الزيدية .. بداياتها وانتشارها وتحولاتها
الجمعة 09/أكتوبر/2020 - 03:08 ص
طباعة
الزيدية ..المذهب الشيعي الأقرب لأهل السنة
علي رجب
مدخل:
يعتبر المذهب الزيدي أحد أهم المذاهب الإسلامية، ويوصف دائما بأنه أقرب المذاهب الشيعية إلى فرق أهل السنة، بما يحمله من مبادئ وأسس، تَعبر مقاربة إلى عامة المذاهب الإسلامية، كما تأثر بالمذاهب السنية.
نسبة المذهب إلى الإمام زيد بن الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام، ولد سنة (76هـ) وقتل سنة (122هـ). والحقيقة في مذهب الزيدية أنهم أتباع أهل البيت، وإنما أضافوا مذهبهم على وجه الخصوص إلى الإمام زيد بن علي باعتباره العلم المميز لها؛ لأن المذهب الزيدي يحرم التقليد على كل مجتهد قادر على الوقوف على الأدلة واستنباط الأحكام من الكتاب والسنة؛ ولذلك تميز بمدارسه الفقهية المتعددة، واجتهاداته المتجددة..
التأسيس
زيد بن علي زين العابدين
تاريخ تأسيس المذهب الزيدي يرجع إلى زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهما، قاد الثورة في العراق ضد الأمويين أيام هشام بن عبد الملك، فقد دفعه أهل الكوفة لهذا الخروج، ثم ما لبثوا أن تخلوا عنه وخذلوه عندما علموا بأنه لا يتبرأ من أبي بكر وعمر ولا يلعنهما، بل يترضى عنهما، فاضطر لمقابلة جيش الأمويين وما معه سوى 500 فارس؛ حيث أصيب بسهم في جبهته أدى إلى وفاته عام 122هـ.
وذكرت كتب التراجم والسيرة، أن زيد بن علي زين العابدين اتصل بواصل بن عطاء وأخذ عنه، واتصل بأبي حنيفة وأخذ عنه، وذكر الشهرستاني، أن زيدا تتلمذ على يد واصل بن عطاء وأبي حنيفة، فيما قال المفكر والباحث المصري محمد أحمد المعروف بـ"أبو زهرة": إن زيدا لم يتتلمذ بالمعنى الدقيق للكلمة، وإنما كان اتصاله على سبيل المذاكرة لتساويهما في العمر؛ إذ إن واصل بن عطاء وزيد بن علي ولدا في سنة 80هـ تقريبا.
وتشير بعض التقارير إلى أن (الزيدية معتزلة في الأصول، حنفية في الفروع)، حيث كان أبو حنيفة يميل إلى زيد ويتعصب له، وقد قيل: إن خروج زيد لحرب الأمويين: ضاهى خروجه خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر.. كما يذكر ذلك أبو زهرة.
واتصل بواصل بن عطاء رأس المعتزلة وتدارس معه العلوم، فتأثر به وبأفكاره التي نقل بعضها إلى الفكر الزيدي، وإن كان هناك من ينكر وقوع هذا التتلمذ، وهناك من يؤكد وقوع الاتصال دون التأثر.
ويُنسب إليه كتاب المجموع في الحديث، وكتاب المجموع في الفقه، وهما كتاب واحد اسمه المجموع الكبير، رواهما عنه تلميذه أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي الهاشمي الذي مات في الربع الثالث من القرن الثاني للهجرة.
كما تلقى زيد العلم والرواية عن أخيه الأكبر محمد الباقر الذي يعد أحد الأئمة الاثني عشر عند الشيعة الإمامية، أما ابنه يحيى بن زيد فقد خاض المعارك مع والده، لكنه تمكن من الفرار إلى خراسان حيث لاحقته سيوف الأمويين فقتل هناك سنة 125هـ، ثم فُوِّض الأمر بعد يحيى إلى محمد وإبراهيم، وخرج محمد بن عبد الله الحسن بن علي (المعروف بالنفس الزكية) بالمدينة فقتله عاملها عيسى بن ماهان، ثم خرج من بعده أخوه إبراهيم بالبصرة فكان مقتله فيها بأمر من المنصور.
وأقام بالعراق أحمد بن عيسى بن زيد ـ حفيد مؤسس الزيدية، وأخذ عن تلاميذ أبي حنيفة فكان ممن أثرى هذا المذهب وعمل على تطويره.
عقائد الزيدية
يعتبر المذهب الزيدي من أكثر المذاهب الإسلامية التي تقبل التطوير والإثراء، فقد رأى أحد أعلامه العالم محمد بن إسماعيل بن الأمير الصنعاني، أن المذهب الزيدي ليس مذهبا مغلقا متماسكا بمقولاته ومراجعه وذاكرته، بل هو نسق مفتوح للتطوير والإثراء؛ لذلك يعتبر مذهبا مقبولا من أغلب الفرق الإسلامية، وتتمثل عقائد الزيدية في:
1- الزيدية يُجيزون الإمامة في كل أولاد فاطمة، سواء أكانوا من نسل الإمام الحسن أم من نسل الإمام الحسين ـ رضي الله عنهما، والإمامة لديهم ليست بالنص، إذ لا يشترط فيها أن ينص الإمام السابق على الإمام اللاحق، بمعنى أنها ليست وراثية بل تقوم على البيعة، فمن كان من أولاد فاطمة وفيه شروط الإمامة كان أهلاً لها.
2- كما يجيز الزيدية وجود أكثر من إمام واحد في وقت واحد في قطرين مختلفين، وتقول بالإمام المفضول مع وجود الأفضل؛ إذ لا يُشترط أن يكون الإمام أفضل الناس جميعاً، بل من الممكن أن يكون هناك للمسلمين إمام على جانب من الفضل مع وجود من هو أفضل منه على أن يرجع إليه في الأحكام ويحكم بحكمه في القضايا التي يدلي برأيه فيها.
3- معظم الزيدية المعاصرين يُقرُّون خلافة أبي بكر وعمر، ولا يلعنونهما كما تفعل أغلب فرق الشيعة، بل يترضون عنهما، إلا أن الرفض بدأ يغزوهم- بواسطة الدعم الإيراني- ويحاول جعلهم غلاة مثله.
4- يميلون إلى الاعتزال فيما يتعلق بذات الله، والاختيار في الأعمال. ومرتكب الكبيرة يعتبرونه في منـزلة بين المنـزلتين، كما تقول المعتزلة.
5- يخالفون الاثني عشرية وباقي فرق الشيعة في زواج المتعة ويستنكرونه.
6- يتفقون مع الشيعة في زكاة الخمس وفي جواز التقية إذا لزم الأمر.
7- هم متفقون مع أهل السنة بشكل كامل في العبادات والفرائض عدا اختلافات قليلة في الفروع، مثل قولهم: "حي على خير العمل" في الأذان على الطريقة الشيعية.
- يرسلون أيديهم في الصلاة، ويعدون صلاة التروايح جماعة بدعة، كما يرفضون الصلاة خلف الفاجر.
8- باب الاجتهاد مفتوح لكل من يريد الاجتهاد، ومن عجز عن ذلك قلد، وتقليد أهل البيت أولى من تقليد غيرهم.
9- يقولون بوجوب الخروج على الإمام الظالم الجائر ولا تجب طاعته.
10- لا يقولون بعصمة الأئمة من الخطأ، كما لا يغالون في رفع أئمتهم على غرار ما تفعله معظم فرق الشيعة الأخرى، لكن بعض المنتسبين للزيدية قرروا العصمة لأربعة فقط من أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين- رضي الله عنهم جميعاً.
11- فيما يتعلق بالأحاديث النوبية الشريفة، يرى علماء المذهب الزيدي أن المنهج الصحيح المعتمد عند علماء المذهب هو أن أي حديث اختلف المسلمون فيه- يجب أن يعرض على كتاب الله، فإذا وافق كتاب الله فهو حديث صحيح وسنته صحيحة، وإذا خالف كتاب الله فهو حديث غير مقبول وسنته غير صحيحة، وعلى هذه القاعدة التي نادى بها كثير من الذين يريدون أن يصلحوا في هذا الزمان وأن يردوا المسلمين إلى جادة الصواب، يردون الناس إلى القرآن العظيم، ويجعلون السنة النبوية معروضة على كتاب الله سبحانه وتعالى.
12- لا يوجد عندهم مهدي منتظر، وهي من عقائد الشيعة الأساسية، فكل طائفة منهم لها مهدي وغائب مكتوم، وتفرقوا في هذه الخرافة طوائف متعارضة: فالمهدي عند الكيسانية هو محمد بن الحنفية، وعند الاثني عشرية محمد بن الحسن العسكري، وعند بقية طوائفهم أئمة مهديون ينتظرون خروجهم بغتة يملئون الأرض عدلاً بزعمهم.
فقد نفى المهدوية- حيث أنكر الإمام زيد على الكيسانية- دعواهم بقاء محمد بن الحنفية على قيد الحياة، وأنه المهدي المنتظر ليملأ الأرض عدلًا بعد أن ملئت جورًا، تلك النظرية التي اعتنقها الشيعة الاثني عشرية فيما بعد، ونقلوا المهدوية إلى الإمام الثاني عشر الغائب المنتظر.
13- يستنكرون نظرية البداء التي قال بها المختار الثقفي، حيث إن الزيدية تقرر أن علم الله أزلي قديم غير متغير، وكل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ.
14- قالوا بوجوب الإيمان بالقضاء والقدر، مع اعتبار الإنسان حرًّا مختارًا في طاعة الله أو عصيانه، ففصلوا بذلك بين الإرادة وبين المحبة أو الرضا وهو رأي أهل البيت من الأئمة.
15- مصادر الاستدلال عندهم كتاب الله، ثم سنة رسول الله، ثم القياس ومنه الاستحسان والمصالح المرسلة، ثم يجيء بعد ذلك العقل، فما يقر العقل صحته وحسنه يكون مطلوباً وما يقر قبحه يكون منهيًّا عنه.
وقد ظهر من بينهم علماء فطاحل أصبحوا من أهل السنة، سلَفِيُّو المنهج والعقيدة، أمثال: ابن الوزير وابن الأمير الشوكاني.
16- علماء المذهب الزيدي يميلون إلى الاعتزال فيما يتعلق بذات الله، والجبر، والاختيار، ومرتكب الكبيرة يعتبرونه في منزلة بين المنزلتين كما تؤمن المعتزلة، ولكنه غير مخلد في النار، إذ يعذب فيها حتى يطهر من ذنبه ثم ينتقل إلى الجنة، وقالوا بوجوب الإيمان بالقضاء والقدر مع اعتبار الإنسان حرا في طاعة الله أو عصيانه، ففصلوا بين الإرادة وبين المحبة أو الرضا، وهو رأي أهل البيت من الأئمة.
ونتيجة للأوضاع التي عاش بها الإمام زيد أسس مذهبا فقهيا يجمع بين فقه أهل البيت والاعتزال، وأسس قاعدة مشروعية الخروج على الحاكم الظالم، وهي القاعدة التي طبقها الزيدية جيلا بعد جيل. وقد قاد الإمام زيد ثورة ضد الأمويين، زمن هشام بن عبد الملك سنة 122هـ، مدفوعا من أهل الكوفة الذين سرعان ما تخلوا عنه عندما علموا أنه لا يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر ولا يلعنهما، وقد التقى بالجيش الأموي وما معه سوى 500 فارس، وقيل 200 فقط، حيث أصيب بسهم قضى عليه.
