"الإخوان" تتبرأ من بيان يؤكد تركها العنف والفصل بين الجماعة والحزب
الأربعاء 30/سبتمبر/2015 - 07:09 م
طباعة
د. خليل العناني
في بيان منسوب لجماعة الإخوان، نُشر على لسان القيادي بالجماعة د. خليل العناني، اليوم الأربعاء 30 سبتمبر 2015، كشف حالة الارتباك والشقاق بين قيادات الجماعة وأفرعها المختلفة، حيث طالب البيان بالفصل الإداري والتنظيمي التام بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وعدم تخلي الجماعة عن دورها الأصيل، كحركة إحيائية تربوية ودعوية.
البيان لم يكن وليد اليوم، بل اقترحه د. خليل العناني في مقال له بعنوان "بيان لم يكتبه الإخوان" في جريدة "العربي الجديد" بتاريخ 24 سبتمبر 2015، وتم تغيير بعض فقراته لتعيد الجماعة بثه مرة أخرى في إطار إعادة تقييم لأوضاعها، لتعود مرة أخرى للساحة السياسية، مؤكدة على رفضها القيام بالعمل السياسي والاكتفاء بالعمل الدعوي.
وحمل البيان عدة نقاط أساسية تؤكد فيها الجماعة على "الفصل الإداري والتنظيمي التام بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وعدم تخلي الجماعة عن دورها الأصيل، كحركة إحيائية تربوية ودعوية، بمفهوم الإسلام الشامل، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ونصحا للحاكم والمحكوم، تحمل خيرها للأمة العربية والإسلامية والناس أجمعين، وأن تظل ملتزمة في ذلك باللوائح والقوانين المحلية، من دون التدخل في شئون فروعها، ومن يتبنى نهجها الفكري"، ما يؤكد تخلي الجماعة عن ذراعها السياسي.
وتركت الجماعة لأعضائها حرية تكوين أحزاب سياسية أو الاشتراك بها، فجاء بالبيان:" ترك الحرية لمن يشاء من أفراد الصف بتكوين أحزاب سياسية، أو الانخراط في أحزاب سياسية قائمة، تحترم مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة وقيمها، وإنْ لم تشترك بالضرورة في المرجعية الفكرية والإيديولوجية للجماعة التي لا تلزم أحدا من أفرادها بشيء غير ما يلتزم به هو نفسه قناعة واختيارا".
وطالبت الجماعة من الحزب إعادة تقييم مواقفه السياسية وتصحيح الأخطاء التي وقع بها، منذ الوصول إلى السلطة في 2012، واتخاذ ما يراه ملائمًا من إجراءات لتصحيح العلاقة مع الفرقاء السياسيين، وإعادة بناء الثقة معهم، والعمل على التوصل إلى أجندة سياسية مشتركة، هدفها بناء دولة القانون والحريات والعدل".
وأكدت الجماعة في البيان عن تخليها للعنف، وجاء بالبيان: "الرفض التام للعنف، أيًا كان شكله ومستواه وأهدافه، ونؤكد على الالتزام التام بمنهجنا السلمي الذي اتبعناه طوال تاريخ الجماعة، ونعلن أن من يُنظّر للعنف، أو يبرّره، أو يمارسه، هو خارج على الجماعة، وهو ليس منا ولسنا منه".
وقد أكد زين الدين توفيق، إعلامي إخواني بقناة الجزيرة، أن هناك من تواصل معه من غير الإخوان ونفى صلتهم بهذا البيان، لكن وصله من إيميل رسمي لهم يؤكد ما جاء في البيان، قائلًا "الكرة الآن في ملعبهم لتوضيح موقفهم".
