جماعة الاخوان بين مطرقة الانقسام الداخلي وسندان التقرير البريطاني

الإثنين 04/يناير/2016 - 03:03 م
طباعة جماعة الاخوان بين
 
منذ بداية الأزمة الداخلية لجماعة الاخوان الارهابية وكل فريق يكيل الاتهامات للفريق الآخر ومع اقتراب ذكرى 25 تتزايد تلك الاتهامات بين الجانبين من ناحية ومن ناحية أخرى تحاول مجموعة الخارج والمقيمة بالعاصمة البريطانية لندن تحسين صورة الجماعة لدى مؤسسات الحكم الغربية ودوائر صناعة القرار بالغرب.
وفي الوقت الذى شن فيه البعض هجوما عنيفا على مواقع تابعة للإخوان، وكيانات سياسية للجماعة في الخارج، وصف البعض الأخر مهاجمي الإخوان بأنهم يحاولون طعن الجماعة في ظهرها. 
ومن بين هؤلاء سخر
جماعة الاخوان بين
عمرو فراج، مؤسس شبكة رصد الإخوانية، من بيانات ما يسمى "تحالف دعم الإخوان" وما يسمى بالمجلس الثوري في تركيا، مشيرا إلى أنها كيانات بلا قيمة. وقال فراج في بيان عبر صفحته على "فيس بوك": "خلينا متفقين بيانات المجلس الثوري المصري هي أكتر حاجة مسببة للحموضة عندي على الإطلاق، وكذلك أي صورة أو بيان للدكتور محمود حسين الأمين العام للإخوان، بجانب تحالف دعم الشرعية والبرلمان الثوري المصري كمان". المتحدث الإعلامي لحزب الحرية والعدالة المنحل يهاجم المواقع الإخوانية في السياق ذاته هاجم أحمد رامي، المتحدث الإعلامي لحزب الحرية والعدالة المنحل، عدد من المواقع الإخوانية ، مشيرا إلى أنها سبب كبير في أزمة الجماعة الحالية. وقال رامي في بيان له :"إن كان هناك من وسائل الإعلام ما لنا عليها ملاحظات كثيرة حول المهنية و الحياد إلا أن المتابع لموقع علامات اون لاين – أحد المواقع التابعة للإخوان- لا يجد جهدا في اكتشاف مدى ضرره و دوره في الإيقاع بين الإخوان بعضهم ببعض أحيانا و بين الإخوان و غيرهم أحيانا أخرى.
 فيما أكد
جماعة الاخوان بين
الدكتور عزام التميمي، القيادي بجماعة الإخوان في لندن، أن هناك عددا من قيادات جماعة الإخوان يمارسون دور "الجلد والطعن بالظهر ويسيئون للتنظيم بشكل عام ". وقال التميمي في خلال مقال له نُشر على أحد المواقع التابعة للجماعة، "إن كثيرا مما يصنف على أنه نقد ذاتي ما هو إلا جلد للذات يصل أحياناً إلى حد الطعن في الظهر ". وتابع: "لعل من أهم هذه الإدانات وأخطرها على الإطلاق تقرير المراجعة البريطانية في فكر ونشاط جماعة الإخوان، والتي أجراها بناء على طلب رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون سفيره السابق لدى المملكة العربية السعودية السير جون جينكينز، الذى كانت إحدى استنتاجاته بشأن تجربة السنة التي قضاها محمد مرسى في الحكم تنص تحديدا على ما يلى: "لم تبذل جماعة الإخوان ما يكفى لإثبات اعتدالها السياسي أو التزامها بقيم الديمقراطية، كما أن الإخوان أخفقوا في إقناع المصريين بكفاءتهم وبحسن نواياهم". ومن جانبه قال 
جماعة الاخوان بين
خالد الزعفراني، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، إن الاتهامات المتبادلة بين قيادات الإخوان تعبر عن أن كل شخصية من المجموعات المتنازعة فقدت الثقة في الجماعة بشكل عام، وهو ما دفعها للهجوم على كيانات سياسية ومواقع تتولى شئون إدارتها التنظيم. وأضاف أن حالة فقدان الثقة الكبيرة داخل الإخوان ستؤثر بشكل كبير على الفعاليات التي تجهزها الجماعة في ذكرى 25 يناير، وستمنع محاولات الجماعة لاستقطاب قوى سياسية في ذكرى ثورة يناير.
