صفعة جديدة لأردوغان.. الجزائر ترفض التدخلات في ليبيا

الثلاثاء 07/يناير/2020 - 12:43 م
طباعة صفعة جديدة لأردوغان.. فاطمة عبدالغني
 
استمرارًا لمساعي أردوغان الفاشلة لحشد دعم دول المغرب العربي لتدخله المرفوض إقليميًا ودوليًا في ليبيا، وفي محاولة أخيرة عاجلة للحصول على دعم من السلطات الجزائرية في ظل استمرار رفض التدخل العسكري التركي في ليبيا.
وصل وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو ورئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج أمس الاثنين 6 يناير إلى الجزائر للقاء المسؤولين الجزائريين.
وتزامنت زيارتا السراج وتشاووش أوغلو إلى الجزائر مع إعلان الرئيس التركي بدء تحريك قوات تركية إلى ليبيا بطلب من السراج لإنقاذه وميليشياته من تقدم الجيش الوطني الليبي.
وفي رد فعل سريع على أصداء الزيارة وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية نددت الرئاسة الجزائرية مساء الاثنين في بيان "بأعمال العنف" في ليبيا، وأكدت أن "العاصمة الليبية طرابلس خط أحمر ترجو ألا يجتازه أحد". كما دعت مجلس الأمن إلى "فرض الوقف الفوري لإطلاق النار"، وطالبت الجزائر "الأطراف الخارجية إلى وقف تغذية هذا التصعيد، والكف عن تزويد الأطراف المتقاتلة بالدعم العسكري المادي والبشري".
وندّدت الجزائر كذلك "بقوة بأعمال العنف" في ليبيا، "وآخرها تلك المجزرة التي حصدت أرواح حوالي 30 طالبا في الكلية العسكرية بطرابلس، وهو عمل إجرامي يرقى إلى جريمة حرب"، حسب وصف بيان للرئاسة الجزائرية.
ودعت "الأطراف الخارجية إلى العمل على وقف تغذية هذا التصعيد والكف عن تزويد الأطراف المتقاتلة بالدعم العسكري المادي والبشري"، مع مطالبتها أيضا "باحترام الشرعية الدولية لتسهيل استئناف الحوار من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة".
وجدّدت الجزائر "رفضها القاطع لأي تدخل أجنبي في ليبيا"، وناشدت "كافة المكونات ومختلف الأطراف الليبية لتغليب المصلحة العليا والعودة السريعة إلى مسار الحوار الوطني الشامل للتوصل إلى حلول كفيلة بإخراج هذا البلد الشقيق والجار من الأزمة التي يعاني منها"، بحسب البيان.
وأضاف البيان إن مثل هذه الأعمال "ليست ولن تكون لصالح الشعب الليبي الشقيق، لذلك فإن  الجزائر التي تفضل دائما لغة الحوار على سياسة القوة، تحث مرة أخرى الأشقاء في  ليبيا على تغليب العقل والحكمة وانتهاج أسلوب الحوار بعيدا عن الضغوط  الأجنبية، حتى يتسنى تحقيق حل سياسي يرضى به الشعب الليبي ويضمن له الأمن  والاستقرار والازدهار".
من ناحية أخرى قال صبري بوقادوم وزير الخارجية الجزائري، إن بلاده "لا تقبل بوجود أي قوة أجنبية مهما كانت"، مؤكدا أن "لغة المدفعية ليست هي الحل وإنما الحل يمكن في التشاور بين كافة الليبيين وبمساعدة جميع الجيران وبالأخص الجزائر"، مشيرا إلى أن الجزائر "ستقوم في الأيام القليلة القادمة بالعديد من المبادرات في اتجاه الحل السلمي للأزمة الليبية ما بين الليبيين فقط".
وتعليقاً على الخطوة الجزائرية، رأى المحلل السياسي جلال مناد أن الجزائر ترغب من وراء استقبال السراج وممثلين عن حكومة الوفاق وكذلك وزير الخارجية التركي، إلى استعادة دورها الحيوي في الأزمة الليبية وفي الحراك الإقليمي حول ليبيا، بعد تجاوز أزمتها الداخلية.
كما اعتبر مناد أن الجزائر خلال الأيام القادمة ستكون لها كلمتها ضمن كل السيناريوهات التي تطبخ في ليبيا، مشيرا إلى أن زيارة وزير خارجية تركيا تندرج في هذا السياق، وهو إطلاع القيادة الجزائرية على كل خطط أنقرة من وراء تدخّلها في ليبيا والبحث عن دعمها ومساندتها، مشيرا إلى أن الجزائر لن تعطي شيكا على بياض لأردوغان ليفعل ما يشاء بالبلد الجار وستتعامل معه الند للند.
وأوضح أن الجزائر تتمسك بموقفها الداعم للحل السلمي وبالحوار والمبادرة الثلاثية بينها وبين تونس ومصر لحلحلة الأزمة الليبية والتي تؤكدّ فيها الدول الثلاث على أن الحل بيد الليبيين دون سواهم وترفض أي تدخل أجنبي لأنها تعتبره تعقيدا للأزمة وللوضع في كل المنطقة، لأنها ترى فيها المبادرة الأكثر موضوعية واتزانا في معالجة الأزمة وحماية حقوق الليبيين، مضيفا أن الجزائر ستحرص على إعادة إحيائها ودعمها بعد تعطلّها وتوقفها مؤخرا لانشغال الجزائر بالأزمة الداخلية.
من ناحية أخرى قدم الخبير الأمني الجزائري عبدالعزيز مجاهد تفسيرا لموقف بلاده من الأزمة الليبية واستقبالها السراج وأوغلو في يوم واحد. وأوضح أن الجزائر استبقت زيارتهما برسالة قوية عندما أرسلت مساعدات إنسانية نهاية الأسبوع الماضي إلى ليبيا في الوقت الذي قررت فيه أنقرة إرسال قوات عسكرية إليها.
ومن جانبه يرى العقيد المتقاعد من الجيش الجزائري أن دور بلاده في الأزمة الليبية "هو دور وسيط، لإبعاد التدخلات العسكرية الأجنبية، وحلحلة الأزمة من خلال التقريب بين أطراف الصراع فيها".
وأوضح أن ما يثار عن توقيت زيارتي أوغلو والسراج بالتزامن مع بدء إرسال أنقرة جنودها ومرتزقتها إلى ليبيا "مرتبط بالدور الذي باشرته الجزائر كوسيط في الأزمة".
وتابع أن الأمر يندرج في إطار "سياسة احتواء تركيا ومن ثم إبعادها عن الأزمة الليبية"، وتوقع في المقابل نشاطا دبلوماسيا جزائريا مكثفا مع دول الجوار والدول الفاعلة.
واستبعد الخبير الأمني تغير موقف الجزائر الرافض للتدخلات الأجنبية في ليبيا، مرجعا ذلك إلى "شخصيتها الدبلوماسية ومبادئها وتاريخها"، وختم كلامه بالإشارة إلى أن الجزائر "تريد أن تكون الطرف الإقليمي الذي يلتقي عنده الجميع لإبعاد شبح الحرب عن ليبيا والمنطقة".
يذكر أن أردوغان فشل في انتزاع موافقة جيران ليبيا للتدخل العسكري التركي ودعم حكومة الوفاق من خلال زيارة سابقة أداها إلى تونس الشهر الماضي.


شارك