الأوقاف والسلفيون.. وصراع السيطرة على المنابر

السبت 02/أبريل/2016 - 10:52 ص
طباعة الأوقاف والسلفيون..
 
الأوقاف والسلفيون..
أعلن محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أمس 1 أبريل 2016، في خطبة الجمعة، أنه سيتم بداية من اليوم الحملة الرسمية لطرد جميع السلفيين من مساجد مصر وتطهير المساجد منهم، على أن تكون أول هذه الجماعات، جماعة حزب النور السلفي.
الشيخ جابر طايع رئيس
الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف
كما شددت وزارة الأوقاف على وكلائها بجميع المحافظات بمنع السلفيين صعود المنابر، وأكدت على من يقوم بالصعود إلى المنابر هم الذين وضعت الوزارة أسماءهم كأئمة للمساجد.
وقد جاء هذا القرار بعد قيام بعض السلفيين بادعاءات على ضعف مستوى خطيب الأوقاف، معللين بذلك سيطرتهم على المنابر، وقد تطور الأمر إلى انتقادهم المنهج الأزهري؛ حيث وصل الانتقاد لتحريض أنصار السلفية بمواجهات بين أقطاب الطرفين.
وبالفعل تم تنفيذ هذا القرار؛ حيث أعلنت مديرية أوقاف كلا من الدقهلية والجيزة والمنصورة، أنهم قاموا بالسيطرة على بعض المساجد، وأنهوا الوجود السلفي بهذه المساجد.
والغريب في الأمر ووفق التضارب الصارخ بين قول الوزير وقول رئيس القطاع الديني؛ حيث كشف الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، عن ما تردد حول وجود صراع بين أنصار الدعوة السلفية ووزارة الأوقاف على خلفية سيطرة عناصر سلفية مستقلة على عدد من مساجد الجمهورية ومنع خطباء الأوقاف المصرح لهم بممارسة عملهم في إلقاء الخطب والدروس الدينية عار عن الصحة والسلفيون ملتزمون بتعليمات الوزارة في هذا الصدد.
وأوضح رئيس القطاع الديني بالأوقاف، أن واقعة مساجد الجيزة واعتلاء أحد شيوخ الدعوة السلفية منبر مسجد «قباء» لإلقاء الخطبة على المسلمين كانت بسبب تغيب خطيب وزارة الأوقاف بدون إنذار سابق؛ ما دفع الشيخ السلفي لإلقاء الخطبة وإمامة الناس للصلاة، اعتبرها خطيب الأوقاف تعدياً من السلفيين وقدم بلاغاً كاذباً باعتداء السلفيين على المساجد بالقوة.
وأضاف طايع، لم نسجل أي حالات تعد على المساجد من جانب السلفيين، ولدينا حصر كامل لكافة مساجد الجمهورية ونتابع بانتظام موضوع الخطبة وما يليها من دروس دينية، لافتاً إلى أن الوزارة رصدت من خلال بلاغ مقدم من أحد المصلين بمسجد في محافظة كفر الشيخ خروج خطيب الأوقاف عن نص الخطبة وسبه وزير العدل السابق المستشار أحمد الزند؛ ما دفع الوزارة لاتخاذ اللازم ومعاقبة الخطيب لخروجه عن النص.
وحول ما تردد عن إحالة وكيل الجيزة محمود أبو حبسة إلى التحقيق لتقصيره في حماية بعض المساجد من العناصر السلفية أكد طايع أن هذا الكلام عار تماماً عن الصحة، والشيخ أبو حبسة يباشر عمله من منصبه ولم يعزل أو يقدم للتحقيق، مشيراً إلى أنه أبلغ جهاز الأمن الوطني عن ارتكاب بعض العناصر السلفية لمخالفات بمساجد الجيزة وأكدوا أن السلفيين ملتزمون بقرارات وزارة الأوقاف في هذا الشأن.
ورغم هذا التضارب في المواقف إلا أنه من الضروري اتخاذ موقف حازم تجاه من يعتلون المنابر من السلفيين، فهم بلا مواربة يهددون السلم والأمن المجتمعي بتلك الفتاوى والخطب التي يرددونها على منابر وزارة الأوقاف ولنشاهد عينة من مواقفهم حتى نعلم مدى خطورتهم.

