عقل محمد بن زايد
الخميس 12/مارس/2015 - 11:41 م
طباعة
يقولون «عصر الزعامات انتهى»، أقف كثيرًا عند هذه المقولة، لتثبت لى الأيام، عدم صدقها، فمع ظلمة الأحداث أحيانًا، يأبى الزمان إلا أن يشع بنوره بين الحين والآخر، لنجد شخصيات تبدد مخاوفنا، وتبعث فينا ـ نحن العرب والمصريين ـ الأمل من جديد، وتلك الزعامات لا تتكرر كثيرًا، ربما كل ربع أو نصف قرن.
واحد من هذه الشخصيات سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبو ظبى، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة. ابن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «الأب المؤسس» وأول رئيس لدولة الإمارات، وهو شقيق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات.
سجل حافل وشخصية متفردة
ولد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مدينة العين يوم ١١ مارس عام ١٩٦١، وهو الابن الثالث للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الرئيس المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة. وقد نشأ سموه تحت رعاية والده ووالدته سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك.
عند بلوغه الثامنة عشرة من عمره، أتم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سنواته الدراسية بين مدينتى العين وأبوظبى، حيث تدرج في المراحل الدراسية بمدارس الدولة والمملكة المتحدة.
يتولى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان العديد من المناصب منها: ولاية عهد إمارة أبوظبى في نوفمبر عام ٢٠٠٤. ثم أصبح سموه رئيسًا للمجلس التنفيذى للإمارة في ديسمبر عام ٢٠٠٤ أيضًا، ثم أصبح نائبًا للقائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية في يناير عام ٢٠٠٥.
وقد أُصقلت شخصية سمو الشيخ محمد بن زايد، من خلال تقلده عدة مناصب عسكرية، أهمها قائد القوات الجوية والدفاع الجوى، ثم نائبًا للرئيس، وعُين رئيسًا لأركان القوات المسلحة في ٣٠ ديسمبر ١٩٩٢، وقد رُقّى إلى رتبة فريق ركن طيار في ٢٤ يناير ١٩٩٤.
صدر مرسوم اتحادى في ٣٠ ديسمبر ٢٠٠٤ بتعيينه نائبًا للقائد الأعلى للقوات المسلحة، كما صدر مرسوم اتحادي بتاريخ ٢ يناير ٢٠٠٥ بترفيعه إلى رتبة فريق أول.
بالإضافة لمسئولياته العسكرية، فإن الشيخ محمد بن زايد، يقوم بمهام المستشار الرئيسى لرئيس الدولة في مجالات الأمن القومى، مساهم ومشارك دائم في المناقشات السياسية والتشريعية، وعضو نشط في المجلس الأعلى للبترول الذي يتمتع بسلطات واسعة في مجال البترول والطاقة. وكذلك رئيس شركة مبادلة وهو عضو مجلس إدارة جهاز أبو ظبى للاستثمار الذي يعتبر ثانى أكبر صندوق سيادى في العالم.
وكونه أحد أهم العقليات الاقتصادية في دولة الإمارات الشقيقة وصاحب رؤية تنموية كبرى، ترأس سموه العديد من المؤسسات مثل: مجلس أبوظبى للتعليم - سبتمبر عام ٢٠٠٥، وشركة مبادلة للتنمية ٢٠٠٢، وأيضًا مكتب برنامج التوازن الاقتصادى (الأوفست) لدولة الإمارات، كما يشغل سموه أيضًا عضوية المجلس الأعلى للبترول، وجهاز أبوظبى للاستثمار، اللذين يرأسهما صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات.
وساهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، في تطوير القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، من حيث التخطيط الإستراتيجي والتدريب والهيكل التنظيمى، وتعزيز القدرات الدفاعية للدولة، مستلهمًا توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة. وقد ساهمت توجيهاته المباشرة والقيادية، في جعل القوات المسلحة الإماراتية مؤسسة رائدة تحظى بتقدير عدد كبير من المؤسسات العسكرية الدولية.
وعلى غرار العديد من مواطنى دولة الإمارات، يهتم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بعدد من الألعاب الرياضية، ويحرص على الالتقاء بالرياضيين الإماراتيين من الجنسين للاستماع إلى آرائهم أو تكريمهم خاصة حين يتعلق الأمر بحصولهم على مراكز متقدمة في المحافل الدولية، وذلك تقديرًا لإنجازاتهم ونجاحاتهم.
