحدر منها، دعته إلى «عدم الزج باسم القبيلة في الحرب»، وإبعادها عن «الاستقطابات السياسية والعسكرية المتواصلة».

وقالت في البيان إن القبيلة «ليست كياناً سياسياً أو عسكرياً، أو أداة في الصراع على السلطة»، وتابع: «نرفض رفضاً قاطعاً التحدث باسم القبيلة أو توظيفها كتلة سياسية موحدة، أو الادعاء بتمثيلها في أي صراع سياسي أو عسكري».

ويأتي هذا التطور العسكري بعد استيلاء «قوات الدعم»، الأربعاء، على بلدات «أبو قمرة، أم برو، بير سبيل»، وسيطرتها الخميس على «كرنوي»، ولم يتبقَ على الحدود المشتركة بين تشاد والسودان سوى بلدة «الطينة».

وتعد «الطينة» أحد أهم النقاط التجارية والأمنية في شمال دارفور. وتقع إلى الشرق منها، بلدة «كرنوي» المركز الإداري يربط المناطق الحدودية بالداخل، بينما تقع بلدة «أم برو» إلى الشرق من «الطينة» وكرنوي، وتتميز بطبيعة جبلية تجعل منها منطقة استراتيجية عسكرياً.

وتكون هذه البلدات مثلثاً حدودياً يربط السودان بدولة تشاد، وتسعى الأطراف المتصارعة للسيطرة عليه لتأمين خطوط الإمداد أو إغلاقها بوجه الخصم.

وتعرف المنطقة التي تدور فيها المعارك إدارياً بـ«دار زغاوة»، وهم المجموعة الإثنية التي تنتشر على طرفي الحدود بين الدولتين، وينحدر منها معظم قوات حاكم دارفور، مني أركو مناوي، ووزير المالية، جبريل إبراهيم، اللذين يديران الحرب هناك من بورتسودان.

وبسيطرة «قوات الدعم السريع» على بلدة «الطينة»، تكون قد سيطرت على كامل إقليم دارفور، وعلى الحدود المشتركة مع دولة تشاد، باستثناء جيب صغير عند سفوح «جبل مرة» بوسط دارفور، تسيطر عليه قوات «حركة تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد محمد النور، الذي اختار الحياد في الصراع لكن ومواقفه أقرب لـ«قوات الدعم السريع».

وبإكمال عملية «الطينة»، لن يكون هناك خيار أمام القوة المشتركة الموالية للجيش الموجودة هناك، سوى «الانسحاب» لداخل دولة تشاد.

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

على الرغم من تصاعد لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وما حملته من تلميحات متبادلة رافقت حراكاً سياسياً وعسكرياً في بحر إيجه، رأى البعض أن هذا جزء من ضغوط لإبرام «صفقة تبادل مصالح»، تحديداً في سوريا وغزة؛ مستبعدين الانزلاق إلى هوة حرب أو مواجهة عسكرية.

وقالت مصادر سياسية في إسرائيل إن كلا الطرفين يعرف كيف يُفعّل الضوابط التي تمنع التدهور بينهما إلى صدام، خصوصاً مع وجود دونالد ترمب في سدة الرئاسة الأميركية، إذ من المعروف أن له روابط قوية مع الجانبين.

ومع ذلك، حذر الدبلوماسي المخضرم ألون ليئيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية بإسرائيل والذي كان سفيراً لها لدى تركيا، من أن يتسبب العداء المستحكم بين الجانبين في خطأ ما، أو في سوء تقدير يؤدي إلى تدهور العلاقات.

كانت إسرائيل قد أقدمت على إجراءات لإقامة تحالف ثلاثي مع اليونان وقبرص، شمل تدريبات عسكرية مشتركة، وتُوج بلقاء في القدس الغربية، يوم الاثنين الماضي، بين رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس.

وفي مؤتمر صحافي عقب اللقاء، وجَّه نتنياهو إشارة ضمنية إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قائلاً: «إلى أولئك الذين يتوهمون قدرتهم على إقامة إمبراطوريات والسيطرة على بلادنا، أقول: انسوا الأمر. لن يحدث. لا تفكروا فيه حتى. نحن ملتزمون وقادرون على الدفاع عن أنفسنا، والتعاون يُعزز قدراتنا».

جاء ذلك في معرض رده على سؤال عما إذا كان التعاون مع اليونان وقبرص موجهاً ضد تركيا، وقال: «لا نريد استعداء أحد»، ثم تابع: «في الماضي، احتلتنا إمبراطوريات، وإذا كان لا يزال لدى أي شخص مثل هذه النيات، فعليه أن ينسى الأمر».

وعن الهدف من مثل هذه التحالفات الإقليمية قال نتنياهو: «لقد ثبَّتنا مكانتنا قوةً إقليميةً عظمى في مجالات معينة. هذا يقرّبنا من دول عديدة. هي تأتي إلينا لأنها استوعبت قاعدة مهمة، ألا وهي أن التحالفات تُعقد مع القَويّ وليس مع الضعيف، وأن السلام يُصنع مع القويّ وليس مع الضعيف».

«التهديد الأول»
نقل نتنياهو أيضاً رسالة أخرى موجهة مباشرةً إلى ترمب بالنسبة إلى صفقة بيع طائرات الشبح «إف-35» لتركيا ومشتريات أخرى من طائرات سلاح الجو قائلاً: «أود أن أوضح أن التفوق الجوي الإسرائيلي في الشرق الأوسط هو حجر أساس أمننا القومي».