إذا الملامح الشيعية واضحة في المذهب الزيدي، رغم اعتدالهم ومخالفتهم للإمامية في كثير من الأصول والفروع، كما أن فكر المعتزلة أيضا له وجوده كما سبق ذكره.
فرق الزيدية
دائما توجد داخل المذهب الواحد العديد من الفرق والطرق، ويعتبر المذهب الزيدي من أهم المذاهب التي يوجد بها أكثر من فرقة ما بين التشدد والغلو والوسطية والاعتدال، وذكر أبو الحسن الأشعريُّ في "مقالات الإسلاميين": "سموا زيدية؛ لتمسُّكِهم بقول زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وكان زيد بن علي، يفضل علي بن أبي طالب على سائر أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويتولى أبا بكر وعمر، ويرى الخروجَ على أئمة الْجَوْر... فلما سمع زيد من بعض أتباعه الطعنَ على أبي بكر وعمر، أنكر ذلك على من سمعه منه؛ فتفرق عنه الذين بايعوه، فقال لهم: رفضتموني؟! فيقال: إنهم سموا الرافضة؛ لقول ذلك".
وقال: ومنهم:
الفرقة الأولى الجارودية:
يزعمون أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نص على علي بن أبى طالب بالوصف، لا بالتسمية، فكان هو الإمامَ من بعده، وأن الناس ضلوا وكفروا بتركهم الاقتداءَ به بعد الرسول- صلى الله عليه وسلم- ثم الحسنُ من بعد علي، هو الإمام، ثم الحسينُ هو الإمام من بعد الحسن.
الفرقة الثانية: السليمانية:
يزعمون أن الإمامةَ شورى، وأنها تصلح بعقد رجلين من خيار المسلمين، وأنها قد تصلح في المفضول، وإن كان الفاضلُ أفضلَ في كل حال، ويثبتون إمامة أبي بكر، وعمر.
وحكى زرقانُ، عن سليمانَ بنِ جرير: أنه كان يزعم أن بيعة أبي بكر وعمر، خطأٌ، لا يستحقان عليها اسم الفسق؛ من قبل التأويل، وأن الأمة قد تركت الأصلح في بيعتهما، وكان سليمانُ بنُ جرير يكفر عثمان؛ عند الأحداث التي نُقمت عليه.
الفرقة الثالثة: البترية:
يزعمون أن عليًّا أفضلُ الناس بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأَولاهم بالإمامة، وأن بيعة أبي بكر وعمر، ليست بخطأ؛ لأن عليًّا ترك ذلك لهما، ويقفون في عثمانَ، وفي قتلته، وينكرون رجعة الأموات إلى الدنيا.
الفرقة الرابعة: النعيمية:
يزعمون أن عليًّا، كان مستحقًّا للإمامة، وأنه أفضلُ الناس بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأن الأمة ليست بمخطئة خطأ إثم في أن ولت أبا بكرٍ، وعمرَ- رضوانُ الله عليهما- ولكنها مخطئةٌ خطأً بينًا في ترك الأفضلِ، وتبرءوا من عثمانَ، ومن محاربِ علىٍّ، وشهدوا عليه بالكفر.
الفرقة الخامسة: المتبرءون
يتبرءون من أبي بكر وعمر، ولا ينكرون رجعة الأموات قبل يوم القيامة.
الفرقة السادسة: اليعقوبية
يتولون أبا بكر، وعمر، ولا يتبرءون ممن هو بريء منهما، وينكرون رجعةَ الأموات..
فيما ذكر الإمام يحيى بن حمزة في (الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب صحابة سيد المرسلين) أن فرق المذهب الزيدي هم خمس فرق: الفرقة الأولى: الجارودية، والثانية: الصالحية، والثالثة: البترية، والرابعة: العقبية، والفرقة الخامسة: الصباحية.
ولكن الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى، ذكر أن الزيدية- انتهت إلى ست فرق: جارودية وبترية، والبترية: صالحية وجريرية، ثم قال: "وافترق متأخرو الجاردية إلى مُطرفية وحسينية ومخترعة".
وكل هذه الفرق يجمعها جميعاً القول بإمامة زيد، وهم أيضاً متفقون على أفضلية علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- على من سواه بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولكنهم مختلفون- على تفاوت فيما بينهم- في أحكامهم على من تقدمه من الخلفاء الراشدين.
أهم كتب الزيدية
للمذهب الزيدي العديد من العلماء والأئمة والمفكرين، وهناك الكثير من المؤلفات والكتيب التي تتناول المذهب الزيدي، والتي تعتبر متوارثة جيلا بعد جيل، وأهم كتبهم في الكلام والعقيدة، كتاب "الثلاثين مسألة"، أو ما يسمى بمصباح العلوم وهذا الكتاب هو كتاب دراسي لا تخلو منه مدرسة زيدية، وعلى رغم صغر حجمه ولكن غزارته العلمية جعلته من أبرز الكتب الدراسية في العقيدة، وكذلك يتمتع بهذه الخصائص كتاب "العقد الثمين"، وكتاب "الأساس في عقائد الأئمة الأكياس وشروحه" وكتاب "الينابيع النصيحة"، وهناك كتب عقائدية كثيرة، لكن ما ذكرناه منها هو المتداول والمشهور بينهم ومورد اعتبار جميع علمائهم.
بالإضافة إلى الكتب العقائدية هناك لهم في الفقه كتب كثيرة أهمها وأشهرها كتاب "الأزهار" الذي يوجد له عدة شروح مهمة، منها شرح الأزهار وكتاب "التاج المذهب"، وكتاب "البحر الزخار" وهو الكتاب الجامع لمذاهب علماء الأمصار الزيدية، وشروحه قد ملأت المدارس الدينية الزيدية، وهو من أهم الكتب في المسائل الفقهية، وكتاب "الأحكام في الحلال والحرام" للإمام الهادي يحيى بن الحسين مؤسس المذهب إلى غير ذلك من الكتب الفقهية الكثيرة.
ولهم في أصول الفقه كتب كثيرة أيضا من أشهرها الكاشف لذوي العقول شرح متن الكافل والغاية التي تعتبر رأس الهرم للكتب في هذا العلم، وهناك متون مختصرة في هذا العلم مثل متن الكافل ومرقاة الوصول وغير ذلك.
كما لهم في الحديث كتب متعددة من أهمها "مسند الإمام زيد بن علي" الذي يعتبر من اقدم الكتب الإسلامية، ومن كتاب "أمالي أبي طالب" للإمام أبي طالب يحيى بن الحسين إلى غير ذلك من كتب الحديث.
انتشار الزيدية
انتشرت اتباع المذهب الزيدي قديما في عدد من مدن بلاد فارس، بالإضافة إلى مصر والمغرب واليمن، فقد كانت هناك دعوات زيدية في طبرستان والجبل والديلم، وأسست لهم دول لكنها لم تعمر طويلاً، ومنها حركة الحسن بن زيد بن محمد الملقب "الداعي إلى الحق" والذي ظهر سنة 250هـ في طبرستان، ثم احتل آمل وساري والري وجرجان وقومس هازماً بني طاهر ثم توفي سنة 270هـ، واستمرت تلك الدولة 95 عاماً (250-345هـ).
وهناك أيضاً دعوة الحسن بن القاسم ابن الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي بن عبد الرحمن من ذرية زيد بن الحسن بن علي الذي ظهر في إقليم الديلم. وكان قبل ذلك نقيب العلويين في بغداد، ولاه إياها معز الدولة البويهي، حيث كاتبه زيدية الديلم يبايعونه، ووصل إليه وفد منهم، فخرج من بغداد سراً، ووصل الديلم سنة 353، فبويع في سهل الديلم وجبلها وطبرستان. توفي سنة 360 ودفن هناك.
كما كان للزيدية وجود قوي في صعيد مصر وظَلَّ هذا التواجد خلال العصر المملوكي، وقد قاموا بثورة عظيمة بقيادة الشريف الجعفري الطالبي الزينبي (من نسل عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وزينب بنت الإمام علي)، الأمير حصن الدين ثعلب ضد الحكم المملوكي، ونظروا للمماليك على أنهم عبيد وخوارج مثل سادتهم الأيوبيين.
وتنتشر الزيدية حاليا في شمال اليمن، ويشكل أتباع المذهب الزيدي ثلث تعداد المواطنين، في محافظات صعدة وصنعاء وعمران وذمار والجوف وحجة. وتتواجد أقلية زيدية صغيرة من مواطني السعودية في منطقة نجران في جنوب السعودية.
ونسبت زيدية اليمن إلى الهادي يحيى بن الحسين؛ وذلك لأنه مؤسس الفكر الزيدي في اليمن وهو أول إمام زيدي يدخل اليمن ويستقر فيها؛ حيث يقول البعض: زيدية اليمن هادوية، ولكن هذه النسبة تواجه نفس الإشكال الذي واجهته النسبة إلى الإمام زيد بن علي رضي الله عنه؛ وذلك لأن الزيدية لا يقبلون التحجر على أي إمام من أئمتهم، بل يقولون بوجوب الاجتهاد وإدامة طريق التحقيق والنقد والرد في المعتقد والمذهب.
ورغم عدم وجود إحصاء رسمي دقيق عن نسبة الزيدية في اليمن إلا أن بعض المصادر تشير إلى أنهم يشكلون حوالي 30- 35% من سكان اليمن الموحد؛ حيث إن الزيديين يتركزون في المحافظات الشمالية من اليمن الشمالي مثل صنعاء وصعدة وحجة وذمار، بينما ينتشر السنة الشافعية في المحافظات الوسطى والجنوبية، مثل تعز وإب والحديدة ومأرب وعدن وحضرموت، بل الجنوب بأكمله، حيث إن ما كان يعرف باليمن الجنوبي سكانه سُنّة على مذهب الإمام الشافعي.
تراجع المذهب الزيدي
رأى أحد علماء المذهب الزيدي المعاصرين أن تراجع انتشار المذهب الزيدي وإبقاءه في اليمن، يرجع لحدوث حالة ضعف لدى حاملي المذهب الزيدي، خاصة أنه محارب من الحكام؛ لأنه يقف ضد طغيانهم وجبروتهم ويقف إلى جانب المساكين والفقراء والمظلومين والسعي إلى رفع مستوى الإنسان ثقافياً وعلميًّا وروحيًّا وجسديًّا، وفقا ليحيى بن حسين الديلمي أحد أبرز علماء المذهب الزيدي حاليا.
ويوضح الديلمي، أنه مع حالة الضعف لدى حاملي هذا المذهب ضعف المذهب حتى اختفى في البلدان الإسلامية ولم يبق إلا في اليمن، وهناك أحاديث تبين أن الإسلام ينحسر كما في الحديث المشهور: "لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة"، وكلما انتفضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فإذا كان الإسلام انتفضت عراه وتبدلت معالمه بسبب الأهواء وضعف العلماء ومجاراة الكثير من العلماء للحكام، والبحث عن مخارج لممارسات الحكام مثل استباحة الأموال والدماء والأعراض؛ لهذا بقي المذهب الزيدي في اليمن واختفى في الكثير من البلدان.
