الانسحاب الروسي من سوريا يتصدر عناوين الصحف الأجنبية
الأربعاء 16/مارس/2016 - 11:27 م
طباعة
سيطر الانسحاب الروسي من سوريا على عناوين الصحف الأجنبية، فى ضوء الخطوة الروسية المفاجئة، على غرار الخطوة المباغتة الأولى بالتدخل فى الزمة السورية عسكريا، وسط غيوم مستقبل هذه الخطوة، وتأثيرها مستقبلا على تطورات الزمة المستمرة منذ 2011.
حذر غربي
من جانبها أكدت صحيفة فايننشيال تايمز على حذر اوروبا من جراء الخطوة الروسية والانسحاب من سوريا، وركزت على الحذر الغربي تجاه القرار الروسي، والاشارة إلى أن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند حذر من أن يكون الانسحاب الروسي هو مجرد تحرك تكتيكي.
أكدت الصحيفة أن بعض التصرفات الروسية لا تخلو من الاستعراض لكنها أيضا قد تنطوي على البراع، مع الاشارة إلى أن أحد المسؤولين الكبار في المخابرات قال للصحيفة إن الهدف الأساسي للحملة الروسية كان مساعدة القوات السورية في الوصول إلى الحدود التركية، وإحكام السيطرة على حلب، وإضعاف المعارضة السورية المدعومة من الغرب تماما، بما يجعل واشنطن والقوى الأخرى تتخلى عنها وتنصرف إلى الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية". إلا أن المقاومة الشرسة للمتمردين، والمواجهة طويلة الأمد مع تركيا، وانخفاض سعر النفط، أدت إلى توقف الحملة الروسية.
نوهت الصحيفة إلى أن روسيا حاولت في نهاية العام الماضي وضع خطة سياسية يرحل بموجبها الرئيس الأسد عن السلطة، وتسيطر روسيا على العملية الانتقالية، إلا أن الرئيس الأسد رفض الموافقة على تلك الخطة، ونقلت عن أحد مسؤولي حلف الناتو، لم تسمه، القول إن القواعد والمعدات الروسية الباقية في سوريا، بالإضافة إلى أكثر من 10 طائرات هليكوبتر روسية لا تزال في سوريا، تكفي لتقديم الدعم للرئيس الأسد للدفاع عن المناطق التي يسيطر عليها.
واعتبرت الصحيفة أن أهم المعدات الروسية في سوريا هي أنظمة صواريخ اس 400 المضادة للطائرات، التي تضمن لروسيا منطقة خالية من الطيران قطرها 400 كيلو متر من قواعدها التي يمكنها أن تستعملها وقتما تشاء.
لماذا الآن؟!
بينما تساءلت الجارديان على أسباب القرار الروسي بسحب القوات من سوريا، وما الهدف من هذه الخطوة.
اعتبرت الصحيفة إن قرار روسيا بسحب الجزء الأكبر من قواتها كان مفاجئا للجميع، وأدى بالولايات المتحدة إلى أن تعاني في محاولة فهم تحول روسيا بعد ستة أشهر من حملتها العسكرية في سوريا التي أزعجت خلالها صانعي السياسة الغربية بشدة، والاشارة إلى أنه على الرغم من الهدوء النسبي في سوريا لمدة أسبوعين منذ بدء وقف إطلاق النار، فلا يزال الطريق إلى نهاية الحرب طويلا.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيون غربيون أن يتخلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد أن أظهر أهمية وقوة الدور الروسي في الشرق الأوسط، عن الرئيس السوري بشار الأسد، والاشارة إلى هذه الخطوة سوف تقدم كبير في المحادثات في جنيف، إذ كان مصير الأسد حجر عثرة في تلك المفاوضات.
أشارت الصحيفة إلى أن روسيا نجحت بتدخلها في تدعيم الأسد ووضعت حدا للانتكاسات العسكرية التي عاناها النظام السوري عام 2015، ويمكن لروسيا أن تركز الأنظار الآن على انسحابها وعدم تدخلها في الموقف بعد أن لعبت دورا هاما فيما سيحدث في سوريا في المستقبل.
