لماذا جماعة الإخوان؟
الثلاثاء 13/مايو/2014 - 08:45 م
طباعة
منذ أن تربعت الولايات المتحدة الأمريكية على عرش العالم كقطب غربى يتحكم فى مصائر عدد من الأمم الضعيفة التى لا حول لها ولا طَوْل، أخرجت من خزائن أسرارها السياسية ما تريد أن تفعله بالعالم، وأصبح الضعفاء هم ردود أفعال لما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية، فأخرجت لنا ما سموه الفوضى الخلاقة، هذا المصطلح الذى صنع فى أروقة المطابخ السياسية الأمريكية، وتريد تطبيقه على شعوب تم اختيارها بعناية، وتقوم أمريكا بدور اللاعب الوحيد، وتستخدم آلات جبارة كآلة الإعلام تقنعك من خلالها بأن العيوب مزايا والمزايا عيوب، وتقنعك بأن الخونة لأوطانهم أبطال والأبطال خونة، واستشهادًا بما قاله الإعلامى الليبى الكبير الدكتور يحيى زكريا، عندما استقال من قناة الجزيرة العربية، قال : إن قناة الجزيرة حولت العقلاء إلى بلهاء، وحولت الإرهاب إلى جهاد، وتدخل حلف الناتو فى بلادنا إلى ثورة، وهكذا نقف أمام هذا المصطلح العجيب الذى يجمع بين النقيضين؛ صفة ذميمة وهى الفوضى، وصفة حميدة وهى الخلاقة، وهى باعتبار تعبير بسيط لأحداث فوضى متعمدة بغية خلق منتج جديد مكتوب عليه ( صنع فى أمريكا ) بهدف وضع خلق سياسى جديد يهدف إليه الطرف الذى أحدث وصنع هذه الفوضى، وهو يشبه ما يسمى إدارة الأزمات بهدف خلق أزمة ثم التحكم فى إدارتها لتحقيق الأهداف المطلوبة، ومنها تفكيك المنظومة القائمة وخلق منظومة جديدة تحقق أهداف الصانع، وقد تردد هذا المصطلح كثيرًا من إدارة جورج بوش الابن، وخاصة على لسان وزيرة خارجيته السيدة ( كونداليزا رايس ) – وكان الهدف المعلن لتنفيذ هذه الاستراتيجية هو أن الدكتاتورية فى منطقة الشرق الأوسط أفرزت لنا تنظيمات إرهابية مثل تنظيم القاعدة الذى تمكن من إحداث ضربة للولايات المتحدة لم يحدث أن تلقت مثلها على مدار تاريخ هذه الأمة التى يقترب عمرها من عمر رجل معمر، ألا وهى أحداث سبتمبر 2001 التى هزت من صورة سوبرمان العالم وجعلته أضحوكة ومادة للسخرية من جهاز مخابراته الذى على مدار سنوات أراد أن يقنع العالم بأنه يرى دبيب النملة فى الليالى المظلمة، وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية فى استغلال هذا الحدث لتنفيذ أجندة سياسية فى العالم كانت تبحث عن فرصة لإخراجها، حتى واتتهم فرص أحداث سبتمبر 2001 على طبق من ذهب، فبدأت بإعداد العدة لتنفيذ هذا المخطط (الفوضى الخلاقة) أو ما عرف فيما بعد بالجيل الرابع من الحروب، والتى أسسها برنارد لويس وبيتر أكرمان،
وبرنارد لويس هذا يهودى أمريكى مخطط استراتيجى بالإدارة الأمريكية، وأدوات هذه الفوضى:
1- عملاء يقومون بدور الجيوش المستعمرة من أبناء الوطن المستهدف.
2- دعم مادى قوى يمكنهم من شراء الأنصار وإنشاء الجمعيات وشراء الميديا، ويساعد فى تحقيق الأهداف.
