باحث أمريكي: التحدي الحقيقي لحزب النور مع الناخبين.. كيف يوفر حزب السلفية الجهادية الأمن؟

الثلاثاء 29/سبتمبر/2015 - 12:47 م
طباعة باحث أمريكي: التحدي
 
وصف الباحث الأمريكي يعقوب أوليدورت الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى «حزب النور» بأنه أكبر فصيل سلفي في مصر، والحزب الديني الوحيد المشارك في الاقتراع المقرر إجراؤه في 17 أكتوبر القادم. وأشار الباحث إلى المقاربة بين الحزب السلفي والهجمات المحلية الإرهابية التي وقعت في القاهرة على نطاق واسع مؤخرًا، مؤكدًا على عدم وجود استراتيجية للحزب في توفير الأمن، وهو مطلب جماهيري، وقال يعقوب في مقاله التي أكد فيها المعهد إنه يمثل رأيه الشخصي وليس له علاقة بالإدارة الأمريكية، إن هذه المقاربة هي استجابة لتصاعد التدقيق من قبل الحكومة والجمهور في أعقاب الهجمات الإرهابية المحلية التي وقعت على نطاق واسع في الآونة الأخيرة. 
باحث أمريكي: التحدي
وكانت سلسلة من الانفجارات قد هزت القاهرة في الأشهر الأخيرة، من بينها هجوم بسيارة مفخخة في 29 يونيو أسفر عن مقتل المدعي العام هشام بركات، وانفجار سيارة مفخخة أمام السفارة الإيطالية في 11 يوليو، وتفجير سيارة بالقرب من مبنى أمن الدولة في حي شبرا في 20 أغسطس. وقد وقعت هذه الهجمات على خلفية الإجراءات الواسعة الانتشار المدعومة من قبل الحكومة والتي تستهدف الحد من تأثير السلفية الإيديولوجية في المجتمع، لا سيما المكانة البارزة التي يتمتع بها «حزب النور».
باحث أمريكي: التحدي
وكانت أحدث هذه الإجراءات وأشهرها هي "قانون مكافحة الإرهاب" الذي أقره الرئيس عبد الفتاح السيسي في 16 أغسطس، وأثار جدلاً في جميع أنحاء البلاد في أعقاب التفويض المطلق المُتصوّر الذي قد يمنح الحكومة [في إجراءاتها] بسبب التعريف الغامض لمفهوم "النشاط الإرهابي " الوارد فيه. وجاء هذا التشريع بعد مرور ما يقرب من شهر من الحظر الذي فرضه السيسي على تداول عدة نصوص سلفية في المساجد في مصر.
وفي غضون ذلك، شنت جماعات دينية ومكونات شعبية هجمات متزامنة على «حزب النور». ففي أوائل أغسطس، قام المحامي البارز سمير صبري ونشطاء آخرين مناهضين للإسلاميين مثل حمدي الفخراني من حركة "تمرد" بتدشين حملة [شعبية باسم] "لا للأحزاب الدينية" ومقرها الإسكندرية، والتي يتمثل هدفها المعلن بحل هذه الأحزاب. وفي الشهر نفسه، أعلن المتحدث الإعلامي باسم الجماعة، دعاء خليفة، أن "«حزب النور» هو الامتداد السياسي للدعوة السلفية، والدعوة السلفية هي التي ولدت تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية»". وفي وقت سابق من هذا الشهر، مارست الجماعة الضغط على وزارة الأوقاف لمنع الدعاة الذين يدورون في فلك «حزب النور» في الإسكندرية من التعليق على القضايا السياسية في خطبهم. وبالمثل، سعت الكنيسة القبطية إلى تهميش «حزب النور»، مع إعلان البابا تواضروس الثاني في 1 أغسطس أن الأقباط مُنعوا من الانضمام للحزب. (هذا التصريح غير دقيق، وقد طالب البابا تواضروس الأقباط المنضمين لحزب النور مراجعة أنفسهم؛ لأنه أمر غير مستقيم). 
ورصد يعقوب رد الحزب على هذه الهجمات حيث شكك مسئولون في «حزب النور» بشرعية المعارضين ودوافعهم، ودافعوا عن حزبهم بصفته ممثلاً لجميع المصريين. ووصف سكرتير الهيئة العليا لـ «حزب النور» أحمد رشوان، حملة "لا للأحزاب الدينية" بأنها "إفلاس سياسي"، موضحاً أن "حل الأحزاب السياسية لن يحدث بجرة قلم وإنما من خلال المحاكم"- في إشارة إلى سلسلة محاولات فاشلة لتمرير التشريعات على مر السنين لحظر الأحزاب الدينية. كما كتب رشوان رسالة إلى رؤساء الأحزاب الأخرى، موضحاً أن "على الأحزاب السياسية الاهتمام بمصلحة البلاد وليس التركيز في حل «حزب النور»".

باحث أمريكي: التحدي
وفي الوقت نفسه، حاول «الحزب» تصوير نفسه على أنه شامل ومعتدل. ففي 20 أغسطس، أشار الأمين العام المساعد لـ «حزب النور» محمد إبراهيم منصور أن «الحزب» سوف يروج للمرشح "الذي يحظى بشعبية، والذي تمنحه خلفيته ميزة تنافسية قوية في العملية الانتخابية، وكذلك شخص لديه الرؤية والقدرة على أن يكون مسئولاً عن البلاد خلال المرحلة الحالية". وقد جاءت هذه التصريحات في أعقاب مبادرات شعبوية مختلفة ومحاولات للتمسك بمقوّمات «الحزب». على سبيل المثال، أطلق «حزب النور» حملة إعلامية بعنوان "مصر أقوى من الإرهاب"، بعد وقت قصير من اغتيال بركات. وفي 15 أغسطس، عقد سلسلة من المحاضرات بعنوان "نحو القمة"، تهدف إلى تثقيف سكان الإسكندرية عن العملية الانتخابية. ووفقاً لزعيم «حزب النور» يونس مخيون، كان الهدف الأوسع من المحاضرات هو الإظهار بأن "مصلحة البلاد يجب أن تكون فوق أي مصالح شخصية أو حزبية".
باحث أمريكي: التحدي
المحصلة
على الرغم من أن الأحزاب الدينية في مصر قد واجهت عقبات منذ عام 2013، إلّا أن التحركات الأخيرة ضد «حزب النور» تشكل تطوراً جديداً- يعكس القلق المتزايد من عدم الاستقرار المستوحى من السلفية الجهادية ومن إمكانية تزايد شعبية «الحزب» ونفوذه السياسي. وبإدراكه هذه التهديدات التي تتعرض لها أيديولوجيته، يبدو أن «حزب النور» عازماً على زيادة احتمالات نجاحه إلى أقصى حد في الانتخابات المقبلة من خلال التقليل من التشدد في عقيدته، والتمسك بمقوّماته، وربما توسيع قاعدته الشعبية. ولا توجد حتى الآن مؤشرات واضحة على أن استراتيجية «الحزب» تحقق النجاح المرجو منها. بيد أنه من الواضح أن الأمن الداخلي سيكون هو القضية الرئيسية للناخبين في الشهر المقبل؛ لذلك سيتم تحدّي مرشحي «حزب النور» أكثر من أي وقت مضى، لكي يقنعوا الجمهور أن باستطاعتهم ضمانه.

شارك