ويلفت الديلمي، إلى أن هناك بقايا للمذهب الزيدي، ولكنها ليست ظاهرة في العراق وتركيا وفي بعض البلدان الأخرى، ولكنها أعداد قليلة، وليست ظاهرة وما زال المذهب الزيدي يعاني ضعفا من قبل علماء الزيدية، وأيضاً الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها، واليوم هناك حملة شعواء ضد هذا المذهب وهذا الفكر، وأعتقد أن هناك أسبابا سياسية واقتصادية وراءها أعداء الإسلام والطغاة والمتجبرون الذين يرون في انتشار هذا المذهب خطراً على وجودهم وعلى مشاريعهم.
مدارس المذهب الزيدي
كل مذهب يوجد لديه مدارس متعددة لنشر المذهب، الآن المذهب الزيدي يعاني من ضعف وقلة المذاهب التي تساعد على بناء انتشار المذهب، في ظل المواجهات والانتشار الكبير لفكر جماعة الإخوان والفكر السلفي بقيادة عبد المجيد الزنداني مؤسس جامعة الايمان والتي لها انتشار كبير في اليمن.
وتوجد حلقات في الجامع الكبير بصنعاء وفي بعض المساجد الأخرى، لتعليم المذهب الزيدي، ويرى علماء المذهب أن "نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، قد مارس ضد هذه الحلقات حربا شرسة، مستخدما كل الوسائل لمنع انتشار المذهب الزيدي وفتح الباب واسعاً أمام المذاهب الأخرى، خاصة أمام المذاهب المستحدثة، والتي استحدثت قريباً، بينما المذهب الزيدي مدارسه ومراكزه حتى أوقافه نهبت وأعطيت للمذاهب المستوردة والمستحدثة التي طغت على بلادنا وعلى الكثير من بلدان المسلمين وسببت في إضعاف الحركة الإسلامية ومحو عزة وكرامة المسلمين"، وفقا ليحيى بن حسين الديلمي أحد كبار علماء المذهب الزيدي.
والمذهب الزيدي الآن محصور في بعض الحلقات بمساجد في صعدة وصنعاء وبقايا البقايا في ذمار، ولكنها ليست بالشكل المطلوب؛ لأنه ليس هناك شهادات ولو وجدت لا تعتمد في الحياة السياسية والاجتماعية، وهذه من ممارسات النظام تنفيذاً لما يملى عليه من بعض دول الجوار، التي دفعت النظام إلى محاربة هذا الفكر لمحاربته للظلم والطغيان.
زيدية طبرستان والجيل والديلم:
تواجد الزيدية في مناطق طبرستان "مازندران" حاليا والجيل "كيلان أو جيلان" والديلم، وهي مناطق إيرانية، بالقرب من بحر قزوين، فعقب استشهاد الإمام زيد بن علي رحمه الله، في خروجه على هشام بن عبد الملك، بقي بعض أنصاره مع ابنه يحيى، فخرج بهم إلى المدائن، ثم سار حتى أتى خراسان، فخرج بها على نصر بن سيار، عامل خراسان من قبل الوليد بن يزيد، وفشل في خروجه، وقتل، ولكن الدعوة العلوية إلى الرضا من آل محمد انتشرت في تلك البلاد، حتى استطاع أبو مسلم الخراساني أن يبدأ الدعوة لبني العباس من تلك المناطق.
ولكن بعدما ظفر العباسيون بالحكم استبدوا به، فتحولت الحركة الزيدية إلى قوة مناوئة لهم، وقامت ثورات زيدية تدعوا إلى الخروج على العباسيين، فقامت ثورة قادها عيسى بن زيد ضد الخليفة أبي جعفر المنصور، وكادت هذه الثورة أن تقضي على خلافة المنصور، ولكنه استطاع أن يقضي على تلك الثورة. ثم خرج بعده محمد بن عبد الله- المسمى بالنفس الزكية- على المنصور، ولكنه أيضا استطاع القضاء على ثورته وقتله.
وفي زمن الهادي العباسي خرج الحسين بن علي بن الحسن المسمى بالفخي عليه، ولكن الهادي استطاع إخماد ثورته وخروجه وقتله، وعلم العلويون والزيدية أنهم لن يستطيعوا أن يقيموا دولة قريبة من مركز الدولة العباسية، فبدءوا يفكرون في بلاد غير البلاد المحيطة بالمركز العباسي، فبعد موقعة فخ، فر أحد العلويين إلى بلاد المغرب وهو إدريس بن عبد الله، أخو محمد النفس الزكية، واستطاع أن يقيم دولة سميت بدولة الأدارسة واستطاع أحد العلويين، واسمه الحسن بن زيد بن إسماعيل أن يؤسس في بلاد طبرستان دولة بعيدة عن مركز الخلافة العباسية استمرت نحو قرن من الزمان.
وأسس الزيديون دولتهم في طبرستان والجيل والديلم استمرت ما يقارب قرناً من الزمان، وتمتعت بالنفوذ في تلك المناطق، ومن أبرز أولئك المؤسسين: الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ويعرف: بالداعي، ويقول المسعودي عنه وعن ظهوره في تلك البلاد: "وفي خلافة المستعين- وذلك في سنة 250هـ- ظهر ببلاد طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي اللهّ تعالي عنهم، فغلب عليها، وعلى جرجان، بعد حروب كثيرة، وقتال شديد، وما زالت في يده إلى أن مات سنة 270هـ".
وخطب للحسن هذا بالخلافة في بلاد الديلم وطبرستان في سنة 250هـ، وذلك في خلافة المستعين، وكانت طبرستان وبلاد الديلم بأيدي أولاد طاهر بن الحسين، فأخرجهم منها، ومَلَك الرَّي أيضاً.
ويعتبر محمد بن زيد بن محمد بن إسماعيل أخو الحسن بن زيد، من أهم أعلام الدولة، فقد قام مكان أخيه في طبرستان، وفي سنة سبع وسبعين ومائتين دخل محمد بن زيد إلى الديلم، فحاربه رافع بن هرثمة فهزمه محمد بن زيد حتى صارت في يده، وبايعه بعد ذلك رافع بن هرثمة وصار في جملته، وانقاد لدعوته، والقول بطاعته، وخرج على الخلافة العباسية في نيسابور وخطب خطبة باسم محمد بن زيد، وقد كان محمد بن زيد هذا فاضلاً ديِّناً حسن السيرة.. توفي سنة 287 هجرية بعد أن أثخن بجراحات في معركة الحرب مع السامانيين بقيادة إسماعيل الساماني، وأسر ولده وغيره من أصحابه، ثم صارت طبرستان في ملك بني سامان إلى أن ظهر الناصر الأطروش.
وأعاد الناصر إلى الحق الأطروش: أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين، فهو يعتبر من أعاد للدولة الزيدية هيبتها وقوتها في طبرستان، كما كانت في السابق، وقال المسعودي عنه وعن ظهوره: "ظهر ببلاد طبرستان والديلم الأطروش- وهو الحسن بن علي- وأخرج عنها المسوِّدة، وذلك في سنة 301هـ، وقد كان ذا فهم وعلم ومعرفة بالآراء والنِّحَل، وقد كان أقام في الديلم سنين، وهم كُفّار على دين المجوسية، ومنهم جاهلية، وكذلك الجيل، فدعاهم إلى اللّه عز وجلّ، فاستجابوا وأسلموا، وقد كان للمسلمين بإزائهم ثغور مثل قزوين وغيرها وبنى في الديلم مساجد.
وكان له من الأولاد الحسن وأبو القاسم والحسين، وكانت وفاته: بآمل في طبرستان ليلة الخميس لخمس بقين من شعبان سنة 304هـ، وله أربع وسبعون سنة.
وانتهت دولة الزيدية في طبرستان والجيل والديلم في 316هـ، وهذا ما ذهب إليه ابن الأثير رحمه الله فقال: "وبقيت طبرستان في أيدي العلوية إلى أن قتل الداعي، وهو الحسن بن القاسم سنة 316هـ".
ويقول مجد الدين المؤيدي: "إن الإمام أبو عبد الله المهدي لدين الله محمد بن الإمام الحسن بن الإمام القاسم بن الحسن بن علي بن عبد الرحمن الشجري قام ببغداد، ثم وصل الديلم وبايعه من علماء الأمة أربعة آلاف، سنة 353هـ ومات هذا بهَوْسَم سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة". فعلى هذا القول تنتهي الدولة الزيدية في طبرستان والجيل والديلم في سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.
ثم لم يستمر المذهب الزيدي باقياً على ما هو عليه؛ إذ حصل التحول فيه إلى المذهب الإمامي الاثني عشري بعد الأئمة المذكورين، يقول الشهرستاني عن أئمة الزيدية في طبرستان وكيف حصل التحول إلى المذهب الإمامي: "وبقيت الزيدية في تلك البلاد- يعني طبرستان- ظاهرين، وكان يخرج واحد بعد واحد من الأئمة، ويلي أمرهم، وخالفوا بني أعمامهم من الموسوية في مسائل الأصول، ومالت أكثر الزيدية بعد ذلك عن القول بإمامة المفضول، وطعنت في الصحابة طعن الإمامية". والتحول حدث عندما سيطر البويهيون على الحكم في طبرستان.
يقول القاضي المؤرخ الأكوع: "وذلك بعد ظهور الدولة البويهية (320-447هـ) التي كانت زيدية، ثم تحولت إلى شيعة غلاة، وابتدعت بدعاً ليس عليها أثارة من علم، لا من كتاب ولا من سنة، ومنها على سبيل المثال الاحتفال بعيد (الغدير)، وتجريم من تقدم علياً من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم جميعاً".
وبهذا تحولت طبرستان وما جاورها من مناطق العراق إلى المذهب الإمامي على يد البويهيين الذين استولوا على طبرستان والجيل والديلم بعد الأئمة العلويين، واستطاعوا كذلك السيطرة على مقاليد الحكم في العراق بدلاً من العباسيين، وتحولوا من المذهب الزيدي إلى مذهب الرافضة من خلال ممارساتهم لطقوس الغلو السالف ذكرها.
دولة الإدريسية (الزيدية) في المغرب:
أسس إدريس بن عبد الله بن الحسن دولة زيدية قوية في بلاد المغرب العربي، أوجدت القلق لحكام بني العباس، استمرت هذه الدولة ما يقارب قرنين من الزمان، وقبل أن نتحدث عن الدولة ونشأتها نتكلم أولاً عن المؤسس، وكانت وفاته سنة 177هـ.
هرب إدريس بن عبد الله بن الحسن بعد فشل خروجه مع الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن الملقب (بالفخي) فصار حتى وصل إلى مصر، ومنها إلى المغرب
والأدارسة أول دولة إسلامية مستقلة بالمغرب 788-974م. كان مقرهم الأول مدينة وليلي 788-807م، ومن ثم فاس منذ 807م.
مؤسس السلالة هو إدريس بن عبد الله الكامل (743-793م) بن الحسن المثنى بن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت الرسول محمد بن عبد الله، نجا بنفسه من المذبحة الرهيبة التي ارتكبها الجيش العباسي في موقعة فخ في مكة المكرمة، والتي أقامها العباسيون للعلويين سنة 786م، وتوفي كثير من آل البيت فيها. فر إلى وليلي بالمغرب. تمت مبايعته قائدا وأميرا وإماما من طرف قبائل الأمازيغ في المنطقة. وسع حدود مملكته حتى بلغ تلمسان (789م). ثم بدأ في بناء فاس. قام الخليفة العباسي هارون الرشيد بتدبير اغتياله سنة 793م. لإدريس الأول (مولاي إدريس في المغرب) مكانة كبيرة بين المغربيين، ويعتبر ضريحه بالقرب من وليلي بزرهون (أو مولاي إدريس زرهون اليوم) مزارا مشهورا.