3- إعلام قوى يزيف للناس الحقائق ويتحكم فى عقول البسطاء، كما ذكر لنا الدكتور يحيى زكريا، وقد سبق الإعلامى الكبير غسان بن جدو عندما استقال أيضًا من قناة الجزيرة، وقد صرح غسان بن جدو بأن قناة الجزيرة تفبرك الأخبار بهدف زعزعة الاستقرار فى المنطقة وتمزيق وحدة الأمة العربية .
4- تخطيط جيد لتحقيق هذه الأهداف مع الصبر، واستخدام الأدوات الحديثة للاستعمار كصندوق النقد الدولى والبنك الدولى والمحكمة الجنائية ومجلس الأمن، ولعلنا نذكر جميعًا حزمة المساعدات لأوكرانيا أمام روسيا.
ولتحقيق البند الأول ألا وهو البحث عن عملاء، كان رهان الولايات المتحدة على تكوين جماعات من الشباب المتطلع للتغيير كما فعلوا مع حركة (اتبورا) في صربيا بزعامة سيرجى بوبوفيتش، وتم خلق منظمة ما يسمى 6 أبريل، وقد ظهرت السيدة نجاة عبد الرحمن من الحركة على قناة المحور بعد أحداث ثورة 25 يناير وقالت بأنها نادمة على اشتراكها فى حركة 6 أبريل، واعترفت بأنهم فى كنافاس تلقوا تدريبات على أيدى ضباط صهاينة من إسرائيل، وبعد هذا الحوار تلقت هذه السيدة تهديدًا من حركة 6 أبريل.
كذلك خرج الأستاذ / طارق الخولى من الحركة، وأعلن أنه تقدم ببلاغ للنائب العام يحمل رقم 332 لسنة 2011 يفيد بعمالة هذه الحركة وتلقيها أموالًا من منظمات أمريكية مشبوهة ... إلخ .
وجاء على موقع الأهرام الإلكتروني بتاريخ 23/12/2012 أن النيابة العامة تحقق فى بلاغات تنفيذ تلقى أعضاء من حركة 6 أبريل لمبالغ وصلت فى أحد التحويلات إلى 6.3 مليون دولار، وأخرى 2.7 مليون دولار، وغيرها، وجاء فى تسريبات ويكيليكس عن طريق حركة 6 أبريل ونشطاء 6 أبريل ( أحمد صلاح وباسم فتحى ) من الفضائح ما يثير الاشمئزاز، ولعل شعار الحركة القبضة مأخوذ من نفس شعار حركة اتبورا من صربيا، وهو فى الأصل مأخوذ من حركة كاخ الإسرائيلية التى أسسها الزعيم الدينى مائير كاهانا وقتل فى نيويورك على يد عنصر من عناصر جماعة الجهاد، والذى حكم عليه بالسجن 30 عامًا.
أما الخيار الثانى والأقوى لتنفيذ هذا المخطط فكان تنظيم جماعة الإخوان، وقد بدأت الاتصالات بالجماعة كما جاء فى اعترافات عصام العريان منذ 1998 ، وقال: كنت ألتقى أنا والأستاذ مأمون الهضيبى بالسفير الأمريكى فى القاهرة فرانسيسكو، ثم توقفت اللقاءات بعد أحداث سبتمبر، ولقد أغضبت هذه اللقاءات الرئيس / حسنى مبارك، وقام بعمل قضية للإخوان سجن فيها عصام العريان وخيرت الشاطر وغيرهم، وحكم عليهم بالسجن 5 سنوات بتهمة (الاتصال بدولة أجنبية )، وفى السجن التقوا بالدكتور / سعد الدين إبراهيم؛ مدير مركز ابن خلدون القائم على المنحة الأمريكية، والدكتور سعد يحمل الجنسية الأمريكية، ويتزوج من أمريكية، ويعمل مدرسًا لعلم الاجتماع فى الجامعة الأمريكية، وبما أنه ناشط سياسى معارض لنظام مبارك تأتيه زيارات من شخصيات دبلوماسية ومنظمات حقوقية، وقد طلب الإخوان من سعد الدين إعادة فتح قنوات الاتصال مع الولايات المتحدة، ورغم عدم قناعة الدكتور سعد بالإخوان أو بتوجهات جماعة الإخوان وازداد