الحوار.. الحل الأمثل لمواجهة الإرهاب في ليبيا

الأحد 15/مارس/2015 - 12:54 م
طباعة الحوار.. الحل الأمثل
 
أصبحت الأزمة الليبية الحديث اليومي لدى العديد من الدول العربية والأوروبية، فمع التطورات التي تشهدها البلاد وانتشار الجماعات المسلحة في أنحاء المناطق المختلفة يوما بعد الآخر، بدأت دول الجوار تتخذ الحذر، وبالأخص المغرب والجزائر، والتي تهدد الميليشيات المنتشرة في ليبيا حدودهما.
العديد من المحللين يرون أنه لا بديل للأزمة الحالية سوى الحوار، الذي فشل أكثر من مرة، فقد أصبح الأمر شبه معقد مع توالي انعقاد الحوارات دون حل للوضع الحرج التي تشهده ليبيا.

لا بديل عن الحوار

لا بديل عن الحوار
من جانبه أكد الوزير المنتدب المكلف الشئون المغاربية والإفريقية، عبد القادر مساهل، مساء أمس السبت في الجزائر، أن تسوية الأزمة الليبية يجب أن تمر عبر الحوار وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأوضح مساهل في تصريحات نشرتها قناة التلفزيون الوطنية "كنال ألجيري" أنه لا بديل عن خيار الحوار والحل السياسي في ليبيا، مؤكدا ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية، حسب وكالة الأنباء الليبية، مشيرًا إلى أن إنشاء حكومة وحدة وطنية قوية وقادرة على دفع ليبيا نحو الخروج من الأزمة يكتسي أيضًا بالأهمية؛ للمضي قدمًا نحو إعادة بناء مؤسساتها وجيشها.
كان الحوار الليبي انعقد في الجزائر الأسبوع الماضي، واختتم بإصدار بيان أكد على احترام العملية السياسية المبنية على مبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، ودعم الحوار الجاري برعاية الأمم المتحدة لتشكيل حكومة كفاءات توافقية وترتيبات أمنية تضمن وقفا دائما لإطلاق النار وصولا إلى بناء الأجهزة الأمنية.
وانطلق الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة في ليبيا وتدعمه الدول الغربية؛ إذ يتقاسم السلطة في البلاد حكومتان وبرلمانان وقوتان مسلحتان، تسعى كل منها لفرض إرادتها بالقوة، وتحول الخلاف حول مشروع التغيير وبناء الدولة إلى استقطاب قبلي وجهوي وأيديولوجي يهدد اللُّحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي.
ويسعى مبعوث الأمم المتحدة لليبيا، برناردينو ليون، لدفع الأطراف المتصارعة إلى طاولة التفاوض أملًا في تخليها عن خيارها العسكري لصالح تفاهمات سياسية تنهي الصراع الدائر.

تصورات لحل الأزمة

تصورات لحل الأزمة
وكانت عدة دول غربية أصدرت عدة بيانات جماعية حول تصورها لحل الأزمة، يطالب ليون الأطراف المتنازعة بالاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية تُمنح تفويضًا لتسيير البلاد، إلى أن يتم إقرار الدستور والعودة للمسار الديمقراطي عبر انتخابات برلمانية ورئاسية.
دعا ليون عمداء البلديات المنتخبين وزعماء قبائل وقادة عسكريين ورؤساء أحزاب وحتى شخصيات مستقلة للمشاركة في الحوار دون أن يتضح الدور المنوط بهم، وإذا ما كانوا سيدلون بدلوهم في آلية اختيار رئيس الوزراء، أو أنهم سيتحاورون حول قضايا وملفات خارج صلاحيات الحكومة المرتقبة تُعتبر محل نزاع، وفي مقدمتها: خارطة الطريق ووضع الثوار وقانون العزل السياسي والمصالحة الوطنية.
من جهة أخرى، يتخذ عدد من أعضاء المؤتمر الوطني العام اتجاهًا بعيدًا عن أغلبية الأعضاء، وذلك بعدم التشبث بشروطهم، ويشاركهم في هذا بعض أعضاء البرلمان الذين قاطعوا جلسات طبرق، لكنهم شاركوا في أولى جلسات الحوار في غدامس في أكتوبر الماضي 2014.