قام ابنه إدريس الثاني (793-828م) والذي تولى الإمامة منذ 804م، بجلب العديد من الحرفيين من الأندلس وتونس، فبنى فاس وجعلها عاصمة الدولة، كما دعّم وطائد الدولة. قام ابنه محمد بن إدريس الثاني (828-836م) عام 836م بتقسيم المملكة بين إخوته الثمانية (أو أكثر). كانت لهذه الحركة تأثير سلبي على وحدة البلاد. بدأ بعدها مرحلة الحروب الداخلية بين الإخوة. منذ 932م وقع الأدارسة تحت سلطة الأمويين حكام الأندلس والذين قاموا لمرات عدة بشن حملات في المغرب لإبعاد الأدارسة عن السلطة.
بعد معارك ومفاوضات شاقة تمكنت جيوش الأمويين من القبض على آخر الأدارسة (الحسن الحجام) والذي استطاع لبعض الوقت أن يستولي على منطقة الريف وشمال المغرب، قبض عليه سنة 974م، وتم اقتياده أسيرا إلى قرطبة. توفي هناك سنة 985م.
تفرعت عن الأدارسة سلالات عديدة حكمت بلدانا إسلامية عدة. أولها كان بنو حمود العلويون الذين حكموا في الجزيرة ومالقة (الأندلس). كما تولوا لبعض الوقت أمور الخلافة في قرطبة. فرع آخر من الأدارسة حكم جزءا من منطقة جازان في السعودية بين سنوات 1830-1943م. الأمير عبد القادر الجزائري والذي حكم في الجزائر سنوات 1834-1847 م ينحدر من هذه الأسرة أيضا. آخر فروعهم كان السنوسيون حكام ليبيا والجبل الأخضر 1950-1969 م.
الدولة الإمامية في اليمن:
الإمام أحمد بن يحيى آخر أئمة اليمن
تواجد حكم الزيديين في اليمن منذ عام 873 وحتى عام 1962، فقد دعت القبائل المحلية الإمام الزيدي الأول ليأتي ويسوّي النزاعات القبلية، وبقي الإمام. يرأس الإمام الزيدي الطائفة الشيعية، وابتداء من القرن التاسع، كان الأئمة الزيديون عاملاً ثابتاً في الحياة السياسية اليمنية، وقاموا بتوسيع نطاق حكمهم إلى تعز في تلك الأيام.
ودخل الإمام يحيى بن الحسين الهادي منطقة صعدة مع جموع الأكيليين، وبني فطيمة بعد أن أصلح بينهم، ولم يكن بصحبته إلا عدد قليل من بني معاوية بن حرب، الذين تبعوه أو من انضم إليه في الطريق. كتب الهادي عند قدومه إلى صعدة كتاباً إلى أهل اليمن، يدعوهم فيه إلى الجهاد معه، وحدد أصول الدين في معرفة الله وتوحيده، والعدل، والوعد والوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم الخروج مع أئمة آل البيت من ولدي الحسن والحسين، وشرط على نفسه في دعوته أربعة شروط هي:
اـ الحكم بكتاب الله وسنة نبيه.
3ـ أن يقدمهم عند العطاء قبله.
2ـ أن يؤثر اتباعه على نفسه، فلا يتفضل عليهم.
4ـ أن يتقدمهم عند لقاء عدوهم وعدوه.
وشرط عليهم في مقابل ذلك الطاعة لله في السر والعلانية، وأن يطيعوه ما أطاع الله فيهم، فإن خالف فلا طاعة له عليهم.
ومن هذا البيان الذي قدم به بيعته، اتضح أنه كان يرمي إلى إقامة حكم إسلامي، فهو يرى أنه صاحب رسالة إصلاحية إسلامية، وأن عليه أن ينشرها بين جميع أهل اليمن.
وبالفعل استطاع أن يفرض سيطرته على اليمن من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، وقد دانت له البلاد بالولاء والطاعة، وبذلك أرسى حجر الأساس لهذه الدولة الشيعية العلوية التي عرفت باسم (الدولة الزيدية)، واتخذت من مدينة صعدة عاصمة لها.
وفي أوائل القرن الحادي عشر بدأ الأئمة بالتغلغل في جنوب اليمن وتهامة حتى امتد نفوذهم إلى حضرموت في أيام المتوكل إسماعيل وأولاده ومن تلاهم من آل القاسم بعد أن خلت البلاد من قوة مناوئة بجلاء الأتراك الجلاء الثاني، على أن الأمر لم يخل من ثورات وتمردات كثيرة كثورة همدان وبني حشيش وبني الحارث سنة 1102 التي قامت في وجه المهدي، وثورة همدان 1256، وثورة صنعاء 1260 وغير ذلك من الثورات التي كان أكثر بواعثها النزاع حتى بين الأسرة الواحدة كالنزاع بين آل القاسم أنفسهم الذي استمر حتى سنة 1269 حين خرجت الأمة منهم بقيام الإمام المنصور محمد بن عبد الله.
وارتكزت فكرة الإمامة في الفكر الشيعي الجارودي على استحقاق البيعة لمن يخرج من أبناء الحسنين داعياً لنفسه عالماً مجتهداً قويًّا، وأضاف بعضهم: وخالياً من العيوب الجسدية والعاهات، وأن يخرج على الظلمة شاهراً سيفه ويدعو إلى الحق. وجوّزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال، ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة، وإن كانا في قطرين انفرد كل واحد منهما في قطره ويكون واجب الطاعة في قومه. ولو أفتى أحدهما بخلاف الآخر كان كل واحد منهما مصيباً، وإن أفتى باستحلال دم الآخر.. وتجسدت الإمامة كدولة على أرض الواقع في طبرستان (بلاد الديلم) والمغرب واليمن.
وفي عهد الدولة العباسية، تأسست الدولة اليعفرية على يد الأمير يعفر، الذي خلفه ابنه محمد بن يعفر وهو أول من وحّد اليمن وحكمها مدة عشرين عاماً وقتل في 270هــ، انقسمت اليمن وتفرقت في عهد ابنه أبي يعفر إبراهيم بن محمد والذي قتل في عام 279 هـ، وأصبحت حينها اليمن بلا راعٍ...
في ظل تلك الفوضى والشتات استجلبت الإمامة من الحجاز فحلّ الإمام يحيى بن الحسين على صعدة وقبائلها سنة 284هـ، ولقب نفسه بالهادي وبدأ يدعو إلى الإمامة، والتشيع بخوض الحروب الطاحنة ضد اليمنيين.. بينما وفي الجهة الأخرى في عام 268هـ هبّ القرامطة وأعلنت الدعوة القرمطية في الغرب والجنوب واحتدم الصراع بينهم وبين اليمنيين.
الإمامة التي "استجلبت" من الحجاز لتصلح بين قبليتين متصارعتين وتحقن الدماء راحت تبث دعوتها وتكرّس عقيدة التشيع بين القبائل، ثم تدفع بهم للجهاد "في سبيل الله" ضد من يمتنع عن البيعة لأحفاد النبي، صلى الله عليه وسلم.
وتَشكل للإمامة كيان نسبي في عهد أسرة شرف الدين وولده المطهر اللذين حاربا الحكم والوجود العثماني في اليمن، تلك الأسرة مهدت لقيام الدولة الإمامية في اليمن.
قامت دولة الإمامة الجارودية في اليمن مرّتين: الأولى الدولة القاسمية التي أسسها القاسم بن محمد ثم أبناؤه من بعده واستمرت منذ العام 1006هـ- 1598م، وحتى مجيء العثمانيين للمرة الثانية إلى اليمن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
ونظام الإمامة اليمني تأسس في صعدة سنة 893 م على يد يحيى بن الحسين، واستمرّ حتى عام 1962 حين أقيم النظام الجمهوري (إلى قيام الثورة اليمنية 1962).
الأئمة الزيديون الذين حكموا اليمن بعد الهادي كانوا في معظمهم من نسله، وعددهم 59 إماما، هم الأئمة الحسينيون، وبويع خمسة أئمة حسنيين آخرين من غير نسله، كما بويع إمامان حسينيان، على أن سلطة الأئمة لم تتعد شمال اليمن حتى أوائل القرن الحادي عشر، إلا في فترات متقطعة قصيرة، وإن كان بعضهم كالمتوكل المطهر بن يحيى وولده المهدي، ومن جاء بعدهما حتى أواخر عهد محمد بن الناصر- قد استطاعوا خلال القرنين الثامن والتاسع أن يسيطروا على صنعاء وذمار، ولكنها سيطرة غير مستقرة، تزعزعها المعارك بين الأئمة وبين آل طاهر وآل رسول، والإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين (912- 965) وولده المطهر (965- 980) استطاعا أن يثبتا سيطرتهما على صنعاء في أول عهدهما إلى أن دهمهما الغزو التركي، فأخرجهما من صنعاء ولاذا بالجبال.
وبعد أن حكم شرف الدين أربعين عاماً اعتزل الإمامة فقام مقام ولده المطهر الذي صمد للأتراك، ومن بعده صمد لهم الإمام المنصور القاسم (1006- 1029) ثم ولده المؤيد الذي استطاع أن يجلي الأتراك ويخرجهم من اليمن، على أن حكم الأئمة لم يستطع أن يخضع المناطق اليمنية الأخرى مثل آب وتعز وحضرموت وتهامة، بل ظلت دون متناول أيديهم، ما عدا سنوات من الفترة التي حكم فيها الإمام شرف الدين، فقد استطاعت قواته السيطرة على تعز وآب من سنة 941 إلى 945 يقودها ولده المطهر الذي لم يتوان عن الفتك والبطش والقسوة في سبيل توطيد حكم والده، وإيصاله إلى ما لم يكن قد وصل إليه من قبل، على أن المطهر بعد تنازل أبيه له عن الإمامة فوجئ بالغزو العثماني، فاضطر للتخلي عما كان في يده والانسحاب إلى الشمال.
لم يسيطر الأئمة الزيديون، الذين كانوا ثيوقراطين أكثر منهم قادة عسكريين، بشكل كامل على القبائل اليمنية الشمالية. وخلال حكمهم الذي دام أحد عشر قرناً- حيث نقلوا العاصمة ذهاباً وإياباً من صعدة إلى صنعاء ثم إلى تعز- كثيراً ما اندلعت الثورات القبلية التي حكموها في أنحاء البلاد... تنازعت السلالات الصغيرة والقبائل والشيوخ على السيادة الزيدية في الجنوب وفي حضرموت النائية.
عاد العثمانيون إلى السلطة لفترة وجيزة في القرن التاسع عشر، ولكن هم أيضاً فشلوا في حكم كامل البلاد. ففي الشمال، صمدت القبائل الزيدية في وجه العثمانيين بسهولة. بينما كان الجزء الجنوبي من اليمن (مستعمرة عدن التابعة للتاج الملكي ومحمياتها) في يد بريطانيا العظمى منذ عام 1839. سيطر البريطانيون على عدن والمناطق المحيطة بها للحصول على جزيرة بريم ذات الموقع الاستراتيجي في باب المندب- مدخل البحر الأحمر- ومعها الطريق البحري الهام إلى آسيا. كما لعدن ميناء طبيعي، حيث يمكن لسفن المسافات الطويلة التزود بالوقود. لم يمتد الحكم البريطاني كثيراً إلى ما وراء عدن، حيث دخلوا في تحالف مع الشيوخ المحليين، فيما يسمى بـ "سلام إنغرام".
