هجوم داغستان يوقظ مخاوف روسيا من تمدد التطرف في القوقاز
الثلاثاء 20/فبراير/2018 - 01:28 م
طباعة
فتحت اعلان تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجوم على كنيسة في داغستان الروسية، مخاوف من قبل موسكو بعودة الروسي المنضمين إلى داعش، او ضخ دماء جديدة في الجماعات المتطرفة في الجمهوريات الروسية.
داعش يتبني:
واعلن تنظيم داعش الإرهابي عبر وكالة أعماق للأنباء التابعة له مسؤوليته عن إطلاق نار في إقليم داغستان في جنوب روسيا أسفر عن مقتل خمسة أشخاص رغم أنه لم يقدم أدلة تدعم ذلك.
كانت وكالات أنباء روسية قالت نقلا عن وزارة الصحة في إقليم داغستان إن رجلا أطلق النار على حشد أثناء خروجه من كنيسة بالإقليم، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة ما لا يقل عن خمسة آخرين.
تحقيقات روسية:
وتجري قوات الأمن الروسية تحقيقا حول علاقة محتملة لمنفذ اطلاق نار أدى إلى مقتل خمس نساء لدى خروجهن من كنيسة في داغستان، بـ"منظمات متطرفة"، كما أعلن الكرملين الاثنين بعد اعلان تنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليته عن الهجوم.
وأيقظ الهجوم الأخير مخاوف روسية من تمدد جماعات متطرفة في القوقاز حيث غالبية السكان من المسلمين وحيث تدفع الأوضاع الهشة شباب المنطقة إلى أحضان الجماعات المتطرفة.
وفتح المحققون رسميا تحقيقا حول "مقتل شخصين أو أكثر وتهديد حياة رجال الشرطة"، من دون استخدام تعبير عمل ارهابي، بعد هذا الهجوم الذي وقع الأحد في القوقاز الروسي وقبل شهر بالضبط من الانتخابات الرئاسية الروسية.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في ندوة صحافية، إن "تحقيقا يجري مترافقا مع عمليات تدقيق تتعلق بانتماء المهاجم إلى منظمات متطرفة".
وأضاف أن "التصدي للمنظمات المتطرفة في المنطقة يتواصل بطريقة هادفة ومتناسقة".
وفي كيزليار، شمال داغستان، أطلق رجل الأحد النار على مصلين بعد قداس أقيم عشية بدء الصوم الارثوذكسي الكبير، فقتل خمس نساء واصاب اثنين من عناصر قوى الأمن بجروح.
وقتل المهاجم وهو مواطن من داغستان مولود في 1995، كما تقول لجنة التحقيق الروسية، خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.
تهديدات "داعش"
وقد تلقت روسيا مرارا تهديدات من تنظيم "داعش" والفرع السوري لتنظيم القاعدة، بعد بداية تدخلها العسكري في سوريا في 30 سبتمبر 2015.
وأعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته مرتين في 2017 عن هجومين بالسكين في روسيا لم تصفهم السلطات بأنهما "عمل إرهابي"، خصوصا في سورغوت بسيبيريا في 19 اغسطس أصيب فيها 7 من المارة وفي داغستان في 28 من الشهر ذاته أسفر عن مقتل شرطي واحد.
وتعتبر داغستان جارة الشيشان والتي يشكل المسلمون أكثرية سكانها، واحدة من أفقر المناطق وغير المستقرة في روسيا. وهي هدف دائم للهجمات التي يعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنها أحيانا، والذي أقسم التمرد الاسلامي المسلح في القوقاز الروسي يمين الولاء له في يونيو 2015، إلا ان هذه الهجمات تستهدف قوى الأمن عموما.
الروس المنضمين لـ"داعش"
ويعد الروس المنضمين للجماعات المتطرفة والإرهابية وعلى رأسها تنظيم "داعش" احد مصادر قلق الأمن الروسي من عودة هؤلاء لتنظيم عمليات إرهابية في الداخل الروسي.