ومن والمؤكد أنه لم تتغير البنية العقائدية والتنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها في ظروف ملتبسة في عشرينات القرن الماضي إلى حدود هذا اليوم. الأمر فاق كل معقول في ما يتعلق بجماعة “سياسية”، فالأدبيات ذاتها في فترات هزت العالم كالحرب العالمية الثانية والحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفييتي و ”الربيع العربي”. وهذا دليل على أنها حركة مغرورة ومتكبرة وتنعت كل من يضعها في سياق النقد ويكافح إرهابها بنعوت لا تنتهي، وهي ردة الفعل المنتظرة إزاء بريطانيا التي اقتنعت أخيرا أن الإخوان حركة إرهابية.
لا توجد أوصاف لسلوك جماعة الإخوان المسلمين تجاه التقرير الصادر مؤخرا، عن الحكومة البريطانية وما سبقه وتزامن معه من انتقادات لسلوك عناصر هذه الجماعة سوى العناد والتعصب والتكبر وحب الذات، ولكن لا استغراب في ذلك من جماعة درجت منذ تأسيسها على تربية أفرادها سلوكيا على السمع والطاعة المطلقة، وبالتالي فلا مجال لإعمال أي عقل أو فكر في ما يقال، ولا فرصة لسماع أو مناقشة أي “ملاحظات” أو انتقادات حتى لو كانت من “الأقربين”.
فعلى مدى تاريخ جماعة الإخوان الإرهابية لم تمارس هذه الجماعة أي نوع من نقد الذات، ولم تصغ إلى منتقديها ولا معارضيها وتمترست وراء “وصفات” جاهزة باتهام من يعارضها بسلسلة طويلة من الاتهامات والافتراءات ولكنها لم تقرأ جيدا ما يوجه إليها من اتهامات وما يحيط بها من براهين ودلائل تربطها بالتنظيمات الإرهابية ونضعها في خانة واحدة لا يمكن إنكارها حتى من أشد المتعاطفين ميلا للجماعة وفكرها.
آخر القراءات التي جرت لفكر جماعة الإخوان المسلمين وممارساتهم السلوكية جاءت من دولة صنفت دوما باعتبارها ملاذا آمنا لقادة الجماعة وعناصرها، حيث احتضنتهم لندن طويلا ومكثوا بها سنوات طويلة، وأثروا في كثير من جوانب الحياة فيها وتركوا بصمات على الجانب الدعوي في عاصمة الضباب ومدن بريطانيا كافة. والأمر لا يقتصر على ذلك فهناك سجل خفي تتناوله الأدبيات السياسية حول علاقات الإخوان المسلمين السرية ببريطانيا منذ تأسيس الجماعة، ولكن ذلك التاريخ المشترك مع بريطانيا لم يحرك فكر الجماعة وقادتها قيد أنملة ويدفعهم إلى إعادة النظر في ما يوجه إلى الجماعة من اتهامات مصحوبة بقرائن واضحة، وما يثار حولها من شكوك بشأن العلاقة مع تنظيمات الإرهاب ودور الجماعة في نشر الفكر المتطرف في العالم، باعتبارها المصدر الرئيسي لهذا الفكر منذ عقود طويلة مضت وقبل ظهور هذه التنظيمات والجماعات التي تربي قادتها ومعظم عناصرها في مقرات جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في مختلف الدول العربية والإسلامية.