انهارت الإمبراطورية العثمانية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى. وكان اليمن حينها محكوماً من قبل الإمام الزيدي يحيى، باستثناء مستعمرة عدن التي كانت تحت حكم البريطانيين. فحكم البلاد هو وخلفاؤه تحت اسم المملكة المتوكلية اليمنية المعترف بها دولياً. عام 1934، فقد اليمن إقليم عسير الشمالي لصالح المملكة العربية السعودية. عزل الإمام يحيى، وابنه وخلفه الإمام أحمد، اليمن عن أي نفوذ خارجي لما يقارب من 50 عاماً. وعن طريق خطف أبناء القبائل لفترة وجيزة لفرض الطاعة، نفّر الإمام يحيى القبائل التي كان حكمه العسكري معتمداً عليها. فثارت عدة ثورات، ولكن الأئمة كانوا يسيطرون عليها دائماً. ومع ذلك، عام 1962 طردت ثورة جمهورية- بمساعدة الجيش المصري والقبائل المتضررة- الإمام الرابع، بدر، إلى المملكة العربية السعودية. توفي الإمام بدر عام 1996 في بريطانيا العظمى التي هاجر إليها عند الاعتراف الرسمي للمملكة العربية السعودية بالجمهورية العربية اليمنية (كان يشار إليها باليمن الشمالي قبل الوحدة) عام 1972. ويعيش ابنه الأكبر عجيل بن محمد البدر، الذي يحمل لقب "ملك اليمن"، في منفاه في لندن.
الحوثيون أبرز طوائف الزيدية:
عقب إسقاط حكم الإمامية في اليمن تراجع النفوذ السياسي لاتباع المذهب الزيدي، ولكن مع قيام الثورة الإيرانية سنة 1979 شكل بارقة أمل لقادة العمل الزيدي في اليمن، خاصة وأن إيران مدّت يدها لهؤلاء في خطتها لتصدير الثورة ونشر التشيع في العالم ومنه اليمن، رغم أن علماء المذهب الزيدي اتخذوا فترة طويلة حتى وقت قريب يحاربون المذهب الإمامي الاثني عشري ويصفونهم بالرافضة، ولكن أحداث ما بعد 2011 شكلت تغيرا كبيرا في الأوضاع اليمنية.
"الحوثيون" مثلهم مثل بقية قبائل جنوب اليمن التي تنتمي للمذهب الشيعي، وبالتحديد إلى المذهب الزيدي، وهو مذهب يقترب في وسطيته لمذهب أهل السنة، ولكن جماعة الحوثيون تعد الشق المتطرف والمنشق عن الزيديين، ويرى بعض منتقديهم أنهم سلكوا طريق "حزب الله" في لبنان دينياً وسياسياً؛ لأنهم أطلقوا على أنفسهم اسم جماعة "أنصار الله" تيمنا بـ"حزب الله" اللبناني، كما أنهم يعتنقون عقائد الشيعة الرافضة.
ولذلك هناك فروق كبيرة بين الزيديين وباقي أتباع المذهب الزيدي، فعلى الرغم من أن حسين بدر الدين الحوثي دائما ما يقول إنهم ينتمون إلى المذهب الزيدي، إلا أنه في الحقيقة يعد من خوارج الشيعة والزيدية بصفة خاصة، ويصل بعض الفقهاء من المذهب الزيدي والمذاهب الأخرى إلى تكفيرهم؛ لأن بدر الدين بن أمير الدين الحوثي وهو أحد كبار الشيعة، جارودي المذهب، يرفض الترضية على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وكذلك لا يترضى على أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها، كما هاجم في عدة مؤلفات له الصحيحين والسنن، واتهم الإمام البخاري ومسلماً بالتقول والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم إرضاءً للسلاطين؛ ومنه ورث ابنه حسين هذا المذهب، وسار عليه أنصارهم وأتباعهم.
قام الحوثي وأتباعه باتباع بعض العادات التي يؤمن بها مذهب الاثني عشر ويكفرها الزيديون؛ الأمر الذي استنكره علماء الزيدية، ومن هذه العادات:
- إحياء ذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه، وإقامة المجالس الحسينية.
- إحياء ذكرى وفاة بعض الأئمة كجعفر الصادق ومحمد الباقر وعلي زين العابدين.
- اتخاذهم جبلاً في مدينة صعدة، أطلقوا عليه اسم (معاوية)، يخرجون إليه يوم كربلاء (عاشوراء) بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، ويطلقون ما لا يحصى من القذائف، رغم سقوط قتلى وجرحى.
- عرض بعض المحلات التجارية والمطاعم لأشرطة (المجالس الحسينية) المسجلة في إيران، وفيها أصوات العويل والندب والقدح في الصحابة.
الأمر الذي جعل فقهاء المذهب الزيدي في إصدار بيان بتكفير حسين بدر الدين الحوثي، ومن يتبعه، وقاموا بتبرئة المذهب الزيدي من كل أقوال الحوثي؛ وذلك نتيجة للمواقف الصريحة التي يقفها حسين الحوثي من الزيدية، والتي ولّدت ردة فعل عند العلماء المحسوبين على الزيدية، فأصدروا بياناً للبراءة منه جاء في نهايته: "فبناء على ما تقدم رأى علماء الزيدية ضرورة التحذير من ضلالات المذكور وأتباعه (يقصد بحسين بدرالدين الحوثي)، وعدم الاغترار بأقواله وأفعاله التي لا تمت إلى أهل البيت وإلى المذهب الزيدي بصلة، وأنه لا يجوز الإصغاء إلى تلك البدع والضلالات ولا التأييد لها، ولا الرضا بها، وهذا للأسباب التالية:
أولاً: اعتقاد حسين بدر الدين بأن ولاية علي ثابتة بالنص الجلي الواضح والصريح من الله عز وجل إلى رسوله ومنه إلى الأمة يوم غدير خم، وهذه بعينها عقيدة الشيعة الاثني عشرية من الرافضة.
ثانياً: اعتقاده ضلال الأمة وعصيانها لرسولها يوم غدير خم، وتنكرها لأمر نبيها بعد أن قال: "بأن عشرات الآلاف من المسلمين تجمعوا في الغدير لسماع أمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم باستخلاف علي من بعده، وبأنه وحي بحسب ما استند عليه من آية البلاغ، وهذا الاعتقاد الغالي الذي يجعل الأمة ضالة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، والأمة بمجموعها معصومة لا تجتمع على ضلالة".
ثالثاً: تشبيه مجتمع الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار ممن اختار أبا بكر وعمر وعثمان بعد النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم- بأمريكا وإسرائيل، وبأن الأمة فرضت هؤلاء كما فرضت هاتان الدولتان الكافرتان الأنظمة العميلة اليوم".
واليوم صارت الكثير من الهيئات والمؤسسات والمطبوعات الزيدية تنحى منحى إماميًّا "اثنى عشريًا"، وللزيدية في اليمن الكثير من المؤسسات والأنشطة، في مقدمتها الأنشطة التعليمة والدينية، وعملت هذه المؤسسات على تقريب الزيدية إلى الإمامية، والترويج للفكر الإمامي.
وتعتبر إدارة عدد من المساجد والمراكز العلمية ومدارس تحفيظ القرآن، مثل الجامع الكبير، ودار العلوم العليا، ومركز بدر العلمي، ومركز ومسجد النهرين في صنعاء، ومركز الإمام القاسم بن محمد في مدينة عمران، ومركز الهادي في صعدة من أهم المراكز الدينية لدى الحوثيين.
وبالإضافة إلى النشاط الديني هناك الأنشطة الإعلامية والثقافية، والتي تعمل على طباعة الكتب والنشرات وتوزيعها بالمجان أحياناً مثل كتاب "الوهابية في اليمن" لبدر الدين الحوثي، أو "ثم اهتديت" للتيجاني.
وإصدار بعض الصحف والمجلات، خاصة في ظل أجواء الانفتاح التي عاشها اليمن بعد تحقيق الوحدة اليمنية سنة 1990م ومنها صحيفة الشورى الناطقة باسم اتحاد القوى الشعبية، وصحيفة الأمة الناطقة باسم حزب الحق، وصحيفة البلاغ التي يصدرها إبراهيم بن محمد الوزير.
والترويج لعدد من وسائل الإعلام الشيعية التي تصدر خارج اليمن مثل مجلة النور التي تصدرها مؤسسة الخوئي في لندن، ومجلة العالم التي تصدرها إيران.
وازدادت في الآونة الأخيرة الاحتفالات التي لم تكن مألوفة عند الزيدية في اليمن مثل: إحياء ذكرى استشهاد الحسين، وإقامة المجالس الحسينية، وإحياء وفاة بعض الأئمة، مثل جعفر الصادق ومحمد الباقر وعلي زين العابدين، واتخاذ بعضهم جبلاً في مدينة صعدة أسموه (معاوية) يخرجون إليه في يوم عاشوراء ويطلقون عليه نيران أسلحتهم، والاحتفال بيوم الغدير.
وهناك النشاطات السياسية للزيدية وأبرزها، في عام 1990 بادر الزيدية في اليمن إلى دخول المعترك السياسي بعد السماح بإنشاء الأحزاب، منها حزب الحق، ويرأسه أحمد محمد الشامي، أحد علمائهم المعاصرين.
وهناك اتحاد القوى الشعبية، ويرأسه إبراهيم علي الوزير، وهذان الحزبان ليس لهما وزن يذكر على الساحة اليمنية.
وتعد أبرز الأوجه السياسية للزيدية في اليمن وصعدة، "أنصار الله وهي الذراع السياسي لجماعة الحوثيين إحدى طوائف الزيدية في اليمن والأقرب إلى المذهب الاثني عشري، ويلعب أنصار الله دورا كبيرا في اليمن، خاصة عقب تنحي الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وقادوا مظاهرات 21 سبتمبر 2014 والتي أدت إلى سقوط حكومة محمد سالم باسندوة وهي حكومة محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين.
الحوثيون والدولة اليمنية:
تمثل علاقة الحوثيين أبرز طوائف المذهب الزيدي في اليمن- علامة قوية عقب سقوط الدولة الإمامية، وتراجع نفوذ الزيديين في اليمن.. علاقة طويلة ومعقدة، ففي مختلف مراحلها من بدء الثورة وحتى أحداث 21 سبتمبر 2014.
فقد سمح الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، بعودة الأب الروحي للحركة بدر الدين الحوثي والد حسين إلى اليمن، بعد أن كان شبه منفي في إيران، لتعقد صفقة بين عموم الزيديين والحكومة اليمينة بإعطاء صالح لهم بعض الحقوق التي حرموا منها لفترة طويلة، ليظهر نجم الحوثيين بعد ذلك بقوة، كجماعة ليبدءوا عهدا جديدا يتمثل بنشر مبادئهم، ثم بعد فترة عندما تنامى إلى صالح أن حسين الحوثي تلقى أموالا من بعض شيعة إيران استطاع أن يشتري بها أسلحة لشباب التنظيم؛ الأمر الذي لم يمنعه في وقته، ومع نقد صالح لوعوده للزيديين، وتكفير أئمة الزيدية الحوثي لتطاوله على الصحابة، واستحداث بعض طرق الشيعة الاثني عشرية.
