باحثة أمريكية تحلل خُطط "الخليج" في مواجهة "داعش"
الأربعاء 12/أغسطس/2015 - 10:12 م
طباعة

تتزايد خطورة تنظيم داعش وتهديده لدول الخليج بصورة مقلقه وخاصة بعد التفجيرات المتتالية للمساجد في السعودية كما سبق وتم تفجير مسجد بالكويت و عمليات اعتقال متصلة بـ «داعش» جرت في ثلاثٍ من دول «مجلس التعاون الخليجي» هي: الإمارات العربية المتّحدة التي كشفت أنّها في صدد محاكمة 41 شخصاً بتهمة محاولة تأسيس "خلافةٍ" شبيهة بـ تنظيم «داعش» في البلاد؛ والكويت، التي كشفت أنّها ألقت القبض على أربعة أشخاصٍ ينتمون إلى خلية تابعة لـ تنظيم «داعش»؛ والمملكة العربية السعودية التي أعلنت أنّها اعتقلت 431 شخصاً مرتبطين بـ تنظيم «داعش».وفي زيارته الأخيرة للخليج التقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظرائه في دول «مجلس التعاون الخليجي» في قطر في الثالث من أغسطس تمت مناقشة كيفية محاربة تنظيم «داعش» .
من هنا تأتي أهمية التقرير الذي كتبته الباحثة لوري بلوتكين بوغارت المتخصصة في برنامج سياسة الخليج في معهد واشنطن لسياسيات الشرق الأدني حول كيفية محاربة دول الخليج لتنظيم داعش و جاء فيه ان هذا التنظيم الارهابي يمثل تحديًا متناميًا لدول الخليج يحتاج الى جانب الجهود الأمنية تضافرًا فكريًا وإعلاميًا وتعليميًا يتحدى الفكر الطائفي
السعودية هدفا

تقول لوري إن السعودية تشكل هدفاً رئيسياً لـ تنظيم «داعش»، وتنظر المملكة إلى استراتيجيتي التجنيد والتخطيط الإرهابي المتطوّرتين اللتين يعتمدهما التنظيم بأنهما تشكلان تحدّياً متنامياً. وقد عمل معتقلون كثيرون على ما يبدو في الخلايا المتخصّصة بوظائف منفصلة، بما فيها المراقبة وصنع المتفجّرات وإعداد الانتحاريّين، بينما تُّشكّل استراتيجيات وسائل التواصل الاجتماعي المتطوّرة للغاية، والتي تهدف إلى تجنيد هؤلاء العناصر، مصدرَ قلقٍ خاصّ.
ويناهز عدد الاعتقالات المتعلقة بالإرهاب في السعودية خلال الثمانية عشر شهراً المنصرمة 900 حالة، ترتبط أغلبيتها بـ تنظيم «داعش». ومن المرجّح أن يتضاعف هذا الرقم، حيث اعتقلت الرياض، في أعقاب الهجمات الضخمة التي شنّها تنظيم «القاعدة» في المملكة ابتداءً من عام 2003، أكثر من 11 ألف شخص من الإرهابيين المشتبه بهم خلال السنوات العديدة التي تلت الاعتداءات. أمّا المعتقلون سابقاً بتهم الإرهاب، فقد شكّلوا نسبةً مهمّة من المعتقلين في الآونة الأخيرة. على سبيل المثال، إن أكثر من نصف الأشخاص الذين أُلقي القبض عليهم خلال عمليات الاعتقال الكبرى التي أُعلن عنها في مايو وسبتمبر ونوفمبر 2014، كانوا قد اعتلقوا سابقاً (وتمت أحياناً محاكمتهم وإدانتهم وسجنهم) بتهمٍ تتعلّق بالإرهاب.وفي غضون ذلك، تعتبر دول «مجلس التعاون الخليجي» الأخرى أنّ شبكات تنظيم «داعش» في السعودية تشكّل تهديداً يطال سائر الخليج. فقد أظهر تفجير يونيو، الذي استهدف مسجد الإمام الصادق في الكويت وأودى بحياة أكثر من سبعة وعشرين مصلّياً شيعياً وخلّف أكثر من 200 جريحٍ، الطابع العابر للحدود الذي يتّسم به هذا التهديد، ويُشار إلى أنّ الهجوم شنّه انتحاري سعودي كان قد سافَر من المملكة إلى البحرين قبل يومٍ من وقوع الاعتداء، ومن ثمّ إلى الكويت في اليوم التالي. أمّا المتفجّرات التي استخدمها، فمن المحتمل أنّ مصدرها من البحرين وأنّها لم تصل بالطائرة مع الانتحاري، بل بشكل منفصل عن طريق البر. ويعتقد المسؤولون المحليون أنّ شبكةٌ ضمّت كويتيين وسعوديين وباكستانيين وأشخاصاً عديمي الجنسية هي التي ساعدت الانتحاري. ومنذ ذلك الحين، رفضت السطات الكويتية دخول بعض المسافرين السعوديين بسبب المخاوف الأمنية.
جماعات أخرى
وتري لوري ان دول الخليج تعتبر أنّ التهديد الإرهابي الذي يطرحه المتشددون السنّة المتطرفون يتجاوز تنظيم «داعش»، ويشمل جماعات جهادية أخرى كـ «جبهة النصرة» التي تدور في فلك تنظيم "القاعدة" في سوريا. وكما هو الحال مع تنظيم «داعش »، فإن مصدر القلق الأساسي من «جبهة النصرة» هو أن انخراط المواطن الخليجي مع التنظيم في الخارج يمكن أن يؤدّي إلى قيام أنشطةٍ مناهضة للدولة في الداخل.