حصل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على العديد من الشهادات والأوسمة والميداليات من دولة الإمارات، والعديد من الدول بما في ذلك سلطنة عمان، ومملكة البحرين، ودولة قطر، ودولة الكويت، والمملكة الأردنية، والمملكة المغربية، وماليزيا، وباكستان، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا، والصين، وكوريا الجنوبية، إضافة إلى الأمم المتحدة.
وتشمل هذه الجوائز والأوسمة:
■ وسام العرش من درجة ضابط، الذي منحه له الملك الراحل الحسن الثانى، ملك المغرب في يونيو عام ١٩٨٦.
■ وسام الاستحقاق، الذي منحه له الجنرال نورمان شوارزكوف، قائد القوات الأمريكية وقوات التحالف، في إبريل عام ١٩٩١ تقديرًا لدور سموه في حرب تحرير الكويت.
■ وسام الخدمة الممتازة، الذي منحه له رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإماراتية في مايو عام ١٩٩٢.
■ وسام الاستحقاق (درع رجل العام ١٩٩٣) في مجال التفوق العسكري، الذي منحته له مجلة «مانداى ماغازين» اللبنانية في مارس عام ١٩٩٤.
■ وسام الاستحقاق العسكري من الدرجة الممتازة، الذي منحه له الملك الراحل الحسن الثانى، ملك المغرب في إبريل عام ١٩٩٤.
■ وسام تحرير دولة الكويت من الدرجة الممتازة، الذي سلمه له في سبتمبر عام ١٩٩٤ إبراهيم عبدالله منصور، سفير الكويت لدى الدولة، وذلك تقديرًا للجهود والدور الذي لعبه سموه في حرب تحرير الكويت.
■ الوسام الأكبر للعلم الأصفر المتألق، الذي منحه له رئيس وزراء جمهورية الصين الشعبية، ليانغ تشنغ في سبتمبر عام ١٩٩٤.
■ وسام الكويت ذو الوشاح من الدرجة الممتازة، الذي منحه له المغفور له أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح في يونيو عام ١٩٩٥.
■ وسام النهضة من الدرجة الأولى، الذي منحه له الملك الراحل الحسين بن طلال، ملك الأردن في ديسمبر عام ١٩٩٦.
■ وسام النهضة من الدرجة الأولى، الذي منحه له العاهل الأردنى الملك عبد الله بن الحسين، ملك الأردن في يونيو عام ١٩٩٩.
■ وسام عُمان العسكري من الدرجة الثانية، والذي منحه له جلالة السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عُمان في فبراير عام ٢٠٠٠.
■ وسام الاستحقاق برتبة ضابط عظيم، الذي منحه له الرئيس الفرنسى جاك شيراك في يونيو عام ٢٠٠٢.
■ وشاح الاستقلال، الذي منحه له صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى، أمير دولة قطر في يناير عام ٢٠٠٥.
■ «رجل العام ٢٠٠٥» من قبل «أرابيان بيزنس ماغازين»، التي قدمها له سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ولى عهد دبى ووزير الدفاع الإماراتى آنذاك في نوفمبر عام ٢٠٠٥.
■ ميدالية الشرف الذهبية من المنظمة العالمية للأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، التي قدمها له الدكتور جاك ضيوف المدير العام للمنظمة في إبريل عام ٢٠٠٧.
■ ميدالية الشرف للأمن الغذائى من المنظمة العالمية للأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، وشهادة تقدير دولية من معهد اعتماد الممارسات البيئية، اللتان منحه إياهما جاك ضيوف المدير العام للمنظمة في سبتمبر عام ٢٠٠٨.
■ وسام القدس، الذي منحه له الرئيس الفلسطينى محمود عباس في أكتوبر عام ٢٠٠٨.
■ وسام الاستحقاق الفدرالى، الذي منحه له وزير الخارجية الألمانى الدكتور فرانك والتر شتاينماير في أكتوبر عام ٢٠٠٨.
■ وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة الذي منحه له جلالة خوان كارلوس ملك إسبانيا في مايو عام ٢٠٠٨.
■ الوسام الذهبى لمؤسسة قرى الأطفال العالمية في مارس عام ٢٠٠٩.