نص مقال خليل العناني
بيان لم يكتبه "الإخوان"
"إلى الشعب المصري العظيم:
نعلن، نحن جماعة الإخوان المسلمين، عن استنفاذ قدرتنا ومحاولاتنا لإسقاط مسار الثالث من يوليو 2013 الذي انقلب على الديمقراطية، وانقض على إرادة شعبنا واختياره الحرّ والنزيه في انتخابات 2012 التي أوصلت أول رئيس مدني منتخب إلى السلطة في تاريخ مصر الحديث. فقد تحملت الجماعة، طوال العامين الماضيين، ما لم تتحمله أية حركة أو فصيل سياسي آخر في مصر، من قمع وتنكيل واعتقال ومطاردة وقتل، وذلك من أجل إسكاتنا وإرغامنا على الاستسلام لواقع سلطوي جديد، وقد دفع شبابنا وشيوخنا ورجالنا ونساؤنا وأطفالنا، ومعهم شباب ورجال ونساء كثيرون من أحرار الوطن، ثمناً باهظاً من أجل استعادة المسار الديمقراطي، وإنقاذ ثورتنا المجيدة، ثورة 25 يناير. ولكن، تربصت بنا قوى الثورة المضادة ومؤسساتها وحلفاؤها، حيث شُوّهت ثورة يناير، واعتُقِل خيرة شبابها، وتم تشويه كل من يدافع عنها وعن قيمها ومطالبها، وتم تخوين كل من شارك فيها، وجرى اتهامهم بالعمالة والتآمر على الوطن، ويبدو أن قطاعاً من الشعب صدّق هذه الترهات والأكاذيب واقتنع بها.
نقول إننا دفعنا، ولا نزال، الغالي والنفيس من أجل الوطن، وحاولنا أن نسترد حريته وحرية مواطنيه، وأن نحفظ كرامتهم من جوقة العسكر، ومن يدعمونهم داخلياً وخارجياً، لكننا فشلنا، كما حاولنا، على مدار عامين، أن نعيد الحياة إلى ثورة يناير، من خلال تظاهرات سلمية ووقفات احتجاجية لم تتوقف، ولكن يبدو أن قوى الممانعة التي ترفض التغيير لا تريد لثورتنا الحياة. لذا، وصلنا إلى قناعة مهمة، مفادها بأن نعيد الأمانة إلى أهلها، وأن ندعو الشعب، وقواه الحية، إلى تحمل مسئوليتهم في الدفاع عن ثورتهم وكرامتهم وحريتهم، لذا نعلن ما يلي:
- الفصل الإداري والتنظيمي التام بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وعودة الجماعة إلى دورها الأصيل، حركة إحيائية تربوية ودعوية، لا تعمل بالسياسة الحزبية، وإنما تحمل خيرها للأمة العربية والإسلامية، وأن تلتزم في ذلك باللوائح والقوانين المحلية، من دون التدخل في شؤون فروعها، ومن يتبنى نهجها الفكري.
-ترك الحرية لأفراد الصف الإخواني بتكوين أحزاب سياسية، أو الانخراط في أحزاب سياسية قائمة، تحترم مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة وقيمها، وإنْ لم تشترك بالضرورة في المرجعية الفكرية والإيديولوجية للجماعة.
- إعادة حزب الحرية والعدالة تقييم مواقفه السياسية، والعمل على تصحيح الأخطاء التي وقعت منذ الوصول إلى السلطة في 2012، واتخاذ ما يراه ملائماً من إجراءات لتصحيح العلاقة مع الفرقاء السياسيين، وإعادة بناء الثقة معهم، والعمل على التوصل إلى أجندة سياسية مشتركة، هدفها بناء دولة القانون والحريات والعدل. وإذا فشل الحزب في تحقيق ذلك، في فترة زمنية معينة، فيجب عليه البحث في جميع الخيارات السياسية الأخرى، بما فيها التجميد الطوعي لنشاطه السياسي، فترة زمنية قصيرة، من أجل إعادة ترتيب صفوفه، وتحديد خطواته القادمة.
- الرفض التام للعنف، أياً كان شكله ومستواه وأهدافه، ونؤكد على الالتزام التام بمنهجنا السلمي الذي اتبعناه طوال العقود الثلاثة الماضية، ونعلن أن من ينظّر للعنف، أو يبرّره، أو يمارسه، هو خارج على الجماعة، وسوف يتم فصله نهائياً منها.
-نحمّل النظام الحالي، ومن يدعمونه، كل المسؤولية عن الدماء التي سالت، والأرواح التي أُزهقت، والحريات التي قُمعت من المنتمين لكل الأطياف السياسية، ونؤكد أن حقوقهم لن تسقط بالتقادم، مهما طال الأمد.
