توظيف الدين في السياسية من عبد الناصر للسيسي
الخميس 10/مارس/2016 - 09:33 م
طباعة
الجري في المكان رياضة معروفة يبذل فيها جهد كبير ولكن الذي يلعبها لا يبرح مكانه .هذه اللعبة هي التي تجيد السلطة السياسية في مصر لعبها مع توظيف الدين واستخدامه .فاذا عدنا الي عصر جمال عبد الناصر حيث كان يملك بكاريزمته الخارقة للعادة نقل مصر الي مركز متقدم في الفكر العلماني الا انه كان يشعر بوجود اتهام موجهه ضده خاصة بعد الضربة الكبرى التي وجهها للإخوان المسلمين بعد حادثة المنشية التي حاولوا اغتياله فيها وهنا برزت لعبة من الاكثر اسلاما .فاصبح ناصر يوظف بشكل كبير الآيات القرآنية في خطبة ويلقي الخطب من فوق منبر الازهر واسس النظام اذاعة القران الكريم والطامة الكبرى كانت في تحويل الازهر الي جامع وجامعة ليصبح هناك طبيب ازهري ومهندس ازهري فيتفوق علي الطبيب والمهندس بشرطة انهما يحفظان القران وعلوم الشريعة وقسم بذلك المجتمع بمشرط حاد !.وعلي مستوي الاقباط اهتم عبد الناصر ببناء الكاتدرائية الكبرى بالعباسية وتبرع لها وحضر حفل وضع حجر الاساس تكريسا لبناء كيان ضخم يوازى كاتدرائيات اوروبا والفاتيكان هذا في الوقت الذي لم يصدر فيه قانونا لتنظيم بناء الكنائس الامر الذي لم يتحقق حتي الان .
وفي عصر السادات تم شن حملة كبري علي حكم عبد الناصر واعتبرته المنابر الرجعية نظام شيوعي واصبحت خطبة الجمعة تتحدث حول سبب هزيمة يونيو 67 هو البعد عن الدين رغم كل ما قدمه عبد الناصر للدين .وفتح السادات اذرعه للإخوان المسلمين وسهل لهم الوجود العلني بل وساهم نظامه في تأسيس جماعات العنف الديني .واغرق المصريين في موجة التدين الشكلي من حجاب ولحي وبرامج دينية واعطي لنفسه لقب الرئيس المؤمن وتشدد مع الاقباط ودخل في صراع مع البابا شنودة انتهي بقرار عزله في دير الانبا بيشوي بوادي النطرون من ضمن قرارات سبتمبر الاسود 1981 وكانت الطامة الكبرى باغتياله علي يد العنف الديني .
وخلال حكم مبارك تم حصد ما زرعه السادات في ظل رئيس بلا رؤية .قدم مواجهات امنية لجماعات العنف السياسي والتي قامت بعمليات اجرامية عديدة ضد السياح والاقباط في تسعينات القرن الماضي وفي نفس الوقت ترك الباب مفتوحا للإخوان والسلفيين فاحتلوا مجالات كبري في الاقتصاد وتغلغلوا في الكثير من المواقع وترك لهم الشارع فبنوا المستشفيات للفقراء واسسوا الجمعيات للصرف في العشوائيات علي الطلبة وتزويج الفتيات فكانوا الاقرب للناس .والمضحك في الامر ان نظام مبارك عندما كانت تأخذه الحمية في بعض الاحيان فكان يقبض علي بعض رواسهم ويترك اموالهم واقتصادهم يتضخم وينمو. لذلك كانوا هم البديل بعد ثورة 25 يناير 2011 التي اطاحت بمبارك .وبالنسبة للأقباط ترك مبارك البابا شنودة محبوسا في ديره اربع سنوات حيث عاد الي مقره في يناير 1985 وتوغل دور الكنيسة في مقابل التيارات الدينية الأخرى حيث برزت ظاهرة مباني الخدمات الملحقة بالكنائس والتي قامت هى الأخرى ببناء المستشفيات والحضانات لخدمة الاقباط كما فعل الاخوان والسلفيين . وفي فترة الحكم الانتقالي التي قادها المجلس العسكري تم تأسيس احزاب دينية وصلت الي 13 حزبا منها حزب الحرية والعدالة للإخوان والنور للسلفيين وظهر تدليل كبير وواضح للإخوان والسلفيين في هذه الفترة .وحتي وصول الاخوان للحكم برئاسة مرسي اصبح التنظيم الديني هو الحاكم في سنة سوداء من تاريخ الوطن تم فيها قتل شيعي وسحله وتم فيها الهجوم علي الكاتدرائية كرمز مسيحي في بادرة هي الاولي من نوعها . لنصل الي حكم الرئيس السيسي والذي يشعر كثيرا معه بتشابه ولو جزئي مع فترة حكم عبد الناصر من حيث الضربة القاصمة التي وجهت للإخوان والتي تولد للنظام شعور بتهمة انه ضد الاسلام فيقوم بالمزايدة ببعض المظاهر منها قراءة القران في المحكمة الدستورية يوم قسم الرئيس .و حضور الرئيس احتفالات دينية والقاء خطب فيها مثل المولد النبوي بالأزهر وميلاد المسيح بالكاتدرائية والاحتفاظ بحزب النور السلفي .والاتكاء علي مؤسستي الازهر والكنيسة واللذان ظهر بقوة منذ بيان 3 يوليو الذي جاء نتيجة ثورة 30 يونيو التي قامت ضد الحكم الديني .فيتوغل الازهر بقضايا حسبة وتصدر احكام ضد باحثين استجابوا لدعوة الرئيس بتجديد الخطاب الديني فيتم سجنهم بتهمة ازدراء الاسلام .وهناك اسلام البحيري وفاطمة ناعوت بل وشعبان عبد الرحيم والقائمة تتمدد وتتحكم الكنيسة في مصير الاقباط بغياب قانون للزواج المدني لنعد للعبة الجري في المكان فلا نصل لشيء لان النظام يستخدم نفس الادوات في توظيف الدين فقط نعرق من اللهث وندور في نفس الدائرة الجهنمية .والحل ان يدرك هذا النظام انه ليس متهما بشيء ضد الدين وان يبعده عن السياسية هنا فقط تتقدم مصر .