■ وسام الفارس الكبير برتبة «تون»، الذي منحه جلالة الملك الواثق بالله تنكو ميزان زين العابدين ملك ماليزيا في ١٧ يونيو ٢٠١١ والذي يعد أرفع وسام في ماليزيا.
■ وسام «غوا نغهوا» الذي يقدم إلى أولياء العهود ورؤساء الحكومات، منحه له الرئيس الكورى لى ميونج باك في ٢١ نوفمبر ٢٠١٢.
■ وسام الاستحقاق الوطنى الذي منحه له الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند في ١٥ يناير ٢٠١٣.
■ قلادة حكيم العرب الذهبية من الدرجة الأولى في ٢٠١٥، من مجلس الوحدة الإعلامية العربية، كونه أبرز القيادات العربية السياسية الفاعلة والمؤثرة في المنطقة العربية والعالم.
ومع ثقل العبء والمسئوليات، فإن لسمو الشيخ محمد بن زايد اهتمامات روحية وتكوينية؛ فيعرف عن صاحب السمو شغفه بالصيد والصيد بالصقور (القنص)، الذي ورثه عن والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. كما يهتم سموه بالشعر اهتمامًا كبيرًا، خاصة الشعر النبطى، حيث يحرص بشكل متواصل على توفير الدعم للمسابقات الشعرية وغيرها من المناسبات والفعّاليات الثقافية، وذلك من خلال رعايته لها وحضوره بشكل شخصى لعدد كبير منها. إضافة إلى ذلك يحرص سموه دائمًا على تأكيد التزامه بالأنشطة الثقافية، والمبادرات المبتكرة للمجتمع المحلى في المجالين الفنى والأدبى.
تم اختيار محمد بن زايد أفضل شخصية رياضية عربية لعام ٢٠٠٣ في استفتاء شارك فيه أكثر من ٧٠٠ إعلامي، نظمته قناة المحور الفضائية المصرية، فاز فيه محمد بن زايد باللقب بحصوله على ٧٥٪ من مجموع الأصوات، كما أنه يتولى منصب رئيس نادي العين، رئيس مجلس الشرف العيناوى.
مهندس التنمية الشاملة
أدرك سمو الشيخ محمد مبكرًا أولويات بلاده التي تتركز على التعليم والصحة والابتكار والتنوع الاقتصادى والأمن. معتمدًا على التنمية البشرية والاستثمار في المواطن الإماراتى الثروة الحقيقية للوطن، متجنبًا كل معايير الفساد والمحسوبية، الكفاءة والقدرات هي المعيار الوحيد، استنادًا لرؤية وطنية تعلى من الصالح العام وتقدم الوطن، ويكفى أن نذكر هنا أن ذلك انعكس في سلوك المواطنين، عندما أدركوا عظم قدر ورقى من يقوم على أمرهم، فبعض أبناء وبنات الإمارات ممن رفضوا الاستفادة من القانون الذي يعفيهم من الخدمة الوطنية، بحكم أن كلًا منهم هو الابن الوحيد لعائلته، بادروا بالتقدم للخدمة الوطنية، وهو ما يؤكد وفاء أبناء الوطن، وعدم تأثرهم سلبًا بحياة الرفاهية، فقد كان دافعًا للتقدم وخدمة الوطن.
ويرى الشيخ محمد بن زايد أن الركيزة الأساسية للإمارات هي الوحدة، التي هي مصدر بقاء الوطن وقوته، وأساس تماسك المجتمع الإماراتى وثروته الحقيقية.
ماضٍ ملهم.. حاضر قوى.. مستقبل واعد
يتبنى سمو الشيخ محمد رؤية ثلاثية تعتمد على محاور عدة من الماضى الملهم، والحاضر القوى، والمستقبل الواعد. فهو يعمد إلى ربط الماضى مع الحاضر والمستقبل بصورة واقعية إلى حد كبير، وهو ما وضح جليًا في كلمته أمام القمة الحكومية في فبراير ٢٠١٥. وبعيدًا عن الشعارات التي لا تجدى نفعًا، فقد أبدى احترامه للماضى، حينما استعاد واقعة تاريخية، مشيرًا إلى أن أحد الصحفيين قال للأب المؤسس الشيخ زايد إنه يدلل شعبه بصورة لافتة، فما كان منه إلا أن قال للصحفى إن هناك فارقًا كبيرًا بين «الدلع» و«الواجب»، وكل ما يفعله تجاه شعبه هو واجب. ففى منتصف السبعينيات شارك في إنشاء جهاز الاستثمار، والآن يعد أهم جهاز استثمار بالعالم.