بغضًا لهم عندما عاشرهم فى السجن وكشفهم على حقيقتهم، وأنهم جماعة انتهازية تتستر بالدين، إلا أن بغضه لمبارك كان أشد، وجعل يفتح لهم الأبواب المغلقة مع الإدارة الأمريكية، وبالفعل كانت تقارير المخابرات الأمريكية بأن الإخوان الأكثر عددًا بالنسبة للمعارضة المصرية، والأكثر تنظيمًا، ولهم أتباع وأنصار فى أكثر من 50 دولة، ولديهم بنية اقتصادية لا يستهان بها، ولديهم قدرة على توظيف الميديا الإعلامية، ومع استمرار الاتصالات أقنع الإخوان الإدارة الأمريكية بأنهم البديل الوحيد لنظام حسنى مبارك، ولديهم قدرة على إدارة الدولة، ولعل موقفهم من ثورة 25 يناير تغير من النقيض إلى النقيض، كما صرح د/ محمد مرسى بأن ثورة 25 يناير لعب عيال، والإخوان لا علاقة لهم بها، وكان كل مفاوضاتهم مع مدير المخابرات اللواء عمر سليمان أن يسمح لهم بعمل حزب سياسى، ولكنهم بعد أن تلقى مرسى مكالمة من أحمد عبد العاطى الإخوانى المقيم فى تركيا قرر الإخوان النزول إلى الشوارع واختطاف الثورة من الثوار الحقيقيين، وقد كشفت التحقيقات أن هذه المكالمة كانت بين السفير الأمريكى فى أنقرة ومحمد مرسى ممثل جماعة الإخوان، وأنه على الإخوان انتهاز الحدث واختطاف الثورة، وسوف يصلهم الدعم الأمريكى، وهو ما حدث، وقد اعترف ( جون كيرى ) وزير الخارجية الأمريكى أمام الكونجرس، بأن الإخوان قد خدعوا الولايات المتحدة عندما أقنعونا بأن لديهم القدرة على تسلم السلطة وإدارة شئون البلاد، وأننا طوال العام الذى حكم فيه الإخوان وجدنا سياستهم كارثية، سواء فى الداخل أو فى الخارج، وفشلوا فى إقناع المصريين بأنهم أجدر بالحكم من غيرهم، ولم يشعر الشعب المصرى بأى تغير، فضلًا عن فزع المعارضة المدنية عندما نجح الإخوان فى إحداث انقسام فى الشارع المصرى بين العلمانية والإسلاميين، فتم تقسيم الشارع بين مؤمن تابع للإخوان، وكافر رافض لحكم الإخوان – ثم قام الإخوان بالممارسات الخاطئة – كالإعلان الدستورى – وتحصين قرارات الرئيس، وتحصين الجمعية التأسيسية للدستور، وقتل المحتجين أمام مكتب الإرشاد باستخدام القناصة، وقتل المحتجين أمام قصر الاتحادية وتعذيبهم، ومعاداة كل التيارات السياسية بما فيها حزب النور عندما قال لهم محمد مرسى: أنا لن أنسى لكم تأييدكم لعبد المنعم أبو الفتوح فى الجولة الأولى فى الانتخابات، هذه الممارسات كانت خارج المتفق عليه، وأثارت حفيظة شعب ما زال فى حالة ثورة، فخرج على حكم الإخوان فى ثورة لهم يشهد قبلها التاريخ، وتمت الإطاحة بحكم الإخوان، وتبدد الحلم الأمريكي ليس فى مصر، ولكن في المنطقة العربية بأثرها، ولكن حاولت أمريكا الضغط على الثورة المصرية بمنع المعونات ووقف المساعدات العسكرية، ولكن وقوف الأشقاء العرب وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين بجانب الشعب المصري، وإدراكهم لحقيقة المخطط الذي يهدف لتدمير المنطقة باستخدام سلاح الإخوان جعل شعب مصر في غنًى عن المعونات الأمريكية، وسوف تدرك الإدارة الأمريكية أنها امتطت الحصان الخسران في السباق .