وقال سكرتير مجلس الأمن الروسي نيقولاي باتروشيف سابقا إن حوالي 2700 شخص من أبناء شمال القوقاز يقاتلون في صفوف المنظمات الإرهابية في سوريا والعراق. وأشار إلى الكشف عن 66 شخصا كانوا يجندون المواطنين للخدمة في صفوف التنظيمات الإرهابية والمتطرفة وخاصة "داعش" و"جبهة النصرة".
الارقام التي ذكرها المسؤول الروسي تأتي اقل مما رصدها مركز "سوفان" البحثي الأمريكي، حيث اشار الي ان هناك 3500 مواطن روسي لصفوف تنظيم داعش الإرهابي في سوريا.
وفي أكتوبر الماضي، ذكر "مركز صوفان" الاستشاري للشؤون الأمنية "امريكي" في تقرير له، إن عودة ما لا يقل عن 5600 عنصر من تنظيم "داعش" من العراق وسوريا إلى دولهم، سيشكل تحديا أمنيا هائلا لهذه الدول.
وذكر المركز ان روسيا شهدت عودة 400 متطرف من سوريا والعراق
الترويج للفكر الراديكالي في روسيا ليس قضية جديدة، إذ يستخدم المتطرفون في شمال القوقاز دائرة واسعة من الوسائل لاستمالة والتجنيد، وهم يستهدفون بصورة خاصة الفتيات الروسيات، لإشراك في تقديم الدعم اللوجستي للمسلحين وعمليات الدعاية وتوزيع المواد المحظورة بما في ذلك شرائط فيديو مروعة تسجل ارتكاب جرائم بشعة، وكل ذلك عبر أحاديث عن الحب وتعهدات بالزواج.
لكن عمليات التجنيد تجري أيضا في أماكن أخرى، ويمكن أن تبدأ من أحاديث بعيدة عن الجهاد، وذلك في إطار دورة لتعليم اللغة العربية أو تاريخ الشرق الأوسط أو حتى في مجموعة خيرية.
ويتوسع نشاط مروجي الفكر المتطرف في منطقة شمال القوقاز والأماكن التي يتركز فيها المهاجرون من دول آسيا الوسطى. ويستخدم عملاء "داعش" شبكة الإنترنت بنجاح، كما أنهم يتسللون إلى مؤسسات تعليمية وثقافية ورياضية.
وكانت محكمة سانت بطرسبورغ قد قررت الأربعاء 10 يونيو اعتقال زعيم خلية "حزب التحرير" في المدينة. وتم توقيف المشتبه به الثلاثاء 9 يونيو، بعد أن تأكدت الاستخبارات من أنه كان يعمل على تجنيد شبان لإرسالهم إلى "داعش" في سوريا.
اللافت في القصة أن المشتبه به إلياس كاغيروف داغستاني الأصل (24 عاما) هو طالب في جامعة بطرسبورج البحرية التقنية التي تتميز بسمعة جيدة.
القاعدة في روسيا:
عودة العمليات الارهابية الى روسيا خلال السنوات الأخير يشير إلى أن روسيا ستكون هدفا للجماعات المتطرفة علي رأسها تنظيم القاعدة وتنظيم "داعش"، فالقاعدة لديها حضور تاريخي في روسيا منذ ان نشأة القاعدة من رحم الحرب ضد السوفييت في أفغانستان ، ثم انتقلت إلى الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي سابقا خاصة في مناطق القوقاز والشيشان.
وبين سنتي 1987 و1989 شاركت المجموعة التابعة لأسامة بن لادن في معارك ضد القوات السوفييتية في أفغانستان. وبعد انتهاء الحرب تحوّل “الجهاد” إلى الشيشان مع اندلاع الحرب الأولى (1996-1992). وتم تدريب هؤلاء "المجاهدين" في معسكرات القاعدة في أفغانستان، وهو ما تخشى روسيا ان يتكرر مرة اخري بعد الحرب السورية.
وسبق أن وجه الرئيس فلاديمير بوتين، اتهامات في مناسبات عديدة "الولايات المتحدة باستخدام الإرهابيين لزعزعة الوضع السياسي الداخلي في القوقاز والشيشان"، وقال إن "واشنطن ساعدت على صعود تنظيم القاعدة الإرهابي وعليها أن تدرك مسؤوليتها عن ذلك".