لم يكتف الشيخ محمد بن زايد بالربط بين الماضى والحاضر، بل عرج إلى المستقبل، وماذا سيكون وضع الإمارات بعد نهاية عصر النفط، وقلة موارد الطاقة، التي هي عماد الاقتصاد حاليًا، حيث أشار إلى أن رهان المستقبل ليس نفطًا، بل شباب يتلقى أفضل تعليم، وكشف عن بدء الإمارات في مشاريع الطاقة النووية النظيفة.
ويظهر ولى عهد أبو ظبى عميق الاحترام للمرأة ودورها في التنمية، وتأكيده أن الإماراتيات شريكات في بناء الوطن، كاشفًا عن أنهن يشكلن ٨٣٪ من إجمالى العاملات في مصنع هياكل الطائرات الإماراتى، والذي ينتج مكونات حيوية لطائرات بوينج وإيرباص.
مجلس محمد بن زايد
مجلس محمد بن زايد، هو مجلس سنوى يستضيف نخبة من العلماء ورجال الدين والمفكرين والمثقفين والخبراء والمبدعين، من مختلف بلدان العالم، لطرح آرائهم وتجاربهم النظرية والعلمية والتطبيقية، حول مختلف المواضيع العامة والقضايا الحيوية ذات الصلة بتطورات العصر، ومتطلباته واستشراف آفاق المستقبل في رحاب مجلس عامر أضحى ملتقى فكريًا لمختلف وجهات النظر، وتبنى الحوار وتبادل الرأى لغة للحضارة وسمو الهدف، وقد أسعدنى الحظ، وكنت ضيفًا على هذا المجلس عام ٢٠٠٨ حيث قدمت محاضرة تحت عنوان «الإخوان في ثمانين عامًا».
ويعد مجلس محمد بن زايد تجربة فريدة من نوعها في الاستفادة من دور مراكز الفكر والمتخصصين والباحثين والمفكرين في تحقيق التنمية، ويأتى إيمانًا بأهمية التحاور وتفهم وجهة نظر الآخر، وارتقاءً بهذا الحوار إلى ما يخدم أغراضه وغاياته، وترسيخًا للمفاهيم الراقية في تبادل الآراء والأفكار من أجل إثراء النقاش وإغناء المعرفة وصولًا لتحقيق فهم أعمق وإيجاد حلول أفضل تجاه شتى القضايا التي تمس مستقبل المجتمعات وحياة الإنسان.
التطوير الاقتصادي
يُعتبر التنوع الاقتصادى من المسائل الرئيسية التي تحظى باهتمام سمو الشيخ محمد بن زايد ضمن الجهود التي يبذلها لتحقيق النهوض الشامل بإمارة أبوظبى. ويشغل سمو الشيخ محمد بن زايد منصب رئيس مجموعة أوفسيت (برنامج التوازن الاقتصادي)، التي تعمل على تنفيذ الاستثمارات من خلال إقامة مشاريع ذات جدوى في مختلف القطاعات، والتي تساعد على تنوع اقتصاد الإمارات العربية المتحدة. ومن أجل تحقيق هذا التنوع، تأسست شركة مبادلة للتنمية في عام ٢٠٠٢ لتكون إحدي الأذرع الاستثمارية الرئيسية لحكومة إمارة أبوظبى، وتسعى إلى تحقيق منافع اجتماعية واقتصادية مستدامة للإمارة.
الأبحاث والتعليم
«لابد أن نركز في تعليمنا على مدى الـ٢٥ عامًا المقبلة، وإعطاء الأولوية للاهتمام بالموارد البشرية وتعليمها وصحتها»..هذه المقولة تعكس ملخص رؤية سمو الشيخ محمد للتعليم، فتعتبر التربية والتعليم من أولوياته الأساسية سواءً التعليم العام والخاص من المرحلة التأسيسية إلى المرحلة الثانوية أو التعليم العالى، حيث يشغل سموه منصب رئيس مجلس أبوظبى للتعليم الذي تأسس عام ٢٠٠٥.