- نهيب بالقوى والحركات والشخصيات السياسية التي آمنت بثورة يناير، وبقدرة شعبنا على وقف الظلم أن تتجاوز خلافاتها وحساباتها الضيقة، وأن تبدأ فوراً حواراً سياسياً، يستهدف إنجاز شعار الثورة: كرامة، حرية، عدالة اجتماعية... عاشت ثورتنا وعاش كل من يدافع عنها".
جماعة الإخوان المسلمين، مصر
رد جماعة الاخوان على البيان
وجاء رد الجماعة على البيان الذي نسب اليها بالنفي التام حيث نفت جماعة الإخوان المسلمين، ظهر اليوم الأربعاء 30 سبتمبر 2015، تبنيها أي بيانات منسوبة لها بخلاف تلك التي تصدر من خلال الموقع الرسمي والصفحة الرسمية والمتحدث الإعلامي محمد منتصر، ويأتي نفي الجماعة بعدما تداولت مواقع إعلامية بيانا عنوانه "بيان يكتبه الإخوان"، ردا على مقال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية "خليل العناني" الذي نُشر بجريدة "العربي الجديد" تحت عنوان "بيان لم يكتبه الإخوان"، وقالت الجماعة في بيان عبر موقعها الرسمي "تؤكد جماعة الإخوان المسلمين أن مواقفها وبياناتها الرسمية تصدر من خلال الموقع الرسمي والصفحة الرسمية والمتحدث الإعلامي، ذلك وتهيب الجماعة بكافة وسائل الإعلام تحري الدقة فيما ينشر منسوبا إلى الجماعة". وفقا للبيان المزعوم أكدت الإخوان على "ضرورة أن يتخذ "الحرية والعدالة" ما يراه ملائما من إجراءات، لتصحيح علاقته بالفرقاء السياسيين، وإعادة بناء جسور الثقة معهم، "والعمل على التوصل إلى أجندة سياسية مشتركة، هدفها بناء دولة القانون والحريات والعدل، مع عدم الوقوف أمام أي معوقات"، ووفقا للبيان المزعوم أعلنت الجماعة "الفصل الإداري والتنظيمي التام بين الإخوان المسلمين، وبين حزب الحرية والعدالة، وعدم تخلي الجماعة عن دورها الأصيل، كحركة إحيائية تربوية ودعوية، بمفهوم الإسلام الشامل، وأن تظل ملتزمة في ذلك باللوائح والقوانين المحلية، من دون التدخل في شؤون فروعها، ومن يتبنى نهجها الفكري"، وكانت الجماعة قد أعلنت رفضها التام - عقب الإعلان عن تأسيس حزب الحرية والعدالة - لفكرة انضمام شباب الإخوان لأي أحزاب أخرى بخلاف حزبها الرسمي، بل وقررت فصل بعض شبابها بسبب انضمامهم لأحزاب سياسية أخرى غير "الحرية والعدالة". إلا أن قيادات بالجماعة (رفضت ذكر اسمها) قالت إن البيان عار تمام من الصحة ولا يمت للإخوان بصلة، وهو ما أكده البيان الرسمي الصادر عنها والمنشور عبر موقعها وصفحتها الرسميين.
ما يحدث من الجماعة وقياداتها ليس شيء جديد سوى ما اشرنا اليه اكثر من مرة بان الجماعة تبدو متخبطة في اتخاذ قرار مناسب للحظة الراهنة، وان قياداتها لا يملكون القدرة على قراءة الواقع بشكل جيد، مما يؤدي في النهاية الى الانشقاقات بين صفوفها ويرجع الكثير من خبراء الاسلام السياسي ان هذا الصراع والانشقاق داخل صفوف الجماعة انما يرجع الى سيطرة مجموعة قليلة "اخوان الخارج" على رؤوس اموال الجماعة ويريدون التحكم في مسارات الجماعة بغض النظر عن أراء اخوان الداخل الذين ينتظرون كل شهر الامداد المالي الذي يأتيهم من زملائهم بالخارج.