الإخوان تتهم "قذاف الدم"

الإخوان تتهم قذاف
من جانبه قال عمر الحاسي رئيس حكومة الإنقاذ الوطني في طرابلس، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين: إن المجموعات المسلحة التي تقاتل في مدينة سرت مدعومة من المسئول السابق بنظام معمر القذافي أحمد قذاف الدم.
وأوضح الحاسي أن مجموعات لا انتماء دينيا لها، وإنما هي مجموعات مدعومة من أحمد قذاف الدم تقاتل الثوار المكلفين بتحرير الحقول النفطية.
 ولا تعد هذه المرة الأولى التي يتهم فيها الحاسي مسئولين بالنظام الليبي السابق بدعم المجموعات المسلحة والمتشددة في مدن ليبية، ومن بينهم أحمد قذاف الدم، المقيم حاليا بمصر هو ابن عم الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، كما كان أحد أركان نظامه، وتولى مسئولية منسق العلاقات المصرية الليبية.
الحاسي قال: إن المجموعات المسلحة لا تقاتل اللواء خليفة حفتر الذي أدى اليمين الدستورية منذ أيام قائدا للجيش الليبي، أمام مجلس النواب المنعقد في طبرق، وإنما تحارب الثوار محاولة ضربهم من الخلف، وهو دليل على عدائهم للثورة والثوار.

التوافق بين القبائل هو الحل

التوافق بين القبائل
على الرغم من مساعي "لم الشمل" بين الأطراف المتنازعة، فإن الاختلاف داخل مكونات كل طرف حول الحوار من أكبر التحديات أمام تحقيق أي تقدم في هذا الاتجاه، ولأن استراتيجية الطرفين لا تزال عسكرية وقائمة على الرهان بقوة على تحقيق انتصارات على الأرض خصوصًا مع بلوغ الطرفين نقطة حرجة.
يرى مراقبون أن هناك عدة عوامل تساعد في فرص نجاح الحوار، منها التداعيات السلبية للنزاع على الرأي العام، والذي برغم انقسامه ومناصرته للأطراف المتصارعة، إلا أن طول أمد الحرب وآثارها الخطيرة قلَّل من حماسه وعظَّم من رغبته في نجاح الحوار.
ويتوقع محللون أن السيناريو الأقرب لنجاح الحوار، هو التوافق بين القبائل والمناطق، إذ في حال توافقت القبائل والمناطق ستصبح قادرة على فرض قيود على الجبهتين العسكريتين للتوقف والخضوع لبنود توافقها، غير أن الشقاق الحاد بين القبائل والمناطق، وتورط العديد منها في الصراع المسلح يقلِّل من فرص تفعيل هذا العام.

دور الأطراف الدولية

دور الأطراف الدولية
العديد من المعنيين بالشأن الليبي وملف الحوار، يرون أن سبل نجاح الحوار يعتمد على جدية الأطراف الدولية في ذلك؛ لقدرتها على ممارسة ضغوط على كافة الأطراف المحلية والإقليمية التي تحول بشكل غير مباشر دون تقدمه. 
ويقول خبراء إن الأطراف الدولية المهتمة بالشأن الليبي قد تزاحمت لديها الملفات، وفي مقدمتها ملف تنظيم الدولة في العراق وسوريا، وملف روسيا وأوكرانيا، وملف إيران، فإنها قد لا تحقق نتائج إيجابية للحوار في المدى القصير؛ بسبب ما تشهده الدول العربية من نزاعات وصراعات كما يحدث في اليمن الآن.
ويرى الخبراء، أن الأزمة الليبية حال خروجها من السيطرة وتتهديدها الأمن في جنوب المتوسط، وتوفيرها فرصة لتنامي الجماعات الجهادية، فإن القوى الكبرى في مجلس الأمن ستضعها مجددًا ضمن أولوياتها، وقد تتوافق على إصدار عدة بيانات تخص الأزمة الليبية وتلوح بالعقوبات فتدفع الأطراف المتنازعة للتفاهم.
من المشهد الحالي يتضح أن الخلافات بين الأطراف المعنية بالحوار كبيرة وتفوق عوامل التقارب، وأنه لا وجود لمؤشرات تعكس رغبة وحرص الطرفين على إنجاح الحوار، وكلما أبدى بعض المنتسبين لكلا الطرفين حرصه على الحوار يقع نزاع داخل معسكر كل طرف يغير من مسار الحوار الذي لم ينطلق بشكل جدي بعد.

شارك