لم يكن الإخوان المسلمون يتصورون أن بريطانيا يمكن أن تصدر تقريرا يدين فكرهم وسلوكهم، ليس لبراءة هذا الفكر من الإرهاب ولكن لأنهم راهنوا على شبكات العلاقات والمصالح، التي اعتقدوا أنها ستحول بينهم وبين أي إقرار بالماضي والواقع المشين للجماعة ودورها في ما يعانيه العالم من موجات إرهاب متلاحقة.
ولم يدرك قادة الجماعة حجم الخطر الذي بات يداهم الدول الحاضنة ذاتها ويهدد أمن واستقرار مواطنيها بما يصعب معه مواصلة التستر على مروجي الفكر المتطرف إلى مجتمعات الغرب والحاضنة الرئيسية له في هذه المجتمعات، فنار الإرهاب باتت خطرا استراتيجيا حقيقيا يهدد الأمن القومي للدول الغربية، ولم يعد الصمت بديلا ولا خيارا للحكومات الغربية، ولم تعد ورقة التستر على “المحظورة” وتوظيفها سياسيا تمتلك مقومات للحياة بعد أن باتت هي ذاتها أحد مصادر تهديد الحياة في المجتمعات الحاضنة لها.
ولم تدرك جماعة الإخوان هذه المتغيرات في مجملها ولم تقرأ المشهد الدولي في السنوات الأخيرة جيدا كعادتها، فهي تتمسك بالعناد والتكبر سبيلا ومنهجاً وتترفع دوما عن النظر بقدر من العقلانية لما يقوله الآخرون. وما يؤكد ذلك، أن هذه الجماعة لم تقف ولو برهة عند محطات تاريخية تستحق دراسات متأنية، فلم تنتبه على سبيل المثال إلى أسباب رفض الشعب المصري الكاسح لها بعد أن منحها الثقة انتخابيا، ولم تقف عند دوافع هذا التغيير الجذري في المواقف والاتجاهات الشعبية في وقت زمني قصير للغاية، واستراحت إلى فكرة التآمر ضدها، رغم أنها تدرك أخطاءها جيدا فهي واضحة كالشمس في منتصف نهار صيف قائظ، ويعترف بها المتعاطفون معها وحلفاؤها الذين انفضوا عنها بعد أن تسرب الملل إليهم جراء تحجر وجمود فكر الجماعة وقادتها.
إن إشكالية جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وغيرها من الجماعات والتنظيمات التي تخلط الدين بالسياسة، هي الانغلاق والتحجر الفكري، فهي تقوم على تربية الأعضاء منذ الصغر وتدريبهم على نهج معين ينكر النقد ويرفض الإبداع الشخصي أو الفردي، لا سيما في مجال الفكر، فالمرشد العام للجماعة هو الملهم الأوحد والمعلم الأكبر، وكتب المؤسس حسن البنا ومنظر الفكر المتشدد للجماعة سيد قطب هي أمهات الكتب وتضعها في مكانة توازي القرآن الكريم وكتب السنة النبوية الشريفة. ومن ثمة فلا مجال مطلقا للتفاعل مع أي فكر يأتي من خارج حظيرة الجماعة المنغلقة على ذاتها، بل إن أي فكر “خارجي” ينظر إليه بحذر مبالغ فيه وتوجس شديد باعتباره يرمي إلى “اختراق” الجماعة وينال من “طهرها ونقائها”.
وبناء على ما سبق، ليس من المستغرب أن تواجه “الإرهابية” تقرير الحكومة البريطانية، الذي صدر مؤخرا، وربطها بالإرهاب بشكل لا يقبل الشكوك بحملة مسعورة ضد بريطانيا وبعض دول مجلس التعاون، وترديد سلسلة طويلة من الاتهامات التي سئمها الناس لكثرة تكرارها، من دون الانتقال إلى التمعن والتدبر في ممارساتها وأفكارها وسلوكياتها، ومن دون التخلص من الجمود والتحجر والتقليد الغبي الذي يوقعها في أخطاء متكررة من دون حدود.