الموقف من الشيعة

الدكتور أحمد فريد
الدكتور أحمد فريد نائب رئيس الدعوة السلفية بمصر
لم نعدد كثيرًا من المواقف هنا بل نضرب مثالًا واحدًا يعبر عن عقيدة الدعوة السلفية تجاه الشيعة، ولا ننسى حادث قتل "حسن شحاتة" والتمثيل بجثته من هؤلاء السلفيين؛ حيث قاموا بالتحريض على قتل الشيعة وكانت النتيجة أن حاصر قرابة 3 آلاف شخص من أهالي منطقة "أبوالنمرس"، منزل أحد أئمة المساجد بالمنطقة، أثناء تناول الشيخ حسن شحاتة القطب الشيعي الشهير وجبة الغذاء لديه، وقام الأهالي باقتحام المنزل والتعدي بالضرب على الشيخ شحاتة حتى سقط قتيلًا، وبعد ذلك تم التمثيل بجثته.
كما أعلن الدكتور أحمد فريد نائب رئيس الدعوة السلفية بمصر، في يناير 2013 أن الشيعة أخطر من اليهود والأمريكان، مؤكداً أن التشيع "دين آخر وليس مذهباً إسلامياً".
واتهم فريد، في مؤتمر "خطر الشيعة" بكفر الشيخ، الشيعة بأنهم "خليط من أديان اليهود والنصارى والمجوسية بدليل احتفالهم بمقتل عمر بن الخطاب وأنهم يقيمون لقاتله نصبًا تذكاريًا"، على حد وصفه.
وأعرب عن اعتقاده بأن "اليهود والنصارى أفضل من الشيعة؛ لأن اليهود إذا سئلوا: أي الناس أفضل؟ قالوا: أصحاب موسى والنصارى يقولون أصحاب وحواريي عيسي، أما إذا سئل الشيعة أي الناس أسوأ قالوا: أصحاب محمد عدا علي بن أبي طالب".
وشن القيادي السلفي هجوماً على الرئيس المعزول مرسي وجماعة الإخوان قائلاً: "للأسف الرئيس والإخوان فتحوا الباب للشيعة من خلال السياحة، مع أنه معروف أن السياحة الشيعية قائمة على العري والبدع والشرك بالله رغم أن الرئيس مرسي سبق أن قال: إن الشيعة خط أحمر".
وحذر قياديون بالدعوة السلفية من خطورة المد الشيعي إلى مصر، مطالبين بمنع أي حوار أو تواصل مع الشيعة حتى لو كان من مدخل السياحة الإيرانية، مؤكدين أن "المد الشيعي البوابة الأساسية له هو السياحية الإيرانية التي وقعت خلالها مصر عدة اتفاقيات مع إيران لتنظيم دخول السياحية الإيرانية إلى مصر".
هذه الفتاوى وغيرها من التحريض على الشيعة سوف تؤثر بشكل كبير في إشعال نار الفتنة مرة ثانية داخل المجتمع المصري، فهل هذا ما تريده وزارة الأوقاف من عودة السلفيين لاعتلاء المنابر؟ وما الفرق بين هذه الدعاوى السلفية وبين ممارسات تنظيم الدولة "داعش"؟