وقام الحوثي بدور الإدارة المحلية، ثم هاجم المؤسسات الحكومية، وانقلب ليبعث صالح من يؤدب حسين الحوثي- عضو مجلس النواب والقيادي في المؤتمر الشعبي العام، لتبدأ أولى المواجهات بين صالح والحوثيين عام 2004، لتخوض جماعة الحوثيين عدة مواجهات مع الحكومة اليمنية منذ ذلك الوقت، حيث اندلعت المواجهة الأولى في 19 يونيو 2004، وانتهت بمقتل زعيم التمرد حسين بدر الدين الحوثي في 8 سبتمبر 2004 حسب إعلان الحكومة اليمنية، أما المواجهة الثانية فقد انطلقت في 19 مارس 2005، بقيادة بدر الدين الحوثي (والد حسين الحوثي) واستمرت نحو ثلاثة أسابيع بعد تدخل القوات اليمنية، وفي نهاية عام 2005 اندلعت المواجهات مجددا بين جماعة الحوثيين والحكومة اليمنية، وهكذا بدأت الحروب ضد هذه الحركة لتتجدد سنويا لتحصد حروبا ستا أتت على المواطنين في صعدة، بالخراب والدمار.
وعلى الرغم من تجدد تلك الحروب بين الحوثيين وبين صالح، إلا أن هناك العديد من الغموض الذي يحيط العلاقة بين كل من صالح والحوثيين، خاصة وأنه تم الزج بقوات الفرقة الأولى بالجيش اليمني مدرع وألويتها في هذه الحروب، في الوقت الذي يتلقى فيه الحوثيون الدعم من ألوية أخرى في الجيش تابعة للنجل الأكبر لصالح حسب ما يتداوله كثير من المراقبين اليمنيين؟!!
وعقب ثورة فبراير2011، ازداد نفوذ جماعة الحوثيين في اليمن، حيث كان لهم دور فعال في إسقاط الرئيس السابق علي عبد الله صالح، إلا أن جماعة الإخوان كانوا لهم بالمرصاد؛ مما أدى إلى وجود حالة من العداء بين الإخوان والحوثيين؛ مما جعل الحوثيين يقودون ثورة شعبية ضد حكومة محمد باسندوة المحسوب على جماعة الإخوان عقب قرار رفع الأسعار "الجرعة" وهي التي تعرب بأحداث 21 سبتمبر، واحتلال أنصار الله الذراع السياسي والعسكري للحوثيين للعاصمة صنعاء، ثم التوصل إلى اتفاق بتشكيل حكومة وتعيين مستشارين من الحوثيين للرئيس عبد ربه منصور هادي، وتوسع الحوثيين في ربوع اليمن وخاصة اليمن الشمالي.
الزيدية في نظرة المذاهب الأخرى
تختلف رؤى المذاهب الإسلامية سواء الشيعية أو السنية إلى المذهب الزيدي، أو العكس وكل منها يحمل وجهة نظر مختلفة تأثرا بالتراث الثقافي والعقائدي التاريخي، ولكن أبرز المذاهب التي تهاجم المذهب الزيدي هو المذهب الإمامي الاثني عشري، وفي مقارنة بين المذهب الاثني عشري والزيدية.
أولا: نظرة الاثني عشرية إلى الزيدية
رغم أن الزيدية تشكل إحدى فرق الشيعة، شأن الاثني عشرية والشيخية والإسماعيلية، إلاّ أن الزيدية كان لها نصيب وافر من كره وحقد الإمامية والإفتاء بكفرهم، واعتبارهم نواصب، ذلك أن الشيعة يؤمنون بكفر كل من لا يؤمن بالأئمة الاثني عشر.
وروى الكليني في الكافي (8/235) حديث رقم 314 عن عبد الله بن المغيرة، قال: "قلت لأبي الحسن: إن لي جارين أحدهما ناصب والآخر زيدي، ولا بد من معاشرتهما، فمن أعاشر؟ فقال: هما سيّان، من كذب بآية من كتاب الله فقد نبذ الإسلام وراء ظهره، وهو المكذب بجميع القرآن والأنبياء والمرسلين، ثم قال: إن هذا نصب لك وهذا الزيدي نصب لنا".
ويقول أحد أهم علماء الإمامية الاثني عشرية ويدعى محمد الموسوي الشيرازي الملقب بـ (سلطان الواعظين) في كتاب ليالي بيشاور ص129-130: "إني لم أذكر في الليلة الماضية أن الشيعة على مذاهب، وإنما الشيعة مذهب واحد، وهم المطيعون لله وللرسول محمد صلى الله عليه وسلم والأئمة الاثني عشر، ولكن ظهرت مذاهب كثيرة بدواعٍ دنيوية وسياسية زعمت أنها من الشيعة، ونشروا كتباً على هذا الأساس الباطل من غير تحقيق وتدقيق".
واعتبر الموسوي أن المذهب الزيدي أحد أربع مذاهب أضلت الشيعة عن جهل وعمد، قائلا: أما المذاهب التي انتسبت إلى الشيعة عن جهل أو عمدٍ لأغراض سياسية ودنيوية، فهي أربعة مذاهب أولية، وقد اضمحل منها مذهبان وبقي مذهبان: تشعبت منها مذاهب أخرى، والمذاهب الأربعة هي: الزيدية، الكيسانية، القداحية، والغلاة.
خمسة فروق بين الزيدية والاثني عشرية
إذا كان "الاثني عشري" الأكثر انتشارا فإن الزيدي يظل المذهب الأقرب إلى مذاهب أهل السنة؛ لما يمثل من معالجات جيدة لكثير من المواقف التي تؤخذ على المذهب الإمامي الاثني عشري.
1- لعن الصحابة
في المقابل كان علماء الزيدية- إلا من شذّ منهم- يعرفون ضلال الشيعة الروافض ويحذرون منهم، ويتساوى في ذلك الاثنا عشرية والجارودية، وهم قسم من الزيدية عرفوا بالغلو والميل إلى الرفض والتشيع. وجاء عن الإمام زيد في رسائل العدل والتوحيد 3/76 نقلاً عن التحف شرح الزلف ما نصّه: "اللهم اجعل لعنتك ولعنة آبائي وأجدادي ولعنتي على هؤلاء القوم الذين رفضوني، وخرجوا من بيعتي، كما رفض أهل حروراء علي بن أبي طالب عليه السلام حتى حاربوه".
وسبب هذا اللعن هو أن الشيعة في الكوفة طلبوا منه أن يتبرأ من أبي بكر وعمر حتى ينصروه ضد الجيش الأموي، فأبى ذلك فرفضوه فقال: أنتم الرافضة. وقال أيضاً: الرافضة مرقوا علينا.
وكان الإمام الهادي يحيى بن الحسين يقول: "هؤلاء الإمامية الذين عطلوا الجهاد وأظهروا المنكر في البلاد" الأحكام في الحلال والحرام 1/454.
أما الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة المتوفى سنة 614هـ فقد رد عليهم بمئات الصفحات في كتابه العقد الثمين. وفنّد أساطيرهم، وربطهم بعبد الله بن سبأ، وغير ذلك.
ومن المعاصرين، يقول مجد الدين المؤيدي (التحف شرح الزلف ص68) وهو يشرح خروج زيد على الأمويين: "ولم يفارقه إلا هذه الفرقة الرافضة التي ورد الخبر الشريف بضلالها".
2- تقديم وتفضيل علي بن أبي طالب
فيما يتعلق بتقديم وتفضيل علي بن أبي طالب، ترى الإمامية "الاثني عشرية": «أن أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا على سبيل الإغماض عن النور الأول»، وإن كانت الإمامية ترى أنه أفضل من الأنبياء على القول الراجح عندهم.
أما الزيدية، فيقول الإمام يحيى بن حمزة الزيدي: «اعلم أن الذي نعتقده ونراه ونحب أن نلقى الله عز وجل عليه، هو ما عليه السلف الصالح من آبائنا من أكابر أهل البيت المقتصدين منهم والسابقين، أن أمير المؤمنين أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ بما خصه الله به من الفضائل الظاهرة التي لم يحزها أحد بعده ولا كانت لأحد قبله».
3- أحقية علي بالخلافة بعد الرسول
ترى الإمامية أن هذا هو أصل مذهبها بلا خلاف، وحرروا هذا في كتبهم، فيقول محمد الحسين آل كاشف الغطاء: «هو الأصل الذي امتازت به الإمامية، وافترقت عن سائر فرق المسلمين، وهو فرق جوهري أصلي وما عداه من الفروق فرعية عرضية؛ كونها منصباً إلهياً يختاره الله بسابق علمه لعباده، كما يختار النبي، وأمر النبي بأن يدل عليه ويأمرهم باتباعه، ويعتقدون أن الله سبحانه أمر نبيه بأن ينص عَلَى عَلِي، وينصبه علماً للناس من بعده».
وترى الزيدية أحقية الخلافة في علي بن أبي طالب، بعد رسول الله، وأوردوا في ذلك آثاراً عن زيد بن علي رحمه الله، وقال الإمام الهادي، بعد أن ذكر فضائل علي بن أبي طالب: «وكل ذلك من محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فدلالة عَلَى عَلِي وله، بأنه الإمام من بعده؛ فافهم هذا». وأيضاً، يقول يحيى محمد سالم عزان: «فأهل البيت ومن تابعهم، يرون أن عليًّا رضي الله عنه كان أولى الناس بالخلافة؛ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».
إلا أن بدر الدين الحوثي (معاصر)، يرى رأياً غير رأي الزيدية؛ فيقول: «الولاية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لِعَلِي عليه السلام، ولم تصح ولاية المتقدمين عليه: أبي بكر وعمر وعثمان»، فهو يبطل ولاية المشايخ الثلاثة من أصلها، خلافاً لكثير من الزيدية.
4- إجماع أهل البيت
يرى الإمامية في الإجماع، أنه يدور حول وجود الإمام المعصوم من عدمه؛ فيقول الحلي: «الإجماع إنما هو حجة عندنا؛ لاشتماله على قول المعصوم، فكل جماعة- كَثُرَتْ أم قَلتْ- كان قول الإمام في جملة أقوالها».
وأما الزيدية مع قولهم بحجية إجماع الأمة، فقد نقل أحمد بن محمد لقمان حجية إجماع آل البيت، وبالأخص العترة، وأنه «حجة قطعية كإجماع الأمة»، وعلق على هذا الدكتور المرتضى بن زيد المحطوري (هامش كتاب الكاشف)، فقال: «فائدة: إذا عُلم إجماع العترة؛ كان حجة قطعية في العمليات، كالنص المعلوم؛ فتحرم مخالفته، وكذا في العلميات على المختار»، والمراد بالعترة في اصطلاحهم: الأقارب الأدنون وهم الذرية.
5- الثورة على الحاكم الظالم
فيما يتعلق بالحاكم الظالم ومشروعية حكمه يرى الإمامية عدم مشروعية الحكم لغير "الاثني عشر"، ولا يقبلونها في من سواهم ويرونهم أنهم ظلمة وكفار، ومن بايعهم أو رضي بيعتهم وولايتهم فهو كافر، وإن كانوا يستخدمون التقية، ويرون الخروج عند أول عدو يهجم عليهم، كما حصل في حروب المغول، ودخولهم بغداد بقيادة هولاكو.