وأخيرا وفي محاولة منها للحفاض على البقية الباقية من ماء وجهها أما الغرب كشفت مصادر مقربة من جماعة الإخوان، أن الجماعة نظمت حملة علاقات عامة في بريطانيا لتبييض وجهها بعد تقرير لجنة التحقيقات البريطانية الذى انتهى إلى ادانة انشطتها لكن هذه المساعي باءت بالفشل . 
حيث أوضحت المصادر، أن الجماعة فشلت في إجراء ندوة داخل البرلمان البريطاني على غرار الندوة التي عقدتها في عام 2014 بحضور 
جماعة الاخوان بين
عمرو دراج، للحديث حول نشاط جماعة الإخوان، وهو ما فسرته الجماعة بأنه أول إجراء من البرلمان البريطاني على نتائج تقرير التحقيقات البريطانية. واكدت المصادر أن الجماعة سعت للتواصل مع قيادات من حزب المحافظين البريطاني لمحاولة وقف أي إجراءات مترتبة على تقرير التحقيقات البريطانية حول نشاط الإخوان، بعدما أعلن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني أن الحكومة ستراقب أنشطة الإخوان للتأكد من علاقاتها بالتطرف. 
 وأشارت المصادر إلى أن المكتب الإعلامي لجماعة الإخوان في لندن يخشى أي رد فعل سلبى من جانب الحكومة البريطانية على قيادات التنظيم حال إقدام أي فرع للجماعة على ارتكاب أعمال عنف، وهو ما سيترتب عليه إجراءات قد تصل للطرد بحق قيادات التنظيم. وقالت المصادر أن مكتب الإخوان في لندن بقيادة إبراهيم منير، نائب مرشد الإخوان، فتح عد من الاتصالات مع نواب حزب المحافظين في البرلمان البريطاني لمحاولة إجراء جلسة نقاش عاجلة بشأن نتائج المترتبة على التقرير البريطاني، إلا أنهم لم يتلقوا أي جواب من هؤلاء النواب، خاصة أن حزب المحافظين هو من يمثل الأغلبية في البرلمان البريطاني . 
من جانبه قال
جماعة الاخوان بين
طارق أبو السعد، القيادي السابق بجماعة الإخوان، إن مكتب التنظيم الدولي للإخوان في لندن يعانى من أزمة عدم القدرة على إقناع الحكومة البريطانية بالعدول عن نتائج هذا التقرير والتوقف عن محاولات مراقبة نشاط الجماعة، وفى ذات الوقت فشل في توحيد صف الإخوان الداخلي تجاه هذا التقرير. وأضاف القيادي السابق بجماعة الإخوان، أن بيانات التحريض التي كانت تخرج من لندن قلت نسبيا خوفا من ملاحظة الحكومة البريطانية تلك البيانات . وفى السياق ذاته قال طارق البشبيشى، القيادي السابق بجماعة الإخوان، إن رسالة إبراهيم منير، نائب مرشد الإخوان حول ضرورة اتباع القيادة الجديدة للجماعة للقيادات التاريخية هو محاولة للسيطرة على المجموعة التي تمثل محمد كمال لضمان عدم تصرف الجماعة بممارسات تؤثر على صورتها أمام الحكومة البريطانية. وأضاف البشبيشى، أن الأزمة الداخلية للجماعة ستفشل أية محاولة من جانب إبراهيم منير لتوحيد الصف الإخوانى، لافتا إلى أن الجماعة لن تستطيع تحسين صورتها أمام الحكومة البريطانية، وستظل المراقبة مستمرة على قياداتها.
وتصبح جماعة الاخوان بهذه الحالة بين مطرقة الصراعات الداخلية، ومنهجها المتعصب والإقصائي وسندان التقرير البريطاني الذي كشف الوجه القبيح للجماعة للدول الغربية.
موضوعات ذات صلة



شارك