وفي اليوم التالي من انعقاد القمة الثلاثية، نشرت صحيفة «يني شفق» التركية مقالاً على صفحتها الأولى بعنوان صارخ: «ابتداءً من اليوم، إسرائيل هي التهديد الأول».

وأشار المقال إلى انعقاد القمة، وإلى تبادل إطلاق النار في حلب السورية بين قوات النظام والقوات الكردية المعروفة باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، على أنهما من مظاهر العداء؛ وأورد أن إسرائيل قامت خلال القمة بـ«تفعيل» القوات الكردية لإحراج الوفد التركي في سوريا.

وأضافت الصحيفة: «جميع المؤسسات التركية الأمنية تَعدّ إسرائيل تهديداً رئيسياً»، بل حددت المؤسسات الحكومية التي ستنظر إلى إسرائيل من الآن فصاعداً على أنها «التهديد الأول»: وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وجهاز المخابرات التركي.

الرد التركي الرسمي
أما الرئيس التركي إردوغان، فقد وجَّه رسالة إلى الدول الثلاث، إسرائيل واليونان وقبرص، خلال اجتماع رؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الأربعاء، قائلاً: «ليعلم الجميع أننا لن ننتزع حقوق أحد، ولن نسمح لأحد بأن ينتزع حقوقنا».

وأضاف: «سنواصل التمسك بمبادئنا التاريخية والتصرف بكرامة وحكمة وعقلانية وهدوء، بما يليق بخبرتنا وتقاليدنا العريقة ولن نستسلم للاستفزازات».

وقالت وزارة الدفاع التركية إنها تتابع من كثب مبادرات التعاون والبيانات التي صدرت عن الأطراف الثلاثة عقب القمة يوم الاثنين. وشدد المتحدث باسم الوزارة زكي أكتورك، على أن بلاده تؤكد التزامها بالحفاظ على الاستقرار واستمرار الحوار في المنطقة.

وقال أكتورك، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع، الخميس، إن تركيا تؤيد الحوار البنّاء في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط انطلاقاً من علاقات التحالف في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكنه استطرد: «يجب أن يُفهم أن الخطوات المخالفة لروح التحالف لن تُغير الوضع على أرض الواقع، وأن موقف تركيا من أمن جمهورية شمال قبرص التركية (غير معترف بها دولياً) وحقوقها، واضح وثابت، ولن تتردد تركيا في استخدام الصلاحيات الممنوحة لها بموجب وضعها، بوصفها أحد الضامنين في المفاوضات بشأن الجزيرة القبرصية».
وأضاف أن تركيا «ليست هي من يصعّد التوترات في بحر إيجه وشرق المتوسط، بل الخطوات والنهج الإقصائي والأحادي الذي يهدف إلى فرض أمر واقع، بينما تُفضّل تركيا أن تكون المنطقة حوضاً للتعاون والاستقرار، لا ساحة صراع».

الصفقة المنشودة
وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون التركية، ليئيل، في حديث مع موقع «واي نت» العبري: «أعلم أن تركيا تستعد للحرب، وأرى استعداداتها عبر تعزيز الدفاعات الجوية وتقوية القوات الجوية وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض. إنهم في حالة ذعرٍ حقيقي من احتمال هجومنا عليهم، ويأخذون الأمر على محمل الجد».

وأشار إلى أن الأتراك «يُسلّحون أنفسهم بطائرات (إف-35) الجديدة، ويُغيّرون قواتهم الجوية بالكامل». وتابع: «لديهم قوة بحرية ومشاة قوية، ويُضاعفون إنتاج الطائرات المسيّرة».

وواصل حديثه قائلاً: «إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع سوريا، فستكون أولى المواجهات العسكرية على الأراضي السورية. لن يجرؤ إردوغان على مهاجمة الأراضي الإسرائيلية، ولن نجرؤ نحن على مهاجمة تركيا. لكن كلا البلدين يمتلك جيشاً في سوريا، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق ثلاثي أو رباعي مع السوريين والأميركيين، فستقع حوادث مع تركيا في وقت قريب».

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد قدّر ليئيل أن واشنطن، على عكس الماضي، لم تعد تشعر بالذعر إزاء أي خلاف إسرائيلي - تركي، وباتت ترى أن الطرفين يمارسان ضغوطاً كي تسارع إلى إبرام صفقة بينهما، تقبل إسرائيل بموجبها بدور تركي في غزة، وتقبل تركيا بدور إسرائيلي في سوريا.

وتواترت في الآونة الأخيرة تقارير يونانية وإسرائيلية عن تحركات في شرق البحر المتوسط وعن أن إسرائيل تدرس، بالتعاون مع اليونان وقبرص، إمكانية إنشاء قوة تدخّل سريع مشتركة تضم وحدات من القوات المسلحة للدول الثلاث، بهدف تعزيز التعاون العسكري الاستراتيجي وردع الأنشطة العسكرية التركية في شرق المتوسط، لا سيما مع سعي تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي، بما في ذلك نشر أنظمة دفاع جوي في سوريا، ومحاولة المشاركة في القوة متعددة الجنسيات في غزة، وإجراء محادثات مع الحكومتين المتنافستين في ليبيا للتوصل لتوقيع اتفاقيات بحرية جديدة قد تمنحها دوراً مهيمناً في شمال وشرق البحر المتوسط.

شارك