وعُرف عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بذله الكثير من الجهود لتعزيز المعايير التعليمية في إمارة أبوظبى للوصول بها إلى أفضل وأرقى المستويات والمعايير الدولية. ومنذ تولى سموه، المسئولية، عمل بلا كلل لإقامة شراكات مع المؤسسات التعليمية، والمراكز الفكرية المرموقة عالميًا، والتي أعلن عن قيام عدد منها في أبوظبى، أو تم الانضمام إلى مشاريع مشتركة إستراتيجية مع المؤسسات الأكاديمية المتواجدة في أبوظبى.
ويقوم مجلس أبوظبى للتعليم، منذ تأسيسه، بالإشراف على قطاع التعليم في الإمارة وتطويره مستعينًا بإجراء الدراسات، وتفعيل مشاركة الطلاب وأولياء الأمور في عمليات التقييم والتواصل مع المؤسسات التعليمية الدولية من أجل تبادل المبادرات المبتكرة الرامية إلى تطوير القطاع التعليمى. كما يرأس سموه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، والذي يشرف على نشر دراسات وتحليلات أكاديمية مهمة تتعلق بمواضيع تهم دولة الإمارات والمنطقة.
حماية البيئة
يُعرف عن سمو الشيخ محمد بن زايد اهتمامه الكبير بحماية الصقور والحبارى البرية، والمها العربية وإثراء الطبيعة في دولة الإمارات والعالم، وهو ما ينعكس من خلال تأسيس ورئاسة سموه لصندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية، ورئاسته الفخرية لهيئة البيئة في أبوظبى. ويحمله شغفه بتربية الصقور إلى تركيزه على حمايتها والمحافظة عليها إلى جانب حماية الأنواع الأخرى المهددة بالانقراض إضافة إلى النباتات. وقد عُرف عن سموه اهتمامه الكبير بحيوانات شبه الجزيرة العربية وخاصة المها العربية والحبارى. وأدت جهود سموه في مجال المحافظة على الطبيعة إلى تبنى مشاريع الطاقة البديلة لا سيما مدينة «مصدر» في أبوظبى وهى مبادرة لإنشاء مدينة خالية من النفايات والانبعاثات الكربونية والتي ستمكّن أبوظبى من تبوُّأ الصدارة العالمية في مجالات أبحاث وتطوير الطاقة المتجددة والتقنيات المستدامة.
عدو الإخوان
بعد ما عُرف بـ«الربيع العربي» وصعود جماعات الإسلام السياسي، وتحديدًا جماعة الإخوان المسلمين، للحكم في مصر وتونس وليبيا.. إلخ، وفى أوج قوتهم وما أبدته بعض النظم والشخصيات من تخاذل وتواؤم معهم، وقفت دولة الإمارات وسمو الشيخ محمد بن زايد موقفًا مشرفًا تجاه تلك الجماعات من خلال إدراكه لنواياهم ومخططاتهم الخبيثة، كونهم أدوات الاستعمار الجديدة، وجزءًا من مخطط هدم النظم العربية للاستيلاء على ثرواتها، وهدم جيوشها، صمام الأمان للمنطقة. فلقد كان شديد الرفض للتعامل مع مكتب الإرشاد والمهندس خيرت الشاطر وأعضاء الجماعة، إدراكًا منه بأن مصر التي يعرفها ويعشقها تم اختطافها بأيدى هؤلاء. وشهدت العلاقات بين الإمارات ومصر فتورًا شديدًا حتى تخلصت مصر من أزمتها واستعادت نفسها.