الموقف من الأقباط

نشر الموقع الرسمي للدعوة السلفية "أنا السلفي" 4 يناير الماضي فتوى متطرفة لتحريم تهنئة المسلمين للأقباط بأعياد الميلاد. ونشر الموقع سؤالاً: "حكم تهنئة النصارى بما يسمى بـ"عيد ميلاد المسيح" أو "الكريسماس".. وأردف بالإجابة على السؤال بفتوى قديمة للشيخ "ابن عثيمين" والتي جاءت كالتالي: "قال الشيخ ابن عثيمين: تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم- رحمه الله- في كتابه "أحكام أهل الذمة" حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الكُفْرِ فَهُوَ مِنَ المُحَرَّمَاتِ. وَهُوَ بِمَنْـزِلَةِ أَنْ تُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدرى قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية، أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه".
هذا هو موقف السلف من التهنئة بالأعياد فهل يجوز لنا التعامل معهم والسماح لهم باعتلاء المنابر لنشر هذا الفكر المتشدد، والذي يؤسس لدونية الآخر وممارسة سلوكيات عنيفة معه تصل لدرجة القتل.
وفي موقف آخر تسوده البراجماتية السلفية رفع حزب النور شعار: "لسنا حزبا دينيا، ومن أراد الفتوى عليه بالأزهر"، لإقناع الأقباط بالترشح على قوائمه في الانتخابات البرلمانية، حيث أكد الدكتور شعبان عبد العليم، عضو المكتب الرئاسي لحزب النور، أن النور حزب سياسي لا شأن له بالمسائل الدينية، مشيرًا إلى أن من يريد الحديث عن فتوى، عليه أن يذهب للأزهر الشريف، ودار الإفتاء.
وأوضح عبد العليم أن الحزب لم يدفع أموالًا للأقباط للترشح على قائمته، وأن الحزب لن يتكفل بالدعاية الانتخابية لأي مرشح، حتى الأقباط، وكل مرشح سيكون مسئولًا عن حملته الانتخابية، وأن ما سيقدمه الحزب لهم، هو الدعم السياسي، والمساعدة بالأفراد في الانتخابات.
وأضاف أن الحزب لم يكن لديه مشكلة مع العدد، ولا ضم الأقباط، لكن المشكلة في إقناعهم بخوض الانتخابات على قائمة حزب "سلفي"، ليس هذا وحسب، فالنور تعرض لحرب شرسة من الأحزاب المدنية، التي كانت تسعى لإفشال مساعي الحزب في ضم أقباط لقائمته لتكون "باطلة".

