سليم البشري يندد بمذابح الأتراك ضد الأرمن وصوته يصرخ في "داعش"
الأربعاء 06/مارس/2019 - 01:49 م
طباعة
هند الضوي
تحل اليوم 6 مارس الذكري السنوية لتوتر العلاقات التركية الأمريكية بسبب "مذابح الأرمن"، حيث حذر رئيس الوزراء التركي أنذاك رجب طيب أردوغان من تضرر العلاقات مع الولايات المتحدة بسبب موافقة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي على مشروع قرار يعتبر ما جرى للأرمن أثناء العهد العثماني إبادة جماعية.
وجاء إحياء ذكرى مئوية الإبادة الأرمنية على يد الأتراك، وفى سبيل الاحتفال بها تشكلت أكثر من لجنة لإعداد الكتب والوثائق التي تؤرخ لهذه الكارثة الانسانية، وفي إطار الجهد المبذول في كتابة تاريخ الأرمن أصدر الأستاذ الدكتور محمد رفعت الإمام كتابه الوثائقي (مصر والأرمن مسألة أضنة أبريل 1909 الطريق إلى الإبادة الأرمنية الكبرى 1915 ) وأضنة أو (ادنة ) تقع على ضفتي نهر جيجان وسط السهل القيلقيى وتعد من أمهات المدن في آسيا الصغرى، وكان الأرمن يسيطرون على الحياة السكانية والاقتصادية فيها، ونتيجة لشائعات وتوترات حول استقلال الأرمن بها قامت الدولة العثمانية بمساعدة بعض سكان أضنة من الأتراك.. بمذبحة أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 30000 أرمني من قاطني أضنة وما حولها.
وهنا تظهر الوثيقة الموقف العظيم للأزهر الشريف الذي لم يقف صامتا أمام دولة الخلافة، بل خرج الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر سليم البشرى (1832-1916 ) في بيان – كأنه يخاطب داعش الآن – ويقول الشيخ في الوثيقة التي تكشف عن عظمة الجامع الأزهر الذي صرخ مجاهرًا (وبعد فقد طالعتنا الصحف المحلية على أخبار محزنة وشائعات سيئة عن مسلمي بعض ولايات الأناضول من المماليك العثمانية، وهي أن بعضهم يعتدون على المسيحيين فيقتلونهم بغيًا وعدوانا، فكدنا لا نصدق ما وقع إلينا من هذه الشائعات ورجونا أن تكون باطلة، لأن الإسلام ينهى عن كل عدوان ويحرم البغي وسفك الدماء والإضرار بالناس كافة، المسلم والمسيحي واليهودي في ذلك سواء، فيا أيها المسلمون في تلكم البقاع وغيرها احذروا ما نهى الله عنه في شريعته الغراء، واحقنوا الدماء التي حرم الله إهراقها ولا تعتدوا على أحد من الناس فإن الله لا يحب المعتدين، (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتولكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم، أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين) صدق الله العظيم.. يا أيها المسلمون الله الله في دينكم وإياكم وما حظر عليكم ربكم في كتابه وسنة رسوله، والفسوق عن أمره والنزول على ما فيه غضبه وسخطه، إن الذين عاهدوكم والمستأمنين لكم والذين جاوروكم من أهل الذمة بينكم حقا من الله تعالى في رقابكم أن تستقيموا لهم ما استقاموا لكم، وأن تمنعوهم مما تمنعون منه أنفسكم وأهليكم وأن تجعلوا لهم من بأسكم قوة لهم، ومن قوتكم عزة ورخاء، وأن تكفوا عن أديرتهم وكنائسهم وبيعهم ما تكفون عن مساجدكم ومعابدكم .
ولا والله ما داس امرؤ حريمهم- ما انتهك شرف نسائهم - ووضع السيف فيهم وبنى عليهم، إلا كان ناقضا لما اخذ الله على المسلمين من عهد وأوجب عليهم من أمر.. فيا ايها المسلمون لا تجعلوا للعصبيات الجنسية سلطانًا عليكم، ولا للتشيع للعناصر سبيلا إلى نفوسكم، فإن هذه حمية الجاهلية التي ردها الإسلام ونعى على أهلها، ولقد كان لكم في رسول الله أحسن أُسوة وفي أصحابه العافين خير قدوة، ولو أنكم لم تسمعوا مقالة جاهل ولم تقعوا لسطان الهوى لملكت عليكم رحمة الإسلام مشاعركم، ولوجدتم عن سفك الدماء منصرفًا.
واعلموا أنه إن كان ما بلغ الناس عنكم حقًا فقد اغضبتم ربكم .وما ارضيتم نبيكم وشريعتكم واحفظتم اخوانكم المسلمين عليكم غيرة على دينهم الذى قد تنكرت بهذا العمل الشنيع (ان صح ) معالمه وانتهكت محارمه واطلقتم السنة الجاهلين بدينكم بنكر القول في المسلمين أجمعين
ألا فاسمعوا بعض ما قال نبيكم في مثل ما أنتم فيه اليوم، قال صلى الله عليه وسلم (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما) فرحم الله امرءًا سمع فوعى، وبلَغ ودعا، وفق الله المسلمين أجمعين إلى العمل بدينهم القويم وهداهم إلى صراطه المستقيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم.
الفقير إليه تعالى – سليم البشرى شيخ الجامع الأزهر
هذه هي الوثيقة التي لم تصل إلى الأتراك، لأنهم بعدها بستة أعوام ارتكبوا المذبحة الكبرى ضد الأرمن، فهل تصل اليوم إلى من ينتهجون النهج نفسه في القتل والسلب باسم الدين؟!