أما الزيدية، فيرون الخروج على الظلمة من أصول الزيدية المشهورة، التي أخذوها عن المعتزلة؛ فقد نقل بدر الدين الحوثي كلام الإمام المنصور بالله من كتابه "الشافي" حول مذهب الزيدية، وفيه: «ومن مذهبهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد الظلمة وغير ذلك».
ويقول أحد علماء المذهب الزيدي العلامة يحيى بن حسين الديلمي: لو أتيحت الفرصة للمذهب الزيدي لانتشر في كل بقاع الأرض ولرجع الإيرانيون و"الاثني عشريون" الموجودون في إيران والسعودية والكويت والخليج إلى هذا المذهب ولرجع كل منصف إلى هذا المذهب؛ لأن مذهب آل بيت رسول الله مذهب يدعو إلى العدالة وإلى الأخوة والتسامح وإلى العلم والالتزام بالدليل والبرهان من القرآن دون غيره؛ لهذا هو مرفوض من الكثير من المذاهب المستوردة والمستخدمة؛ مرجعا ذلك لأنه يوضح الخلل والشطط في هذه المذاهب التي ابتعدت عن نهج النبي صلى الله عليه وسلم واستسلمت لروايات أدخلت على الدين الإسلامي.
ويرى الهجوم على المذهب لأنه أحد مبادئه رفض الظلم والخروج على الحاكم الظالم، والناس إذا كانوا يبحثون عن العدالة فلتكن من أي شخص، فإذا كانت العدالة ستتحقق من ولد الحسن أو الحسين فالناس يرغبون في العدالة، بغض النظر ممن تكون، لا يوجد في الإسلام عنصرية والقيادة ليست غنيمة أو تشريفاً وإنما هي تكليف؛ لأن هناك مهامًّا عظيمة يجب أن يقوم بها الإمام لتحقيق العدل الذي يبحث عنه الناس، والناس في الإسلام متساوون {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
ثانيا: الزيدية عند الإسماعيلية
للمذهب الإسماعيلي رؤى خاصة في المذهب الزيدي، يقول عارف تامر أحد علماء الإسماعيلية: "الزيدية فرقة إمامية شيعية، قالت بإمامة الحسن بن علي ثم ابنه الحسن المثنى أخيراً بزيد بن علي وهو صاحب المذهب، وقد انقسمت إلى فرق، وبعدما مر عليها من انقسامات وأحداث وحروب لا تزال سائرة على النهج الإمامي، وقد توحدت أخيراً بالزيدية الحديثة- يقولون بإمامة المفضول مع قيام الأفضل، ومن الواضح أنهم تأثروا بالاعتزال، واشترطوا الاجتهاد في الأئمة، وهم لا يتبرءون من أبي بكر وعمر، ويصححون إمامتهما، ويرفضون العصمة، والتقية، وغيبة الإمام، وجواز مبايعة إمامين في قطرين، واستمرار الإمامة".
ثالثا: الزيدية في نظر أهل السنة:
هناك العديد من الآراء حول رأي أهل السنة في الزيدية، وذكر ابن تيمية- في أكثر كتبه، فقال في: مجموع الفتاوى (ج 1 / ص 148): "وأما شفاعته لأهل الذنوب من أمته، فمتفقٌ عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وسائر أئمة المسلمين الأربعة، وغيرهم، وأنكرها كثير من أهل البدع، من الخوارج والمعتزلة والزيدية، وقال هؤلاء: من يدخلُ النار لا يخرجُ منها".
وقال في الفتاوى الكبرى (ج 6 / ص 550): "ذهبت المعتزلة والخوارج والزيدية الإمامية، ومن عداهم من أهل الأهواء، إلى أن كلام الباري- تعالى- عن قول الزائغين حادث، مستفتح الوجود، وصار صائرون من هؤلاء إلى الامتناع عن تسميته مخلوقًا، مع القطع بحدوثه؛ لما في لفظ المخلوق من إيهام الخلق؛ إذ الكلامُ المختلق، هو الذي يبديه المتكلمُ تخرصًا من غير أصل، وأطلق معظم المعتزلة لفظَ المخلوق على كلام الله".
ورأي ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية" (ج 1 / ص 31): "وكان متكلمو الشيعة، كهشام بن الحكم، وهشام بن الجواليقي، ويونس بن عبد الرحمن القمي، وأمثالهم، يزيدون في إثبات الصفات على مذهب أهل السنة، فلا يقنعون بما يقوله أهل السنة والجماعة، من أن القرآن غيرُ مخلوق، وأن الله يُرى في الآخرة، وغيرِ ذلك من مقالاتِ أهل السنةِ والحديث، حتى يبتدعوا في الغلو في الإثبات والتجسيم والتبعيض والتمثيل، ما هو معروف من مقالاتهم التي ذكرها الناس، ولكن في أواخر المائة الثالثة، دخل من دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة، كابن النوبختي صاحب كتاب "الآراء والديانات"، وأمثاله، وجاء بعد هؤلاء المفيد بن النعمان وأتباعه؛ ولهذا تجد المصنفين في المقالات كالأشعريِّ، لا يذكرون عن أحد من الشيعة، أنه وافق المعتزلة في توحيدهم وعدلهم، إلا عن بعض متأخريهم، وإنما يذكرون عن بعض قدمائهم التجسيم، وإثبات القدر وغيره".
رأي الشيخ الباقوري ..شيخ الازهر الأسبق:
فيما يرى الإمام أحمد الباقوري شيخ الجامع الأزهر وزير أوقاف مصر الأسبق: "قضية السنة والشيعة هي في نظري، قضية إيمان وعلم معاً… فأما أنها قضية علم، فإن الفريقين يقيمان صلتهما بالإسلام على الإيمان بكتاب الله وسنة رسوله، ويتفقان اتفاقاً مطلقاً على الأصول الجامعة في هذا الدين فيما نعلم فإن اشتجرت الآراء بعد ذلك في الفروع الفقهية والتشريعية، فإن مذاهب المسلمين كلها سواء في أن للمجتهد أجره أخطأ أم أصاب".
الزيدية والمعتزلة:
بات واضحا تأثر الزيدية بالمعتزلة فقد انعكست اعتزالية واصل بن عطاء عليهم وظهر هذا جليًّا في تقديرهم للعقل وإعطائه أهمية كبرى في الاستدلال، إذ يجعلون له نصيباً وافراً في فهم العقائد، وتطبيق أحكام الشريعة، والحكم بحسن الأشياء وقبحها، فضلاً عن تحليلاتهم للجبر والاختيار ومرتكب الكبيرة والخلود في النار، فالصلة العلمية بين الزيدية والمعتزلة موجودة، منذ ظهرتا على صفحة الوجود، حيث إنّ كلتا الطائفتين يرون العدل والتوحيد من الأصول، ويكافحون الجبر والتشبيه، حتى إنّ الإمام «مانكديم» المستطهر باللّه أحمد بن الحسين بن أبي هاشم المتوفّى عام 425هـ، تتلمذ على يد القاضي عبد الجبار المعتزلي المتوفى عام 415هـ. وكتب ما أملاه الأستاذ، حول الأصول الخمسة وقد طبع بهذا الاسم ولم يخالفه إلاّ فيما يرجع إلى الإمامة.
ولما قامت ملوك الغزاونة وسلاطين السلاجقة بتحريك الحنابلة والحشوية، بإبادة المعتزلة وقتلهم وتسعير النار في مكتباتهم وآثارهم وفي عقر دارهم، عمد بعض الزيدية، بنقل ما أمكن من كتبهم من العراق إلى اليمن منهم القاضي عبد السلام (550 ـ 573هـ) فقد نقل المغني للقاضي عبد الجبار، والأصول الخمسة، وغيرهما من الآثار الكلامية لهم من العراق إلى اليمن، وكانت اليمن تحتضن بها إلى أن نشرتها أخيراً البعثة العلمية المصرية بعد الفحص في مكتبات اليمن، وللزيدية فضل حفظ بعض تراث المعتزلة من الاندثار والانطماس. ولولاهم لكانت مصيرها، مصير سائر الآثار للمعتزلة. قاتل اللّه العصبية العمياء.
ميز هذا المعتزلة بالأصول التي تعتبر قاسما مشتركا بين جميع فرقها، وهي: التوحيد،العدل، الوعد والوعيد، المنزلة بين المنزلتين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه تسمى بـ "الأصول الخمسة" عند المعتزلة، وقد تأثر الزيدية بهذه الأصول الخمسة وهي- التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر- ولكن الزيدية ألغوا أحد أصولهم وهو (المنزلة بين المنزلتين) وأبدلوه بأصل آخر وهو إثبات الإمامة في آل البيت.
أبرز رجال الزيدية
زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
هناك العديد من رجال المذهب الزيدي على مر التاريخ منذ مؤسس المذهب على يدي الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وحتى العصر الحديث.
زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
ولادته
ولد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالمدينة المنورة سنة 66 أو 67 هجرية.
علمه ومناظراته
نشأ في حجر أبيه الإمام السجاد، وتخرج على يده وعلى يد الإمامين الباقر والصادق، ومنهم أخذ لطائف المعارف وأسرار الأحكام، فأفحم العلماء وأكابر المناظرين من سائر الملل والأديان .
ويقول عنه أبو حنيفة: شاهدت زيد بن علي كما شاهدت أهله، فما رأيت في زمانه أفقَه منه ولا أسرع جواباً ولا أبيَن قولا.
مدرسته
كان للإمام زيد مدرسة في العمل، وقصده كثير من علماء عصره للتعلم لديه وأخذ الأحاديث النبوية عنه، وسعيه في نشر ما تحمله عن آبائه الهداة من الفضائل والمواعظ والأحكام .
وتتلمذ أبو حنيفة على يد الإمام زيد بن علي بن الحسين مدة سنتَين، كما أخذ العلم أخذ الطريقة من الإمام الباقر والإمام الصادق.
موقفه من الإمامة
للإمام زيد بن آل علي بن الحسين، موقف واضح حول الإمامة، ظهر ذلك جليا في رسالة إلى الأمة حينما سأله العلماء عن الأئمة الذين يلون الخلافة، فقال الإمام زيد في رسالته التي وجهها إلى علماء الأمة: «فوالذي بإذنه دَعَوْتُكم، وبأمره نصحتُ لكم، ما ألتمس أَثَرَةً على مؤمن، ولا ظلماً لِمُعَاهد، ولوددت أني قد حميتكم مَرَاتع الهَلَكَة، وهديتكم من الضلالة، ولو كنت أوْقِدُ ناراً فأقذفُ بنفسي فيها، لا يقربني ذلك من سخط الله، زهداً في هذه الحياة الدنيا، ورغبة مني في نجاتكم، وخلاصكم، فإن أجبتمونا إلى دعوتنا كنتم السعداء والمَوْفُوْرين حظاً ونصيباً»، وهو يوضح صراحة بالبراءة من دعوى الإمامة.