بالإضافة إلى ذلك، لا تزال السعودية والإمارات تُحظّران الانتماء إلى «جبهة النصرة» أو تقديم الدعم لها. وقد اعتقل كلا البلدين منتسبين إلى «النصرة»، وأدانا بعضهم في محكمتَي الأمن القومي، وهما "المحكمة الجزائية المتخصّصة" في السعودية و"دائرة أمن الدولة" في "المحكمة الاتحادية العليا" في الإمارات. وكانت الرياض قد سجنت العديد من المواطنين السعوديين في سبتمبر 2014، لقتالهم إلى جانب التنظيم. كما أدانت الإمارات العربية المتّحدة سبعة أشخاص في يونيو 2014 بتهمة دعم «جبهة النصرة»، وأحد عشر شخصاً آخر في ديسمبر بتهمة دعم «النصرة» وتنظيمٍ إسلامي سوري آخر يُدعى «أحرار الشام». وحالياً هناك إماراتي واحد قيد المحاكمة - التي هي الثالثة من نوعها - لانضمامه إلى «جبهة النصرة» في سوريا.
قاعدة اليمن
وتستمرّ دول الخليج أيضاً في النظر إلى تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، الذي يتّخذ من اليمن مقرّاً له، باعتباره تهديداً إرهابياً يحدق بها. وكانت عمليات الاعتقال السعودية قد طالت المنتسبين إلى التنظيم، قبل الهجوم الذي وقع في يوليو 2014 وبعده، والذي استهدفت فيه الجماعة الإرهابية نقطة تفتيش سعودية وبلدةً حدودية بالقرب من اليمن، مما أسفر عن مقتل أربعة ضبّاط سعوديين، وقد أعلنت الرياض أنّ عدداً من المشتبه بهم الكثيرين المعتَقَلين في الآونة الأخيرة كانوا ينسّقون مع عناصر مطلوبة في اليمن (يُفترض أنّها تنتمي إلى تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب») لإجراء عمليات ودورات تدريب في مدينة الشرورة وحولها. يُشار إلى أنّ التنظيم الإرهابي كان مسؤولاً عن محاولة اغتيال في عام 2009، كانت تستهدف مساعد وزير الداخلية آنذاك محمد بن نايف، الذي تم تعيينه في وقت لاحق وليّاً للعهد.
عندما يراقب المرء نهج المملكة الآخذ في التطوّر تجاه هذه الجماعات في سوريا واليمن، من المهم أن يأخذ في الاعتبار نظرة السعودية إلى الجماعات التابعة لـ تنظيم «القاعدة» كونها تشكل تهديداً خطيراً يحيق بالأمن الداخلي. إن أفضل طريقة لفهم قبول الرياض الواضح بالتنسيق بين «جبهة النصرة» وفصائل المتمرّدين المعتدلين في «الجيش السوري الحرّ» (الذين تدعمهم السعودية) هو اعتبار هذا القبول بمثابة خطوةً مؤقتة وبغيضة للمساعدة في هزيمة نظام الأسد. وبالمثل، إن تسامح رياض الحالي مع تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» في اليمن، يُحتمل أن يكون قراراً تكتيكياً للمساعدة في كسب الحرب ضدّ العدوّ الرئيسي في البلاد بالدرجة الأولى، أي الحوثيين المدعومين من إيران. وعلى الرغم من أنّ بعض المسؤولين الخليجيين يدركون مخاطر هذه السياسات، إلّا أنّ القلق من أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في العالم العربي تطغى على مخاوف جديّة أخرى.
محاربة الطائفية
يوازن كلّ حليفٍ خليجي ردّه على التهديد، الذي يفرضه المتشدّدون السنّة في الداخل، مع حسابات الأمن المحلّية الأخرى. ففي بعض الحالات، يشمل ذلك الاستمرار في معاقبة الأجندة الطائفية المقيتة التي يعتمدها المعلّمون ورجال الدين ووسائل الإعلام. ويخشى المسؤولون في «مجلس التعاون الخليجي» أن يؤدّي تركيز تنظيم «داعش» على الأهداف الشيعية إلى إثارة النعرات الطائفية، لكنّ السماح للفاعلين المحليين بأن تصدح أصواتهم خدمةً لأجنداتهم التقسيمية الخاصّة لن يؤدّي إلّا إلى تغذية جماعات كـ تنظيم «داعش». ولا تزال فجوةٌ كبيرة قائمةً بين التدابير الأمنية الليّنة من جهة، والتي تعتقد واشنطن أنّ حكومات الخليج ينبغي أن تعتمدها، وتلك التي تحسَب معظم الأسر الحاكمة أنّها الأفضل لصون أمنها الخاصّ من جهة أخرى.
أمّا على المستوى الإقليمي، فتُوفّر المخاوف المتزايدة بشأن المتشدّدين السنّة المتطرفين في الخليج فرصاً جديدة للتعاون بين واشنطن وحلفائها في «مجلس التعاون الخليجي»، لذلك ينبغي طرح السؤال الأساسي الآتي: نظراً إلى الواقع السياسي في دول الخليج، كيف يمكن تعميق التعاون القائم من أجل تحقيق الأهداف المشتركة؟