الموقف من المرأة

نأخذ مثالًا جاء في "مجلة المجتمع" (العدد 890) عن رأي السلف في ترشح المرأة للرئاسة وكان السؤال: ما موقف الشرع الإسلامي الحنيف من ترشيح امرأة نفسها لرئاسة الدولة، أو رئاسة الحكومة، أو الوزارة؟
أما الجواب: تولية المرأة واختيارها للرئاسة العامة للمسلمين لا يجوز، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على ذلك، فمن الكتاب: قوله تعالى: {الرجال قوَّامون على النساء بما فضَّل الله بعضهم على بعض}، والحكم في الآية عام شامل لولاية الرجل وقوامته في أسرته، وكذا في الرئاسة العامة من باب أولى، ويؤكد هذا الحكم ورود التعليل في الآية، وهو أفضلية العقل والرأي وغيرهما من مؤهلات الحكم والرئاسة. ومن السنَّة: قوله صلى الله عليه وسلم لما ولَّى الفرسُ ابنةَ كسرى: "لن يفلح قومٌ ولَّوا أمرَهم امرأة"، رواه البخاري. ولا شك أن هذا الحديث يدل على تحريم تولية المرأة لإمرة عامة، وكذا توليتها إمرة إقليم أو بلد؛ لأن ذلك كله له صفة العموم، وقد نفى الرسول صلى الله عليه وسلم الفلاح عمَّن ولاها، والفلاح هو الظفر والفوز بالخير. وقد أجمعت الأمة في عهد الخلفاء الراشدين وأئمَّة القرون الثلاثة المشهود لها بالخير عمليّا على عدم إسناد الإمارة والقضاء إلى امرأة، وقد كان منهن المتفوقات في علوم الدين، اللاتي يُرجع إليهن في علوم القرآن والحديث والأحكام، بل لم تتطلع النساء في تلك القرون إلى تولي الإمارة، وما يتصل بها من المناصب، والزعامات العامة، ثم إن الأحكام الشرعية العامة تتعارض مع تولية النساء الإمارة ؛ فإن الشأن في الإمارة أن يتفقد متوليها أحوال الرعية، ويتولى شئونها العامة اللازمة لإصلاحها ؛ فيضطر إلى الأسفار في الولايات، والاختلاط بأفراد الأمة، وجماعاتها، وإلى قيادة الجيش أحياناً في الجهاد، وإلى مواجهة الأعداء في إبرام عقود ومعاهدات، وإلى عقد بيعات مع أفراد الأمَّة، وجماعتها، رجالاً ونساء في السلم والحرب ونحو ذلك، مما لا يتناسب مع أحوال المرأة وما يتعلق بها من أحكام شرعت لحماية عرضها، والحفاظ عليها من التبذل الممقوت. 
وأيضاً: فإن المصلحة المدركة بالعقل تقتضي عدم إسناد الولايات العامة لهن، فإن المطلوب فيمن يُختار للرئاسة أن يكون على جانب كبير من كمال العقل، والحزم، والدهاء، وقوة الإرادة، وحسن التدبير، وهذه الصفات تتناقض مع ما جُبلت عليه المرأة من نقص العقل، وضعف الفكر، مع قوة العاطفة، فاختيارها لهذا المنصب لا يتفق مع النصح للمسلمين، وطلب العز والتمكين لهم، والله الموفق، وصلى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه.
ليس هذا فقط بل أثارت تصريحات الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بشأن تولى المرأة منصب الرئاسة غضب الدعوة السلفية، حيث قال: إنه لا يوجد مانع شرعي من ذلك؛ لأن المنع لا يكون سوى في مسألة الولاية العامة والخلافة العامة، ونحن لسنا في الخلافة العامة، فنحن نعيش في دول قطرية، لها حدودها وكياناتها المستقلة.
وتداول نشطاء سلفيون على مواقع التواصل الاجتماعي فتاوى تؤكد حرمة ذلك، باعتبار أن الذكورة شرط من شروط الولاية العامة، ونقلوا عددًا من فتاوى علمائهم يعتبرون رئاسة الدولة من الولايات العامة التي لا تجوز لغير الرجال.
الدكتور ياسر برهامي
الدكتور ياسر برهامي
من جانبه قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية: إن تولي المرأة لمنصب الرئاسة حرام بإجماع العلماء، والأئمة الأربعة وغيرهم، لأنها من الولايات العامة، مؤكدًا أن الدعوة "لديها ثوابت إسلامية" في أنه لا يصح أن تتولى أمور الحكم امرأة، وهذا يفسر رفضهم للجلوس مع إحدى النساء اللواتي أعلنَّ عن خوضهن انتخابات الرئاسة الماضية.
وقال الشيخ أحمد حمدي، مسئول الدعوة السلفية بالقاهرة: إن الأصل في جميع الولايات سواء كانت ولايةً كبرى أو صغرى أن تكون للرجال، مشيرًا إلى وجود خلاف في كون ترشح المرأة لعضوية البرلمان، من الولايات أم لا؟ واعتبار أن المجلس يمثل ولايةً بمجموع أفراده أم بآحادهم؟
وأكد في مقطع صوتي أن الدعوة السلفية تعتقد أن وجود المرأة في البرلمان من الولايات التي حرمها الإسلام، لافتًا إلى أنهم وافقوا على قبول ترشحها على قوائمهم في الانتخابات المقبلة بشكل اضطراري بسبب قانون الانتخابات، وأنهم يوازنون بين مفسدتين، أحدهما وجود المرأة في البرلمان مع كونه حرامًا، ومفسدة حل الحزب وضياع الدعوة.
وأضاف مسئول الدعوة بالقاهرة أن مسألة تحريم تولي المرأة للرئاسة من المسائل التي أجمع عليها فقهاء الإسلام، ومن يقول بخلاف ذلك يكون قد خرق إجماع الأمة.

أخيرًا

لسنا ضد المواءمة السياسية ولم شمل النسيج الوطني وتلك الدعاوى التي تنادي بالاستقرار والمصالحة ولم الشمل ووحدة الصف.. إلخ، شريطة أن لا يضر كلَّ هذا الوحدة الوطنية وحدود الوطن، وحقوق المواطنة، ولكن ما تم تقديمه هنا من موقف الدعوة السلفية ومشايخها من الآخر المذهبي والديني وحتى المرأة لهو دليل قاطع بأن هذه الدعوة تنتهج وتتبنى نفس أفكار تنظيم الدولة "داعش"، ليس هذا فقط بل هم من يؤسسون لهذه الأفكار ويروجونها، وجاء هذا أكثر من مرة وقد تناولناه في أكثر من مكان أن المرجعية الفقهية للدعوة السلفية في مصر تتطابق مع مرجعية تنظيم الدولة "داعش" ورغم كل ذلك يتم الضغط من قبل الأزهر أو من قبل مؤسسة الرئاسة على وزارة الأوقاف للسماح لهؤلاء الدواعش بصعود المنابر مرة أخرى.
مواضيع ذات صلة

شارك