وفي في 31 أكتوبر 2007 على دوكو عمروف زعيم المقاتلين الشيشان تأسيس إمارة القوقاز ، على انقاض الحركة الانفصالية القومية لجمهورية الشيشان إتشكيريا. وتضم الإمارة كل جمهوريات شمال القوقاز وهي (داغستان، نخشيشو الشيشان وغلغايشو، إنغوشي وإيرستون أوسيتيا الشمالية وولاية كابردا بلكار ـ كرشاي المجتمعة وهي جمهوريتي قبردينو – بلقاريا وقراتشاي ـ تشيركيسيا)
وبرغم العلاقة الوثيقة التي تربط إمارة القوقاز بمنظومة الجهاد العالمي،، إلا أن العديد من الباحثين والمحللين والأكاديميين يتعمدون التعتيم على هذه الحركة، بل وإخفائها عن الدوائر السياسية والشعبية الغربية.
ودائما ما تحمل المواقع الاعلامية التابعة لإمارة القوقاز، ترجمة لكتب المنظرين من السلفيين الجهاديين من علماء السعودية والعراق على وجه الخصوص إضافة إلى رموز السلفية الجهادية مثل اسامة بن لادن وأيمن الظواهري وأبو محمد المقدسي وأنور العولقي، فضلا عن كتب ابن تيمية وسيد قطب وأبو الأعلى المودودي وأبو بصير الطرطوسي والشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين والشيخ عبدالله بن محمد الراشد وغيرهم.
كذلك تحرص هذه المواقع على تعقب ونشر تصريحات وبيانات قادة القاعدة، حتى أنها نشرت خلال أيام قلائل في أعقاب مقتل بن لادن في مايو 2012 ما يزيد عن خمسة عشر مقالة وبيان له. كذلك تقدم هذه المواقع ترجمة روسية لمجلة Inspire، التي تمثل الذراع الإعلامي لتنظيم القاعدة، فضلا عن إعادة نشرها عام 2010 لفتوى الشيخ ناصر الفهد (والتي يصفها هان بأنها فتوى سيئة السمعة) ثلاث مرات والتي تدعو إلى “استخدام اسلحة الدمار الشامل ضد الأمريكيين الكفار”.
وعلى الجانب الآخر، حظي الجهاد القوقازي بدعم وتأييد من العديد من الشبكات المحسوبة على الحركة الثورية الجهادية العالمية وذات العلاقة الوثيقة بتنظيم القاعدة كشبكة أنصار المجاهدين والتي أعلنت في ديسمبر 2010 عن “بدء حملة جديدة لدعم إمارة القوقاز”، كما طلبت إلى المجاهدين والممولين دعم الجهاد القوقازي.
ومع بدأ الصراع السوري، ساهمت إمارة القوقاز بقيادة دوكو عمروف، بإرسال المقاتلين الشيشان إلى سوريا. ويقوم عيسى عمروف، بالتنسيق مع معين أبو مصعب و أودوغو وعثمان فرض الله والثلاثة مرتبطون بمعين أبو مصعب في سوريا، عبر الأراضي التركية. وهنالك ايضا شبكات عمل اخرى لأدخال المقاتلين الى سوريا.
وفي سوريا هناك كتيبة تطلق على نفسها «مجاهدي القوقاز والشام» بقيادة سيف الله الشيشاني والتي أعلنت في سبتمبر 2013 استقلالها عن تنظيم القاعدة بشقيه في سوريا.
ويبلغ عدد كتيبة «مجاهدي القوقاز والشام» نحو 200 مقاتلًا بأسلحة خفيفة ، لكن روسيا تقدر مواطنيها الذين يقاتلون في سوريا إلى صف المعارضة بـقرابة 200 مقاتل وفق ما ذكرته رويترز، وتعتبر «الدولة الإسلامية» و «جبهة النصرة» من المجموعات المدرجة ضمن لائحة الإرهاب.
الهجوم الأخير في داغستان يعيد فتح الملفات القديمة الجديدة للجماعات المتطرفة والإرهابية في روسيا، وهو ما يعني مزيدا من الجهد الروسي لمواجهة "الذئاب المنفردة" في الداخل الروسي.