إن إدراك سمو الشيخ محمد بن زايد لتلك المؤامرة، والوقوف بشدة أمام المخططات الهادفة لتقسيم المنطقة، ومساعدة شعوب الدول العربية، نابع بالأساس من عمق الشخصية التي أصقلت بالعلوم العسكرية والإستراتيجية، فقد تخرَّج صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في أكاديمية ساند هيرست الملكية العسكرية عام ١٩٧٩. واشتمل تدريب سموه العسكري على دورة دروع تأسيسية ودورة طيران تأسيسية والطائرات العمودية وطيران تكتيكى ودورة مظليين. كما يتمتع سموه بخبرة في قيادة فصيلة دروع وسرب طائرات غزال العمودية وقيادة مدرسة الطيران وقيادة الكلية الجوية. وقد تولى سمو الشيخ محمد منصبى قائد القوات الجوية والدفاع الجوى ونائب رئيس أركان القوات المسلحة، وذلك قبل أن يصبح رئيسًا لأركان القوات المسلحة الإماراتية في عام ١٩٩٣ ومن ثم تقلد رتبة الفريق بعد سنة من تاريخه. وبعد وفاة والده المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه في عام ٢٠٠٤ وانتخاب شقيقه الأكبر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيسًا لدولة الإمارات العربية المتحدة، تولى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في يناير ٢٠٠٥ منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، كما تم ترفيعه إلى رتبة فريق أول. ثم تدرج إلى عدة مناصب عليا حتى وصل إلى منصبه الحالى نائبًا للقائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
عاشق مصر الأول
غريبة هي العلاقة الروحية، والامتزاج بين مكونات الشخصية المصرية والإماراتية للشعبين، علاقة حب وود قلما نجدها في شعوب العالم والمنطقة، وعند الحديث عن حب مصر، فلا بد أن نذكر مواقف سمو الشيخ محمد بن زايد الذي أكدت كل مواقفه عن عمق حبه وعشقه لمصر، في مواقفه السياسية، ومواقف الدعم والوقوف بجانب الاقتصاد المصرى، وليس المؤتمر الاقتصادى منا ببعيد، بالإضافة لمواقفه الإنسانية. تظل تصريحاته وكلماته شاهدة على ذلك حينما أكد أكثر من مرة، أن الإمارات ستظل على عهدها وفية لمصر وسندًا قويًا لها، وعن حبه للمصريين، ونظرته لمصر باعتبارها العمود الفقرى، ولهذا سنقف بجانبها حتى تقف على قدميها، وتعود لمكانتها.
إن إستراتيجية الإمارات تجاه مصر تنعكس في كلمات سمو الشيخ محمد بن زايد التي تعبر عن نفسها في أكثر من مناسبة: «العلاقات مع مصر تاريخية وإستراتيجية وتحظى بدعم ومتابعة من قبل رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وفق النهج الذي أسسه الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في الوقوف بجانب الأشقاء في مصر في مختلف الأوقات وجميع الظروف..إن رؤية القيادة في دولة الإمارات نحو مصر الشقيقة تتركز في تحقيق الشعب المصرى لطموحاته وتطلعاته الوطنية ومواصلة بناء مستقبل وطنه وتحقيق الاستقرار والتنمية في كل ربوع أرض الكنانة.. إن دولة الإمارات ماضية في دعم مصر خلال المرحلة المقبلة، لترسيخ ركائز الاستقرار وتعزيز مقومات النمو والتطور لمواجهة مختلف التحديات، بما يكفل تحقيق الطموحات والتطلعات التي يصبو إليها الشعب المصري».
وتأكيدًا على مسيرة الدعم وتنمية مصر، تأتى زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للقاهرة قبل المؤتمر الاقتصادى بيومين بهدف التنسيق مع مصر بشأن الدور الإماراتى في المؤتمر الاقتصادى وما بعده، وتأكيدًا لوقوف دولة الإمارات إلى جوار مصر في الظروف الذي تمر بها، وفى إطار ثوابت الإمارات العروبية التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان بضرورة مؤازرة الأشقاء في كل الظروف.
وبتوجيهات من سمو الشيخ محمد بن زايد، يشارك في المؤتمر الاقتصادى من الجانب الإماراتى بنك الإمارات دبى الوطنى، وكبرى الشركات الإماراتية ومنها مجموعة الفطيم، التي أعلنت أنها خصصت نحو ٤.٣ مليار جنيه من ميزانية هذا العام، لتنفيذ مشروعات في مصر. وشركة «كيه بى بي»، التي تعتزم استثمار ملياري دولار في قطاعات رئيسية في الاقتصاد المصرى.
أخيرًا، أريد أن أؤكد أن أزمة البلدان العربية تتمثل في ندرة العقول، رغم كثرتها، إننا بحاجة شديدة وملحة إلى أكثر من عقل مثل سمو الشيخ محمد بن زايد، عقل البناء والتنمية والتخطيط الإستراتيجي، عقل يخاطب الداخل والإقليم والعالم، ويوازن بين المصالح الوطنية والواجبات العربية. بارك الله خطاك وحفظك سمو الشيخ.. لقد عشقت مصر بكل جوارحك ولا أنسى لكم مقولتكم الشهيرة «إذا سقطت مصر سقط العرب».. مصر كلها يا سمو الشيخ تبادلك حبًا بحب.