الإخوان بين الإرهاب ومحاولات التهدئة قبل 25 يناير
الإثنين 11/يناير/2016 - 01:17 م
طباعة
لا شك أن الانقسام داخل صفوف الجماعة الإرهابية قد أثر كثيرًا على أدائها في الشارع، وأفقدها مصداقيتها بين المصريين بشك عام وفي أوساط حركات الإسلام السياسي بشكل خاص، خصوصًا بعد الهجوم عليها من قِبل بعض رموز الإسلام السياسي وحركاته مثل عاصم عبد الماجد القيادي بالجماعة الإسلامية والهارب والمقيم بقطر، وكذلك جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية وحزب النور وغيرهما من الحركات الإسلامية وقياداتها، إلا أن الجماعة في الداخل ما زالت مصرة على النهج الإرهابي في مواجهة الشعب المصري والسلطة المصرية، رغم تعارض ما تقوم به مجموعة الداخل مع التوجه العام للقيادات بالخارج، وهذا ما يزيد من حدة الانقسامات الداخلية من ناحية، ومن ناحية أخرى يزيد من عزل الجماعة وإقصائها جماهيريًّا.
ومؤخرًا كشفت مصادر قضائية وأمنية أن الشرطة ضبطت خلية إرهابية مكونة من ١٩ متهماً، يتزعمهم أقارب القياديين الإخوانيين، خيرت الشاطر ومحمد البلتاجي، المحبوسين على ذمة قضايا عنف، وذلك داخل مزرعة دواجن بمنطقة البدرشين، يمتلكها أحد أقارب القيادي بالجماعة، أسامة ياسين، بهدف التخطيط لأعمال تخريبية أثناء انعقاد مجلس النواب، وإحراق سيارات تابعة للوحدات المحلية، وإتلاف سيارة إسعاف.
وقالت مصادر: إن ضباط جهاز الأمن الوطني يستجوبون المتهمين حول علاقتهم بحادث الهجوم المسلح على فندق الأهرامات الثلاثة، وحافلة سياحية كانت تستعد للسفر إلى مدينة طابا، الخميس الماضي.
وأضافت المصادر أن الفيديوهات التي التقطتها كاميرات الفندق ومؤسسات مالية وتجارية بشارع الهرم الرئيسي محل حادث الهجوم على الفندق، جارٍ تفريغها ومضاهاتها بصور المتهمين المضبوطين.
وقررت نيابة جنوب الجيزة حبس المتهمين الـ ١٩، ويتزعمهم سيد سالم الشاطر، مدرس، ورمضان فرج البلتاجي، ٤ أيام على ذمة الجناية رقم ١٣٢ حصر تحقيقات جنوب الجيزة لسنة ٢٠١٦، وأمرت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار خالد الشباسى، بحبس المتهمين ٤٥ يوماً حبساً مطلقاً.
وأفادت التحقيقات بأن المتهمين من أفراد إحدى الجماعات السلفية، ذات الصلة بحركة حماس، اتفقوا مع خلية نوعية تابعة لجماعة الإخوان، للقيام بأعمال تخريبية في البلاد، واستغلال الصبية المضبوطين على ذمة القضية، وهم من قائدي الـ«التوك توك»، في تنفيذ مخططاتهم أثناء انعقاد مجلس النواب، وذكرى ثورة ٢٥ يناير.
وذكرت التحقيقات أنه تم ضبط المتهمين داخل مزرعة الدواجن المملوكة للمتهم عبدالرحمن على ياسين، ابن عم وزير الشباب إبان حكم الجماعة، أسامة ياسين، وبحوزتهم ٦ عبوات بدائية، وبندقيتان آليتان، إحداهما مسروقة من كمين شرطة، و٨ فرد خرطوش، ومبالغ مالية بآلاف الجنيهات، فضلاً عن أجهزة هاتف «ثريا»، وتبينّ اتصالاهم بآخرين في سيناء.
جمال العشري، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين
من جهة أخرى، تمكنت أجهزة الأمن من ضبط عبدالعال العشري، شقيق جمال العشري، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين والقيادي بحزب الحرية والعدالة، ونجله، و٨ آخرين، لاتهامهم بالتخطيط لتنفيذ عملية الهجوم على الفندق من إحدى الشقق السكنية بمنطقة الشيخ زايد.
وكشفت التحريات التي أشرف عليها اللواء أحمد حجازي، مدير أمن الجيزة، واللواء خالد شلبي، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، أن شقيق ونجل «العشري» شكّلا خلية إرهابية بتكليف من قيادات إخوانية بالخارج، وقاما بالتخطيط وتمويل عدد من البلطجية والعناصر الإخوانية بتنفيذ الهجوم على فندق الأهرامات بإطلاق الخرطوش والمولوتوف على الفندق والأتوبيس.
وقال مصدر أمني: إن المتهمين حصلا على تعليمات من القيادات الإخوانية بالخارج، بتنفيذ عدة عمليات إرهابية قبل ذكرى احتفالات الأقباط بعيد الميلاد، وقبل ذكرى ٢٥ يناير.
وفي سياق آخر عثر ضباط جهاز الأمن الوطني بمحافظة بنى سويف على أوراق تنظيمية خاصة بجماعة الإخوان- على «لاب توب» أحد عناصر الجماعة- بعد ضبط 10 منهم، مساء أمس الأول، لاتهامهم بالتظاهر دون الحصول على تصريح، والانضمام لجماعة محظورة.
محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام
وكشفت مصادر أمنية أن من بين المضبوطات رسالة تنظيمية وجهها محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام للجماعة، لأعضاء مجلس شورى الجماعة ومسئولي المكاتب الإدارية، طالبهم فيها بوحدة الصف، واحترام النظم واللوائح التي تحسم الخلاف، وأوضح لهم الإجراءات الواجب اتباعها مع مَن يخالف أوامر الجماعة، أو مَن يحاول الالتفاف حول قراراتها، وتضمنت الرسالة وصف الخروج عن الجماعة والتحلل من عهودها بـ«الأهواء الشخصية مثل حب الزعامة».
وطالب عزت، في رسالته، أعضاء الجماعة بعدم الاستعلاء على غيرهم من الجماعات الإسلامية الأخرى، وعدم كسب عداوتها؛ لأنها ليست عدواً لهم، ونبه عزت إلى أن الجماعة في هذا الوقت تريد مَن يعطيها نفسه وماله، ووجه كلمة للكوادر، حذر فيها من الاهتمام بالكم على حساب الكيف، وطالب بالاهتمام بعنصر التربية، حتى لا يتعرض الصف الإخواني للانهيار.
وحذر عزت أعضاء الجماعة من اليأس والتسيب واللامبالاة، باعتبارها من أخطر الأزمات التي تعصف بالجماعة، كما حذر من التساهل في اختيار مسئولي المواقع داخلها، وطالب بمواجهة المُشكِّكين والمُثبِّطين في الصف، واعتبر ترك الصف دون تطهير وتوقيف خيانة لها آثار سيئة.
وطالب القائم بأعمال المرشد أعضاء الجماعة بعدم التسرع في استعمال قوة السلاح ومواجهة الأعداء، لأن الوقت غير مناسب، والإعداد غير كاف، والإمكانيات ضعيفة وقليلة، معترفاً بأن الجماعة «مُفَكَّكة الأوصال، ومضطربة النظام، وضعيفة العقيدة، وخامدة الإيمان».
ودافع عزت عن سياسة جبهته بقوله، الذي جاء في نص الرسائل: «لسنا مُخطئين فيما حدث، ولكن نحن اجتهدنا، ولنا أجر المجتهد، وحذرت من العزلة المجتمعية لأفراد الجماعة، فالناس هم حقل عملنا، والعزلة سوف تجعلنا فريسة لأعداء الدعوة». وأمر عزت بالحرص من وقوع الأعضاء في العزلة بعيدًا عن الشعب، حتى لا ينجح أعداء الجماعة في إلصاق التهم الباطلة بها وتشويه صورتها، وأمر بتقديم الجماعة للشعب على أنها الملاذ الوحيد لإنقاذهم من الضياع الروحي والمادي، وحذر من التشكيك في القيادة؛ لأن هناك فرقًا بين التشكيك والنقد.
وطالب القائم بأعمال المرشد كل مسئول بالجماعة بأن يبين الأمور أو المواقف للأعضاء، ويوضح لهم ما يُثيره المُشكِّكون ليكون الصف في حصانة، وعلى الأفراد ألا يتأثروا بما يُثيره المشكِّكون، وألا يتم استدراجهم في مهاترات.
وأكد عزت: «ليس لنا عنوان ولا انتماء سوى للإخوان، ومَن يحاول تشكيل حركة أو جماعة أو ائتلاف جديد، فهذا فهم خاطئ وخطير»، وبرر المواجهات الواقعة بين جبهات الجماعة بقوله: «ما حدث لنا سُنة من سُنن الله، فكل أصحاب الدعوات مبتلون، والسيرة العطرة تحكى لنا هذا، والإمام الشهيد حسن البنا قال إنه لا بد أن تجري علينا سُنة الله بالمحن والابتلاءات، وهذا هو سبب خصومة من كثير من الأعداء ومن الحكومات وسبب سجن بعض الإخوة، وهذا هو سبيل أصحاب الدعوات، ومن الخطأ أن يظن البعض أن المحن التي تضرب الجماعة، اليوم، ليست أمرًا طبيعيًا على طريق الدعوة أو أنها نتيجة أخطاء وقعت فيها قيادة الجماعة، وإنما هي سُنة الله، فالتعرض للمحن دليل على أننا نسلك سبيل أصحاب الدعوات».
وبرر فشل الجماعة، قائلاً: «هل من المقبول أن يُقال: إن الرسول- صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين معه والرسل الذين تعرضوا للأذى كان ذلك نتيجة أخطاء صدرت منهم؟ ولكن حقيقة الأمر أن أعداء الله يحاربون دعاة الحق، خشية أن يزهق هذا الحق باطلهم».
وفي المقطع الأخير هذا تكمن إشكالية الجماعة ونموذجها التربوي والأيديولوجي إذ يعتبرون أنفسهم في مصاف الأنبياء وأنهم دعاة الحق وغيرهم أعداء الله ودعاة الباطل، مما يؤدي إلى نفي وقوعهم في الخطأ واعتبارهم ملائكة لا تخطئ، وهذا ما يؤسس في النهاية لتعاليهم على المجتمع وعلى المخالفين لهم الرأي، فما زالت الجماعة وقياداتها رغم الانقسامات الداخلية التي تضرب في جوانبها تكابر في الخطأ وتدعي العصمة.