موقف الإمام زيد بن علي من الخليفتين(أبوبكر وعمر):
كان للإمام زيد موقف قوي وحاسم في قضية خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، عندما بايعه ناس كثير من أهل الكوفة، طلبوا منه أن يتبرأ من أبي بكر وعمر لينصروه فقال: كلا بل أتولاهما "ما سمعت أحداً من آبائي تبرّأ منهما، ولا يقول فيهما إلاّ خيراً"، فقالوا: إذن نرفضك. فقال: اذهبوا فأنتم الرافضة. فسموا رافضة من حينئذ.
فصاحوا بأجمعهم: إنك لم تطلب بدم أهل هذا البيت إلاّ أن وثبا على سلطانكم فانتزعاه من أيديكم. فقال زيد: إن أشد ما أقول فيما ذكرتم أنّا كنا أحق بسلطان رسول الله صلّى الله عليه وآله من الناس أجمعين، وإن القوم استأثروا علينا ودفعونا عنه ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفراً، قد وُلوا فعدلوا في الناس أجمعين، وعملوا بالكتاب والسنة، فقالوا له: إذا لم يظلمك أولئك فلِم يظلمك هؤلاء، فلم تدعو إلى قتال قوم ليسوا لك بظالمين؟ فقال: إن هؤلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم؛ وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلّى الله عليه وآله وإلى السنن أن تُحيى وإلى البدع أن تُطفأ، فإن أنتم أجبتمونا سُعدتم وإن أنتم أبيتم فلست عليكم بوكيل". ففارقوه ونكثوا بيعته. فتبرأ زيد منهم وصاح: فعلوها حسينية. ولما بلغ الصادق عليه السّلام حديثهم معه تبرأ منهم؛ وقال: برئ الله ممّن تبرّأ من عمّي زيد. وقال لجماعة من أهل الكوفة سألوه عن زيد والدخول في طاعته: (هو والله وخيرنا)، فكتموا ما أمرهم به وتفرقوا عنه.
ثورته:
دعا الإمام زيد إلى الثورة على هشام بن عبد الملك؛ لِما اشتهر به من الفسق عند غالبية أهل عصره، فكان لا بد من تغيير الأوضاع الفاسدة، وإحياء الشريعة وفق كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، كما كان لا بد أن يعيد الإمام زيد للدولة الإسلامية طابعها الديني، وذلك باللجوء إلى قوة السلاح في سبيل نشر العدالة الاجتماعية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ إن الأحوال في عهد الأمويين ساءت بشكل كبير.
وذكرت الكتب أنه من أهم أسباب الثورة على حكم بني أمية السياسة الظالمة التي انتهجها هشام بن عبد الملك عقب فرض ضرائب إضافية، كالرسوم على الصناعات والحرف وعلى من يتزوج، أو يكتب عرضاً .
وقام بإرجاع الضرائب الساسانية، التي تُسمى هدايا النيروز، وكان في بعض الأحيان يترك للولاة جميع ما تحت أيديهم من الأموال التي يجمعونها من الضرائب وغيرها، وعلى سبيل المثال ترك الخليفة لواليه على خراسان مبلغ عشرين مليون درهم، وضمها الوالي لأمواله الخاصة وأخذ يتصرف بها كيف يشاء وهي من أموال المسلمين .
هذه صورة مصغرة عن الوضع الاقتصادي المتدهور وسوء توزيع الثروة المخالف لمبادئ الإسلام وقوانينه، بالإضافة إلى الظلم السياسي والقتل والإرهاب .
كُل ذلك دعا زيد إلى الثورة ضد هشام بن عبد الملك، واختار الكوفة منطلقاً لثورته ودعا المسلمين لمبايعته، فأقبلت عليه الشيعة وغيرها تبايعه حتى بلغ عددهم من الكوفة فقط خمسة عشر ألف رجل .
وقد تحدث زيد حين عد نفسه لقياده الأمة والثورة على الحكم الأموي، حيث قال: "والله ما خرجت ولا قمت مقامي هذا حتى قرأت القرآن وأتقنت الفرائض وأحكمت السنة والأدب وعرفت التنزيل، وفهمت الناسخ والمنسوخ والمحكم وما تحتاج إليه الأمة في دينها مما لا بد منه ولا غنى عنه وإني لعلى بينة من ربي".
علق الكثير آمالهم على ثورة زيد، وكانوا يلحون عليه بالإسراع في ذلك، ولكنه لم يعلن الثورة من أجل أن يتولى الخلافة والإمامة بنفسه؛ لأنه كان يعرف إمامه، بل كان يدعو إلى الرضى من آل محمد طالباً الإصلاح في أمة جده التي أذاقها الأمويون الظلم والجور، إلا أنه قُتل في سبيل ذلك في الكوفة سنة (121 هـ)، وأمر الخليفة هشام بإخراج جثته من قبره وصلبه عرياناً .
مؤلفاته:
مجموع الإمام زيد ويشتمل على المجموع الفقهي والحديثي (مسند الإمام زيد).
ومن تلك الكتب والرسائل:
1 ـ مجموع الإمام زيد الفقهي والحديثي، وهو مطبوع باسم "مسند الإمام زيد".
2 ـ تفسير غريب القرآن، طبع مؤخراً بتحقيق الدكتور حسن محمد الحكيم.
3 ـ مناسك الحج والعمرة، طبع في بغداد.
4 ـ مجموع رسائل وكتب الإمام زيد، وهو الآن تحت الطبع ويحتوي على:
(1) رسالة الإيمان، وتشتمل على شرح لمعنى الإيمان والكلام على عصاة أهل القبلة.
(2) رسالة الصفوة، وتشتمل على تعريف صفوة اللّه من خلقه والكلام عن أهل البيت وأن اللّه اصطفاهم لهداية الناس.
(3) رسالة مدح القلة وذم الكثرة، وتشتمل على مناظرة جرت بينه وبين أهل الشام في القلة والكثرة، وجمع فيها كثيراً من آيات القرآن الدالة على مدح القلة وذم الكثرة.
(4) رسالة تثبيت الوصية، وتتضمن استدلالات على أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أوصى لعلي عليه السلام بالخلافة من بعده.
(5) رسالة تثبيت الإمامة، وتتضمن استدلالات على أن عليًّا عليه السلام كان أولى الناس بالخلافة بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.
(6) رسالة إلى علماء الأمة، وهي الرسالة التي وجهها إلى العلماء يدعوهم فيها إلى القيام بمسئولياتهم وتأييده في ثورته.
(7) رسالة الرد على المجبّرة، وهي عبارة عن بضع صفحات أوضح فيها موقفه من القدر، وضمنها ردًّا على غلاة المجبّرة.
(8) رسالة الحقوق، وهي عبارة عن نصائح وتعاليم خُلُقِيَّة وجهها إلى أصحابه ومن بلغته من المسلمين.
(9) مناظرة لأهل الشام في مقتل عثمان والقلة والكثرة.
(10) الرسالة المدنية، وهي عبارة عن أجوبة أسئلة وردت إليه من المدينة.
(11) مُجَمَّع يشتمل على بعض مناظراته وأجوبته وخطبه وأشعاره ورسائله وكلماته القصيرة.
(12) الرسالة الشامية، وتتضمن إجابات على استفسارات لأحد أصحاب الإمام زيد بعث بها من الشام.
(13) جواب على واصل بن عطاء في الإمامة.
(14) مجموعة من الأشعار والأدعية المنسوبة إليه.
الإمام يحيى بن الحسين
الإمام يحيى بن الحسين
هو يحيى بن الحسين بن القاسم، أبو الحسين الإمام اليمني لُقب بـ"الهادي إلى الحق"، ولد بالمدينة سنة 245، مؤسس الفكر الزيدي في اليمن وهو أول إمام زيدي يدخل اليمن ويستقر فيها، حيث يقول البعض: زيدية اليمن هادوية، ولكن هذه النسبة تواجه نفس الإشكال الذي واجهته النسبة إلى الإمام زيد بن علي؛ وذلك لأن الزيدية لا يقبلون التحجر على أي إمام من أئمتهم، بل يقولون بوجوب الاجتهاد وإدامة طريق التحقيق والنقد والرد في المعتقد والمذهب.
مؤلفاته
له مؤلفات عدة، منها: "الأحكام"، و"المنتخب"، "الفنون"، "التوحيد"، "المسائل" و"القياس".
أولاده
محمد المرتضى وأحمد الناصر وفاطمة وزينب والحسن. ظهوره: باليمن سنة (280) وله خمس وثلاثون سنة بدعوة من أحد ملوكها، واستقر بصعدة. وفاته: توفي سنة (298) ودفن جنب المسجد الجامع بصعدة، وقبره مزار مشهور.
أبرز علماء المذهب حاليا
محمد بن محمد بن إسماعيل المنصور
ولد محمد بن محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن مطهر بن إسماعيل بن يحيى بن الحسين بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد في 8 جمادى الآخرة سنة 1333هـ/ 23 أبريل 1915.
رحلت أسرته سنة 1338هـ إلى صنعاء فأخذ العلم من شيوخها وشيوخ ذمار والذاري والمدرسة العلمية بصنعاء حتى برع في شتى الفنون في منطوقها والمفهوم.
وهناك العديد من المشايخ الذين أجازوا محمد بن محمد بن إسماعيل مطهر المنصور وهم: الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين، منصب المراوعة، ومحمد ســالم البيحاني، وصالح بن محمد الحودي، وإسماعيل بن محمد بن يحيى العنسي، ويحيى بن محمد بن عبدالله الأرياني، والحسن بن علي بن حسين المغربين وعبدالله بن عبدالكريم الجرافين وعبدالله بن علي اليماني، وعلي بن محمد بن أحمد إبراهيم وأحمد بن أحمد الجرافي، ومحمد بن أحمد الجرافي، أحمد بن محمد زبارة (مفتي اليمن سابقاً).
مناصبه
تولى عدة مهام ووظائف، في مقدمتها إعانة والده على أعمال قضاء بيت الفقيه، وعين ضمن كتّاب وحكّام ولي العهد بتعز سنة 1364هـ، ومساعدا لوزير الخارجية القاضي محمد راغب، ثم ناظرا للوصايا والأوقاف وما زال، ووزيرا من وزراء الاتحاد بين مصر واليمن.
وبعد قيام الثورة عضوا في مجلس السيادة، ووزيرا للعدل من سنة 1384هـ إلى سنة 1387هـ ثم وزيرا للأوقاف، وعضوا في المجلس التأسيسي (مجلس الشعب)، وفي لجنة تقنين الشريعة الإسلامية.
مؤلفاته
له مؤلفات كثيرة تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه ودقة نظره وعظيم إنصافه، منها:
1- قدسية الإيمان وهي قصيدة من نظمه.
2- برق يمان وهو شرح صغير على قدسية الإيمان.
3- القضاء والقدر.
4- تعليقات على أمالي أبي طالب.
5- حكمة الحجاب.
6- الكلمة الشافية في حكم ما كان بين علي ومعاوية.
7- مقتطفات من التفسير.
وله الكثير من الرسائل والفتاوى والقصائد.
بالإضافة إلى محمد بن محمد إسماعيل المنصور، هناك أيضاً حمود بن عباس المؤيد، وأحمد بن لطف الديلمي، وهم في العاصمة صنعاء، حالياً هناك العديد من العلماء من الجيل الثاني لعل أبرزهم الدكتور طه المتوكل، والعلامة محمد العفيف، والعلامة شمس الدين بن شرف الدين وعبد الفتاح الكبسي وغيرهم، وهناك العديد من العلماء في محافظة صعدة وفي ذمار وفي غيرها من محافظات اليمن.