وشددت على أن قرار الرئيس بوتين بسحب القوات الروسية مع بدء المحادثات في جنيف يظهر روسيا وكأنها أكثر الساعين لإنهاء الحرب في سوريا، والتأكيد على أن احتفاظ روسيا بقاعدة جوية بمعداتها العسكرية التي أقامتها على السواحل السورية يعني أنها يمكن أن تعاود العمليات العسكرية وقتما تشاء، كما أن هذا الانسحاب يمكن الرئيس بوتين أيضا من القول إن روسيا حققت هدفين رئيسيين في سوريا، أولهما هو الحفاظ على الرئيس الأسد في سدة الحكم والحيلولة دون هزيمته، وثانيهما هو منع الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين وتركيا من إقامة منطقة عازلة في شمال سوريا يمكن استغلالها كمنطقة للمعارضين الذين يدعمهم الغرب، وبعد أن نشرت روسيا صواريخ اس 400 المضادة للطائرات، أصبح التدخل الغربي في الحرب الأهلية في سوريا مستحيلا من الناحيتين العسكرية والسياسية.
ونقلت عن بوتين إن انسحاب روسيا يمكن أن يساعد في التوصل إلى تسوية، وأن الرئيس الأسد تعهد بالتوصل لتسوية سياسية، فمن المؤكد أن بوتين لا يود أن يتورط في سوريا بشكل لا يمكن التراجع عنه. لكن هذا لا يعني رحيل الأسد ولا يعني تخلي روسيا عنه، بحسب الصحيفة.
نوهت الصحيفة أن بوتين يود ب في أزمتي أوكرانيا وسوريا أن يقدم روسيا كقوة لا يمكن تجاهلها، وتزداد شعبيته داخل روسيا كلما تمكن من التفوق على الولايات المتحدة، ويعد هذا أمرا مهما في وقت تنخفض فيه أسعار النفط وتؤلم فيه العقوبات الاقتصادية الشعب الروسي.
روسيا ومحاربة الإرهاب
في حين ركزت التليجراف على تأثير القرار الروسي على محاربة الإرهاب في المنطقة، والاشارة إلى أن آلاف الطلعات الجوية الروسية حققت عددا من النتائج منها تدمير 209 منشآت نفطية، ومساعدة الرئيس الأسد على استعادة السيطرة على 4000 ميل مربع من الأراضي بينها 400 قرية وبلدة.
اعتبرت الصحيفة أن روسيا حققت عددًا من مصالحها في سوريا، إذ تمكنت من الحيلولة دون الاطاحة بالرئيس الأسد، وضمنت قاعدة عسكرية بحرية في ميناء طرطوس السوري، بالإضافة إلى قاعدة جوية ومركز لجمع المعلومات الاستخباراتية في اللاذقية، كما كانت حريصة على ألا تطيح مجموعات المعارضة الموالية للغرب بالرئيس الأسد، مما يعني فقدان روسيا لكل الروابط العسكرية طويلة الأمد مع طرطوس واللاذقية.
نوهت الصحيفة أن روسيا ألمحت، خلال الجولة الدبلوماسية الأخيرة لحل الصراع، إلى أنها ليست مصممة على بقاء الأسد، إذا ما ظهر بديل يضمن الوجود العسكري الروسي في المنطقة ويتمكن من وقف الحرب الأهلية، والاشارة إلى أن توقيت القرار الروسي قد يعكس نفاذ صبر موسكو تجاه المواقف المشاكسة للوفد السوري في محادثات جنيف، وتصريحات الرئيس الأسد أنه ينوي مواصلة القتال لاستعادة كامل سوريا.
أكدت الصحيفة على أن الجانب الأكثر إحباطا، في القرار الروسي هو الفشل في التعامل مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي يمثل الخطر الأكبر على أمن المنطقة، خاصة وانه في بداية الحملة العسكرية الروسية قال بوتين إن الهدف هو محاربة الإرهاب. إلا أن المحللين الغربيين يقولون إن معظم الضربات الروسية كانت موجهة لجماعات المعارضة بينما كانت الضربات الموجهة لتنظيم الدولة أقل بكثير. ويبقى تنظيم الدولة بنفس قوته التي كان عليها في بداية الحملة الروسية.
وختمت الصحيفة على انه إذا تحقق قدر من النجاح في جنيف فإن التحدي الأكبر والأكثر تعقيدا هو تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي لا يهدد فقط استقرار سوريا بل الشرق الأوسط بل والعالم برمته.